البدانة والنحول

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2024-12-12

5. البدانة والنحول في الطفولة 

من بين أولادي الخمسة لاحظت في اثنين منهم، اتجاه أولهم إلى البدانة دون أن يكون للعوامل الوراثية يد في ذلك، والآخر إلى النحول. وتدور بينهم صراعات يومية تنتهي ب(علقة) إلى هذا أو ذاك.

ما هو تحليلك لهذه الظاهرة.

أم هيثم

الفكرة السائدة تقرر أن العامل الغدي هو الفعال في بدانة الأطفال. ولكن الدليل على أن البدانة لا ترجع إلى نقص الدرقية أو النخامية دائماً كما يظن مستمد من أن عمليات النمو والنضج تتقدم ولا تتأخر في بدانة الأطفال (الطول مثلاً يزيد عن متوسط السن، والاحتلام أكثر بتكيرا) وكثيراً ما نرى الاتجاه إلى ربط البدانة باضطراب النمو الجنسي وخاصة في الصبيان، فيعطي العلاج على هذا الأساس. والضرر النفسي الناتج من هذا الخلط أظهر من أن يؤكد (أن هذا الضرر ينحصر وصفة خاصة في تثبيت المشكلات التكيفية واضطرابات الشخصية وذلك بتركيز الاهتمام على الجانب العضوي وتعزيز الفكرة بوجود نقص جسمي).

فالبدانة في الطفولة قد ترجع إلى عوامل انفعالية تؤدي إلى النهم في الطعام مع تجنب النشاط الحركي والاجتماعي. ومن مثال ذلك أنها قد تنتج من شعور الطفل بالحرمان من الحب، فيكون الطعام بمثابة التعويض عن ذلك الحرمان، ويكون النهم الوسيلة التي يلجأ إليها الطفل لمكافحة القلق الذي يستغرقه. وهناك أسباب انفعالية أخرى للبدانة لا يتسع المقام ذكرها، ولكنها توجه النظر إلى ضرورة تقصي العوامل الانفعالية في حياة الطفل مهما كان نوع الشكوى التي يظن أنه يعاني منها.

وفيما يتعلق بمشكلات نقص التغذية فإنها قد تكون أيضاً الإفصاح الجسمي عن صرعات انفعالية. وكلنا يعرف أن فقد الشهية أو ضعفها من أكثر شكاوى الطفولة ذيوعاً، كما أن علاقة ذلك بالاضطرابات الانفعالية معروفة من قديم الزمان، ولكن هذه العلاقة لم تبدأ في التمدد ولم تستقر إلى عوامل عليا نوعية إلا منذ أخذت البحوث الحديثة في الطب الجسمي النفسي تكشف عن صلة الصراعات الانفعالية بالأمراض الجسمية، وكثير من حالات نقص التغذية يرجع إلى إسراف الأم في الاهتمام بتغذية طفلها وحرصها الشديد في هذه الناحية، مع ما يقترن بذلك عادة من صراعات عصابية عند الأم بالنسبة للطعام ومعنى الطعام في حياتها الانفعالية القلقة، مما يكون قد نشأ عن طفولة قاسية مليئة بالحرمان والعناء واجترار أفكار خاطئة عن الأمومة، فتؤثر هذه الصراعات على طريقة الأم في تنشئة طفلها، وينعكس الأثر السيء لهذه الحالة فيما يغتال أمر الطفل وما يملأه بمشاعر القلق والتوتر والتوجس الانفعالي، ثم فيما قد يتصفح عنه من أعراض جسمية وانحرافات سلوكية.

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا