رسالة إنذار وتحذير
عام 2000 م
مدينة هيروم، ولاية يوتا الأمريكية
في صباح يوم هادئ جميل في الساعة الــ 6 صباحاً دخلت الأم غرفة ابنتها المراهقة تريشا ذات الــ 15 عاماً لتوقظها للمدرسة، لكنها لم تعثر عليها، كان سريرها مرتباً يدل على أنها لم تنم به قط، اعتقدت الأم أن الابنة تتمشى كالمعتاد في الشارع القريب من السوبر ماركت، إذ كانت الابنة إذا شعرت بالأرق خرجت تتنزه لوحدها في الممشى، انتظرت الأم عودتها لكنها لم تعد.
بدأ القلق يتسرب لقلب الأم فاتصلت بالشرطة. باشرت الشرطة تحرياتها فلم تعثر على أي أثر للاقتحام ولا لغرفه الابنة، فأبلغت الأم الشرطة أن آخر مرة رأت فيها ابنتها في اليوم السابق في غرفة المعيشة أمام الكمبيوتر.
استنتجت الشرطة أن الابنة قد تكون قد هربت كالمعتاد، فالفتيات غالباً ما يهربن من منازلهن لمشاكل عائلية أو صديق أو بحثاً عن الشهرة والتمثيل. أصرت العائلة أن الابنة ليست من ذلك النوع، فهي متعلقة جداً بوالدها المريض بالسرطان. اليوم هو اجتماع الأسرة لبحث أمر الوالد ومستحيل أن يفوتها الاجتماع.
تريشا
تقولي شقيقتها:
كانت أختي طالبة الثانوية تحب التمثيل والموسيقى وأن تكون تحت الأضواء، كانت تفكر بمغادرة المدينة والتنقل لأماكن عديدة لكن مرض الوالد أنساها ذلك الأمر فأمر هروبها مستحيل لكن الشرطة فكانت متأكدة من هروبها.
بعد تحقيقات مكثفة لم تستدل الشرطة على شيء، فاستأجرت الأسرة محققاً خاصاً لتعرف مصير ابنتها الصغيرة.
درس المحقق القضية فاستنتج أنه ربما تعرضت لاختطاف أو الأسوأ، فلم تكن هناك مؤشرات لهروبها فالأسرة مرتبطة ببعضها بعض بشدة.
استنتج المحقق أن أول الخيط الكمبيوتر الذي كانت تعمل عليه الابنة قبل اختفائها، فطلب مساعدة فني خاص لتفحص سجلات وملفات الكمبيوتر. علم أن الابنة دأبت على الدخول لغرف المحادثة والتحدث مع الجميع، ومن أحد الأسماء التي دأب على التحدث معها وهو iceman وهو اسم مستعار في غرف المحادثة، وقد أخبرها بمعلومات كاذبة، فبعد تعقب المباحث لــ iceman، ذهلت الشرطة مما اكتشفته، فقد كان في منتصف الأربعينات يعمل سائقاً لإحدى الشركات ووصفه صاحب العمل بأنه شخص سيئ يقضي وقته بتصفح صور مشبوهة، لكن الأخطر أنه يحمل سجلاً إجرامياً كمعتدٍ جنسي!
استدعت الشرطة iceman للتحقيق معه، واعترف بمحادثته لتريشا وأنه سرد عليها العديد من الأكاذيب لكنه أنكر علاقته باختفائها، لأنه كان يقوم بتوصيل بعض الصناديق إلى مدينة بعيدة، تأكدت الشرطة من صدق أقواله بعد البحث المستمر، فتم تبرئته كمشتبه به وعادت نتيجة القضية من جديد لطريق مسدود.
بعد فترة توفي والد تريشا وتصدر الخبر عناوين الصحف.
يقول المحقق الخاص وهو يغالب دموعه: أتذكر جيداً عندما أخذ اليأس يتسرب لأفراد أسرتها بعدم العثور عليها أبداً، إلا شخص واحد، إنه والدها المريض، ورغم تدهور حالته الصحية فقد كان أكثر الناس بحثاً عنها. كنت أشاهد والدها يصارع الموت ويحمل أملاً كبيراً بالعثور على ابنته ويتصل بي ويقول اعثر على ابنتي، ويحثني على متابعة القضية، كم هو قاس ومؤلم وأمر ثقيل وحمل كبير، فالوالد يصارع الموت وآخر أمانيه: ابحث عن طفلتي.
فقررت ألا أستسلم.
أخذ المحقق بتفتيش غرفة باتريشا بشكل مفصل ومتعلقاتها الشخصية فعثر على مذكرات شخصية للابنة، فأخذ بقراءتها ولفت نظره عبارة حملت تحذيراً وإنذاراً كتبت باللون الأحمر تقول احذري وابتعدي عن سام.
فأخذ بالتساؤل ما سر هذه العبارة؟
كانت الكاتبة كما بدا هي صديقتها ستيفاني، وبعد مواجهته لستيفاني، اكتشف أنها تحمل سراً رهيباً.
تقول ستيفاني:
في أحد الأيام أثناء عودتنا أنا وتريشا من المدرسة توقفت بالقرب منا سيارة خضراء. كان شاباً لطيفاً وسيماً أخبرنا أن اسمه سام، وبعد محادثة قصيرة تبادلنا الأرقام وذهب كل منا لمنزله.
تكمل: نسينا أمر الرجل لكن فاتني باص المدرسة فاتصلت عليه ليقلني، صعدت معه مركبته وبداية بدأ الأمر جيداً حتى اكتشفت أنني ارتكبت غلطة شنيعة!
فالطريق للمنزل كان طويلاً وينتهي عند شارعين، اليمين يقودنا للمنزل واليسار لمنطقة ذات جبال ومرتفعات كبيرة، لا منازل ولا أحد سجود منطقة معزولة تقريباً، اتجه سام لليسار فخفت فسألته: أين تذهب؟
فقال: نتنزه قليلاً بالقرب من مكان عملي.
فتوقفنا بالقرب من أحد الأشجار وأدركت حينها أني وحيدة مع وحش بشري، وعلمت ما سيحدث فأخذت بالصراخ والتوسل والبكاء لكن لم يجد شيئاً، فالمكان معزول ولا أحد هنا، فقام بالاعتداء علي وأعادني للمنزل، لم أخبر أحداً بما جرى أبداً، كنت خائفة، ماذا سيقول مجتمعنا المتحفظ عني؟
ماذا ستظن أسرتي لو علمت أنني تسكعت مع شخص غريب لا أعرف شيئاً عنه؟ حاولت نسيان الأمر حتى حدث أمر فظيع، فقد أخبرتني تريشا يوماً أن سام يطاردها فصحت بها وكتبت تلك العبارة بمذكراتها حتى تحفظها وحذرتها منه من غير أن أفصح عما حدث لي.
كودي في المحكمة
فور معرفة المحقق لما حدث لستيفاني علم فوراً أن هذا الرجل خلف اختفاء تريشا وأخذت ستيفاني تتعاون معه للبحث عنه والقبض عليه، واقعة الاعتداء كانت منذ فترة بعيدة جداً فأخذت ستيفاني المحقق لمكان الاعتداء. بعد البحث عثر على بسيارة أشارت ستيفاني أنها تشبه بسيارة المجرم، وبعد الاستعلام عن اسمه تبين أن اسمه كودي نيلسون يعمل بأحد المزارع القريبة وله سجل حافل بالاعتداء على الفتيات
وضربهن لكن لا دليل للآن على علاقته باختفاء بتريشا. بحثت الشرطة مع كلاب الأثر ومعدات الفحص وآلات المسح في المناطق الشاسعة المكان الاعتداء، وبعد بحث طويل تم العثور على عظام بشرية دفنت في تلك الأنحاء وبعد فحصها في المختبر تبين أنها لتريشا.
يا لها من مأساة للأسرة.
قبضت الشرطة على كودي وباشرت تحقيقاتها معه فأنكر أي علاقه له باختفائها ومقتلها، فتمت مواجهته بما حدث لستيفاني وما صرحت به باتريشا بأنه يطاردها، حين نشر الخبر بالصحف تقدمت سبع فتيات وأبلغن عن اعتداء كودي عليهن وخوفهن من الإبلاغ.
تمت محاكمة المتهم وحكم عليه بالسجن المؤبد، فشجاعة ستيفاني قادت للقبض عليه لكن صمتها قتل صديقتها.
النهاية
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا