الجريمة الثالثة
القاتل عفريت!
شهدت وحدة أبو قوته الإدارية التابعة لمحلية الحصاحيصا في ولاية الجزيرة السودانية حدثاً غريباً من نوعه، حيث ظهرت امرأة تنتمي إلى كمبو الأمين ودحامد غرب مدينة أبو قوته تدعي النبوة.
وأكد شهود عيان ل "النهار العربي" أن المرأة تمكنت من خداع عدد كبير من معارفها وأهلها بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) ظهر عليها في المنام وأخبرها بأنها تملك كرامات ومعجزات تمكنها من أن تكون نبي آخر الزمان، لافتين إلى أنها أمرت مؤيديها بقتل ثلاثة من أهالي المنطقة، من ضمنهم عمتها، إضافة إلى جرح عدد منهم بحجة أنهم لم يؤمنوا بها، وأبدى أهالي المنطقة تخوفهم من خطورة ما ذهبت إليه هذه المرأة على نسيجهم الاجتماعي، مطالبين بمنعها عن ادعاء مثل هذه الأفكار الدخيلة على المجتمع.
"النهار العربي" سألت أحد أبناء منطقة أبو قوته مرتع الحدث، الكاتب الصحافي شمس الدين حاج بخيت الذي قال إن مدعية النبوة تدعى (م.إ), وقد تبعها عشرون رجلاً وثلاث عشرة امرأة، وزعمت أنها رأت الرسول في منامها ومنحها قوة تمكنها من علاج المرضى. وقد ارتكب مريدوها جرائم قتل بشعة داخل منزلها ذهب ضحيتها امرأتان وطفلة من الرافضين لادعائها، مؤكدين لها أن ما تقوم به مخالف للدين، وأن وجودها في القرية سيخلق فتناً لا قبل للأهالي بها، ما أغضبها وجعل مريديها يشرعون في قتلهم على الفور، وإحدى الضحايا عمتها!!
وأضاف بخيت أنه أصيب عدد من المواطنين بجروح متفاوتة نقلوا إلى مستشفى أبو قوته لتلقي العلاج. وفور سماع النبأ سارعت شرطة أبو قوته للقبض عليها، إلا أن القوة البسيطة التي تحركت إلى الكمبو وجدت مقاومة شرسة جداً من أنصارها وأهلها، ما جعل الشرطة تتراجع وتستعين بقوة إضافية من رئاسة المحلية في الحصاحيصا التي تمكنت أخيراً من السيطرة عليها وأنصارها. إلا أن الأمور لم تسر كما ترغب الجهات الأمنية، بعدما هددت المرأة بأنها ستقوم بقتل كل من يتعرض لها ويهينها لأنها (مرسلة) بحسب ادعائها المزعوم.. لتقوم بعدها الشرطة بترحيلها إلى الحصاحيصا. وهي الآن داخل حراسات سجن النساء في الحصاحيصا تحت حراسة مشددة في انتظار محاكمتها. وقد شغلت القضية الرأي العام.
مس من الجن
أما الشيخ محمد هاشم الحكيم، عضو المجلس الأعلى للعلماء الأفارقة للاستفتاء فقال ل "النهار العربي"
إن هذه المرأة قد يكون بها مس من الجن، فهو يحدثها ويكلمها فتظن أن هذا هو الوحي. وأضاف: "
"يجد مثل هؤلاء الأشخاص مصدقين لهم في كل مكان. فقبل سنوات عرض علينا شخص أدعى أنه عيسى المسيح، ولم نستغرب أن يكون هناك مئات الأشخاص من الذين آمنوا بادعائه وجلسنا معهم وحاورناهم وثبتنا لهم تدليس المدعي وكذبه فتراجعوا. فالناس دائماً لديهم استعداد فطري للإيمان بعالم الغيب، وهؤلاء المدعون دائماً ما يكونون متكئين على بعض القدرات التي يحدثونها للناس أو الأوهام، وقد تظهر الشياطين على أيديهم خوارق العادات، فإذا رأى الناس ذلك اقتنعوا، ودائماً يكون مع هؤلاء أناس ينسجون القصص والخيالات بين الناس ليأتوا مصدقين، وجو الجهل دائماً هو الذي يؤدي إلى ذلك والاستعداد الفطري لدى كثير من الجهال وضعاف المتدينين، لذلك نرى مثل هذه الأمور تحدث في الأرياف البعيدة التي تغلب على أهلها البساطة وقلة التعليم، ويستشري بينهم الجهل".
وذهب الحكيم إلى أن الجهل المدقع هو الذي يقود الناس لتصديق ذلك، فمنهم من يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنا خاتم الأنبياء ولم يقل خاتم النبيات، فالحرب على هذه الظواهر تكون بالعلم والتعلم الصحيح، وبمعرفة مكائد الشيطان.
وروى الحكيم: "جاءتني منذ فترة أسرة مشهورة، والدتهم بعدما كانت معروفة بالعلم والتدين أصبحت تستخدم الدجل والشعوذة والطلاسم غير المفهومة، فلما سألتها عن ذلك قالت إنها رأت في المنام شيخاً كبيراً قال لها إننا قد حججناك، ووجدت في الدولاب ألفي دولار فحجت بها، وهي رأت في المنام أنها أعطيت ورقة لعلاج الناس فصحت من نومها فوجدت الورقة موضوعة على الباب، فبدأت تعالج الناس فانظروا كيف أن الشيطان قد قادها للدجل والشعوذة. فبعض الناس ينقادون للشيطان بإتيانه لبعض الخوارق، فالعالم العابد عبد القادر الجيلاني رأى يوماً نوراً قال له أنا ربك وقد أحللت لك ما حرمته على أمتي، فقال كذبت، إنك الشيطان فصار النور يتصاغر، وقال يا عبد القادر كيف عرفتني فقال له الله لا يحل معصية لأحد، فقال الشيطان لقد فتنت بها اليوم سبعين من العباد، وهكذا يفتن العلماء والعباد فوجب الحرص من ذلك".
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا