نسيان الأسماء

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2024-11-01

3. نسيان الأسماء 

في إحدى الحفلات تعرفت على أستاذ جامعي وكان اسمه الدكتور عصام، فالتقيت به في مرة ثانية فناديته باسم بسام ولكنه صحح لي خطأي.

وكان يعلمنا في المدرسة أستاذ يعرف باسم خالد وحين التقيت به نسيت اسمه بالكامل وهو المستغرب من التلميذ أن ينسى اسم أستاذه. وبقيت عشر دقائق أعد له أسماء الأساتذة ولكنها كانت كلها خاطئة إلى أن تذكرت الاسم الحقيقي.

المشكلة بالنسبة لي هي إنني أنسى الأسماء - على وجه التخصيص - بشكل مرضي فكيف أعالج أمري؟

ماري. ق. ي

من الأمور التي يشكو كثير من الناس نسيانها الأشياء التي يطلبونها من مواضعها فلا يعثرون عليها، لأنهم ينسون أين وضعوها، كالحال في المؤلف الذي ينسى أين وضع كتاباً أو ورقة. ويروي فرويد أنه لا يجد صعوبة ما في البحث عن كتاب وضعه على مكتبه، ولكنه عجز في إحدى المرات عن إيجاد قائمة بالكتب (كتالوغ) استلمه من البريد. وكان عازماً أن يطلب كتاباً قرأ عنوانه فيه وهو يتعلق باللغة، ومؤلفه ممن يحب فرويد أسلوبهم ويقدر آراءه في علم النفس والتاريخ والحضارة. ويذهب فرويد إلى أن هذا الأعجاب بصاحب الكتاب هو على نسيان الكتالوغ.

ويحاول فرويد أن يلتمس سبباً لنسيان كل اسم يغفل عنه من يريد تذكره. وهو ينعى على غيره من علماء النفس أنهم إذا سئلوا لم ينسى المرء اسم صديق قالوا: لأن أسماء الأعلام أقرب من غيرها إلى النسيان.

وهناك طائفة من الأمثلة يضربها فرويد على نسيان الأسماء وترجع إلى (عقدة شخصية) أي إلى موضوع يتصل بشخصه ويثير فيه انفعالات قوية هي في الغالب مؤلمة. والغريب أن الرابطة بين الاسم الذي ينساه فرويد وبين شخصه رابطة لا يتوقعها، فهي تقوم على تشابه ظاهري في الرسم أو الصوت أو المعنى. مثال ذلك أن أحد مرضاه طلب منه أن يدله على عين ماء ساخنة في الريفيرا، وكان يعرف إحدى هذه العيون، بل ويعرف كذلك اسم الطبيب الذي يعالج عندها، ولكنه عجز عن تذكر اسم تلك العين، فالتمس من المريض الانتظار بعض الشيء حتى يسأل بعض أقاربه. وقيل له كيف تنسى اسم ذلك الطبيب وقد أمضيت عنده زمناً، إنه يدعى نرفى، ويعلل فرويد نسيان ذلك الاسم بأنه قريب الشبه من لفظة الأعصاب بالألمانية (نيرفى), والأعصاب والأمراض العصبية هي التي تشغل باله على الدوام.

ويروي يونغ أن شخصاً كان يحب فتاة ثم تزوجت من شخص آخر غيره، كان يعرفه من زمن طويل لصلة أعمال بينهما، فإذا به الآن ينسى اسمه كلما أراد أن ينطق به، وإذا أراد أن يكتب إليه رسالة طلب معرفة اسمه من شخص ثالث.

ويقول برغسون أن الذاكرة لا تنطبع في المخ، لأن الألفاظ إذا كانت قد حفرت في المخ فلماذا تختفي أسماء الأعلام دون الأفعال. أما الأفعال فإنها تدل على العمل، وأن العمل يمكن محاكاته فيكتسب عن هذا الطريق، وبذلك تدخل الأفعال في الأعمال الآلية، وأن الصفات تكون عملية عن طريق الأفعال التي تحتويها، أما الأسماء فتحتاج إلى وساطة الصفات ثم الأفعال، فكلما ابتعدنا عن الأفعال إلى الأسماء ابتعدنا عن الأعمال التي يمكن تقليدها بوساطة الجسم. فهذه هي خلاصة تفسير برغسون لنسيان الأسماء والأفعال.

وقد أجمع المحدثون على أن السبب الأول في النسيان هو اختلاط الحفظ، أو تدخل شيء جديد فيما تحفظه أو تدركه، فيعطل أحدهما الآخر، فلو أنك قد تقدم إليك شخص اسمه سليم عبد القادر، وفي الوقت نفسه آخر اسمه محمود كامل، وثالث اسمه نضال حانا، ثم أردت بعد شهر أن تذكري اسم الأول على الأقل إذا كانت ذاكرتك جيدة لقلت سمير عبد القادر بدلاً من سليم، أو محمود حانا بدلاً من نضال، أو نضال كامل، فجعلت تخلطي بينهم. والأغلب أن التداخل يؤدي إلى التوقف والتعطيل.

أن نسيان أسماء معارفنا حين نلقاهم يسبب اضطراباً كبيراً .. قد يفوت علينا فرصاً هامة. إلى أن ذلك قد يوهمهم بتعالينا عليهم وعدم اهتمامنا بهم، مما يزعزع علاقتنا بهم. وليس علاج هذا النسيان أمراً عسيراً، فقد تمكن كثيرون - وبخاصة رجال الأعمال - أن يذكروا أسماء آلاف المتعاملين معهم بفضل عزيمتهم وقوة أرادتهم ..

وإليك الخلاصة التي استخلصها علماء النفس في تذكر الأسماء:

1. تأكدي من سماع الأسماء صحيحة .. فحين يقدم إليك أحد أصدقائك شخصاً لم يسبق لك معرفته، بسرعة أو بصوت خفيض لا يتبين منه الاسم واضحاً، فلا تخجلي من السؤال عن الاسم مرة ثانية. أن ذلك لا يضايقه، بل على النقيض من ذلك، يوحي إليه باهتمامك به وتقديرك له. ثم حاولي أن تطبعي الاسم في ذهنك بالوثوق من طريقة نطقه وهجائه.

2. كرري أسماء الذين تتحدثين إليهم أثناء الكلام. فلا تقولي لمحدثك مثلاً: (وماذا صنعت بعد ذلك؟) بل قولي له (وماذا صنعت بعد ذلك يا أستاذ عصام). أو ابدئي معظم عباراتك بذكر اسمه، كان تقولي: (يا أخ إبراهيم متى ذهبت إلى لندن؟) وهكذا. أن تكرار الاسم أثناء الحديث لا يثبته في ذاكرتك فقط، ولكنه يبعث في نفس محدثك الرضا والارتياح لحديثك .. فليس أشجى لأذاننا وأمتع لنفوسنا من سماع أسمائنا يرددها الغير.

3. أدرسي الشخص الذي تتعرفين إليه. لقد تمكن كثير من رجال البوليس السري من تدريب ذاكرتهم وتنمية قوة ملاحظتهم بحيث أصبح من اليسير عليهم أن يتعرفوا على آلاف المجرمين المنبثين من مناطقهم، بمجرد الاطلاع على صورهم ودراسة وجوهم. فإذا شئت أن تذكري جيداً أسماء من قابلتيهم، فدربي نفسك على ملاحظة صفاتهم وخصائهم، والوثوق من لون عيونهم وشعور رؤوسهم، وشكل أنوفهم وآذانهم، بمجرد النظر إليهم.

4. حاولي أن تعرفي كل ما تستطيعين معرفته عمن تلقيهم. أن كل حقيقة تسمعين بها عن إحدى معارفك تعلمين على تثبيت صورتها في سجل ذاكرتك.

5. فكري في رابطة أو علاقة بين أسماء معارفك الجدد والأسماء العالقة بذهنك. أن قوة الذاكرة تعتمد إلى حد كبير على البراعة في إيجاد هذه الصلة.

6. اختبري ذاكرتك كلما سنحت لك الفرصة .. فإذا شهدت حفلاً، فحاولي أن تتعرفي على أسماء الحاضرين .. فإن ساورك الشك في بعضها، فسلي جارتك أو صاحبة الحفل عنها.

7. اهتمي بكل شخص تلقيه اهتماماً خاصاً .. أن علماء النفس يقررون أننا نذكر جيداً الأشياء التي نريد أن نذكرها. فإذا كنت تهتمين بالغير، وإذا لم تعن بكسب أصدقاء جدد، فإنك لن تذكري أسماء الكثيرين الذين يقدمون إليك يوماً بعد آخر.

وقبل أن تقولي لنفسك إنني عاجزة عن ذكر أسماء الناس .. تريثي قليلاً وفكري في الأمر. فلعلك تعني إنك قد ركزت كل اهتمامك بنفسك، فلم تعودي تهتمين بالغير

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا