الترميم كشف الغدر القديم
مازال المال مطلبا هاما يسعى إليه المرء، وإن دفع بعضهم إلى ارتكاب الجرائم التي تزهق فيها الأرواح أحيانا، ففي عام 1999م تحكي لنا القصص والحكايات أنه كان في العراق أخوان، يدعى الأول عبد القادر، ويدعى الثاني مقدام، يعيشان في مدينة بابل بالعراق، قرراً أن يهاجرا إلى الأردن كي يعملا هناك. جاء إليهما أحد أبناء عمهم، وهو فوزي، متزوج ولديه 11 ولدا، طلب منهما أن يذهب معهما إلى الأردن ومعه اثنان من أبنائه الكبار، وافق عبد القادر ومقدام على ذهاب ابن عمهما فوزي وولديه الكبيرين معهما.
وبالفعل ذهبوا جميعا إلى الأردن، اشتغل عبد القادر وأخوه مقدام في محل حلاقة؛ لأن هذه هي مهنتهم القديمة، بينما استمر فوزي وأبناؤه بالبحث عن عمل مناسب لهم، وفي النهاية وجدوا محل خباز، لم يتوفق فيه صاحبه، ولم يجد العمالة المناسبة، فكان في غاية الانزعاج بسبب نقص الأيدي العاملة عنده، اقترح فوزي على صاحب محل الخباز أن يعمل فيه هو وأولاده، فوافق صاحب المحل وأجر المحل إلى فوزي.
استطاع فوزي خلال سنتين أن يجمع المال الكثير، حتى بلغت أرباحه أكثر من 10 آلاف دولار، فكان يحتفظ بها في جيبه دائما؛ لأنه خائف من السرقة في بلد غير بلده، كان فوزي يزور كل يوم أبناء عمه في محل الحلاقة، ليطمئن عليهما، ويسهر معهما، خاصة أنهما لم يتوفقا كثيراً في المحل، ولم يتمكنا من جذب الزبائن.
في إحدى المرات أخبر فوزي أبناء عمه أنه يريد العودة غلى بابل بعد ما جمع من المال ما يكفيه وأسرته، ويمكنه من إقامة مشروع مناسب في العراق، وكان ابا عمه يعرفان مدى خوف فوزي من السرقة، وأنه يحمل ماله في جيبه دائما. فكر أبناء عمه عبد القادر ومقدام أن يسرقا المال الذي معه؛ لأن مالهما الذي مهما لم يعد كافيا، بسبب قلة العمل من جهة، وصرف ما يجمعانه على السهرات واللهو من جهة أخرى. اتخذ الأخوان القرار، وأعدا الخطة المناسبة، فقاما بحفر حفرة عميقة مثل القبر داخل حوش محل الحلاقة، وأخفيا التراب داخل أكياس، وفي ليلة من الليالي جاء فوزي إلى المحل كعادته، فقام مقدام بمسكه، وقام عبد القادر بخنقه إلى أن توفي، تم دفنا الجثة داخل الحفرة، وأخفيا جريمتهما بعد ما سرقوا منه المال الذي جمعه.
بعد مرور ثلاثة أيام أحس أبناء فوزي أن والدهم مختف، فذهبا إلى محل الحلاقة، وسألوا عن والدهم فأنكر عبد القادر ومقدام معرفة أية معلومة عن ابن عمهما وسبب اختفائه، لكن أبناءه استمروا في البحث عنه، وكان الشك يساورهم في موقف ابني عمهما عبد القادر ومقدام، فتقدموا بشكوى في الأردن ضدهما، تم إلقاء القبض على عبد القادر؛ لأنه مستأجر محل الحلاقة، وتم التحقيق معه عدة أيام، لكن تم إطلاق سراحه أخيراً؛ لأنه لم يثبت عليه شيء.
وبعد مرور سنتين سافر أبناء فوزي إلى بابل في العراق، وهناك تقدموا بشكوى عن اختفاء والدهم في الأردن، وبعدما رجع عبد القادر ومقدام إلى العراق تم إلقاء القبض على عبد القادر وحبسه ستة أشهر، لكن تم الإفراج عنه لعدم كفاية الأدلة. وفي سنة 2020م جاء صاحب محل الحلاقة، وأراد ترميم المحل، وإعادة بنائه مرة أخرى، تفاجأ الرجل بوجود جثة متحللة، فاتصل بالمباحث، وفتح تحقيق جديد بالقضية؛ لأن المحققين أثناء بحثهم في السجلات عثروا على اسم عبد القادر وأخيه مقدام.
تم التواصل مع السلطات العراقية وإخبارهم عن العثور على جثة في محل الحلاقة. ذهب أحد أبناء فوزي إلى الأردن، وأجرى الفحص المطلوب، وبالفعل تبين أن الجثة تعود لفوزي.
حكم على عبد القادر، وعلى أخيه مقدام في جريمتهما الشنعاء بالإعدام بعد اعترافهما بقتل ابن عمهما.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا