خليل وحدتي ونديم أحزاني من رواية وهج البنفسج 10 2 للكاتب أسامة المسلم

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2024-09-15

خرج أمين من المستشفى صباحا بعد عدة أسابيع من إفاقته بصحبة هياء السعيدة جدا بعد وبعودته للمنزل. ركب الاثنان المقعد الخلفي للسيارة وحليمة في المقعد الأمامي وكان أمين يستعين بعصا طبية معدنية لمساعدته في المشي نصحه الطبيب باستخدامها فترة من الزمن حتى يستعيد قدرته الكاملة على الحركة
هياء وهي لا تستطيع تمالك نفسها من السعادة: سعيدة بعودتك!
أمين يبتسم بصمت.
أسندت هياء رأسها  إلى صدر أمين وابتسامتها لا تفارقها، وبعد دقائق من الصمت خلال طريق العودة قالت وهي تحدق في ظهر الكرسي أمامها: لقد كان معك كتاب.
أمين وهو ينظر لرأس هياء المسند غلى صدره: ماذا؟
هياء ورأسها لا يزال على صدر أمين: عندما وجدتك مغميا عليك في السرداب، كان هناك كتاب بجانبك بعنوان الكتف.
هل كنت تقرأ فيه قبل أن تفقد الوعي؟
أمين وهو يزفر بحزن: لنتحدث في هذا الأمر عندما نصل للمنزل.
هياء تلف ذراعيها حول أمين وتعانقه بصمت.
وصل الجميع لمنزل أمين فنزلت هياء قبله وعاونته على النزل. بدأ بالسير متكئا على عصاه والجميع خلفه يراقبونه، ثم وقف يتمعن في المنزل الذي غاب عنه طويلا، قاطعت هياء سرحانة بالقول: ألن ندخل الآن؟
أمين وهو لا يزال محدقا بمنزله: الجسد يحس شوقا عندما يبتعد عن المكان الذي تسكنه الروح.
هياء وهي تسند أمين بكتفها وتسير به نحو باب المنزل: هيا بنا إذا لكي تستعيد روحك.
حليمة من خلفها وهي تقف بجانب السائق: هل تحتاجين إلى مساعدة يا سيدتي؟
هياء وظهرها مدار لها: لا يا حليمة يمكنك العودة للقصر، وأخبري أبي أني سأتأخر قليلا.
حليمة: أمرك.
دخل الاثنان المنزل وهياء لا تزال تسند أمين و عندما انتصفا في غرفة المعيشة قالت: هل تريد أن آخذك إلى غرفتك؟
أمين وهو يرفع يده من على كتف هياء ويتكئ على عصاه ويسير باتجاه كنبته: لا.. لقد سئمت الفراش.
هياء بقلق: لم لا ترتاح اليوم على الأقل؟
أمين وهو يجلس: لقد ارتحت بما فيه الكفاية.
هياء: هل وصف لك الطبيب أي أدوية؟
أمين وهو يبحث حوله: أين نظارتي؟
هياء وهي تخرج النظارة من أحد الأدراج وتمدها له:  أجبني يا أمين؟
أمين وهو يلبس نظارته: حتى لو وصف لي أدوية فلن أتناولها.
هياء بتجهم: لماذا؟ ألا تقلق بشأن صح تك؟
أمين هو يشير لـ هياء: اذهبي للسرداب وأحضري ما تستطيعين من الكتب.
هياء: لا أريد القراءة الآن.
أمين وهو يضحك ويسعل: أنا من يريد القراءة.
هياء: ولم لا تذهب بنفسك وتحضر ما تريد؟
أمين وهو يتكئ على عصاه في محاولة للنهوض: حسنا.
هياء وهي تجلسه: لا! لا! سأحضر لك ما تريد.
أمين: مفاتيحي معك، أليس كذلك؟
هياء وهي تخرج سلسلة المفاتيح من جيبها: نعم.. لقد أخذتها من جيبك عندما دخلت المستشفى كي أغلق السرداب واحتفظت بها معي.
أمين: ألم تقرئي شيئاً طوال فترة غيابي؟
هياء بحزن: لا.
أمين: لماذا؟
هياء: لا أعرف. مزاجي لم يكن يميل للقراءة وأنت غائب. اكتفيت بقراءة بعض الكتب المملة من المكتبات العامة.
أمين: وماذا عن الآن؟
هياء: همي الآن هو أن تكون بخير، وألا يتكرر ما حدث معك.
أمين وهو يشير بيده: أجلسي يا هياء.
هياء: تجلس على الأريكة المقابلة.
أمين: ما حدث لي كان بسبب شعوري بالاشتياق لشخص ما، ومحاولة زيارته مرة أخرى.
هياء بتعجب: لا أفهم قصدك.
أمين: لقد قرأت كتابا قرأته من قبل لأني اشتقت لحياتي التي قضيتها فيه.
هياء: وهل إعادة قراءة كتاب من تلك الكتب تسبب لك جلطة وتدخلك في غيبوبة؟
أمين مبتسما: هذا إذا كنت محظوظا.
هياء بغضب: ماذا تعني؟ هل كنت تعلم أنك تعرض حياك للخطر؟ لماذا فعلت ذلك؟
أمين وهو يسرح بنظره جانبا: اشتقت لها.
هياء: اشتقت لمن؟
أمين وسرحانه ينقطع: انسي هذا الأمر الآن. أحضري الكتب التي طلبتها فقط.
هياء: وكيف أعرف إذا كنت قرأتها من قبل أم لا؟
أمين وهو يبتسم: الكتب في الرفوف اليمنى هي التي قرأتها. اختاري من الجهة اليسرى.
هياء: هل سنقرأ معا؟
أمين: إذا كنت ترغبين في ذلك فلا بأس.
هياء: وما نوع الكتب التي تريد مني أن أحضرها؟
أمين: لا يهم.. المهم أن أخرج من هنا بأسرع وقت.
هياء وهي تنهض وتتوجه للسرداب: حسنا.
غابت هياء فترة نهض خلالها أمين ليعد لنفسه كوبا من القهوة، لكنه لم يجد أدوات إعدادها في مكانها، ولم ير سوى كوبه الذي اعتاد أن يحتسي فيه قهوته، وعندما عادت هياء وهي تحمل معها خمسة كتب رأته واقفا متكئا على عصاه يبحث في الأدراج فسألته: عن ماذا تبحث؟
أمين دون أن يلتفت إليها: عن كيس البن والسكر.
هياء وهي تضع الكتب على الطاولة: توقعت أنها فسدت ورميتها، وكنت أنوي شراء المزيد.
أمين وهو يعود لأريكته معتمداً على عصاه المعدنية: لا بأس.
هياء: يمكنني إرسال السائق ليحضر المزيد.
أمين وهو يجلس: سأكتفي بالماء اليوم.
هياء: ألا تريد تناول شيء؟
أمين وهو يمد يده: دعيني أر الكتب التي اخترتها.
حملت هياء الكتب الخمسة ووضعتها على المنضدة بجانب أمين، فتناول الكتاب الأول على قمة كومة الكتب، ونظر لمقدمته ثم قلبه ونظر لمؤخرته ووضعه جانبا، واطلع على الكتب الأخرى بالطريقة نفسها، ثم قال: هل كانت اختياراتك عشوائية؟
هياء: نوعا ما. اثنان نمها أعجبني عنواناهما.
أمين يرفع أحد الكتب بعنوان "لحن الأشواق"، ويقول: أعتقد أن هذا أحدها.
هياء وهي تبتسم: نعم.. عنوانه جذبني.
أمين وهو يمد الكتاب لها: سيكون الكتاب الذي ستقرئينه الآن إذا.
هياء وهي تأخذ الكتاب: ماذا عنك؟
أمين ممسكا بكتاب أخضر: هذا الكتاب يبدو مناسبا.
هياء: ما عنوانه؟
أمين وهو يسند عصاه بجانب الأريكة: لا يهم.
هياء: ألاحظ أنك تتفحص شكل الكتاب أكثر من عنوانه.
أمين متجاهلا ملاحظتها: اجلسي أمامي.
جلست هياء على الأريكة المقابلة والكتاب بيدها وقالت: ماذا الآن؟
أمين وهو يفتح كتابه: نقرأ
فتحت هياء كتابها ليخرج وميض نور قوي أمامها.

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا