مديرة المدرسة التي تخلصت من زوجها لأبو طلال الحمراني

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2024-08-07

مديرة المدرسة التي تخلصت من زوجها
بدأت القصة عام 2016 في بغداد عاصمة العراق، في منطقة المعامل تحديداً، عندما أطال الشجار بين سهام ووالدة زوجها حميد، فكانت سهام تبغض أم حميد وتكرهها وكانت لا تريدها في المنزل، وكان حميد ذو أخلاق رفيعة فكان دائماً ناشراً للودّ والعطف محاولاً تخفيف المشاكل بينهما، فكان يحثّ سهام ويخبرها: أنت مديرة مدرسة، أنت مربية الأجيال، أنت ثمرة مهمة في حياة الإنسان، ألا تعي بأهمية أمي التي حملت بي طيلة التسعة أشهر وصبرت عليّ طيلة هذه المدة!؟ ألا يمكنك تحملها كما تحملت هي بي؟!
وكان رد سهام المتكرر: ألا تريد أن نخرج من المنزل ونتركها ونرتاح!؟
وكان حميد كالصخرة الراسخة في رده: أبداً لا ..
مرت الأيام على منوال هذه المشاكل، حتى أقبل اليوم الذي اجتمع فيه جميع مدراء المدارس في منطقة المعامل؛ حتى يحددوا أهداف التوجيهات الدراسية في السنوات المقبلة ..
وفي أثناء الاجتماع كان يوجد مدير مدرسة، يُدعى جاسم، بَهُرت عيناه حينما بصرت على جمال سهام الجميلة، فلم يكن ينصت حتى بحديثهم المنمق والممل، فقد كان منشغلاً بتقصي أثار هذا الجمال اللافت ..
وبعد انتهاء الاجتماع، تقدم جاسم إليها وعرّفها عن نفسه وبدأ حديثه عن أمور الدراسة والطلبة، وأخذ رقم هاتفها للتواصل في شأن التعليم والدراسة.
بدأ جاسم بالتواصل هاتفياً مع المديرة سهام، واستمر التواصل بينهما لأيام حتى امتدت لأسابيع، فشعرت سهام بأن جاسم قد وقع في حبها من أثر حديثه، وعلى إثر هذا، وإثر تكدس المشاكل بين والدة حميد وبينها، والتي بدورها تحولت المشاكل وصبّت فوق رأس حميد نفسه، وتزامناً مع هذا كله .. جاسم، الشخص الذي شعرت بأنه صار يحبها ويحب حديثها، ومع بواعث هذا الألم، وركامه، احتاجت سهام للحديث مع أحد، وسكب القهر والغيظ والتنفيس عنه خارج قلبها، وكان جاسم هو الشخص المناسب ..
فبدأت سهام تتحدث مع جاسم عن حياتها، وعن حياة زوجها الذي كان يدير إدارة الشؤون التموينية، وعن والدته الوباء الذي حل عليها، وكيف أن زوجها حميد بات يعاملها معاملة سيئة، وكيف تحول الحب إلى كره مقيت، فتحدثت كثيراً حتى أخرجت زفير الغضب، وشعرت براحة شديدة بعد انبثاق الكدّ المكبوت .. وزاد من راحتها حديث جاسم الذي قال: كيف لشخص مثله، أن ينبذ ويترك، امرأةً بهذا الجمال مثلك؟ أنا لا افهم حقاً .. سأعترف لك بصراحة، عندما شاهدتك لأول مرة، كنت أدعوا الله في قلبي، أن لا تكوني متزوجة، فثقبت ببصري على يدك؛ آملاً أن لا أري خاتم يبيد كل أحلامي .. فلم أرى أي خاتم، فبهج قلبي، وأفرض قرار لي بأن لا اترك القاعة حتى آتي بشيء يصلني إليك، فلم أري بالهاتف إلا السبيل الوحيد لإيصالي بك، ولعله عما قريب، يصلني إلى قلبك، واليك أنت شخصياً ...
أنا لا أعلم لماذا ما زلتي مستمرة في المكوث مع شخص مثله، فالشخص الذي لا يقدّر الجمال، هو بالضرورة لا يقدّر الحياة ..
فردّت سهام: وماذا عن عشرة الحياة التي بينا أنا وهو؟ أتريدني أن أتركه هكذا بكل بساطة؟
جاسم بثقة: على الأقل أنا اعرف ما أريد، وكل ما أريده هو أن تكوني بين يدي؛ كي أعوضك ما فقدتي بين يديه، سأتزوجك وأثبت لك ذلك ..
فصُدمت سهام: حقاً ستفعلها؟!
جاسم ببهجة: سأفعل أي شيء لك سهام ..
تداولت الأيام بينهم، وبعد ما أفرغ جاسم كل طاقته كي يقنع سهام الطلاق من حميد، حتى آلَ في النهاية إلى مبتغاه .. فساعدها جاسم بإحضار أحد المحامين الذين يعرفهم، وبدأ مباشرة ترتيب أوراق إجراءات الطلاق، وعندما وصلت أوراق الطلاق إلى المحكمة، تقرر قرار القاضي بالرفض القاطع! مما أصاب سهام في مقتل، فزاد من سخطها وحنقها على حميد وعلى كل شيء يتعلق به!
وكان سبب الرفض نتيجةً للسبب نفسه، فما هو السبب الرئيسي لطلب الطلاق من حميد؟ بسبب أمه التي لا تريدها سهام، فرفض القاضي طلب الطلاق لأسباب عديدة، منها: أنّ السبب نفسه كافي ليولد المزيد من الفراق العائلي والمشاكل التي لا تنتهي، وأن حميد لا يمكنه إطلاقاً أن يترك أمه وحيدة تعيش لحالها، فيجب على شخص ما أن يرعاها ..
تحدثت سهام بغضب عن قرار القاضي الذي دار بينها وبين حبيبها جاسم، فقالت سهام لجاسم بعد التنفيس من غضبها: جاسم، أتحبني؟!
جاسم: أجل أحبك ..
سهام تسأله: ستفعل أي شيء من أجلي؟!
جاسم بثقة: أجل، أي شيء!
سهام: ستتزوجني إذا تطلّقت منه صحيح؟!
جاسم يفرح يشوبه الحزن: أجل بالطبع
فقالت سهام: سأضحي بتركي لزوجي من أجلك يا جاسم، فهل ستفعل المثل بزوجتك وتتركها من أجلي؟!
جاسم بصوت حماسي: أجل سأفعل؛ فأنا أحبك!
فتنفست سهام الصعداء: اسمعني جيداً إذاً، فكما تعلم لا يمكنني تطليقه، وأنا أقيم عند أهلي الآن ولقد تركته لكني لا أزال على ذمته، وليس لدي شيء أعمله، ولكن أنت يا جاسم .. أنت الوحيد الذي يستطيع تخليصي منه!
جاسم بتحير: كيف ذلك؟!
سهام وهي تشهق: لقد أخبرتني أنك تحبني، إذاً، أثبت ذلك!، خلصني منه! ولا اهتم حتى لو تخلصت منه عن طريق قتله!
جاسم بقلق: قتله! هذا أمر لا استطيع فعله سهام! إنه أمر صعب!
سهام بحزن: إذاً سيضل حبنا عاجز عن الاستمرار، فأنا لا أريد أن أكمل حياتي معك عن طريق الهاتف ..
جاسم بانتفاضة: انتظري!، لقد تذكرت شيئاً، تذكرت أني أعرف شخصاً، لربما يمكنه الساعدة، لكن سهام، أأنت متأكدة؟
سهام بثقة: أنا متأكدة.!
كان جاسم ينتظر شخصاً في منزله، وبعد مدة يسير، طُرق باب منزله فهرع جاسم وفتح الباب لهذا الشخص، حياه جاسم وسلَّم عليه وبدأ بالنقاش معه عن أمور عديدة، خصوصا عن أمر عائلته، فجلس الاثنان على الأريكة وقال الشخص: إذاً، لماذا استدعيتني في منزلك يا جاسم؟ ما الأمر الذي تريد أن تناقشني فيه؟
جاسم بابتسامة: أخبرني أولاً، كيف حال أهلك يا حامد؟
حامد: الحمد لله بخير، لقد تجاوزوا الأمر بفضل الله ..
جاسم ينظر في عينه: وماذا عنك يا حامد؟ هل تجاوزت الأمر بعد؟
حامد باستغراب: ماذا تقصد؟
جاسم: أنت أحد أولياء الأمور الذين أعرفهم شخصياً، والذي أخبرني عن بعض تفاصيل حياته، وعن مقتل أخيه الذي كان يحمي بلده من شياطين داعش .. والذي لم يجد القاتل الحقيقي منهم إلى الآن ..
حامد بريبة: إلى أين تريد تصل؟
جاسم يدنو منه: أريد أن أصل إلى النقطة التي تخبرني بإلحاح إنك لا تريد أن تري دم أخيك يُهدر ويُفقد، وإنك لا زلت تتمنى أن تأخذ حقك على من أهدر دم أخيك.
حامد وهو ينظر في عيني جاسم: لا أحد يريد أن يهدر دم أخيه أبداً.
جاسم بهدوء: ولا أنا أريد أيضاً، وأنا يا حامد، قد وصلني خبر القاتل الداعشي، الذي عمل عملته الفظيعة، وقرر مع ذلك العيش بيننا كإنسان ذو قلب سليم ..
فأنتفض حامد وصرخ: أخبرني!! أين هو!! أخبرني؟!
جاسم مهدئاً حامد: اهدأ أولاً، ودعني أخبرك بالقصة.
فهدأ حامد وبدأ جاسم بسرد القصة عليه: القاتل يُدعى حميد، وهو يدير إدارات التموين في منطقة المعامل وقاطعه حامد: وكيف علمت أنه هو؟!
جاسم بابتسامة: لم انتهي من القصة بعد .. لقد علمت من زوجته، وزوجته هي ابنة خالي، ولقد سمعت زوجها يتحدث مع أحد في منزلها عن الحادثة الشنيعة التي تسببت بقتل أخيك ومن معه، الذين كانوا يحموا بلادنا من وحوش داعش، وسمعته يقول متى ننفذ العملية التالية؟! ومعلوم عن الداعشي أنه حيوان لا يرحم أحد من جنسه البشر، فلقد أضر بابنة خالي كثيراً، وأنا لا أتكلم عن الضرر الجسدي يا حامد، لكن أريدك أن تتخيل مقدار الألم النفسي والخوف الهائج الذي يموج كل يوم في قلب ابنة خالي عندما تدرك أنها تعيش مع داعشي!!؟، إنها خائفة جداً لدرجة أنها لا يمكن أن تطلب الشرطة واكتشفت أن عمله ما هو إلا تمويه لعملياته الخبيثة ..
حامد: ابنة خالك لَجَئت إليك، وأنت بدورك لم تلجأ إلى الشرطة، لكن لجئت إليّ لماذا؟
جاسم وهو ينظر في عينيه: ألا تريد الانتقام بنفسك حامد؟
فنهض حامد: أرني منزله!
جسام ينهض معه: سأساعدك بالمال إذا أردت، أريد حقاً أن أرى فناء هذا الوحش من الوجود ..
حامد يرمق جاسم: لا بد أن ابنة خالك شعرت بالخوف الشديد لدرجة إنها لجئت إليك ..
فنظر إليه جاسم ثم جلس على الأريكة بهدوء: لقد كانت بيننا قصة حب، حتى ظهر الوحش وبدّد كل ما حلمت به، فكرهك لهذا الداعشي لا يتجاوز شدة بغضي له إطلاقاً، بالإضافة إلى العاقبة الوخيمة التي ستزلزل حياة ابنة خالي حينما يعلم الناس عن زوجها الداعشي! حتى ولو ثبت أنها لم تكن متورطة في أعماله القذرة .. أمل أن ترى كم هي مصلحتنا متقاربة يا حامد ..
نهض فاتجه حامد إلى الباب ليخرج وقال: سأخبرك عن تكاليف العملية بعد الانتهاء من التخطيط ..
وبعد مرور أيام، أتي حامد إلى جاسم وأخبره عن تكلفة العملية، فقال: أحتاج إلى 14 ألف دولار لإتمام العملية ..
فوافق جاسم مباشرة: سأناولك الأربعة آلاف مقدماً والباقي عندما تنتهي من المهمة ..
فرضي حامد وقبل ذهابه قال له جاسم: كيف ستنفّذ العملية؟
حامد بسخط مكبوت: أقتله وأهرب، سأبتاع بالمبلغ دراجة نارية وسلاح، ويكفيني هذا للإتمام عملية القتل ..
فاقترب جاسم إلى حامد وربت على كتفه بقوة: لقد أعادها جبراً إلى منزله عندما هربت إلى بيت أهلها، وعندما تنتهي، سيفرج كربها يا حامد!
ابتسم حامد وسار صامتاً إلى خارج المنزل ..
تحدث حامد مع أحد أصدقائه، وكان يثق به، وكان يعلم إنه يعرف كيف يركب ويسوق الدراجات النارية بخلافه، فعرض إليه عرض مغري: ما رأيك أن نذهب أنا وأنت الآن إلى محل دراجات النارية، ونبتاع لك أفضل دراجة نارية باختيارك الشخصي ورغبتك، وندرج الدراجة النارية باسمك لا باسمي!
فبُهت صديقه وفرح كثيراً، لكنه قال: لكن بالطبع تريد مقابل صحيح؟
فابتسم حامد: بالطبع، (فاقترب إليه ووكز صدره بخفة وعيناه تغلو من القهر) مقابل أن تساعدني في قتل الداعشي الذي قتل أخي!
فنظر إليه صديقه بقلق: أيذت داعشي؟
فحكى له حامد القصة وبعد الانتهاء قال صديقه بغضب: لن نترك دماء إخواننا تسرف بهدر! قتله واجب علينا يا حامد!! واجب وطني!!
اتصل حامد علي جاسم وسأله عن موقع عمل حميد، فأخبره جاسم بالموقع فقال جاسم: لا تقلق، سأذهب لأرى وجهه فقط، حتى أرسمه بدمائي كما أتخيل دوماً!
فاتجه حامد إلى موقع عمل حميد، وسأل عنه، وعندما عثر عليه، استضافه حميد في مكتبه بكل براءة .. وبدأ حامد بسرد الأكاذيب حتى يجلس معه ويتعرف عليه من قرب .. لكن جلّ ما راود ذهن حامد هو: أقتله! أقتله! فغليل الحقد سري بين عروقه ولم يكن ليشفي غليله إلّا جثة حميد مضجرة بالدماء أمامه!
أشرقت الشمس في اليوم التالي، وداوت بضوئها مشارق الأرض ومغاربها، وضربت الشمس الحارة خوذة حامد وصديقه وهما ينتظران إشارة من الهاتف بالقرب من منزل حميد، فلقد اتّفقا مع جاسم أن يخبرهم عندما يخرج حميد من المنزل، وكان جاسم على تواصل مع سهام عن طريق الهاتف، وكانت المكالمات بينهم كثيرة؛ فكان ينتظر خبر خروج حميد من المنزل. عادت سهام إلى منزل زوجها لكن ليس كما كذب جاسم بأنها عادت جبراً! بل عادت بسبب المحاولات المتكررة من حميد لإرجاعها إلى المنزل، بالإضافة إلى تسهيل عملية قتله!
وعندما خرج حميد اتصلت سهام على جاسم والذي بدوره اتصل على حامد ورفيقه، فأدار صديقه محرك الدراجة النارية وانطلق بسرعة متجاوزاً منزل حميد، وعندها رأي سيارته من على بعد بعيد، سار بهدوء خلفه، فأمره حامد بالاقتراب من سيارته حتى يتأكد أنه هو حميد نفسه، فاقترب صديقه فتأكد حامد منه وسار خلفه، حتى وصلا إلى إشارة المرور، فتوقفت سيارة حميد وتوقف حامد ونزل من الدراجة النارية، واقترب حتى وصل إلى نافذة حميد في السيارة، ونقر زجاج نافذته، ففتح حميد نافذته وقال ببراءة: أتريد شيئاً يا أخي؟
فرفع حامد بسلاحه قائلا: الانتقام لأخي!
فأفرغ حامد جميع رصاصاته عليه بلا رحمة، ولم تهز الدماء جفن حامد الغاضبة، بل جعلته مسعورة لا يرتاح حتى يرى سيلان الدماء متناثرة!
وعندما نفذت الذخيرة تماماً، اقترب حامد من جثة حميد وهو ينظر إلى عيناه المصدومة، فركض بسرعة إلى صديقه وفرّوا من موقع الجريمة ..
وبعد قدوم الشرطة وإجلاء جثة حميد بدأوا بالتواصل مع أهله، فنادوا على زوجته سهام وعندما سمعت بالخبر انهارت باكية تتخبط بكل الأشياء من حولها، وعندما هدأ الروع في قلبها سألوها: هل يملك زوجك أعداء؟
فأجابت بالنفي .. لم تكتفي الشرطة من هذه المعلومات بل جلبت حتى والدة حميد والتي بدورها أجابت بمثل إجابات الجميع، وكانت حيرتهم في حميد إنه بلا أعداء، وأن جريمة شنيعة تحدث هكذا لابد من دافع قوي يبرر بشاعة الجريمة والذي بدا على تقصدهم في الأمر .. لا يوجد!
وبعد مرور تسعة أشهر، تزوجت سهام أخيراً من حبيبها جاسم، وعاشت أحلى أيام حياتها، في يومين فقط ..
إذ اكتشفت أن جاسم امتنع عن تطليق زوجته وقرر اتخاذ سهام كزوجة ثانية، فتشاجرت معه بشدة عن سبب منعه فأجاب جاسم سهام عن طريق الضرب المبرح! فهرعت سهام إلى مركز الشرطة وبلّغت على فعلته الشنيعة ..
وعندما كانت في مجلس الانتظار سار أحد المحققين من جانبها فنظر إليها فتوقف وكأنه تذكر شيئاً فقال: ألست زوجة الرجل الذي قُتِل من راكبي الدراجات النارية؟
فنظرت إليه سهام: أجل ...
المحقق سائلاً: ماذا تفعلين هنا؟
فحكت سهام له قصة ضربها، وأخبرته أن من المفترض أن يطلّق جاسم زوجته كما وعدها ..
فقال المحقق في نفسه: تسعة أشهر كثيرة، لكن أن تتزوج رجلاً آخر بالرغم من أخلاق زوجها الحميدة، وبالرغم من أنه كان مقتولاً لا ميتاً ميتة طبيعية .. توجد ثغرة..
فتحدث المحقق عن حادثة زوجها قائلا: ملف القضية لم يغلق بعد، وسنقبض على القاتل إن شاء الله وننزع عنه تبريراته، أيمكنك إعطائي رقمك ورقم زوجك جاسم؛ حتى نحدثكم عن مجريات القضية إذا أُحْدِثت التغييرات؟
فأعطته سهام رقم هاتفها ورقم هاتف جاسم. وبعد ما أعطته الرقم قال: اسمحي لي بالسؤال، لكن أكنت تعرفي جاسم قبل الحادثة؟
سهام: أجل كنت أعرفه، لقد كنا نعرف بعضنا قبل الحادثة الشنيعة، فإنه يملك منصب مدير المدرسة مثلي، ويجتمع المدراء عادةً لمناقشة التوجيهات الدراسية، وبعدما علم عن وفاة زوجي، أتى وخطبني.
رحلت سهام من مركز الشرطة، وشرع المحقق بالاستعلام عن رقم هاتف سهام وجاسم قبيلة الحادث، وتفاجأ بأن جاسم كان يتصل على سهام قبل حدوث الجريمة عشرات المرات، فبدأت تظهر الملامح المخفية التي دجى عليها الظلام وغموض القضية .. فأستعلم المحقق عن رقم جاسم ورأى أنه قد اتصل قبل الحادثة بقليل على شخص اسمه حامد، وقد تكرر الاتصال بينهم قبل موت حميد بقليل، فأستدعى المحقق حامد وعندما ظهر سأله عن جاسم فقال حامد ناسياً: من جاسم؟
فشكّ المحقق كثيراً: شخص اتصل عليك قبل وفاة حميد عشرات المرات، إنه جاسم مدير المدرسة!
ظهرت ملامح الخوف والريبة على وجه حامد فقال محاولاً تغيير ملامحه بابتسامة: تذكرت إنه مدير المدرسة!، إنه شخص أعرفه منذ مدة طويلة، لكني توقفت عن التواصل معه نظراً لعملي ..
المحقق ينظر إليه: أجل .. عملك الذي انتهى مباشرة بعد موت حامد، ألا يجعلك هذا تشعر بالريبة قليلاً؟
فنظر عليه حامد وقد ترقرق العرق في جبينه: لا، العمل والظروف .. شيئان قاطعه المحقق: لقد استعلمنا عن رقمك أنت أيضاً، وتبين أيضاً
ويا للغرابة أنك أنت أيضاً في نفس يوم مقتل حميد كنت تتصل عشرات المرات على شخص غريب، ولقد استدعينا هذا الشخص الآن، وسنرى عن القصة الغريبة التي جمعت بين اتصال سهام وجاسم وحامد ورفيقه، عشرات المرات كلهم في نفس الوقت وفي نفس يوم مقتل حميد!!
فبلع حامد ريقه ولم ينبس بحرف واحد ..
وبعد مرور القليل من الوقت، ظهر صديق حامد في المركز على دراجته النارية، فأمر المحقق بإلقاء القبض عليه فوراً؛ لأنه وأثناء التحقيق في جريمة حميد، كانت توجد كاميرات مراقبة في الإشارة والتي بدورها التقطت شكل دراجة نارية شرع راكبوها في قتل حميد البريء، وتنطبق صفات الدراجة النارية نفس الصفات التي التقطتها الكاميرات والتي ظهر بها صديق حامد في المركز!
وبعد مدة يسيرة ظهر المحقق عند حامد الراقد على كرسي التحقيق، وكان وجه المحقق متهللاً فقال: لقد أعترف صديقك أنه راكب الدراجة النارية، فالأحمق ظهر بها في المركز!، أستخبرنا ما يجري يا حامد؟ فأنت وصديقك في هذه اللحظة مشتبهان رئيسيان في الجريمة!، ولا تجبرني أن أضغط عليك، فالقصة قد انتفضت من غمر التراب ..
نظر حامد إلى عين المحقق ... وأعترف فقط بأنه قتل حميد لأنه يعمل مع داعش وتسبب بمقتل أخيه ..
فغضب المحقق: لقد أجرينا بحثاً طويلاً عن حامد ولمدة تسعة أشهر! ولا توجد أي علامة أو أي سمة حتى في شخصه تدل على إنه إرهابي داعشي!! فمن بحق الله اخبرك أنه المجرم الذي تسبب في مقتل أخيك؟!
حامد بذعر وقلق: إنه هو! أنا متأكد؟
فمسك المحقق كتف حامد بقوة: هل رأيته يقتل أخاك؟! هل رأيته يفجر نفسه؟! هل رأيته يذهب مع مجرمي داعش في أي مكان؟! هل رأيت أي شيء يدل على جرمه!؟
حامد وهو ينظر إلى المحقق بصدمة: لا ..
فدنى المحقق صوب وجهه بهدوء: إذاً من أخبرك هذا؟
حامد مطأطئ الرأس: مدير المدرسة، جاسم! (وأخبره بالقصة كلها).
فاتسعت عينا المحقق فنأى عن حامد، ثم نظر في عينيه وابتسم قائلاً: لقد حررتك الآن من القيد المربوط حول عنقك، فقط ربط جاسم القيد حول رقبتك وأنت مثل الكلب امتثلت لأوامره من دون حتى أن تجري بحثاً قليلاً على حميد!
حامد بصدمة: لقد أجريت، لكن غليل غضبي اجتاحني ولم يسمح بمرور التفكير السليم ..
المحقق وهو يشرع بالخروج من غرفة التحقيقات: ستنال جزاء غضبك الساحق ..
استدعى المحقق جاسم وجعله ينتظر في غرفة التحقيق، وبعد مدة قليلة ظهر حامد إلى غرفة التحقيق مقيدا وبرفقته رجلي أمن.
فبدأ حامد بالصراخ وشتم جاسم على جعله يقتل رجل بريء ..
ومن ثم أمر المحقق رجال الأمن بإخراج حامد فنظر إلى جاسم وقال: هيا لنهي الأمر، فتحدث وأخبرني عن كل شيء!
ومن ثم نظر جاسم بقلق بارز وقال بخوف مباشر: سهام! سهام من خططت لقتله!! ولقد أجبرتني على الاشتراك معها!
نظر المحقق مبتسماً: أجبرتك؟
جاسم بقلق شديد: أجل أجبرتني!، ولقد قامت هي بدفع مبلغ العملية أيضاً!
المحقق يضحك: سهام من تحكمت بكم جميعاً؟! أهذا ما تقوله؟
جاسم لا يريد الاعتراف بالحقيقة الكامنة في صدره، فاكتفى بقول: إنها المسؤولة!
المحقق يشير بأصبعه بغضب: وأنت أيها الأحمق سرت على تخطيطها وجلبت قاتلاً ليقتل حامد!! فما الفرق إذا خطط الشيطان أم سهام وكانت النتيجة واحدة!!؟
نظر إليه جاسم ووسع فاه خوفاً وحيرة ..
استدعى المحقق سهام، وعندما وصلت لغرفة التحقيقات، خرج منها جاسم مقيد اليدين وهو ينظر إليها بقلق، فتوترت سهام وبلعت ريقها، فتحدث المحقق بادئاً بـ: لقد أخبرنا جاسم وحامد بكل شيء، ولم يبقي إلا أن نسمع إفادتك، والتي توحي بأنك العقل المدبر لهذه الجريمة القذرة! فهل تريدين أن نضغط عليك حتى تعترفي، أم تريدي الاعتراف وتسهلين من عملنا؟
فنظرت سهام في عينيه، فغضب المحقق وضرب الطاولة التي أمامها فذعرت سهام وبكت بتلقائية مباشرة، وطأطأت رأسها خجلاً من دناءة فعلها!، حتى وفي النهاية، بصقت الحقيقة، ببصمة عارها المخجلة!
تم الحكم على حامد بالإعدام.
أما سهام وجاسم فقد تم الحكم عليهم (بـ 25) سنة في السجن أما صديق حامد راتب الدراجة النارية فقد تم الحكم عليه (بـ 15) سنة في السجن.
انتهى

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا