من رواية وهج البمفسج الجزء الأول 7 2 للكاتب أسامة المسلم

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2024-08-04

وبعد ثوان قليلة في ذلك الوهج وجدت هياء نفسها تقف في مطبخ واسع وكبير تلبس زيا ذكرها بلباس الخادمات اللاتي كن يعملن في قصر والدها. بقيت تتفحص المكان بنظرها دون حراك، ورأت أن الوقت كان ليلا من خلال النافذة التي كانت أمامها، استمرت بالنظر حولها حتى دخلت عليها امرأة تلبس زيا مشابها لزيها، وتوجهت نحو بعض الأواني وهي تتحدث وتوجه الكلام ل هياء وتقول: ما بك واقفة هكذا، لقد حان موعد تحضير مائدة العشاء للسيد الكبير!.. هيا ساعديني!
تحركت هياء تجاه تلك السيدة بارتباك، ووقفت بجانبها وهي ترفع بعض الصحون والكؤوس فنهرتها وقالت: لم تحملقين بي هكذا؟ هيا عوانين!
هياء بارتباك: ماذا تريدين مني أن أفعل؟
وضعت المرأة ما كان بيدها والتفتت إلى هياء وقالت: هل سنبدأ ببالغباء منذ اليوم الأول؟ لم يمض على تعيينك هنا ساعتان، وخلالهما نسيت كل ما أخبرتك به!
هياء هي تائهة: أنا آسفة.. أخبريني فقط ماذا تريدين مني يا سيدتي؟
المرأة: أنا لست بسيدتك أنا زميلتك حسينة كما أخبرتك سابقا، ونحن المسؤولتان في القصر ليلا، ومهمتنا الآن إعداد مائدة العشاء قبل أن يغضب السيد الكبير.
هياء بتوتر: حسنا، حسنا.. هل آخذ هذه الصحون والكؤوس للمائدة؟
حسينة وهي تنظر لـ هياء بتعجب: إذا سمحت!
هياء وهي تحمل الصحون والكؤوس: سوف آخذها فوراً.
حملت هياء ما طلب منها خرجت من المطبخ، لكنها توقفت في الممر الكبير والمتفرع الذي ظهر أمامها، وكانت في حيرة نحو أي اتجاه يجب أن تسلك، وخلال وقوفها نهرتها حسينة من خلفها للتحرك، فأوقت ما كان بيدها من صحون وكؤوس ليتحطم معظمها.
وقفت هياء وقطع الزجاج تحتها ومتناثرة حولها وهي تحدق بـ حسينة التي كانت غاضبة في بادئ الأمر، لكن غضبها تحول لهدوء وابتسامة خفيفة أتبعتها بقول: لا بأس يا ابنتي.. نظفي المكان وعودي للمطبخ وأنا سأعد المائدة وحدي.
هياء: أنا آسفة.
حسينة وهي تمسك بصينية كبيرة بين يديها: لا تقلقي، فقط نظفي المكان.
هياء وهي تنزل على ركبتيها وتبدأ بجمع قطع الزجاج المكسور: حاضر.
حسينة وهي تسير مبتعدة عنها: حاذري كي لا تجرح قطع الزجاج ركبتيك الجميلتين.
هياء ترفع نظرها لـ حسينة بتعجب من تعليقها الغريب.
بعدما نظفت هياء المكان عادت للمطبخ، وجلست لى أحد الكراسي تنتظر عودة حسينة، ولكنها تأخرت كثيراً بع دما أخذت كل ما تريد لإعداد المائدة. بعد ما يقارب الساعة غفت عيناها وهي على الكرسي ولم تشعر بالوقت حتى أحسست بأحد يهز كتفها ويوقظها، ففتحت عينها لترى حسينة أمامها وهي تقول: هيا لتغسلي الصحون.
نهضت هياء ودعكت النعاس من عينيها وتوجهت للأطباق والأواني المتراكمة، وبدأت تغسلها وحسينة جالسة خلفها تشعل سيجارة.
حسينة وهي تنفخ سحابة من الدخان: من أين أنت؟
هياء بارتباك: ماذا تعنين؟
حسينة بعصبية: ماذا تقصدين بماذا أني؟.. من أين أنت؟
من أي بلد؟.. من أي قرية؟.. من أي جحيم؟
هياء وهي تجفف بعض الكؤوس: من هنا؟
حسين: من مدينتنا؟
هياء وهي ترفع بعض الصحون على المنشر: نعم.. نعم. 
حسينة وهي تنفخ سحابة أخرى من الدخان: غريبة.. الرجل الذي أحضرك للعمل هنا لا يبدو من سكان المدينة. كان يبدو قرويا على أكثر تقدير..
هياء وهي تمسح يديها في مئزرها: لقد انتهيت.. هل تأمرينني بشيء آخر؟
حسينة وهي تطفئ السيجارة في قاع حذائها: نعم.. اسحبي كرسيا واجلسي أمامي.
نفذت هياء ما طلبته منها. بعد جلوسها قالت لها: أسمعي يا فتاة.. العمل هنا سهل ومريح والأجر مجز كما تعلمين، لكن يجب أن تعرفي مع من نعمل، وما الذي يجب علينا القيام به كي يكون راضيا عنا.
هياء بتوتر: هل العمل كخادمة في هذا المكان يتطلب الكثير منا؟
حسينة: المهم هو إرضاء السيد الكبير.
هياء يتوجب: إرضاؤه إلى أي أحد؟
حسينة: ماذا تقصدين؟
هياء: أقصد أنه يبدو شخصا غير مريح من حديثك عنه.
حسينة بتجهم: وما شأنك  إذا كان مريحا أو لا؟ المهم أن تقومي بعملك فقط.
هياء: وما عملي تحديداً؟
حسينة وهي تشعل سيجارة أخرى: ألم يخبرك الرجل الذي أحضرك إلى هنا بطبيعة عملك.
هياء: أخبرني أني سأكون خادمة فقط.
حسينة وهي تنفخ سحابة من الدخان: خادمة؟ ما هذا.. المصطلح المهين؟.. أنت مدبرة منزل.
هياء: أيا كان المسمى فالمهام واحدة.
حسينة: لكن هناك مهام إضافية مطلوبة منك.
هياء بتجهم: مهام مثل ماذا؟
حسينة وهي تطرق رأس سيجارتها بسبابتها وتنظر للأرض كما أخبرتك سابقا، فإن السيد الكبير رجل عجوز.. فاحش الثراء.. يسكن هنا وحده بعدما تركه أبناؤه ليشقوا طريقهم في الحياة، ويمنون عليه بزيارة أو اثنتين في الأعياد، وبعضهم لا يلبي تلك المناسبات أحيانا.
هياء: رجل عجوز؟
حسينة: نعم والقصر في الأغلب هادئ وخال من الأصوات، ولا يكسر الصمت في مساحته الشاسعة شيء إلا صوت العاملين به من وقت لآخر خلال أعمالهم اليومية من تنظيف وغيره وينتهي ذلك الصخب المحبب لقلب سيدنا العجوز مع إشعال الشموع على مائدة العشاء قبل رحيلهم جميعا للعودة في صباح اليوم التالي ولا يبقى في خدمته سوانا.
هياء: ولم يحتاج إلينا ليلا؟
حسينة وهي تنفخ سحابة من الدخان في وجه هياء: الرجل كان عصاميا ويكره الاعتماد على غيرة في القيام بأعماله والعناية بنفسه، لكن تقدمه في السن والمرض الذي طوق جسده أرغماه على اللجوء لمن يساعده في تلك الأمور.
هياء: مازلت لا أفهم ما المطلوب مني؟
حسينة وهي تطفئ السيجارة تحت حذائها: المطلوب منك هو تلبية أي طلب يطلبه منك خلال وجودك هنا.. عملك ينتهي مع شروق الشمس ويبدأ مرة أخرى مع غروبها.
هياء: ألا ينام هذا الرجل؟
حسينة وهي تنهض من أمام هياء: بلى، لكنه إذا احتاج شيئاً فسوف يناديك.
هياء: المكان كبير.. كيف سأسمع صوته.
حسينة وهي تشير لجرس على الجدار: عندما يدق هذا الجرس فهذا يعني أنه يحتاجك.
هياء: ماذا عنك؟
حسينة: ماذا عني؟
هياء: ألن تكوني موجودة معي؟
حسينة: أنا أشارك في الأعمال الصباحية والمسئولة عن إعداد الإفطار له، فهو لا يسمح لغيري بذلك، لذلك فساعات عملي تنتهي مع بدء ساعات عملك ووجودي اليوم معك هو فقط كي أتأكد من أنك فهمت كل شيء.
هياء بتوتر: لكني لم أفهم شيئاً.
حسية وهي تهم بالخروج من المطبخ: لا تقلقي، ستكونين على ما يرام.
هياء بقلق: إلى أين؟!
حسينة: سأنام بالطبع.
هياء: هل أنت مقيمة هنا؟
حسينة وهي تبتسم غرفتي في آخر الممر.. إذا احتجت شيئاً، فلا تطرقي الباب لأني لن أرد!
خرجت حسينة وتركت هياء في حالة من الحيرة والقلق
نظرت للساعة التي كانت في المطبخ ورأت أنها تشير للعاشرة وأن الوقت لا يزال مبكراً على شروق الشمس وانتهاء فترة عملها، وخلال حيرتها وتفكيرها رن الجرس بقوة وقد كان أشبه بجرس المدارس الذي يشير لانتهاء أو بدء الحصص الدراسية.
 نهضت هياء مفزوعة من صوت الجرس، وخرجت جريا من المطبخ وبدأت تسير في الممر الكبير الذي انتشرت عبر جوانبه أبواب كثيرة لم تعرف أيا منها كان الرجل العجز قابعا خلفها، وبعد جرى طويل وصلت لنهاية الممر وخرجت لغرفة معيشة كبيرة ملأى بالتحف الجميلة التي أبهرتها واستوقفتها لثوان قبل أن تسمع نداء يأتي من إحدى الغرف الكبيرة المتفرعة من غرفة المعيشة: حسينة! أين أنت؟!
توجهت هياء جريا نحو الباب الخشبي الضخم الذي أتى من خلفه الصوت وفتحته دون أن تطرق الباب، لترى كهلا عجواً يجلس على طاولة فخمة وكبيرة وحوله تحف لا تحصى مصفوفة على رفوف خشبية منقوشة ومنحوتة ببراعة وحرفية عالية. نظر العجوز لـ هياء بتجهم وقال بغضب شديد: من أنت؟! أين حسينة؟
هياء وهي تحني رأسها وتقول بخوف: حسينة نائمة يا سيدي.. هل أستطيع أن أخدمك بشيء؟
العجوز بغضب وصوت مرتفع: أين حسينة؟
هياء بتوتر وقلق: حسينة نائ..
قاطع العجوز هياء برمي حجر رخامي كان على طاولته يستخدمه كمثبت للأوراق وهو يصرخ ويقول: هل تظنين أني خرف ولم أسمعك؟
هياء وهي تتجنب الحجر وتقول ورأسها للأرض: لا، أبدا يا سيدي العفو.
صمت العجوز وبدأ يحدق بـ هياء بحدة ثم قال: هل تجيدين إعداد القهوة؟
هياء: سأحاول يا سيدي.
العجوز بتجهم: لم عينت حسينة خادمة غبية لا تجيد حتى إعداد كوب بسيط من القهوة؟
هياء وهي ترفع نظرها للعجوز: هل تأمرني بشيء آخر يا سيدي؟
العجوز: وما الفائدة وأنت لا تجيدين شيئاً؟
لم ترد هياء واكتفت بالصمت..
العجوز وهو يشير بيده لها بالخروج: اذهبي وأغلقي الباب خلفك..
هياء وهي تمد ذراعيها وتمسك بمقابض الباب الخشبي الكبير وترجع للوراء وتسحبهما لإغلاقه: أمرك.
قبل أن تغلق هياء الباب أحست بشخص يمسكها من الخلف، وقبل أن تصرخ مستنجدة أطبق على فمها وتقدم للأمام نحو العجوز وأغلق الباب خلفه بقدمه.
العجوز وهو مفزوع مما رأى: من أنت؟! وماذا تريد؟!
لم يرد الرجل على العجوز، لكنه شد ساعدي هياء خلف ظهرها وربطها ورمى بها في إحدى زوايا الغرفة، وبدأ بتقليب الأثاث وفتح الدواليب بعنف أخاف العجوز الذي صرخ وقال: توقف!.. ماذا تفعل؟!
التفت الرجل الذي كان رث الملبس والمظهر إلى العجوز ورمقه بنظرة غاضبة أخافته، ولم يلحق أن يبلع ريقه حتى وجد نقه في قبضة ذلك الرجل الأهوج يشدها ويهزها قائلاً: أين تخبئ الأموال؟!
العجوز وهو يبح عن النفس: عن أي أموال تتحدث؟!
الرجل: لا تراوغ أيها العجوز الخرف. أعرف أنك غني جداً؛ فلا يسكن في مثل هذا القصر رجل فقير!
العجوز وهو يحاول تخليص عنقه من قبضة الرجل: اتركني، سأختنق!
أفلت الرجل خناق العجوز وجلس في الجهة المقابلة له على تلك الطاولة الكبيرة، وقبل جلوسه أشعل سيجارة وقال وهو ينفخ الدخان بهدوء: أين تخبئ أموالك؟
استعاد العجوز أنفاسه ونظر للرجل وقال: هل أتيت لتسرقني؟
الرجل وهو يضرب بقبضته على الطاولة ويصرخ في العجوز بصوت مرتفع: لا تهدر وقتي بهذه الأسئلة الغبية!
كانت هياء خلال ذلك تراقب ما يحدث برعب شديد وهي في زاوية الغرفة، ولم تملك الشجاعة للوقوف والهروب من المكان، خاصة أنها كانت مقيدة وباب الغرفة مغلق وأي محاولة منها لفتحه وهي لتلك الحالة سوف تنكشف وقد تعرض حياتها للخطر؛ لذا كتفت بالصمت ومراقبة ما يحدث بهدوء.
الرجل بغضب: هل سأنتظر طويلاً أيها العجوز؟!
العجوز يبتسم ويصلح هندامه الذي تعكر بسبب قبضة ذلك الرجل لعنقه: يبدو أنك أحمق..
الرجل وهو يصرخ بقوة: سأمهلك دقيقة واحد فقط! إما أن تدلني على مكان الأموال أو أقتلك أنت وتلك الخادمة، وعندها سترى من الأحمق!
مد العجوز يده نحو قلم فضي كان أمامه وبدأ يكتب بهدوء.
الرجل بعينين متفحصتين لما كان يكتبه العجوز: هل ترسم خريطة لمكان الأموال؟
العجوز وعيناه على ما كان يكتب: هل تظن أنك أتيت لسرقة قرصان؟
الرجل بغضب: سيكون هذا القلم في صدرك بعد قليل!
العجوز وهو يكتب دون أن يرفع نظره باتجاه الرجل: اسمع.
الرجل بغضب: ماذا تريد؟
العجوز: هل تظن أنني جمعت هذه الثروة بالصراخ بغباء مثلك؟
الرجل بصوت غاضب ومرتفع: هل تنعتني بالغبي أيها الهالك؟
العجوز بكل هدوء وهو يضع القلم جانبا: أنت في عداد الموتى، لأن المنزل بأكمله مزود بكاميرات قامت بتصوير شكلك وما قمت به منذ دخولك هنا بالكامل.
الرجل بسخرية: لا أكترث! وبما أني سأدخل السجن على أي حال سوف أقتلك قبلها لأشفي غليلي!
العجوز بهدوء وهو يعقد أصابعه ويحدق بالرجل: ولن تلحق بالقيام بذلك أيضاً.
الرجل باستغراب: ماذا تقصد؟
العجوز وهو يدخل إحدى يديه تحت الطاولة: هناك مسدس موجه لبطنك الآن ولو تحركت فسأفرغه فيك.
الرجل بتوتر: أنت كاذب وتحاول خداعي!
العجوز وهو ينظر بثقة في عيني الرجل: جرب حظك.
صمت الرجل لبرهة وهو يحدق في عيني العجوز الواثقتين، وفي يده المختبئة تحت الطاولة ثم قال: هل يمكنني الرحيل؟
العجوز بلا تردد: لا.
الرجل وقد بدأ عليه القلق والتوتر: لماذا؟ لم أعد أريد مالك؟
أريد أن أرحل فقط.
العجوز: لقد اخترقت حرمة منزلي، ويجب أن تدفع الثمن ولن يحاسبني أحد على قتلك، بل على العكس قد أصبح بطلا.
الرجل وقد بدأ بالبكاء: أرجوك، لا أريد الموت! أرجوك!
العجوز مبتسما بتهكم: أخرج من هنا ولا تعد أبداً.
نهض الرجل بسرعة من كرسيه الذي سقط خلفه بسبب سرعة قيامه وتوجه للباب، وقبل أن يخرج صرخ فيه العجوز: توقف!
توقف الرجل مذعوراً والتفت إلى العجوز ببطء.
صمت العجوز ثم رمى بالقلم الفضي الذي كان يكتب به سابقا تحت قدمي الرجل وقال: خذ هذا القلم معك، فلا أحد يخرج من منزلي خاوي اليدين.. ثمنه لا بأس به وقد يكون بالنسبة لحقير مثلك ثروة بالنظر لحالك.. أخرج الآن!
التقط الرجل القلم ثم خرج وأغلق الباب خلفه بقوة.
العجوز وهو ينظر لـ هياء: هل أنت بخير؟
هياء تهز رأسها بالموافقة وهي مصدومة مما حدث.
بعدها بدقائق دخلت حسينة عليهما وهي متوترة ومرتبكة وتقول: ظننت أني سمعت باب القصر يغلق.. هل حدث شيء يا سيدي؟
العجوز بغضب: أين كنت؟
حسينة: كنت نائمة يا سيدي.
العجوز بصوت عال: أنت مفصولة!
ابتسمت حسينة وقالت: وما الجديد يا سيدي أنت تفصلني كل يوم؟
العجوز وهو يبتسم: خذيني لغرفتي إذا. أريد أن أنام.
تقدمت حسينة نحو الرجل العجوز الجالس خلف مكتبه، وخلالها سيرها رأت هياء في زاوية الغرفة فقالت: ما الذي تفعلينه هنا؟
العجوز متداركا نفسه: لقد نسيت أمرها.. حلي وثاقها.
حسينة باستغراب: وثاقها؟ من الذي ربطها.
العجوز: يمكنكما الثرثرة في الموضوع لاحقا في المطبخ. أما الآن فحلي وثاقها فقط كي أذهب للنوم.
توجهت حسينة لـ هياء وحلت وثاقها وهي تهمس في أذنها وتقول ما الذي حدث هنا.
العجوز بتجهم: حسينة! دعي الفضول عنك الآن. هيا، أريد أن أنام!
توجهت حسينة للرجل العجوز وهيا، ترقبها باستغراب لإصرار الرجل العجوز أن تأتي إليه قبل ذهابه للنوم، لكن استغرابها تبدد وتحول لصدمة عندما رأتها تستقر خلفه وتمسك بالكرسي الذي كان يجلس عليه وتسحبه للخلف لتظهر عجلاته أسفل منه. كان الرجل العجوز مشلولا والكرسي الذي كان يجلس عليه ما هو إلا كرسيه المتحرك.
دفعت حسينة الكرسي متوجه نحو الباب، وقبل خروجهما قال العجوز:
حسينة. أخبري السائق غدا بأن يركب كاميرات للمراقبة في كل غرف ومداخل القصر، وأخبريه أيضاً بأني أريد اقتناء مسدس.
حسينة: حاضر يا سيدي.
هياء وهي مندهشة لما تراه أمامها: ماذا ني؟
حسينة وهي تلتفت إليها خلال خروجها من المكتب مع العجوز: رتبي المكان واذهبي للمطبخ.
بدأت هياء بترتيب الفوضى التي تسبب فيها الرجل، وخلال ترتيبها لمحت شيئاً مألوفا على طاولة الرجل العجوز، فتوجهت نحوها ووقفت حيث كان يجلس، ورأت زهرة بنفسجية جافة على سطح الطاولة، فأحست بشعور غريب عند رؤيتها. أمسكت بها واستنشقتها فخرج منها وميض نور قوي استمر لثوان قصيرة، لتجد نفسها على الكنبة الجلدية في سرداب أمين الذي كان يقول بصوت مرتفع من الطابق العلوي: كم قطعة من السكر تريدين في قهوتك؟

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا