قيود الحب من سلسلة بساتين عربستان الجزء الأول 6 للكاتب أسامة المسلم

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2024-07-06

قيود الحب
أفاق (أزرق) من غيبوبته التي أصابته من طلاسم (عقربة) الذي قرر بيعه بمبلغ ضخم ليجده واقفا بجانبه يعد الأموال التي استلمها مقابل بيعه فصرخ (أزرق) وقال:
لن تنجو أيها المشعوذ منى عندما أتحرر!!
فضحك (عقربة) وهو يضع المال في جيبه وقال:
هل ما زال لديك أمل بالحرية أيها الأمير المنكوب؟
أنزل (أزرق) رأسه مدركًا أن الساحر محق فهو مقيد بطلاسم قوية ولن يتحرر إلا لأداء مهام الساحر الذي اشتراه وسيكون مقيدًا به مهما عمل. خرج (عقربة) من الكهف وبعد أيام عاد مع الساحر الذي اشتراه وقال:
حان الوقت أيها الجني لتر حل مع سيدك الجديد..
نظر إليه (أزرق) بيأس وقال:
افعل ما تشاء أيها المشعوذ..
بدأ الساحر الآخر بقراءة طلاسم فكت قيوده القديمة وربطته بقيود أخرى قنعه من الابتعاد عنه أو الاقتراب منه وجعلته حبيسًا بجانبه كقرينه. خرج الساحر وبدأ بالمشي نحو جواده الذي ربطه بالقرب من الكهف. امتطاه وصرخ في (أزرق) وقال:
اتبعني أيها الجني..!
انطلق الساحر بجواده بسرعة فوجد (أزرق) نفسه يجر خلفه بلا إرادة حتى وصلا مشارف أقرب مدينة..
توقفا عند منزل الساحر الذي نزل عن جواده وقال:
ابق خارج المنزل واحرس المكان وغدًا سأخبرك بمهمتك الأولى..
في اليوم التالي خرج الساحر ونادى على (أزرق) الذي كان منصاعا من اليأس وقال:
خذ هذه الخرقة وحدد مكان صاحبتها على الفور!
(أزرق) بوجه شاحب وحزين: سمعًا وطاعة..
وخلال دقائق عاد وأخبره بمكان المرأة التي استأجره أهلها لتحديد مكانها لأنها قد هربت مع من تحب دون علمهم. أبلغ الساحر أهل الفتاة بمكانها وقبض أجره مقابل ذلك. بعدها عاد لمنزله وقال ل (أزرق) مبتسمًا:
سوف أجني الكثير من المال بسببك وسوف أعوض ثمنك خلال أشهر قليلة
أنزل (أزرق) رأسه للأرض ولم يرد على الساحر..
مضت سنوات و(أزرق) يخدم ذلك الساحر الجشع الذي أصبح فاحش الثراء وقرر التخلي عن مهنة السحر والتوجه للتجارة لذلك قرر عرض (أزرق) للبيع ونشر الخبر بين السحرة في أرجاء الجزيرة. بعد مضي أيام بدأت العروض المغرية تنهال عليه لشراء (أزرق) والذي كان وما زال سلعة نادرة جدًا بين المشعوذين. وفي يوم طرق رجل باب منزله وطلب منه الدخول، أذن له الساحر بعد ما أفقد (أزرق) وعيه كي لا يسمع نقاشه مع الراغبين في شرائه خشية أن يخيفهم بصراخه وعويله. جلس الرجل مع الساحر ودار بينها الحوار التالي:
(الساحر),َ ماذا تريد أيها الرجل؟
(الرجل),َ سمعت أنك تملك جنيًا أزرق وتريد بيعه..
(الساحر) مبتسمًا: نعم.. ولقد تلقيت عروضًا كثيرة ومغرية وأنا محتار أيها أقبل..
(الرجل),َ أخبرني بأعلى عرض تم عرضه عليك وسأضاعفه لك خمس مرات بشرط أن توافق على البيع الآن..
لم يطل الساحر في التفكير لأنه قد عزم على السفر ل"دمشق" وكانت تلك الصفقة هي آخر شيء يريد القيام به قبل رحيله فوافق دون تردد وقال:
الجني موجود في الغرفة المجاورة دعني أوقظه لك..
(الرجل),َ لا.. أنت ستترك المدينة أليس كذلك؟
(الساحر),َ بلى.. من أخبرك؟
(الرجل),َ لا يهم من أخبرني المهم أن منزلك هذا لم يعد يلزمك لذلك سأضيف على قيمة الجني قيمة مجزية لمنزلك وارحل منه الآن وبأسرع وقت..
لم يتردد الساحر في أخذ الأموال وترك المنزل دون حتى أخذ شيء من كتبه أو أدواته التي كان يستخدمها في السحر خصوصًا أنه قرر ترك هذا العمل للأبد. بعد رحيل الساحر دخل الرجل على (أزرق) الذي كان فاقدا للوعي ومقيدًا بطلاسم تمنعه من الحركة بحرية. جلس الرجل أمامه يحدق به ثم قام بعدها بقراءة بعض الطلاسم التي حررته وأعادت له وعيه. وبمجرد ما أفاق وأدرك أنه تحرر اندفع (أزرق) بقوة وعنف نحو الرجل وأمسكه من عنقه في نية لقتله لكنه توقف عندما حدق في أعين الرجل وعلم أنه لم يكن سوى ذلك الشاب الصغير الذي كان يزوره في الكهف والذي وعد بتحريره يومًا ما.
(أزرق) وهو يرخي قبضته عن عنق (الرجل),َ.. أنت؟!
(الرجل) مبتسمًا واضعًا يديه على كتفي (أزرق) الضخمين: نعم يا (أزرق)..
(أزرق) والدهشة تغمر وجهه: كيف.. متى أتيت؟
(الرجل) وهو ما زال مبتسمًا:
لا يهم ذلك الآن المهم هو أنك تحررت أخيرا من قيدك وأصبحت حرًا طليقًا!
(أزرق) وهو يبادل الرجل ابتسامته:
كيف أرد لك صنيعك أيها الفتى؟
ضحك (الرجل) بقوة وقال:
لقد بلغت الأربعين من عمري الآن يا (أزرق) وما زلت تناديني بفتى؟
(أزرق) وهو يتراجع للخلف ويضع كفيه عند بطنه وينزل رأسه للأرض: عذرًا لم أكن أقصد يا سيدي..
(الرجل) بنبرة صارمة مشيرًا بسبابته لأنف (أزرق),َ
لا تقل "سيدي" أبدًا يا أزرق!.. ليس لي أو لأحد آخر فأنت حر ولست عبدًا لأحد بعد اليوم!
(أزرق) وهو يرفع رأسه: اعذرني فسنوات العبودية أنستني من أكون وكيف يجب أن أكون..
(الرجل),َ أنت أحد أمراء الجن الأزرق والماضي انتهي الآن... هيا اخرج من هنا..!
(أزرق),َ يجب أن أقتص من الذين ظلموني أولًا..!
(الرجل),َ تقتص من من؟!
(أزرق),َ من الساحر الذي دمر مملكة الجن الأزرق وشرد قومي وأسر أسرتي.. (عقربة)!
(الرجل),َ وكيف ستجده؟
(أزرق) مبتسمًا: إذا لم يجده الجن الأزرق فمن سيجده؟

(الرجل}َ وماذا ستستفيد من قتله؟
(أزرق),َ سأستعيد مجد مملكتنا.. مملكة الجن الأزرق!
(الرجل),َ لا يعيش ماضي القمم إلا من مات في حاضر الأذهان.. لا تتعلق بمجدكم الذي ولى واصنع لك مجدًا جديدًا
(أزرق),َ... كيف؟
(الرجل),َ لنتحدث في هذا الأمر لاحقاً.. سأرحل الآن
(أزرق),َ إلى أين؟
(الرجل),َ لدي بعض الأعمال غير المنجزة وأريد أن أنتهي منها.. يمكنك الرحيل...
(أزرق),َ حاضر سيدي..
(الرجل) بصوت مرتفع: لا تقل هذه الكلمة!!
خرج الرجل من المنزل وتبعه (أزرق) فأدار الرجل نظره نحوه ورآه ما زال متشكلا بهيئة شبه بشرية وقال:
ماذا تفعل يا (أزرق)؟
(أزرق),َ أتبعك..
(الرجل) باستغراب: (أزرق) ما بك؟
(أزرق),َ لا شيء..
(الرجل),َ لقد أعطيتك حريتك التي طال انتظارك لها وفي النهاية تتبعني متشكلا بهذه الضخامة وفي الشارع أيضاً وأمام الناس..!
(أزرق),َ ماذا تقصد؟
أمسك الرجل بيد (أزرق) الكبيرة والتي كانت أكبر من يده بثلاث مرات وسحبه إلى زقاق خال وقال له:
(أزرق) أنت حر!.. حر!.. اذهب حيث تشاء.. هل نسيت قوانين الجن في التخفي وعدم الظهور للناس.. ما بك؟!
(أزرق),َ...
(الرجل}َ يبدو أنك لست في حالة مناسبة لممارسة حريتك بعد.. اختفي الآن وأتبعني للمنزل..
ذهب الرجل لمنزله الذي اشتراه من الساحر وجلس مع (أزرق) ودار بينها الحوار التالي:
(الرجل),َ يبدو أنك بت في العبودية فترة جعلتك تنسى معنى الحرية وتشتاق لسوط السحار..
(أزرق),َ لا.. لا أعتقد يا سيدي..
(الرجل),َ لقد ناديتني بسيدك للتو وأنا صديقك ماذا تسمي ذلك؟
سكت (أزرق) وأنزل رأسه للأرض ودمعت عيناه وقال:
لم أعد أعرف من أنا..
(الرجل),َ اسمع يا (أزرق).. هل تذكر المعروف الذي تريد رده لي؟
(أزرق),َ نعم
(الرجل),َ هل تريد رده الآن؟
(أزرق),َ أتمنى ذلك..
(الرجل),َ هل تذكر آخر مرة التقينا فيها...؟
(أزرق),َ نعم بالتأكيد
(الرجل),َ هل تذكر الوجهة التي نصحتني بالتوجه إليها بحثا عن طلاسم فك القيد القوي؟
(أزرق),َ نعم.. لقد نصحتك بالذهاب لأقصى الجنوب..
(الرجل),َ لقد ذهبت بالفعل وحصلت على الطلسم وكان الثمن غاليًا
(أزرق),َ ماذا كان الثمن؟
رفع الرجل رداءه وكشف عن بطنه فرأى (أزرق) وسمًا لجرح كبير امتد بعرض بطن الرجل فقال:
ما هذا؟!
(الرجل),َ ثمن الطلسم..
(أزرق),َ هل تريدني أن أذهب وأقتل من فعل ذلك بك؟!
الرجل: لا يهمني ذلك الآن لكن يهمني من ربطني بهذا الرباط..
 مد الرجل رباطا أحمر وأعطاه ل (أزرق) وقال:
هذا الرباط يعود للفتاة التي ساعدتني عندما كنت مصابًا والتي ربطت جرحي به وأخذتني للحكيم ليعالجني ولذلك أدين لها بحياتي وأريدك أن تجدها
(أزرق),َ وكيف اختفت؟
(الرجل),َ منذ إيصالها لي لمنزل الحكيم لم تعد ولم أرها مرة أخري..
(أزرق),َ سمعا وطاعة سوف أذهب الآن..
(الرجل),َ لا.. لا تذهب الآن.. اذهب عندما أخبرك.. عدني بذلك!
(أزرق),َ ولكن يا سيدي..
(الرجل) غاضبًا: أنا لست سيدك يا (أزرق)!! لقد تركت السحر منذ لحظة تحررك.. ألم يكن ذلك اتفاقنا؟!
(أزرق),َ ماذا أسميك إذا؟
الرجل: نادني بأخي.. هل فهمت.. أخي فقط
(أزرق),َ حاضر يا.. أخي
(الرجل),َ وأريدك أن تعدني بشيء آخر..
(أزرق),َ الجن الأزرق يفي بكلمته دون وعود..
(الرجل),َ إذا أريد كلمة منك بأن لا تبحث عن تلك الفتاة حتى أخبرك أن تفعل ذلك..
(أزرق),َ لك ذلك ياسي.. يا أخي
ابتسم الرجل وعانق (أزرق) وقال وهو يبتسم:
لماذا تتشكل بهذا الحجم الضخم يا (أزرق)؟ عناقك يصبح شاقًا بهذه الطريقة..
مضت الأيام وبقي (أزرق) مع الرجل لا يفارقه ونمت بينهما علاقة أقوى من السابق وعلم (أزرق) من خلال حديث عارض مع الرجل أنه كان لديه أخت صغيرة من أبيه تركها مع عمته الوحيدة بعد وفاة أمها وأبيها لتعتني بها حتى يعود من الجنوب لكنه عاد ولم يجدها بعد وفاة عمته فطلب منه (أزرق) أي أثر لها كي يعثر عليها له فأخبره الرجل بأنه لا يملك أي أثر لها فقال له:
سوف أبحث عنها لأجلك حتى أجدها أمهلني بعض الوقت فقط يا أخي..
(الرجل),َ وكيف ستجدها دون أثر لها..؟
(أزرق),َ الجن الأزرق يطلب الأثر لتسريع عملية البحث فقط لكننا قادرون مع الوقت أن نجد أي أحد..
(الرجل),َ خذ كل الوقت الذي يلزمك يا (أزرق) فأنا لا أملك في الدنيا سواها..
خرج (أزرق) من المنزل بحثًا عن أخت الرجل وبعد خروجه بدقائق دخل الساحر (عقربة) ومعه مجموعة من السحرة وقال:
"لم أظن أن ذلك الجني سيفارقك وسيعطينا الفرصة للانتقام منك لتحريره"
عاد (أزرق) في المساء ودخل على الرجل ليبشره أنه وجد أخته في مدينة مجاورة لكنه فوجئ بالرجل وهو يحتضر وغارقا في دمائه فحمله (أزرق) ووضعه على حجره وقال:
"من فعل هذا بك يا أخي.. من الذي فعل ذلك؟!"
استجمع الرجل قواه وأنفاسه الأخيرة وقال ل (أزرق),َ
"إذا كنت تريد رد جميلي لك فلا تدع مكروهاً يصيب أختي.."
فارق الرجل الحياة بعد نطقه لتلك الكليات مما دفع (أزرق) للصراخ بقوة أيقظت الجيران من حولهما وجعلتهم يندفعون نحو منزل الرجل يطرقون الباب بقوة حتى فتحوه ليجدوا الرجل ميتًا وحده.
 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا