بكت حصة بحرقة وطلبت أن تغادر سارة البيت لتعيش مع أخوتها ظنت أنها كانت أنانية وحرمت تلك الصغيرة من عائلتها لتعيش معها حلم الأمومة.
رفضت نورة الأمر وقالت هؤلاء هم الأطفال يتشاجرون ويقولون مالا يقصدون.
إن الصغيرة لم تكف عن البكاء منذ أن نطقت تلك الكلمات تشعر بحجم الألم الذي سببته لك.
فأجابتها حصة بصوت خافت يعلوه الألم دعيها تذهب إليكم... لتعش معكم... لقد حرمتها منكم كفاية.... بسبب أنانيتي.
صرخت نورة تلومها.... ما بك؟ هل نسيتي؟ كان هذا قراري وأنا لست بنادمة عليه.
اسمعيني يا نورة أجابتها حصة بحدة خذي الطفلة معك... لعلني أرتاح من تأنيب الضمير.
وكان لها ما طلبت.
* * *
مازلت أذكر نظرات أمي نورة وهي تأمرني أن آخذ ملابسي وأذهب معها إلى البيت أمرتني أن لا أخذ أغراضي كلها..... لأنها ستعود لها في وقت لاحق لتأخذها...
أجبتها وأنا حائرة: كيف هي أمي حصة؟ ماذا قالت؟
أجابتني بصوت رقيق وناعم.... هي جيدة.... تقول لتعود سارة إلى أهلها...
هل هي غاضبه مني؟ مازلت أذكر مشاعري وأنا أسأل هذا السؤال.... ما بين ألم وغضب من نفسي.
ولماذا تغضب... هل أخطأت بشيء؟ يا لها من امرأة جبارة.... جعلتني أعترف بخطئي بصمت.... حل الصمت بيننا وأنا أحمل أغراضي.
أرت أن أسلم عليها ولكن لم أستطع مازلت أشعر بالخجل من كلامي.
غادرت المنزل وأنا حزينة أبلع دموعي كي لا يراها أحد.
أذكر أول ليلة أنام في سرير لوحدي كان أمراً جديداً علي.... لم أستطع النوم كم أشتاق إليها.
حين أحلم بكابوس كانت تستيقظ معي تسمي علي وتريحني بكلماتها العذبة... الآن أستيقظ لا أجد أحداً بجانبي.... فأعود إلى وسادتي وكلي شوقاً لها.
تعودت أن يعد لي ما أطلب من الطعام والآن علي أن أقبل ما يوضع أمامي...
والدي وأخوتي سعيدين بي وكذلك أمي تعاملني كما تعامل أخوتي لم أعد أشعر بالنقص
أليس هذا ما كنت أحلم به...
لماذا إذاً لست سعيدة.... بل أنا أشد حزناً من قبل... ما الذي يحدث لي ما هذا التناقض الذي أعيشه اليوم؟
كانوا أخوتي يتراكضون بالصالة... يلعبون... وأنا جالسة لوحدي.... أفكر.. وأنظر حولي مر أسبوع لم أرها.... كم اشتقت لابتسامتها وأحضانها... إنها حتى لا ترد على الهاتف المنزلي... وأمي تذهب لزيارتهم كل يوم... وحين أسأل عن أمي حصة تكتفي بأنها جيدة بودي أن أصرخ ألم تسأل عني ألم تشتاق إلي مثلما أنا أشتاق إليها....
جلس والدي بجانبي يتأملني ليتساءل ما بك؟ لي أكثر من خمس دقائق ولم تشعري بوجودي..... أطرقت رأسي إلى الأسفل: لا شي...ء. سألني مرة أخرى: لماذا إذا تبدين حزينة؟
لم أشعر بنفسي إلا وأنا أجهش بالبكا...ء. كل شوقي لها ورغبتي برؤيتها وألمي لأنني جرحتها ترجم إلى دموع لم تتوقف.... بكيت كما لم أبكي أبداً حتى علا صوتي فتوقف أخوتي عن اللعب والركض متفاجئين مما يرون.... ولم أشعر إلا وأنا بين يديه العطوفة.... ستعودين الليلة لأمك... فالأم هي من تربي وليست من تنجب.... ستعودين إليها وأنا من سيأخذك لها.... طوال الطريق ودموعي تتساقط بصمت.. هل ستستقبلني؟ هل ستحبني مثل السابق؟ هل ستلومني؟
نزلت من السيارة ونظر إلي والدي بعطف: قبلي قدميها إن احتاج الأمر؟ فإنها أمك أكثر من أمك نورة ولتطلبي الصفح وأنا أعلم أن بداخلها قلب أم يسامح ويغفر زلات طفلها.
انتظرني حتى دخلت إلى المنزل... دخلت ببطئ... وجدتها جالسة مع جدتي وأمامها الشاي والقهوة.... كانت صامته هناك... فاذا بصوت جدتي يناديني بفرحة... سارة
فإذا بحبيبة قلبي تقف بكل قوتها وعينها علي.... كانت المسافة بيننا قصيرة لكن شعرت أنها طويلة وبعيدة عيناي تسيل منها الدموع وأنفي أحمر من كثرة البكا...ء رأيت بعينيها شوقاً لي.... أعلم أن عيوني تبادلها هذا الشوق.... ما إن قالت سارة.... حتى ركضت إليها بكل قوتي لأرتمي بين أحضانها.... أمي أنت أمي.... كيف لي أن أعيش بدونك....كم اشتقت لأحضانك لعطفك لرائحتك لصوتك العذب يناديني قبلت رأسها ويديها الناعمة الصغيرة..... أرجوك أغفري لي..... فإذا بصوت بكائها وملوحة دموعها التي اختلطت بدموعي.... تخبرني عن شوقها لي..... أن قلبها غفر لي من قبل أن أطلب العفو.... لأعود من جديد لأحضانها لم أتركها بعدها أبداً إلا حين تزوجت.
تعودت في كل يوم أم أن نحتفل بهذا اليوم في منزل جدتي أجمعهما الاثنتين هما وأخوتي وأطفالهم.
حملت طفلتي مشاعل ذات 5 أعوام هدية أمي نورة بينما صغيرتي حصة ذات العامين حملت هدية أمي حصة...
دخلنا سوية ووجدتها تنتظرني على أحر من الجمر كعادتها لتقبل جبين حفيدتيها.... طوال الطريق وأنا أتخيل عينيها وهي تنظر إلي وكأن لا غيري بهذا الكون.... علمتني أن أحبها... كما لم يخلق الحب إلا لها فحين نظرت لها كأن جميع من في الغرفة اختفوا لم يبقى غير صورتها.... اقتربت منها لأقبل جبينها ويدها... لتحتضنني ألا تعلمين لا يرويني الا احتضانك يا صغيرتي.
أي جنة هي تحت أقدامك أمي حصة..... لابد أنها النعيم
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا