خالتي قماشه
(الخالات)
"أم الزوج"
فضلت أن اسمي هذا الفصل خالتي قماشه، كونها هي الصورة النمطية الأشهر والشائعة التي تتبادر للأذهان اولا عند ذكر الخالات، ولكنها ليست الصورة الأساسية أو أنها الموحدة، لأنه هناك العديد من الخالات بصفات مختلفة كليا عن خالتي قماشه، بل لأننا أيضا نريد أن نضع القارئ داخل إطار الصورة بشكل كامل حتى يعرف جيدا عن من نتحدث.
نود من خلال هذا الفصل أن أخبركم أن أنواع الخالات "أم الزوج"، التي شاهدتها أمام عيني، أو سمعت عنها، مع ذكر دوافعهم النفسية والاجتماعية، ولا نريد من خلال هذا القسم إطلاق الأحكام عليهم، أو تحليلهم بشكل دقيق، على قدر ما أريد أن أشبع ذاكرتكم بأنواعهم، التي من المؤكد أنكم قد رأيتموهم أو عاشرتموهم أو أنكم سمعتم عنهن، فالخالات هن أولا وأخيرا من البشر، لكل منهن ماض جعلهن بهذه الصفات، أو أنهن بسبب وع اجتماعي معين جعل صفاتهم تتمحور على هذا النحو، وهن بالتأكيد سنراهم ما بين خالة متغطرسة، وخالة ودودة، وخالة غير مكترثة، فلكل هذه الصفات أسباب قديمة كما ذكرت لكم سلفا، أو دوافع اجتماعية أخرى سنتحدث عنها بهذا الفصل.
الخالة "المتسلطة"
بما أني أسميت هذا الباب باسم خالتي قماشه، فلابد أن أبدأ أولا، بصفات الخالة المتسلطة، وكما ذكرت أنها الخالة الأشهر ما بين الخالات، والصوة الذهنية الأقرب لنا، لكنها ليست الأساسية التي تتمحور عليها، أو أن هذه الصفات هي الوحيدة لنا ما بين الخالات.
والخالة المتسلطة هي المتحكمة في كل شيء، والتي تفرض رأيها في كل كبيرة وصغيرة، وترى دائما كلمتها واحدة لا تتجزأ سواء كانت على حق أم على باطل، من وجهة نظرها، حتى إن كان هذا الرأي يؤدي إلى طلاق ابنها، وهذا النوع من الخالات دائما ما يسبب التوتر والقلق المزمن وعدم الارتياح لأي علاقة زوجية.
ودائما ما تكون هذه الخالة سببا رئيسيا في فشل أي علاقة زوجية، خاصة إذا كان الابن يخضع لأوامرها، والمؤسف أن هذا النوع من الخالات بسبب تسلطه وتمسكه برأيه لا يرى عيوبه، وترى أن كل قرار تتخذه ينصب لصالح ابنها، ونظرتها دائما لا تكون بعيده بسبب عدم إدراكها لما تسببه قراراتها السلبية، كونها تؤمن بشكل كبير بأن قرارها سليم جدا، اتجاه ما يشبع غرورها كامرأة أو أم متسلطة إضافة إلى حالة العناد غير المبرر، وبعض الخالات تتسلط بطريقه ماكرة.. تتصنع الانكسار وكأنها هي المسكينة لتنال ما تريد وأبسطها أن يسمى عليها، وهو ما ينعكس على علاقة ابنها مع زوجته.
وترى هذه الخالة أن لها الحق في ابنها، كونها هي من أنجبته وربته وتعبت عليه، فترى أن لها اليد الطولى عليه، وليس لأي أحد الحق في اتخاذ القرارات غيرها، ولها أيضا الصلاحية الكاملة في التدخل في حياة ولدها وبالتحديد الزوجية، معتقدة أن ولدها لابد أن يطيعها بشكل كامل كنوع من رد الجميل لها لما فعلت له سابقا، وعدم الخروج عن طاعتها حتى لو كان الأمر على حساب سعادة ابنها أو على حساب حياته الشخصية مع زوجته.
ونرى أن أغلب الزوجات اللواتي تضعهن أقدارهن مع هذا النوع من الخالات يتعرضن دائما للكثير من المشاكل، ودائما تكون حياتهن الزوجية على صفيح ساخن من التوتر والقلق المستمر والصراعات التي لا تنتهي، ودائما ما تنتهي هذه العلاقات التي يصاحبها هذا النوع من الخالات بالطلاق، كون الانكسار غير قابل للترميم للأسف الشديد.
وفي المقابل، هذا النوع من الخالات المتسلطات جرأتهن تكون على صواب أحيانا عندما تطلب من ولدها الانفصال عن الكنة بسبب نظرتها البعيدة، وبهذه الحالة يضرب بها المثل، على شجاعتها وجرأتها، بسبب إصرارها على قرارها وتحديد مستقبل ولدها.
الخالة "المعتدلة"
هذا النوع من الخالات نراه هو الأقرب للواقع والأصلح لأي حالة زوجية ناجحة، وأكثر الأحيان ما نرى هذه الخالة ما تقف مع الحق، ومنصفة في اتخاذ أي قرار حتى لو كان الأمر ضد ابنها، وترى أن ولدها هو بالأول والأخير من البشر وليس ملاكا ومعرضا مرارا للوقع في الخطأ.
ويعد هذا النوع المحبب والأقرب لأغلب الكنات، لأنها أغلب الأوقات ما تقف لجانبها، وتساعد الكنة في إعطاء مساحة كبيرة لها في بناء علاقة زوجية ناجحة.
ومن النادر أن نجد هذا النوع من الخالات تتدخل في علاقة ولدها الزوجية، إلا إذا استدعت الحاجة أو إذا طلب منها ذلك، لكنها تكون يقظة بشكل كبير لما يحدث حولها، وعلى أهبة الاستعداد لأي طارئ.
وهذا النوع من الخالات دوما ما يتعرض للعديد من المشاكل، بسبب كثرة الشكوى التي تسمعها دائما من الكنة، أو من ولدها، خاصة إذا كان الزوجان من النوع الاتكالي، والذي لا يعرف تدبير أموره، والتي دائما ما تلجأ بشكل أو أخر إلى الخالة، التي نعدها هنا باللغة العامية "حمالة أسية"، ومتأكدين أنها لن تبوح بمشاكلهم لأحد كنوع من التسلية.
وصفات هذه الخالة دائما تجعلها في دائرة المشاكل، لكنها محبوبة جدا من الجميع، مستعدة لحل المشاكل إذا طلب منها، حتى لو كان الشيء على حساب راحتها. أحيانا تصيب وأحيانا تخيب.
الخالة "ضعيفة الشخصية"
هذا النوع من الخالات غير واع لما حوله، ولا يدرك بالضبط ماذا يحدث، وتأخذ الأشياء بشكل سطحي دون التعمق بالمشكلة أو بالحدث، إضافة إلى إنها قليلة الخبرة في التعامل مع المشاكل العائلية، وربما في بعض الأحيان إذا تدخلت تعقد الأمور "تبي تكحلها عمتها".
وهذا النوع نادرا لا يعترف أنه غير مسئول، أو بمعنى أدق تحاول التظاهر أنها خالة حكيمة وتعرف جيدا كيف تتصرف، ولكنها في الواقع ليست لها أي قدرة على إيجاد الحلول، وغالبا ما تكون أحكامها غير عادلة، وتراها مرة مع ابنها ومرة أخرى مع زوجته، ومن الممكن أن تغير موقفها بأي لحظة.
وعادة ما تقع في أخطاء ساذجة، بسبب قلة وعيها وعدم إدراكها لحجم المسؤولية، ومعتقدة أنها في الوقت نفسه بتدخلها هذا تسعى لحل المشكلة، وهي في الواقع تزيد النار حطبا من دون قصد.
وكما ذكرنا سابقا إن إفراضها بثقتها وأحيانا عنجهيتها وتسرعها في إطلاق الأحكام، يضعانها في دائرة محرجة، ناهيك عن أنها تكون دائما تحت الضغط، وكثيرا ما تندم على التدخل في شؤون ولدها الزوجية، لكنها لا تستوعب تلك الأخطاء لتعود مرة أخرى وتكررها.
وهذه الخالة دوما ما تستغلها بعض الكنات خير استغلال، بسبب سوء أدارتها للأمور، وضعف شخصيتها غير الظاهرة، لكن هناك كنات يرين أن هذا النوع من الخالات، يمكن بأي لحظة إفشال أي علاقة زوجية، وربما بسبب تصرفاتها الساذجة تورطها في مشاكل هي في غنى عنها. فتحاول قدر الإمكان الابتعاد عنها، أو صدها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن تستغل ولدها ببيع البيت ليستولي على كل ممتلكاتها على سبيل المثال.
من كتاب الكنة وخوافيها
سمر المطوع
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا