ذكاء ضابط كشف الجرائم لأبو طلال الحمراني

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2024-02-29

ذكاء الضابط كشف الجرائم 

"لا يا صهيب، لا تقتلني، وخذ ما شئت من المال" كانت تلك كلمات حسين وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن سدد له صهيب عدة طعنات قاتلة في جسده.

تعود بنا أحداث القصة إلى مدينة الموصل العراقية، حيث عاش صهيب مع زوجته وابنه الوحيد في وضع معيشي صعب من خلال العمل في مزرعة صغيرة. قرر أن يخفف عن عائلته يوما، فدعاهم إلى المزرعة يرفهون عن أنفسهم، ويقضون يوما ماتعا بصحبة ابنهم الوحيد، وفي الطريق نزل ليسحب من المصرف بعض المال، فصادف في المكان، زميل الطفولة حسين، أحد أصدقائه القدامى، فتبادلا التحية، ودار الحديث عن حالهما وأعمالهما، فشكا صهيب رقة حاله وفقره، بينما تحدث حسين على عكس ذلك عن تحسن حاله، ورواج تجارته، وثرائه الذي حققه بجده واجتهاده، وذكر فيما ذكر أنه سحب قبل قليل من البنك مبلغ مئة وخمسين ألف دولار، فسال لعاب صهيب، وبدأ الشيطان يسول له الجريمة، ويوسوس له.

دعا صهيب صاحبه حسين إلى المزرعة لقضاء ذلك اليوم معه، فوافق حسين على دعوة صديقه، ولكن بدلا من إكرامه وضيافته غدر به وخانه، فقام بقتله طمعا في المال الذي يحمله، وأجهز عليه بسكين كانت معه، وتركه مضرجا في دمائه، وأخذ المال من السيارة، وفر هاربا. جاء أحد حارس المزارع، وكان ماراً بالصدفة، فوجد حسين يلفظ أنفاسه الأخيرة والسكين في صدره، فحاول نزع السكين من صدره، وكانت إحدى السيارات تمر بالجوار، فنادى الرجل قائد السيارة لمساعدته وإسعاف المصاب، فرأه السائق، والسكين في يده، وثيابه ملطخة بالدماء، فظن أنه القاتل، فاستصرخ الناس، وأمسكوا بالحارس، واصطحبوه إلى الشرطة، وقدم إلى العدالة، وحكم عليه بالإعدام بعد شهادة السائق والحاضرين ضده، ولم تنفعه كل محاولات الدفاع عن نفسه لإظهار الحقيقة.

عاد صهيب إلى زوجته حاملا النقود الكثيرة فسألته زوجته عن مصدر تلك النقود، فأبلغها بأنه قد باع المزرعة بمئة وخمسين ألف دولار، ولكنها كانت امرأة فطينة تعرف أن هذا المبلغ كثير جداً والمزرعة التي يملكانها لا تساوي كل هذا المال الكثير! باتت النعمة واضحة على صهيب بعد ذك، وأصبح تاجراً مرموقا. وبعد مرور عام كامل ذهبت زوجته إلى إحدى المناسبات الاجتماعية وأثناء تبادل الأحاديث مع النساء هناك، كان حديث المغدور حسين أحد الأحاديث التي يتناقلها أهل البلدة والملابسات الغريبة التي قتل بها، والمال الذي سرق منه، فتذكرت زوجة صهيب ما كان من زوجها، والنقود الكثيرة التي جاء بها فجاءة، وهي تعرف صلته بحسين، فبدأ الشك يساورها، وما إن عادت إلى البيت إلا وجابهت زوجها بتلك الحكاية، فارتبك صهيب ارتباكا شديداً وتخبط في رده على زوجته، مما جعلها تشك في أمره أكثر وأكثر.

وبعد مرور أشهر قليلة جاء صهيب إلى بيته برفقة زوجته الجديدة، فحنقت زوجته الأولى عليه، وقررت أن تفارقه إلى بيت أهلها.. عندها خاف صهيب على نفسه من زوجته، خاصة بعد علمها بالثراء الذي طرأ عليه فجاءة، وشكها بعلاقته بمقتل حسين، وسرقة أمواله، فقرر أن يتواصل معها ويستسمحها، فدعاها إلى مكان بعيد ليتبادلا الحديث على راحة منهما، إلا أن ذلك كان فخ! جديداً منه، حيث فعل بها مثل ما فعل بصديقه حسين! وتخلص من جثتها، وعاد هو إلى منزله واستقبلته زوجته الجديدة.. افتقد أهل زوجته الأولى ابنتهم التي تقيم معهم، وبعد انتظار وترقب اتصلوا بالشرطة، وأعلموهم باختفاء ابنتهم.. قامت المباحث بالبحث الجنائي، وعند استدعاء زوجها إلى الشرطة وسؤاله ادعى على زوجته ادعاء باطلا مؤكداً بأن سبب طلاقه لها كان خيانتها له! فموه على الشرطة بأنها قد رحلت مع أحد هؤلاء المستهترين الذين تعرفت عليهم على حسب ادعاء طليقها عليها.

وبعد مرور عدة سنوات كبر ابن صهيب بين أختيه من أبيه، وأصبح عمره ثماني سنوات، بينما كانت أختاه لا تزالان في الروضة. كان ابن صهيب مجتهداً في دراسته، ذكيا فطنا، على عكس أختيه، فبدأت زوجة صهيب الثانية تغار من الولد وتحقد عليه لتفوقه. وفي يوم ما انتظرت الزوجة سفر زوجها إلى بغداد، فدخلت إلى غرفة الولد وقامت بخنقه وقتلته، ثم ألبسته ملابس المدرسة، وذهبت به إلى الخارج، ورمته داخل المجاري، وعندما حل الصباح أوصلت بناتها إلى الروضة كعادتها، وفي نهاية الدوام أحضرت ابنتيها، ووقفت أمام مدرسة الطفل، وانتظرت إلى خروج آخر طالب، تمثل للحارس والمعلمات أنها تنتظر الولد، ولما تأكدت من خروج الطلاب صارت تولول وتصيح بأن ابنها لم يخرج بعد، وتتهم المدرسة بالإهمال، ثم اتصلت بالشرطة، وعلامات الحزن والبكاء والخوف بادية عليها.. ومرت ثلاثة أيام على اختفاء الطفل، وهي تمثل على الجميع بأنها خائفة عليه، وتدور في الشوارع تبحث عنه، إلى أن أتى صهيب زوجها، وسأل عن زوجته فأخبرته ابنته أن والدتهم في الشارع تبحث عن أخيهم المفقود.. جن صهيب وذهب إلى زوجته، وأخذ يبحث معها عن ابنه، إلى أن ورد خبر إلى المباحث عن العثور على جثة طفل داخل المجاري، وبعد التأكد أن لجثة تعود لابن صهيب بكى الرجل على ابنه وانتحب زوجته.. طلبت المباحث صهيبا وزوجته للتحقيق معهما مرة أخرى.

كان الضابط ذكيا جداً، فعندما علم أنها ليست والدته احتال عليها، وبدأ يدقق بالأسئلة الموجهة لها، وعن علاقتها بالطفل. عند ذلك توترت الزوجة، وتلعثمت بإجاباتها، فوجه لها الضابط سؤالا يتضمن اتهاما صريحا لها بقتل الطفل، فانهارت المرأة، واعترفت أنها قتلته، كما اعترفت أيضاً أن زوجها صهيبا هو الذي طلق زوجته الأولى، وأنه لفق قضية خيانتها وهروبها مع عشيقها. تم استدعاء صهيب، وبالفعل اعترف على قتل طليقته الأولى، وحكم على زوجته الثانية بالمؤبد، وعلى صهيب بالإعدام، وعندما حان وقت الإعدام اعترف صهيب قبل وفاته أنه هو الذي قتل صديقه حسين، وسرق ماله؛ لتنكشف حقيقة جريمة ذهب ضحيتها الحارس البريء.

 

مقتل سعاد

في ذلك المنزل المعتم ببغداد، كانت تسكن سعاد وحيدة بعيدة عن أهلها، تلك الشابة الغريبة الأطوار التي اعتزلت المجتمع، وانكفأت بين جدران بيتها الواسع، بعيدة عن إخوتها وعائلتها، كان عمرها قارب ال 29 عاما، ولم تتزوج، وعندما اشتدت عليها الوحشة، وازدادت المصاريف، قررت أن تقوم بإيجار نصف بيتها إلى عائلة، وبالفعل تقدمت إحدى العائلات واستأجرت المنزل من سعاد بمبلغ مناسب، كانت العائلة مكونة من أب وأم وثلاث بنات، لم تكن الفتيات كلهن على علاقة جيدة مع سعاد، غير البنت الوسطى كانت تتواصل معها من خلال النافذة، تسلم عليها، وتتحدث معها؛ وذلك أن سعاد كانت فتاة غريبة الأطوار في شكلها وسلوكها غير السوي مما جعل الآخرين يتوجسون منها خيفة، ولكن البنت الوسطى رقت لحالها، فأثار ذلك حنق الأخت الكبرى عليها، بالرغم من حديثها القليل، وتواصلها المحدود مع سعاد.

وذات يوم اختفت سعاد الغريبة الأطوار، ولم تعد تلتقي مع البنت الوسطى كما كانت معتادتين بالحديث صباحا من وراء النوافذ المغلقة. دخل الريب قلب الفتاة الوسطى، وما هي إلا أيام قليلات إلا وانتشرت رائحة عفن في البيت بأكمله، وما زالت سعاد مختفية منذ أكثر من أسبوع. شاد والد العائلة رجلا بجانب بيت سعاد يحمل أغراض البيت في سيارته، فأمسك به وسأله عن سعاد، فتوتر الرجل وأخبره أن سعاد ذهبت إلى السوق، لم يصدقه والد العائلة فأخذه وذهب به إلى مركز الشرطة، وأخبرهم أن الرجل يكذب؛ لأن سعاد لا تخرج من البيت أبداً، ولم يشاهدوها مرة واحدة خارج البيت منذ استئجارهم منزلها، كما أخبر الرجل الضابط أن هناك رائحة عفن تنبعث من البيت منذ مدة. تحركت قوة من أفراد الشرطة صوب البيت وتفاجؤوا بعد كسر الأقفال أن جثة سعاد ملقاة على الأرض، وقد بدا عليها بعض التحلل أيضاً، وأنها قد تعرضت للقتل نحرا بالسكين.

تم التحقيق مع الرجل الذي كان أمام بيتها ويحمل الأغراض، فاعترف أنه هو من قام بقتل سعاد؛ لأنه كان ثمة اتفاق بينه وبينها على قتل الابنة الكبرى للعائلة بسبب المشاكل المستمرة معها، وعندما حضر إلى المنزل للاتفاق، ووجد سعاد وحدها، ورأى ما لديها من أموال ومجوهرات، قرر الرجل أن يقتل سعاد بدلا منها، ويسرق ما لديها. وعندما ذهب إليها وأعطته السكين، قام بنحرها من رقبتها، وأخذ كل موجودات البيت، وترك جثة سعاد مرمية على الأرض إلى أن نشف دم جسدها، وتعفنت الجثة، وانتشرت الرائحة. وباعترافه أدين بقتل المغدورة، ونال ما يستحق من عقوبة.

أما العائلة التي استأجرت المنزل من سعاد، فقد تركوه إلى منزل آخر، حيث قيل إنه بعد وفاة سعاد كانوا دائما يسمعون صوتها تنادي ابنتهم الوسطى، كما كانت تفعل في حياتها، فداخلهم الرعب، وغادروا خائفين، حتى إنه لم يستطع أي شخص أن يستأجر المنزل بعد ذلك عندما يسمع بقصة الجن الذي بداخله، إلى أن تم إزالته وإعادة بنائه مرة أخرى.ذكاء الضابط كشف الجرائم

"لا يا صهيب، لا تقتلني، وخذ ما شئت من المال" كانت تلك كلمات حسين وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن سدد له صهيب عدة طعنات قاتلة في جسده.

تعود بنا أحداث القصة إلى مدينة الموصل العراقية، حيث عاش صهيب مع زوجته وابنه الوحيد في وضع معيشي صعب من خلال العمل في مزرعة صغيرة. قرر أن يخفف عن عائلته يوما، فدعاهم إلى المزرعة يرفهون عن أنفسهم، ويقضون يوما ماتعا بصحبة ابنهم الوحيد، وفي الطريق نزل ليسحب من المصرف بعض المال، فصادف في المكان، زميل الطفولة حسين، أحد أصدقائه القدامى، فتبادلا التحية، ودار الحديث عن حالهما وأعمالهما، فشكا صهيب رقة حاله وفقره، بينما تحدث حسين على عكس ذلك عن تحسن حاله، ورواج تجارته، وثرائه الذي حققه بجده واجتهاده، وذكر فيما ذكر أنه سحب قبل قليل من البنك مبلغ مئة وخمسين ألف دولار، فسال لعاب صهيب، وبدأ الشيطان يسول له الجريمة، ويوسوس له.

دعا صهيب صاحبه حسين إلى المزرعة لقضاء ذلك اليوم معه، فوافق حسين على دعوة صديقه، ولكن بدلا من إكرامه وضيافته غدر به وخانه، فقام بقتله طمعا في المال الذي يحمله، وأجهز عليه بسكين كانت معه، وتركه مضرجا في دمائه، وأخذ المال من السيارة، وفر هاربا. جاء أحد حارس المزارع، وكان ماراً بالصدفة، فوجد حسين يلفظ أنفاسه الأخيرة والسكين في صدره، فحاول نزع السكين من صدره، وكانت إحدى السيارات تمر بالجوار، فنادى الرجل قائد السيارة لمساعدته وإسعاف المصاب، فرأه السائق، والسكين في يده، وثيابه ملطخة بالدماء، فظن أنه القاتل، فاستصرخ الناس، وأمسكوا بالحارس، واصطحبوه إلى الشرطة، وقدم إلى العدالة، وحكم عليه بالإعدام بعد شهادة السائق والحاضرين ضده، ولم تنفعه كل محاولات الدفاع عن نفسه لإظهار الحقيقة.

عاد صهيب إلى زوجته حاملا النقود الكثيرة فسألته زوجته عن مصدر تلك النقود، فأبلغها بأنه قد باع المزرعة بمئة وخمسين ألف دولار، ولكنها كانت امرأة فطينة تعرف أن هذا المبلغ كثير جداً والمزرعة التي يملكانها لا تساوي كل هذا المال الكثير! باتت النعمة واضحة على صهيب بعد ذك، وأصبح تاجراً مرموقا. وبعد مرور عام كامل ذهبت زوجته إلى إحدى المناسبات الاجتماعية وأثناء تبادل الأحاديث مع النساء هناك، كان حديث المغدور حسين أحد الأحاديث التي يتناقلها أهل البلدة والملابسات الغريبة التي قتل بها، والمال الذي سرق منه، فتذكرت زوجة صهيب ما كان من زوجها، والنقود الكثيرة التي جاء بها فجاءة، وهي تعرف صلته بحسين، فبدأ الشك يساورها، وما إن عادت إلى البيت إلا وجابهت زوجها بتلك الحكاية، فارتبك صهيب ارتباكا شديداً وتخبط في رده على زوجته، مما جعلها تشك في أمره أكثر وأكثر.

وبعد مرور أشهر قليلة جاء صهيب إلى بيته برفقة زوجته الجديدة، فحنقت زوجته الأولى عليه، وقررت أن تفارقه إلى بيت أهلها.. عندها خاف صهيب على نفسه من زوجته، خاصة بعد علمها بالثراء الذي طرأ عليه فجاءة، وشكها بعلاقته بمقتل حسين، وسرقة أمواله، فقرر أن يتواصل معها ويستسمحها، فدعاها إلى مكان بعيد ليتبادلا الحديث على راحة منهما، إلا أن ذلك كان فخ! جديداً منه، حيث فعل بها مثل ما فعل بصديقه حسين! وتخلص من جثتها، وعاد هو إلى منزله واستقبلته زوجته الجديدة.. افتقد أهل زوجته الأولى ابنتهم التي تقيم معهم، وبعد انتظار وترقب اتصلوا بالشرطة، وأعلموهم باختفاء ابنتهم.. قامت المباحث بالبحث الجنائي، وعند استدعاء زوجها إلى الشرطة وسؤاله ادعى على زوجته ادعاء باطلا مؤكداً بأن سبب طلاقه لها كان خيانتها له! فموه على الشرطة بأنها قد رحلت مع أحد هؤلاء المستهترين الذين تعرفت عليهم على حسب ادعاء طليقها عليها.

وبعد مرور عدة سنوات كبر ابن صهيب بين أختيه من أبيه، وأصبح عمره ثماني سنوات، بينما كانت أختاه لا تزالان في الروضة. كان ابن صهيب مجتهداً في دراسته، ذكيا فطنا، على عكس أختيه، فبدأت زوجة صهيب الثانية تغار من الولد وتحقد عليه لتفوقه. وفي يوم ما انتظرت الزوجة سفر زوجها إلى بغداد، فدخلت إلى غرفة الولد وقامت بخنقه وقتلته، ثم ألبسته ملابس المدرسة، وذهبت به إلى الخارج، ورمته داخل المجاري، وعندما حل الصباح أوصلت بناتها إلى الروضة كعادتها، وفي نهاية الدوام أحضرت ابنتيها، ووقفت أمام مدرسة الطفل، وانتظرت إلى خروج آخر طالب، تمثل للحارس والمعلمات أنها تنتظر الولد، ولما تأكدت من خروج الطلاب صارت تولول وتصيح بأن ابنها لم يخرج بعد، وتتهم المدرسة بالإهمال، ثم اتصلت بالشرطة، وعلامات الحزن والبكاء والخوف بادية عليها.. ومرت ثلاثة أيام على اختفاء الطفل، وهي تمثل على الجميع بأنها خائفة عليه، وتدور في الشوارع تبحث عنه، إلى أن أتى صهيب زوجها، وسأل عن زوجته فأخبرته ابنته أن والدتهم في الشارع تبحث عن أخيهم المفقود.. جن صهيب وذهب إلى زوجته، وأخذ يبحث معها عن ابنه، إلى أن ورد خبر إلى المباحث عن العثور على جثة طفل داخل المجاري، وبعد التأكد أن لجثة تعود لابن صهيب بكى الرجل على ابنه وانتحب زوجته.. طلبت المباحث صهيبا وزوجته للتحقيق معهما مرة أخرى.

كان الضابط ذكيا جداً، فعندما علم أنها ليست والدته احتال عليها، وبدأ يدقق بالأسئلة الموجهة لها، وعن علاقتها بالطفل. عند ذلك توترت الزوجة، وتلعثمت بإجاباتها، فوجه لها الضابط سؤالا يتضمن اتهاما صريحا لها بقتل الطفل، فانهارت المرأة، واعترفت أنها قتلته، كما اعترفت أيضاً أن زوجها صهيبا هو الذي طلق زوجته الأولى، وأنه لفق قضية خيانتها وهروبها مع عشيقها. تم استدعاء صهيب، وبالفعل اعترف على قتل طليقته الأولى، وحكم على زوجته الثانية بالمؤبد، وعلى صهيب بالإعدام، وعندما حان وقت الإعدام اعترف صهيب قبل وفاته أنه هو الذي قتل صديقه حسين، وسرق ماله؛ لتنكشف حقيقة جريمة ذهب ضحيتها الحارس البريء.

 

مقتل سعاد

في ذلك المنزل المعتم ببغداد، كانت تسكن سعاد وحيدة بعيدة عن أهلها، تلك الشابة الغريبة الأطوار التي اعتزلت المجتمع، وانكفأت بين جدران بيتها الواسع، بعيدة عن إخوتها وعائلتها، كان عمرها قارب ال 29 عاما، ولم تتزوج، وعندما اشتدت عليها الوحشة، وازدادت المصاريف، قررت أن تقوم بإيجار نصف بيتها إلى عائلة، وبالفعل تقدمت إحدى العائلات واستأجرت المنزل من سعاد بمبلغ مناسب، كانت العائلة مكونة من أب وأم وثلاث بنات، لم تكن الفتيات كلهن على علاقة جيدة مع سعاد، غير البنت الوسطى كانت تتواصل معها من خلال النافذة، تسلم عليها، وتتحدث معها؛ وذلك أن سعاد كانت فتاة غريبة الأطوار في شكلها وسلوكها غير السوي مما جعل الآخرين يتوجسون منها خيفة، ولكن البنت الوسطى رقت لحالها، فأثار ذلك حنق الأخت الكبرى عليها، بالرغم من حديثها القليل، وتواصلها المحدود مع سعاد.

وذات يوم اختفت سعاد الغريبة الأطوار، ولم تعد تلتقي مع البنت الوسطى كما كانت معتادتين بالحديث صباحا من وراء النوافذ المغلقة. دخل الريب قلب الفتاة الوسطى، وما هي إلا أيام قليلات إلا وانتشرت رائحة عفن في البيت بأكمله، وما زالت سعاد مختفية منذ أكثر من أسبوع. شاد والد العائلة رجلا بجانب بيت سعاد يحمل أغراض البيت في سيارته، فأمسك به وسأله عن سعاد، فتوتر الرجل وأخبره أن سعاد ذهبت إلى السوق، لم يصدقه والد العائلة فأخذه وذهب به إلى مركز الشرطة، وأخبرهم أن الرجل يكذب؛ لأن سعاد لا تخرج من البيت أبداً، ولم يشاهدوها مرة واحدة خارج البيت منذ استئجارهم منزلها، كما أخبر الرجل الضابط أن هناك رائحة عفن تنبعث من البيت منذ مدة. تحركت قوة من أفراد الشرطة صوب البيت وتفاجؤوا بعد كسر الأقفال أن جثة سعاد ملقاة على الأرض، وقد بدا عليها بعض التحلل أيضاً، وأنها قد تعرضت للقتل نحرا بالسكين.

تم التحقيق مع الرجل الذي كان أمام بيتها ويحمل الأغراض، فاعترف أنه هو من قام بقتل سعاد؛ لأنه كان ثمة اتفاق بينه وبينها على قتل الابنة الكبرى للعائلة بسبب المشاكل المستمرة معها، وعندما حضر إلى المنزل للاتفاق، ووجد سعاد وحدها، ورأى ما لديها من أموال ومجوهرات، قرر الرجل أن يقتل سعاد بدلا منها، ويسرق ما لديها. وعندما ذهب إليها وأعطته السكين، قام بنحرها من رقبتها، وأخذ كل موجودات البيت، وترك جثة سعاد مرمية على الأرض إلى أن نشف دم جسدها، وتعفنت الجثة، وانتشرت الرائحة. وباعترافه أدين بقتل المغدورة، ونال ما يستحق من عقوبة.

أما العائلة التي استأجرت المنزل من سعاد، فقد تركوه إلى منزل آخر، حيث قيل إنه بعد وفاة سعاد كانوا دائما يسمعون صوتها تنادي ابنتهم الوسطى، كما كانت تفعل في حياتها، فداخلهم الرعب، وغادروا خائفين، حتى إنه لم يستطع أي شخص أن يستأجر المنزل بعد ذلك عندما يسمع بقصة الجن الذي بداخله، إلى أن تم إزالته وإعادة بنائه مرة أخرى.

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا