تتعاون مغربي أسباني لحل اللغز
لم تكن تلك العمارة الوداعة في مدينة مكناس المغربية لتثير أحداً من سكان المدينة لولا شهرة محل المشويات اللذيذة التي يقدمها الأخوان محمد وسعيد، ولولا تلك الرائحة المحببة التي تنبعث من شيء اللحوم الطازجة.
في ليلة من ليالي الربيع من عام 2006م صحا الناس في مكناس، تلك المدينة الجميلة المستلقية في أقصى المغرب العربي، على أخبار جريمة قتل غريبة وقعت أحداثها في مدينتهم ضد أحد المحامين المشهورين.
بداية الأحداث تعود بنا إلى محل المشويات الذي بات يمتلكه محمد وسعيد بعد وفاة والدهما، والذي حقق حضوراً لافتا بين أبناء المدينة بسبب جودة عمل الشابين، ولطف تعاملهما مع الزبائن.. كانت علاقة الشابين بباقي أصحاب العمارة طيبة، تقوم على الود والاحترام، لكن إحدى الأسر التي
قدمت حديثا إلى العمارة لم يكن يروقها رائحة الشواء، وازدحام الزبائن أمام المبنى، فرفعوا قضية في القضاء لطرد الأخوين وإغلاق المحل، فعز ذلك على الأخوين، وساءهما أن يغلق محل والدهما، ومصدر رزقهما.
تزوجت ابنة هذه الأسرة التي رفعت قضية ضد الأخوين من محام مشهور، فتولى هذا المحامي متابعة الشكوى في المحاكم، والدفاع والمرافعة عن شكوى هذه الأسرة، فوقع الأخوان في حيرة من أمرهما، خاصة أنهما أصبحا يواجهان محاميا متمرسا في المحاكم، وخشيا أن يخسر مصدر رزقهما، فاستشاراً صديقا لهما، ويدعى عزيز، وكان يقيم في المغرب صورة غير قانونية، فأشار عليهما هذا الصديق أن ينهي لهما هذه القضية مقابل مبلغ من المال، فوافقا على ذلك، وقدما له المال، ولكن اقترب يوم المحاكمة، ولم يتمكن الصديق من فعل شيء، فاقترح عليهما عزيز حلا أخيراً، وهو التخلص من المحامي وزوجته؛ لأنه رأس الفتنة. وبالفعل دخلوا عليهما عشية ليلة القضية، وانهالوا عليهما ضربا، حتى أودوا بحياتيهما، ثم نقلوا جثتهما إلى أسفل المحل، وقام بتقطيعها وفرمها.
أما صديقهما الشرير عزيز، فقد سرق منزل المحامي، وفر بعد ذلك إلى أسبانيا، وأما عائلة المحامي وزوجته فقد افتقدوهما فترة، ثم اتصلوا بالمباحث، فبدأوا بالتحقيق مع سكان العمارة، وكان من بينهم الأخوان القاتلان، لكن لم يثبت عليهما شيء فأطلقوا سراحهما، وكادت القضية أن تسجل ضد مجهول، لولا أن الضابط المسؤول راجع الاتصالات التي جرت بين الأخوين، فلفت انتباهه اتصالات كثيرة بينهما وبين عزيز ليلة الحادثة، فاستدعت الشرطة زوجة عزيز، وفتشت شقتها، فوجدوا فيها بعضا من المجوهرات المسروقة، وبعد التحقيق الدقيق معها اعترفت بما قام به زوجها والأخوان محمد وسعيد، فألقي القبض على الأخوين، وعلى زوجة عزيز، كما تواصلت السلطات المغربية مع نظرتها الإسبانية لإلقاء القبض على عزيز. وبالفعل استطاعوا بعد فترة من جلبة إلى المغرب ليحكم عليه وعلى الأخوين بالإعدام، وعلى وزوجته بالسجن مدة خمسة عشر عاما.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا