الاغتيال الصادم للقائد الاشتراكي
(أسانوما إنيجيرو) باستخدام سيف ساموراي
معروف عن المناظرات السياسية حدتها وسرعة احتدام الأحداث فيها، وقد تصل الأمور أحياناً إلى تبادل الشتائم والعراك الجسدي وتقاذف الكراسي من فوق الطاولات. لكن الأمور تكاد لا تصل أبداً إلى حد أن يقتل أحد الأطراف فيها.
وقعت الحادثة في طوكيو فيث الثاني عشر من أكتوبر عام 1960 م. وقد التقطت كاميرات التصوير الأمر بأكمله، فقد استمرت الآلات في التصوير بينما كان أحد القادة السياسيين يطعن من قبل فتى مراهق باستخدام سيف ساموراي.
أتت هذه الحادثة في وقت سيئ بالنسبة لليابان التي كانت ماتزال تتعافى من آثار الحرب العالمية الثانية، وما زاد الأمر سوءاً هو التوتر الذي كان يملأ الجو نتيجة الانتخابات البرلمانية القادمة، والصراع الذي نجم عنها بين اليساريين واليمينيين.
كان (أسانوما إنيجيرو) - السياسي الذي تم اغتياله - قائداً للحزب الاشتراكي الياباني آنذاك، وقد امتلك آراءً مثيرة للجدل، حيث كان اشتراكياً داعماً للحزب الشيوعي ومعادياً للعلاقات الأمريكية اليابانية، وما زاد من حساسية موقفه أنه كان في تلك الفترة يقف ضد كل ما آمن به في وقت سابق.
بداية (إنيجيرو) السياسية وانضمامه إلى الحزب اليميني ولد (إنيجيرو) في العاصمة (طوكيو) عام 1898 م. وقد توفيت والدته أثناء ولادته وبعدها ببضع سنوات توفي والده أيضاً نتيجة إصابته بالسرطان.
كانت بدايات (إنيجيرو) صعبة، لكن جميع من عرفه في تلك الفترة أكد على مدى إصراره وعزيمته، وأنه في حين كان يبدو قوياً وشديداً من الخارج فقد كان في داخله رقيقاً ولطيفاً، وقد أدى مزيج الصفات هذا إلى إعطاء (إنيجيرو) شعبية واسعة حينما بدأ حياته السياسية في الثلاثينات من عمره.
لم يبدأ (إنيجيرو) كاشتراكي بل أنضم أولاً إلى ما يدعوه aliabaniwn (Uyoku dantai) وهم مجموعات متعصبة قومياً تدعو لحكم عسكري وتعتبر يميناً متطرفاً، وفي الوقت الذي تختلف فيه المعتقدات السياسية بين مجموعة وأخرى فإن معظم الأفراد المنتمين إلى هذه المجموعات يجمعهم تقديسهم المطلق للعادات والقيم اليابانية، ومعارضتهم الشرسة للماركسية والشيوعية.
وقد دعم (إنيجيرو خلال الحرب العالمية الثانية وكما معظم /frad (Uyokul دانتاي"ة النظام العسكري ل (توجو هيديكي) رئيس الوزراء السابع والعشرين.
وقد أشتهر (هيديكي) بكونه الشخص الذي أعطى الأوامر عام 1941 m btfjir Pearl Harbor ltçbû tlk alûadôâ alwaqàâ al/sasiâ alti dfàt alwviat almtûdâ al/mrikiâ llmîarkâ fi alûrb alàalmiâ alôaniâ.
انتخب (إنيجيرو) عام 1936 م ليصبح رئيساً للبرلمان الياباني، وقد كان ممثلا لمصالح اليمينين لستة أعوام، لكن بحلول عام 1942 م كان الشك قد بدأ بمساورته، وقد فقد إيمانه بانتماءاته شيئاً فشيئاً، وعلى الأخص بعد فشل اليابان وخسارتها fi màrkâ Midway، وقد تساءل (إنيجيرو) إن كان محقاً بدعمه للعدوان الياباني العسكري، وبمجرد أن بدأت الترشيحات الانتخابية الجديدة للبرلمان أعلن (إنيجيرو) انسحابه.
(أسانوما إنيجيرو) يصبح الوجه الجديد للاشتراكية في اليابان.
كان (انيجيرو) قد حسم أمره بحلول عام 1945 م وأتخذ قراراً جديداً بشأن حياته السياسية، وقد عاد بعد خسارة اليابان في الحرب العالمية الثانية إلى مزاولة السياسة ولكنه في هذه المرة اصطف مع الجانب الآخر ورشح نفسه كاشتراكي.
كان هذا التحول أمراً فغرت له الأفواه، فإن انتقال (إنيجيرو) من كونه يمينياً ليصبح يسارياً كان حدثاً درامياً وقد حرص هو على أن يكون انتقاله ذا وقع صاخب.
زار (إنيجيرو) الصين عام 1959 م وقام خلال زيارته بوصف الولايات المتحدة بالعدو المشترك للصين واليابان، وقد صعد (إنيجيرو) في نهاية زيارته طائرته عائداً إلى اليابان مرتدياً زياً صمم خصيصاً على الطريقة التي كان حاكم alûsin (Ma0 زِّدىنگ"ة يتزينا بها، وقد كان اختيار (إنيجيرو) حركة جريئة في وقت لم تكن اليابان تعترف بشرعية حكم (ماو) للصين الشعبية.
كان متوقعاً أنه ومن بين الألف شخص الذين حضروا خطاب ترشح (إنيجيرو) وجود أشخاص معارضين لرؤياه
السياسية، لكن ما لم يكن متوقعاً هو أن يهرع أحد الحضور إلى المسرح مشهراً سيف ساموراي في وجه الرجل ومن ثم غارساً السيف بين أضلعه.
تم ايقاف (أوتويا ياماغوتشي) قبل أن تتسنى له فرصة تسديد ضربة ثانية ل (إنيجيرو), لكن ضربة واحدة كانت كافية للقضاء على الأخير في غضون ساعة.
أبتسم (ياماغوتشي) البالغ من العمر سبعة عشر عاماً للكاميرات التي كانت تصوره بينما كانت الشرطة تقتاده بعيداً.
كان (ياماغوتشي) عضواً في إحدى المجموعات التي kant jz'a; mn al (Uyoku dantai)" wkan "iamaêwtîi" màarëa; îdida; llîiwàiâ waltêrib" waltêrib" hw tiar siasi idàw _lo tùbià alûëarat wal/mm b/slwb alûiaâ alêrbi.
كان ضمن الحشد الذي حضر خطاب (إنيجيرو) في ذلك اليوم مئة عضو من مجموعة (ياماغوتشي) وعملوا طوال الخطاب على مقاطعة (إنيجيرو) أثناء حديثه وحاولوا تشويشه.
يظهر جلياً مدى انتماء وتمسك (ياما غوتشي) بحضارة وعادات الياباني في اختياره لأداة تنفيذ الاغتيال، فقد استخدم سيفاً من nwà "iwrwidwîi" Yoroidoshi، وقد كان هذا السيف مستخدماً بكثرة من قبل الساموراي في القرن التاسع عشر.
الأحداث التي تلت الاغتيال:
بعد أن تم إعلان موت (إنيجيرو) خرج ما يقارب الخمس عشرة ألف مواطن يساري في احتجاجات تمركزت أمام مقرات الشرطة في (طوكيو), وقد دعا المحتجون رئيس الشرطة إلى تقديم استقالته لفشله في حماية حياة (إنيجيرو).
وقعت العديد من الإصابات نتيجة الاحتجاجات ومحاولات قمعها، وقد وصل عدد المصابين إلى 60 مدنياً و22 رجل شرطة.
وأنتشر المقطع الذي صور حادثة الاغتيال وقد شاهده ملايين الأشخاص حول العالم في أيام معدودة، وكان لذلك آثار سياسية انعكست على العالم أجمع.
نشرت صحيفة (الغارديان) في ذلك الوقت أنه بالرغم من أن (إنيجيرو0كان عدواً واضحاً للولايات المتحدة فإنه لم يكن هناك مواطن أمريكي واعٍ ومثقف يرغب في أن تنتهي الأمور إلى ما آلت إليه، وأضافت الصحيفة أن معظم المسؤولين في الولايات المتحدة يخشون أن تكون تلك الحادثة قد جعلت من (إنيجيرو) شهيد رأي، وأنها قد زادت من مدى تأثير آرائه في الناس.
لم يكن (إنيجيرو) الشخص الوحيد الذي أصبح شهيداً بعد تلك الحادثة، فلم تمض بضعة أسابيع حتى أصبح قاتله شهيداً أيضاً، إذ إنه وبعد الحادثة بثلاثة أسابيع قام (ياماغوتشي) باستخدام معجون أسنانه بعد أن خلطه بالماء ليدون إحدى العبارات الشهيرة llsamwrai Kusunoki مّاساسهيگِة على حائط زنزانته وقد كتب: "سبع حيوات لأجل وطني، عاش الحاكم المبجل، عاش الإمبراطور، ثم استخدم أغطية سريره للانتحار.
صورة
على الرغم من موت (إنيجيري) وانتحار قاتله، فإن ذلك الحدث العنيف عاش طويلاً، فقد أستمر انتشار مقطع لفيديو الاغتيال في جميع أنحاء العالم.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا