هل قامت حضارات بعد الطوفان

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2021-08-17

هل قامت الحضارات بعد الطوفان
دون فترة تمهيد؟
بعد كلامنا هذا، لا مجال للشك أن في خلفية هذا الوجود البشري على كوكب الأرض ماضياً متقدماً وموازياً لما وصلنا إليه الآن، بل يُقدر أحياناً بأنه الأعظم، ولكن ربما لا تلقى هذه الفكرة استحسان الكثير في هذا العالم العصري المنفتح، رافضين الاقتناع بوجود تقدم من سبقونا منطقياً، ويبرز غالبيتهم علامة استفهام واضحة متعجباً، كيف نشأت في هذا الماضي المظلم السحيق حضارات أعظم وأذكى مما توصلنا إليه الآن! والرد على هذا السؤال بسيط جداً: إن كنا نحن الأقوى فلماذا لم نستطع فك شفراتهم وأدواتهم؟ لماذا تصبح حضاراتهم وتكنولوجياتهم بالنسبة لنا مستحيلة التطبيق؛ كأهرامات الجيزة والأهرامات الكريستالية في أعماق المحيط وغيرها الكثير جداً؟ فإن دلت تلك الحضارات على شيء فستدل على أن سكان هذه الحضارات القديمة كان لهم فهم عميق ومباشر للعلم والعقل والوجود الكوني وكيفية استخدام آلياته، فعليك أن تتخيل أن في الماضي البعيد البائد كانوا قد ابتكروا تقنيات وأنظمة مذهلة، فقبل آلاف السنين عرفوا: أنظمة مضادة للجاذبية - وأنظمة دفع خارقة كانت أسرع من الضوء نفسه - وآلات مولدة للطاقة الحرة غير المحدودة - وأجهزة وآلات أخرى تتفاعل مع الوعي البشري - والأهم والأعظم من كل ذلك، أن هؤلاء البشر كانوا قد عرفوا الهيكلة الزمنية والمكانية للكون، والتي استثمروها في توقعاتهم وتنبؤاتهم، والتي وجدها خلفاؤهم على آثارهم المنقوشة، وساعدهم ذلك على المعرفة والتنبؤ ببعض الكوارث المناخية والطبيعية التي كانوا يتقون شرورها. لم يقتصر الأمر على ذلك، بل تعمق هؤلاء في دراسة التعريف الدقيق للطبيعة الروحية، والتي لم نصل إليها حتى الآن، ما يجعلنا لا نملك شيئاً سوى الخضوع أمام علومهم برهبة وخشوع.
وللعلم، لم أعني أن الإنسان البشري عرف كل هذا في عام 1000 أو 2000 قبل الميلاد، ولا أعني الحضارة المصرية الرائعة، ولا حتى حضارات ما بين النهريين التي تعتبر هي الأقدم كما هو شائع، بل أقصد ما هو أقدم بآلاف السنين، فكيف لنا أن نقتنع بأن تلك الحضارات المشهودة لم يسبقها حضارات قديمة غامضة؟ كيف نقتنع بأن الإنسان لم يعرف الحضارة والعلم والتقدم قبل السومريين والمصريين الذين عمروا الأرض في الألفية السادسة قبل الميلاد على أقصى تقدير، كيف تصدق أن الإنسان كان يغدوا في عصر حجري لا يملك سترة عورته، وفي عشية وضحاها استيقظ على حضارات مذهلة وعظيمة مثل هذه الحضارات القديمة، دون أي مقدمات أو تأسيسات أو حتى دراسات أو تجارب أو مناقشة أفكار أو حتى خبرات سابقة؟! حقاً من المستحيل أن يكون هذا الأمر مقنعاً، ولكن ما يستوعبه العقل هو أن هؤلاء ورثوا أفكاراً أو علوماً مهدت لهم الصعود إلى النهضة، فهناك فجوة تاريخية كبيرة منذ إعمار أبينا "آدم" الأرض حتى بلوغ الحضارة السومرية منتهاها أو الوصول إلى بداية عصر الطوفان على الأقل.
اختلفت الأرقام بين العلماء والمفكرين والباحثين على الفترة التي عاشها البشر على الأرض حتى الآن، فأقصرها يقول بأن عمر البشرية سبعة آلاف سنة، وآراء أخرى تقول عشرة آلاف، ووصل بعضهم إلى أربعين ألف سنة، بينما تجاوز أحدهم المائة ألف سنة، وآخرون توصلوا إلى مائتي ألف سنة مما تعد، وهذا الأمر الشائك ليس قضيتنا الآن، بل ما يهمنا هو أن الأرض كان قد عَمرَها بنو آدم لفترة قبل الطوفان، وهي بالفعل فترة غامضة ومغمورة منذ البداية وحتى الوصول إلى العالم الجديد في ما بعد الطوفان. ولكن ما لا يدع مجالاً للشك أن ما بين أبينا آدم إلى سيدنا نوح مدة لا تقل عن ألف عام بل أكثر، أضف على ذلك العمر الذي عاشه نوح قبل الفيضان وهو ستمائة سنة، ثم أخبرني، هل من المعقول أن يعيش العقل البشري في فترة من ألف إلى ألفي عام على أقل تقدير دون التطور أو الالتفات لتكوين حضارة؟ بينما عقولنا البشرية الحالية صنعت المستحيل بل المعجزات في عشرات السنوات الأخيرة فقط!
من المؤسف أن فترة ما قبل الطوفان تكاد تكون مصادرها منعدمة، وكل ما نستطيع معرفته هو ما تم اكتشافه بشكل مادي، فالعلم لا يعرف التوقعات، ولكن لماذا لا يوضح لنا العلم حقيقة الاختراعات الرائعة التي ذكرتها فيما سبق، أو مثلاً آثار حضارة أطلانطس الغارقة في المحيط كما ذكرنا، والتي قدرها المكتشفون والباحثون بعمر تقريبي يصل لـ 12 ألف سنة قبل الميلاد! إذاً، عمرها ضعفي الحضارة السومرية أقدم حضارة كما يظن الجميع، فحضارة أطلانطس عرفت هذه العلوم التي ذكرناها كافة، وكانت قبل الطوفان العظيم، ووصلت لما نحلم أن نصل إليه اليوم، ولكن لا أعلم ما هو السر الخفي الكائن في عدم توضيح حقائق الحضارات الغابرة! فهناك حقائق وأسرار كثيرة وهبها لنا الماضي فُقدت أو طُمست أو أخفيت، الله أعلم.
إن استطعنا فك طلاسم هذا العالم الغامض القديم، فمن المؤكد أنه سيمدنا بروح وعقلية جديدة تجعلنا نرى العالم من حولنا بشكل أذكي، وسوف نتعرف على مقومات الأرض ونعمرها بشكل أرقى، وإذا خرجت هذه الحقائق المحجوبة للعلن، فسوف يجد العالم أجوبة لتساؤلات معقدة عجز المفكرون الكبار عن الوقوف على حقيقتها، وسوف نجد الحلول الفعلية لفك ألغاز عالمنا القديم ومعرفة ماضينا الحقيقي، فمن المؤسف حقاً أن غالبية المؤسسات الأكاديمية في العالم كله، اجتمعت على فكرة أن التجمعات البدائية للإنسان لا يتعدى عمرها عمر الحضارات القديمة المعروفة كالسومرية والمصرية القديمة وغيرها، وأن الإنسان كان قبلهم مباشرة مشرداً وتائهاً، ينشر وحشيته بين بني جلدته، ثم يسترخي ليلاً في كهفه المهين. من كتاب مختصر حضارات العالم لشريف سامي

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا