ويبقى الأمل ينبض في القلوب 43 44 45 46

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2023-07-26

(43)

    

خرجت دلال من كافتيريا الجامعة بعد أن تناولت إفطارها وكانت متجهة إلى المكتبة عندما سمعت صوتا مألوفا يناديها، التفتت خلفها فرأت محمد أمامها.. وارتجف قلبها بين ضلوعها كان محمد مستندا على عكاز وكان يبدو أكثر بياضا نتيجة رقوده في المستشفى وبدأ أكثر امتلاء أيضا وكانت دلال ترتدي ثوبا جميلا بني اللون وقد كحلت عينيها بلون بني ولم تكن تضع من المساحيق غير هذا الكحل البني.. كانت تبدو رائعة.. وقد شدت شعرها إلى الخلف بإهمال مثير، وقف محمد قبالها يتأملها بحب وقال: عظم الله أجرك ولو أنها متأخرة.. سمعت أن جدتك توفيت..

ردت دلال: أجرنا وأجرك.. شكرا.. حمدا لله على سلامتك.

ثم استطردت مبتسمة: نورت الكلية

قال محمد: منورة بك أنت يا دلال... لا تعرفين كم اشتقت لك

احمرت وجنتاها خجلاً وقالت: حقاً اشقت لي

قال محمد: اشتقت لك لدرجة أنني لن أبتعد عنكِ أبداً.. دلال بقي لي فصل واحد وأتخرج، وبعدها سآتيك خاطباً.

ما رأيك

رفعت دلال رأسها وابتسمت بفرحة وقالت ضاحكة: يبدو أن الحادث أثر عليك

محمد: بل أنتِ من أثر علي أنت أجمل حادث وقع لي في حياتي..

وضحكا معا وقلوبهما ترقص أملاً وحباً

ومرت الأيام.. ومضت ثلاثة شهور على وفاة الجدة، وعقد شاهين قرانه على بسمة بدون حفل، وقد عارضت العمة مها سكنهما في منزل العائلة وعرضت عليها مريم شراء نصيبها في المنزل حتى لا يكون لها حق التدخل بساكنيه... وفي تلك الظروف خطبت شيماء لشاب رائع وسيم يعمل عملا دبلوماسيا وتحدد موعد زفافها بعد مضي عام على وفاة الجدة، ومنذ خطبت شيماء هدأت العمة مها، ووافقت على سكن شاهين وبسمة في بيت العائلة بل وحضرت يوم عقد القران واشترت لهما هدية جميلة أيضا، وكأن خطبة شيماء أثلجت صدرها وأطفأت غضبها، وهدأت أعصابها وبذلك سكن شاهين ومريم مع العمة مريم في المنزل الكبير بلا عوائق أو مشاكل وكان الجميع سعداء بذلك الحل..

ومنذ أول يوم أثبتت بسمة طيبتها وأصالتها للجميع، فكانت تهتم بالمنزل وتراعي العمة مريم وتجالها كلما خرج شاهين، وتشعرها بعطفها واهتمامها وتستشيرها بكل ما يخص المنزل وأصرت بسمة على أن تجمع العائلة في المنزل كل خميس كما كانت العادة أيام حياة الجدة، وكانت تهتم بجميع الترتيبات والتفاصيل.. وأصبح الجميع سعداء بها وبدأوا فعلا يحبونها

(44

شعرت سمر بتقلصات وألم في بطنها، فاستيقظت فزعة.. نظرت إلى الساعة فإذا هي الثالثة فجراً، يبدو أن موعد الولادة قد حان.. وأيقظت عادل من نومه وقالت: عادل استيقظ يبدو أنني سألد..

وصحا عادل من نومه فرعا ومرتبكا وقال: ماذا نفعل الآن

ضحكت سمر رغم خوفها وقالت: نتصل بوالدتي حتى تأتي إلينا في المستشفى وسأتصل بهديل حتى تكون معي، هكذا اتفقنا.

وولدت سمر وأنجبت ولداً جميلاً رائعاً وأصبحت أماً... وسمته عزيز على والد زوجها وعمها.. وكانت فرحة العائلة كبيرة بالحفيد الأول من الأبناء.

وحضرت هديل ولادة سمر بالكامل وكانت أول من حمل عزيز والتقطت صورته ودعت الله من كل قلبها: يا رب احفظه لنا... ولا تنساني بمثله..

ومضت شهور أخرى.. وعاد الوالد يوما من العمل وهو سعيد متهلل الأسارير ونادى دلال إلى المكتب.. وعندما دخلت شعرت بقلبها يرقص طربا في تعرف لماذا يجتمع بها والدها، وأخبرها الأب أن زميلها محمد قد تقدم لخطبتها وكان الأب سعيدا، فمحمد شاب من عائلة معروفة ووالده طبيب مشهور ناجح وهي عائلة محترمة يتشرف السيد عبد الله بها ومحمد حديث التخرج وسيعمل قريباً، وهو يخطط للسفر ونيل الماجستير أيضاً، وهو يناسب دلال من جميع النواحي، وكان الأب متحمسا وموافقا.. وعرف الأب أن أبنته موافقة فقبلها على رأسها وقال: ألف مبروك يا حبيبتي وقرة عيني.. وفقك الله سأقيم لك عرسا رائعا ولك كل ما تريدين لم يبق إلا القليل وتمضي سنه على وفاة الجدة رحمها الله... استعدي بعد عرس شيماء سيكون عرسك.. وقبلته دلال بامتنان لا مثيل له.. فقد أنقذها والدها من نفسها، ولن تنسى ما فعله من أجلها طوال العمر

(45

دخلت سمر منزل والدها وهي تحمل عزيز وكانت العائلة متجمعة على الغداء.. وسألها الأب: أين عادل

ردت سمر: لديه اجتماع وسيتأخر، قلت لنفسي لماذا أبقى وحدي وقد اشتقت إليكم، فأتيت لأتغدى عندكم

قالت الأم: أعطني عزيز، ما أجمل حفيدي.. وبعد الغداء قالت سمر لأختيها: إحداكن تأخذني غدا إلى المستوصف، غدا صباحا موعد تطعيم عزيز وسيارتي سيأخذها عادل للصيانة، من منكما تتطوع لمرافقتي

قال دلال: غداً لدي موعد مع مصممة الأزياء لأقيس ثوبي.. لم يبق سوى القليل على عرسي.

قال رغد: أنا أذهب معك، كوني جاهزة الساعة التاسعة، لدي محاضرة في الحادية عشرة لنذهب باكراً حتى لا نتأخر. واتفقت معها على الغد.

(46

في اليوم التالي وصلت رغد إلى منزل عمها حيث تقيم سمر وركبت معها سمر وعزيز والخادمة واتجهوا إلى المستوصف... ودخلت سمر على الطبيب ليكشف على عزيز ومن ثم تأخذه لغرفة التطعيم.. وظلت رغد واقفة تنتظرها بالخارج وفجأة سمعت صوت ينادي: رغد.. رغ

التفتت رغد وراءها فرأت طفلة صغيرة جميلة تكاد تصطدم بركبتيها، انحنت رغد عليها تداعب شعرها.. ثم رفعت عينيها لترى أمامها والد الطفلة.. إنه أحمد، أحمد حبيبها.. حبها الأول والأخير، إنها طفلته.. تجمدت رغد أمامه كالتمثال تنظر إلى ابنته وإليه.. تقدم أحمد منها وقد أخذته المفاجأة.. لقد مضى وقت طويل منذ رآها... كم تغيرت، لقد كبرت ونضجت، لقد نحفت عن السابق... إنها أجمل.. وقصت شعرها الطويل.. توقف أحمد أمامها مباشرة وقال: إنها ابنتي وقد أسميتها رغد.. على اسمك يا رغد

يا الله لقد أسمى ابنته على اسمها، ما زال يذكرها، لم ينسها، انحنت رغد أمام الطفلة وقبلتها بحنان ثم عادت واقفة أمام أحمد.. انها لا تدري ماذا تقول له ولا كيف تتصرف.. وشعرت رغد أنها ترغب أن تسأله: لماذا تخلى عنها ولم يدافع عن حبهما، لماذا لم يتحد العالم ويتزوجها.. لكن لسانها انعقد أمامه، ها هو أحمد بشحمه ولحمه أمامها وقد أصبح غريباً عنها.. على بعد خطوات منها لكن بينهما مسافات شاسعة تفصلهما عن بعضهما البعض.. وأحمد ينظر إليها.  مازالت رغد في قلبه مازال يحبها ويحلم بها.. صحيح أنه تزوج وأنجب لكن رغد تعيش في دمه وقلبه ولم يمض يوم دون أن يحن إليها وكان يعلن أنه لم يعد له الحق في حبها فاكتفى باسمها الذي ينطقه طوال النهار وهو ينادي ابنته.. حتى والده لم يستطع معارضته عندما أختار اسمها.. وخرجت سمر تحمل عزيز وهو يبكي فتفاجأت بأختها واقفة أمام أحمد وابنته كلاهما مشدوه صامت جزعت سمر وتقدمت نحوهما وقالت

مرحباً أحمد كيف حالك؟ ولم تنتظر أن تسمع رد أحمد وقالت: هيا يا رغد لنذهب.. وشدت رغد من ذارعها وفاجأه قال أحمد: مع السلامة يا رغد.. ومد يده ليصافحها نظرت رغد إلى يد أحمد الممدودة أمامها إنها يد الرجل الذي تحبه.. وتمنت أن تصافحه أن تلمس قطعة منه أن تحتضن أصابعه.. أن تتزود بلمسة منها لمسة قد تكون الأخيرة بينهما.. لكنها خافت إن لمست يده.. أن تلقي بنفسها على صدره.. يا إلهي كل هذا الحب في قلبها له.. لايزال قلبها ينبض بحبه.. فأشاحت رغد بوجهها عنه ولم تصافحه، وتركته واقفا وعيناه تتشبثان بها حتى غابت عن ناظريه ولم تره ثانية بعد ذلك اليوم

شاهين

عاش شاهين حياته بسعادة وهناء ولم يندم يوما على زواجه من بسمة بل كان يشكر الله دائما أن وفقه إليها وجعلها من نصيبه وقد أنجب ثلاثة أولاد يشبهونه. وكلما سمع أحدا يهمس بخبث أن زوجته غير جميلة رد بثقة: بل هي أجمل نساء الكون

سمر

عاشت سمر بسعادة مع عادل وأنجبت بعد عزيز عبد الله ووفاء وتركت عملها وتفرغت لأولادها وبيتها

دلال

تزوجت دلال من محمد وسافرت مع للتحضير للماجستير وحملت دلال وعادت للكويت وأنجبت بنتا جميلة ذات شعر كثيف ورموش طويلة مثلها تماما

هديل

لم تنجب هديل إلا بعد عشر سنوات من العلاج ولم تقنط أبداً من رحمة الله وأخيراً أنجبت توأماً ولداً وبنتاً واكتملت سعادتها أخيراً

العمة مريم

عاش شاهين وبسمة وأولادهما وأصبحت بسمة ابنتها الثانية وقد عوضها الله خيرا بعائلة رائعة.. ولم يخرج شاهين من بيت العائلة وبقي يعيش هو وأسرته مع عمته في البيت الكبير

السيد عبد الله والسيدة وفاء

تقاعد السيد عبد الله وترك إدارة الشركة بالكامل لشاهين ولم يعد يستغنى عن وفاء التي أصبحت تضيق من كثرة التصاقه بها.

العمة مها

تزوجت ابنتها شيماء وكانت زوجة دلوعة كأمها يربي الخدم أبناءها وتقضي معظم وقتها مع أمها ترتادان الأسواق مراكز التجميل. والغريب أن شيماء كانت تستشير بسمة في كل ما يتعلق بتربية أولادها، وكثيراً ما كانت تتركهم مع أولاد بسمة وشاهين في بيت العائلة

رغد

بقيت لدينا رغد.. تخرجت رغد من كلية الحقوق وأصبحت محامية مشهورة جدا وشاطرة ورفضت الزواج، فأحمد ما زال يعيش في قلبها، وكلما تقدم لها أحد أو تقرب منها أحد شعرت أن أحمد لايزال في قلبها وأنها لاتزال تحبه.. ووصلت الثلاثين من عمرها وهي غير متزوجة وأخيراً التقت بقاضٍ شاب بدأت تميل إليه ومع الوقت بدأت تفكر في الزواج وهي لا تزال مترددة.. لكن ربما توافق فالأمل موجود.. أن تحب من جديد، ويبقى الأمل ينبض في القلوب

.:.:.:.:.:.:.:.:.: د)..؟.؟)....؟.).....؟.؟.... 

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا