الاتفاق الذي عقده (دجن)
مع قبيلة "الكثبان"
أجلسني (دجن) ثم قال لي:
شوف .. ما عمرك تساءلت في يوم ليه (عمار) كان بهذه القوة وليه أنا ما كنت أقدر أدخل بيته وليه لما قتلناه..
فقاطعته وقلت: أنت قتلته وليس أنا..!
فقال: مو مشكلة مو مشكلة خلني أكمل..
فقلت له: أكمل..
فقال: ولما مات (عمار) حاولت أنا أقنعك إننا نمشي بسرعة؟
فقلت: نعم وكنت مستغرباً من عجلتك.
فقال: لأن (عمار) مو ساحر عادي فهو ساحر تحت الحماية.
فقلت: تحت الحماية؟
قال: إي تحت الحماية.. يعني محمي من العالم السفلي عشان كذا الشياطين كانت تخاف منه وتخاف تتعرض له.
فقلت: وكيف حصل على تلك الحماية؟
فقال: اسمع الحكاية كلها ولا تقاطع..
فقلت: تفضل..
أخبرني (دجن) أنه بعد عودة (عمار) من العامة واختياره الإقامة في هذا الجبل بدل العودة لأهله بدأ يقرأ في كتب الساحر الكبير والتي كان معظمها بعيداً عن متناول يد (عمار) خلال فترة خدمته لذلك الساحر وخلال قراءاته على مدى شهور وقعت عينه على كتاب نادر جداً وسبب ندرته هو احتواؤه على طرق تحضير أسياد الشياطين وطلاسم ربطهم وتسخيرهم وهذه العملية صعبة جداً وتتطلب إمكانيات عالية لكن (عمار) جرب ونجح، قام (عمار) بقراءة إحدى صفحات التحضير الموجودة في ذلك الكتاب واختيار هل لصفحة كان في ما يبدو عشوائياً لأن الصفحة تخص تحضير (شند) وهو زعيم قبيلة من قبائل الشياطين ويتجنب السحرة عموماً التواصل معه فما بالك بتحضيره وتسخيره؟
كان (شند) زعيماً لقبيلة "الصوارم" وهو الأول من نسله وقد أمسس قبيلته منذ مئات السنين ولم يخلفه أحد منذ توليه الزعامة لأنه من الشياطين المعمرة ولم يترك زعامة القبيلة منذ تأسيسها بالرغم من عدد أبنائه وبناته الكبير جداً. قرأ (عمار) الطلسم الذي كان أمامه وفي لحظات حضر عنده زعيم قبيلة "الصوارم" (شند) مقيداً ومربوطاً تحت أقدام (عمار) وظل يصرخ ويتوعد (عمار) بالقتل والتنكيل فخاف (عمار) من المنظر وبدأ يدرك أنه ارتكب خطأ جسيماً بالعبث في تلك الطلاسم المتقدمة. لم يعرف (عمار) كيف يحرر هذا الشيطان ولو حرره فهل سيغفر له تلك الإهانة؟
استمر (عمار) بالقراءة في ذلك الكتاب على أمل الوصول لحل يخلصه من ذلك الشيطان الذي يصرخ أمامه ويهز أرجاء منزله بذلك الصراخ والعويل. وقعت عين (عمار) على سطر في إحدى صفحات الكتاب وكان السطر يقول:
"من طرق باب (ند) وقدم لها رأس (شند) سيبقى لنا سيفاً وسنبقى له (غمداً)"
لم يفهم (عمار) شيئاً من هذا الكلام لكنه المكان الوحيد في الكتاب الذي ذكر فيه اسم (شند) مرة أخرى لذلك قرر قراءة الطلسم الذي تبع ذلك السطر. بعد قراءة الطلسم مباشرة ظهر أمام (عمار) شيطان ضخم تصاحبه امرأة جميلة وبمجرد رؤية (شند) لها ازداد صراخه ووعيده لـ (عمار) وقال له:
"سنطاردك حتى ننتزع روحك من جسدك أيها المشعوذ!!"
وقبل أن يكمل (شند) كلامه أخرج الرجل الضخم سيفاً فصل به رأس (شند) عن مكانه لتسقط جثته على الأرض بلا حراك. أعاد الرجل الضخم سيفه لغمده ثم أشار بيده فظهر مجموعة من الرجال وقاموا بحمل جسد (شند) وخرجوا به وبقي رأسه على الأرض و(عمار) يقف متسمراً بفهم فمتوح بين الرأس وفاصله. اقترب الرجل الضخم منه وقال له:
"من الآن وحتى أبدك ستكون لنا السيف وسنكون لك الغمد"
مد الرجل الضخم يده ووضعها خلف ظهر تلك المرأة التي كانت معه ودفعها باتجاه (عمار) وقال له:
"هي لك ومهرها قد وصل"
اكتشف (عمار) بعد زواجه من هذه المرأة أنها كانت (جند) ابنة (مازع) زعيم قبيلة "الكثبان" الشيطان الذي قتل (شند) في منزله ومهرها كان رأس زعيم قبيلة "الصوارم" لأن الصراع والتناحر بين القبيلتين على السيادة كان قديماً ودموياً ولم تستطع إحداهما القضاء على الأخرى حتى تدخل (عمار) جهلاً منه في الصورة وقام بتحضير زعيم قبيلة "الصوارم".
فلم أتمالك نفسي وقاطعت (دجن) وصرخت في وجهه وقلت:
هل أنت أحمق؟ . نحن نهرب من ثأر قبيلة (يعرم) لتسقطنا في ثأر مع قبيلة "الكثبان" بسبب (عمار)؟
فضحك (دجن) بقوة وقال:
"يا حبيبي الشياطين ما تأخذ ثأر للبشر فلا تخاف"
فقلت له: ما الحكاية إذاً؟
قال: فشل "الكثبان" في حماية (عمار) مني كان بسبب غصن الزيتون اللي انت حطته عند رأسه فهذا الغصن أعمى حراسه وعطاني الفرصة عشان أقتله عشان كذا هم ما يعرفون من قتله.. وعلى فكرة مسئوليتهم تنتهي عند الحماية بس ولا يتبعونها لا بثأر ولا دم.
فقلت له: كيف جاؤوا معك إذاً؟
وهنا سكت (دجن) فقلت بنبرة غاضبة: تكلم!!
فقال: عمار بزواجه من (جند) صار مدون القبيلة وكل مدون له وريث وهذا الوريث يرث مسئوليات المدون اللي قبله والحماية اللي كان ينعم فيها.
فقلت: وما شأني بذلك؟
فقال: وش رأيك بعد؟ قلت لهم إنك وريث (عمار).
فقلت له: وكيف صدقوك بهذه البساطة؟!
فقال: بسيطة.. شهدت الحراس بأنك جلست عنده ثلاث سنين وهي المدة اللازمة لتأهيل الوريث.
فقلت له: لقد أمضيتها بحثاً عن طريقة لإيقافك.
فقال: لا تصير غبي وتطيح من عيني.. (عمار) يا حبيبي كان يقدر يوقفني وينقذك من اللحظة الأولى اللي شافني فيها وأنا معك عند بابه لكنه اختارك عشان تكون وريثه وأجبرك تقرأ الكتب اللي في مكتبته بحيلة إنك لازم تدور اسمي وإلا بتموت ولما تأكد أنك مستعد وتشربت الحرفة رمى الكتاب اللي فيه اسمي قدامك بدون ما تنتبه وأوهمك بأنك لقيته بالصدفة. وما استغرب إذا ما يكون هو اللي مقترح عليك الكتاب عشان تقرأه هذاك اليوم.
فسكت من الصدمة.. وخلال سكوتي قال (دجن):
ما قلت لك إن (عمار) إنسان خبيث؟ وعلى فكرة نسيت أقول لك شيء ثاني بعد..
فقلت: نسيت ماذا؟ ألم تنته المصائب التي في جعبتك؟
فقال وهو يبتسم بخبث واضعاً يده على كتفي:
المصيبة الجاية أجمل.. نسيت أقول لك إن الورث يرث الزوجة بعد فجهز نفسك الليلة يا عريس ولا تفشلنا.
ضحك (دجن) بعد هذا الكلام ثم اختفى..
بقيت في المنزل أضرب كفاً بكف أكفر في كلام (دجن) والكارثة التي حلت على راسي وكيف تلاعب (عمار) بي طوال تلك السنين بعد أكثر من ساعة غابت الشمس تماماً وعاد (دجن) وقال وهو يبتسم:
جهزت حالك حق الليلة؟
فنظرت له وقلت: لماذا فعلت بي ذلك؟
فقال: وأنا وش سويت لك!.. إيش كنت تبيني أسوي لك يعني قبيلة (يعرم) جاها خبر إنك هنا ومخططين يقتلون قرينك وأنت ما تقدر عليهم لو تتمغط من هنا لبكرة!
فقلت له: لو كنت أعرف ما ستفعله لكنت اخترت الموت.
فقال لي: بلا هياط ما كنت بختار الموت ثم إني أنا معاك في الموضوع وجماعة (يعرم) ضموني معك في الثأر يعني ما في مهرب وأنا كنت أحتاج حماية مثلك وأنا بصراحة مو بايع نفسي!
فقلت له: وما دخلك أنت كي يحميك "الكثبان"؟
فقال: "الكثبان" يحمون المدون وممتلكاته فقلت لهم إني عبد عندك.
فابتسمت وقلت: لكني كنت أظن أنك تريدني عبداً عندك؟
فقال: لا خلاص الأمور اختلفت الحين.. وضف لما تكون (جند) معاك لا تطيح الميانة معاي عشان ما ننكشف.
فقلت له: لا تقلق سوف أعاملك كما تستحق.
نهضت وسألت (دجن): كيف سأتزوج من شيطانة؟
فقال: لا تخاف ما في اختلاف كثير بين حريمنا وحريمكم بالعكس يمكن حريمنا أهون.
فضحكت ولم أكن أريد ن أضحك لكن (دجن) الخبث كلامه كان ساحراً. قلت له:
ولكن أنا لم أتزوج من قبل ولا أعرف نساء البشر كي تقارن لي بهن
فقال: لا تخاف يا بني آدم هي أصلاً ما راح تجيك إلا متشكلة على هيئة بشر فما راح تحس بفرق.
فقلت له: هذا ليس أكبر همي صدقني..
ليلة زفافي على (جند)
جاء الليل ولا أعرف هل كان شعوري بالخوف طبيعياً أم غير مبرر وهل هو خوف كل رجل من ليلة زفافه أم خوف من الشيطانة التي ستشاركني الفراش هذه الليلة؟ في منتصف تفكيري هذا قاطعني صوت قادم من الخارج وقال:
"اخرج أيها المدون!"
فخرجت ووجدت ثلاثة من الحراس ومعهم (دجن) ويرافقهم شيطان ضخم يمسك في يده مخطوطة وعلى وجه (دجن) ارتسمت تلك الضحكة الصفراء الخبيثة التي رأيتها على وجهه عندما قابلته أول مرة في المقبرة. تقدم الرجل الضخم الذي كان يمسك بالمخطوطة ويكبرني حجماً بثلاث مرات وقال لي:
"نحن عشيرة "الكثبان" نقدم لك الأميرة (جند) رفيقة تلازمك حتى مماتك"
سكت.. ونظرت بينهم فلم أجد إلا الذكور ولم أر تلك الأميرة التي كان يتحدث عنها.. ثم أكمل الرجل الضخم كلامه بقول:
"ستكون تحت حماية العشيرة كما أمر سيدها (مازع) وستحاسب مثلنا على أي تقصير أو خيانة تجاه القبيلة وهو.."
فقاطعه صوت امرأة ظهرت من خلفه فجأة ووقفت أمامي وقالت:
"كفى يا (جسار) سترعب الفتى.."
فرد الرجل الضخم الذي اتضح أنه "جسار" ابن (مازع) الذي كان يخطف فتيات قرية (سالم) و(عمار) وقال:
لكن يا (جند) هذه أوامر أبينا ويجب أن نلقيها على مسمع المدون. فابتسمت ووضعت أناملها خلف أذني وقالت:
أنا سأخبره بالبقية الليلة.
أشار (جسار) بيده للحراس الذين كانوا معه بالانصراف ثم لحق بهم بعدها بثوان و(جند) تحدق بوجهي الذي بدا عليه الارتباك. أدركت وقتها أنها لم تكن تريد أحداً بالجوار. قرات ذلك في عينيها الواسعتين. وخلال عبثها بأناملها التي وضعتها خلف رأسي قال (دجن):
"هل تأمرني يا سيدي بالانصراف؟"
فلطمته (جند) على وجهه لطمة قوية وقالت له بنبرة حادة:
"اذهب من هنا أيها الأمرد!!"
نظر (دجن) بغضب نحو (جند) وخشيت أن يقوم بشيء أحمق فقلت له:
يمكنك الانصراف الآن!
رحل (دجن) وعلى وجهه ارتسمت علامات الغضب ولم ينزل عينه من على (جند) التي عادت تداعب شعري وهي تقول:
"هل سنبقى في الخارج كثيراً؟"
دخلنا أنا و(جند) إلى المنزل وكانت تسير في أرجائه وكأنها تألفه وتعرف كل زاوية فيه. أمسكت (جند) بأحد الكتب على الطاولة في غرفة المعيشة وفتحته وبدأت تتصفح فيه وقالت وهي تنظر في الكتاب:
أنت صغير على أن تكون مدوناً..
فقلت لها وأنا أبتسم بتوتر: ربما لأني محظوظ..
أغلقت (جند) الكتاب بقوة وتجهم وجهها ونظرت باتجاهي وقالت:
ماذا تقصد بمحظوظ؟!
فقلت بخليط من الرعب والتوتر تغطيه ابتسامه:
"لا شيء.. لا شيء."
ابتسمت.. فبلعت ريقي من الارتياح المؤقت ولم أتفوه بكلمة بل حدقت بها بينما كانت تقترب مني بخطوات بطيئة حتى وصلت عندي وقالت:
هل أنت خائف مني؟
فقلت لها: ... لا..
فقالت: هل أنت متزوج في عالمك؟
فقلت لها: .. لا..
فقالت: لماذا؟
فقلت لها: مازالت صغيراً على الزواج.. لا أعرف.
فقالت: وما هو العمر المناسب للزواج عندكم؟
سكت ولم أجب على سؤالها..
توجهت (جند) لغرفة نوم (عمار) وجلست على فراش زوجها السابق وأشارت بأناملها لي للجلوس بجانبها. جلست في الطرف الآخر من الفراش فاقتربت مني ووضعت يدها على رأسي وبدأت بالعبث في شعري مرة أخرى بتلك الأنامل الطويلة وقالت:
هل أنت متوتر؟
فقلت لها: بعض الشيء.
فقالت: لا تخف لنتحدث قليلاً فالوقت مازال مبكراً على إتمام الزفاف.
أحسست في تلك اللحظة أنني العروس وليس العريس فقد كانت ممسكة بزمام الأمور وتحكمت في كل شيء وأنا لم يكن همي ومصدر قلقي سوى كلمة أقولها بالخطأ تعكر مزاجها وتودي بحياتي.
لم أتحدث في البداية فلم أكن أعرف ما هي الموضوعات المناسبة التي يمكن مناقشتها مع شيطانة لكن الجمود بيننا انكسر عندما قالت:
هل تجدني جذابة؟
فقلت: ماذا؟ .. ماذا تقصدين؟
قالت: يمكنني التشكل بشكل آخر لو أحببت.
فقلت: لا أبداً أنت جميلة بما يكفي.
فقالت: ماذا تقصد بما يكفي؟
فقلت: لا أعرف.. لماذا تتربصين لكل كلمة أقولها؟
فضحكت (جند) بقوة وفي تلك اللحظة تذكرت ضحكتها. لقد كانت تلك المرأة التي سمعتها عندما كنت محبوساً في المكتبة والتي أنكر (عمار) أنه كان يقضي معها تلك الليالي.
أجابت (جند) على سؤالي وهي تضحك بقول:
أنا لا أتربص لكلامك لكنك مختلف.
قلت: مختلف.. كيف؟
قالت: لا أعرف.. لست كباقي البشر الذين قابلتهم في حياتي.
قلت: ربما لم تقابلي عددا كافياً لتحكمي.
قالت: ربما..
أمضينا ساعات في الحديث تحدثنا في أمور كثيرة حكت هي عن عالمها وحكيت لها عن عالمين وكانت تخصك بقوة عندما كنت أحكي لها عن نظام الزواج عندنا وخاصة عندما أخبرتها عن المصاعب التي يواجها الشاب في بلدي خصوصاً إذا عقد العزم على الزواج فقالت وهي تضحك:
نحن لا نفكر بهذه الطريقة أبداً فالزواج عندنا يختلف وخاصة بنات القبائل الكبيرة مثلنا.
فقلت لها: وكيف يختلف؟
قالت: بنات زعماء القبائل لا يحق لهن الاختيار لذلك تجد أن أغلبهن يخترن لهن عشاقاً من الشياطين وأحياناً من الإنس كي يمارسن حريتهن التي سلبت منهن بسبب تلك العادات البائدة.
فقلت لها: وهل كان لك عشيق قبل (عمار)؟
فقالت: لا.. لأن أبي شديد علي كثيراً ويغرقني بالحراس كي لا أغيب عن ناظره لذلك أحسد (جسار) على حريته.
فسألتها سؤالاً وكنت وقتها أخشى ردة فعلها منه لكني استجمعت شجاعتي خاصة بعد سماعي ضحكاتها وقلت لها:
قرأت في إحدى المدونات أن أباك نفى (جسار) وعاقبه بتقييده ليخدم السحرة وقد قام (جسار) بالتخلص من قيده بقتل الشيطان الذي قيده.. هل هذا صحيح؟
قالت: نعم لكن (جسار) لم يقتل ذلك الشيطان الذي قيده لم يكن ليستطيع لابد أن شيطاناً آخر ساعده.
فقتل لها (وأنا على علم سابق أن (دجن) هو من ساعد (جسار) كما أخبرني حارس المقبرة):
ومن تعتقدين قام بمساعدة (جسار)؟
فقالت: ليتني كنت أعرف كي أقتله
فقلت بتوتر: ولماذا تريدين قتل من خلص أخاك من قيده؟
فقالت: لأن (جسار) عاد لأبي وكسب رضاه وأقنعه بأن يسامحه بشرط أن يقتل تلك الفتاة التي عشقها (جسار).
فقلت: وهل قتلها؟
فقالت: نعم.. قتلها هي وأهلها وكل من كان حولها في تلك الليلة الدموية المشئومة.. ولم يكتف بذلك بل أحضر رأسها لأبي أيضاً فقط لكسب رضاه.
فقلت: وما علاقة رغبتك بقتل من ساعد (جسار) بما حدث؟
فقالت: لو لم يساعده لما ماتت تلك الفتاة المسكينة وأهلها ولا خسرت أنا حب واهتمام أبي الذي بدأ يراني بعد اختفاء ذلك المجنون من الصورة فمع وجود (جسار) في العشيرة أنا أختفي تماماً وكأني ليس لي وجود.
فقلت لها: وهل يهمك أمر تلك الفتاة؟
فقالت: بصراحة لا لكني لا أحب الظلم لأني أعرف معنى الظلم. وأتجرع من كأسه كل يوم.
فقلت: ماذا تقصدين؟
فقالت: هل تظن أنه من السهل أن يختار لك أحد شريك حياتك ويجبرك على الزواج منه وغرضا رغباته رغماً عنك.. هل تظن أن من السهل أن أزف على كهل مثل (عمار) رغماً عني؟
فقلت: ألم تستطيعي الرفض؟
فضحكت بصوت عال وقالت: بدأت أشك أنك مدون!
فتوترت وخفت أن أنكشف فقلت لها ضاحكاً:
أنا أمازجك فقط!
فتوقفت عن الضحك ووضعت عينها بعيني ويدها خلف رأسي وقالت:
"ومتى سينتهي المزاح أيها المدون كي نتمم زواجنا؟"
فنهضت من السرير وقت لها:
إذا كنت لا تريدين ذلك يا (جند) فلن أجبرك فأنا لا أريد أن تكون علاقتي الأولى مع شخص مجبور على البقاء معي.
قلت تلك العبارة وأنا في قلبي أقول:
"أتمنى أن تكون مجبورة فعلاً وتنتهز الفرصة وترحل"
لكنها أمسكت بيدي وقالت:
أنت لست مثل (عمار) وأنا لم أعد تلك الشيطانة التي تمانع معاشرة المدونين.
باتت (جند) تلك الليلة عندي وأتممنا الزواج..
أمضينا معظم تلك الليلة مستيقظين ولم تغف عيني إلا قبل الفجر بقليل خلال مداعبة (جند) لشعري. لم أعرف سر اهتمامها الشديد بشعري لكني لم أكن أمانع. استيقظت قبل شروق الشمس بدقائق على صوت (جند) وهي في طريقها للخروج فقلت لها:
إلى أين؟
قالت: سوف أرحل الآن قبل وصول (مسترقي السمع)
فقلت: من؟
قالت: هذه اول ليلة لك كمدون وسوف تسمع كل يوم قبل الشروق والغروب بعض الهمسات والأصوات عند أذنك ولن تتوقف هذه الأصوات حتى تدونها على الورق".
فقلت: كيف أدونها وأنا لم أجرب من قبل؟
قالت: أعرف لذلك نبهتك وحاول ألا تفكر في الكلام الذي تسمعه فقط دونه بلا تفكير في المدونة الخاصة بقبيلتنا.
فقلت: أين هي؟
فأشارت لذلك الكتاب الأحمر الذي كنت أشاور نفسي على فتحه في السابق وعندما التفت لأسألها سؤالاً آخر اختفت.
الريشة الثقيلة
بعد ما اختفت (جند) بدأت بارتداء ملابسي وخلال ذلك دخل علي (دجن) كعادته مبتسماً تلك الابتسامة الصفراء وهو يقول:
"ها وش سويت يا عريس؟"
فقلت له بسخرية: لماذا لم تسترق النظر؟
فقال: يا خي أنت معلوماتك محدودة عن عالمنا.
فقلت: كيف؟ اشرح لي.
قال: حنا ما نقدر نراقب اللي نبي وبعض الشياطين عندها حصانة ضد الشياطين الثانية خاصة اللي تقل عنها في المرتبة.. أقصد أن خلوتك البارحة مع (جند) ما بمقدار شيطان أقل منها رتبة يكون حولها لأنها بتحس فيه وبتذبحه.
فقلت له: كيف تتحدث معي هكذا بحرية ألا تخاف أن يسمعنا أحد الحراس؟
فقال: الحراس يا حبيبي ما يقدرون يسمعون الكلام إذا ما وجه لهم وهذا جزء من عملهم.
لبست آخر قطعة من ملابسي وقلت له: ما هي قصتك مع (جسار) ولماذا لم يقتلك؟
قال: جسار شيطان مجنون ولا يذكر شيء من اللي صار بيني وبينه لدرجة أني لما شفته يوم رحت لمكان تجمع قبيلة "الكثبان" عشان أطلب منهم الحماية لي ولك قابلني وقال لي:
"من أنت ولماذا أتيت؟"
فعرفت أن عقله يفوت ولا يتذكر شيء من اللي صار بيننا لما حررته.
فقلت لـ (دجن): هل تعلم أن (جند) تريد قتلك؟
قال باستغراب: ليه بعد؟
فحكيت له القصة التي قالتها لي (جند) فقالك
بدينا بمشاكل الحريم؟!.. ما عليك منها بس وانتبه لنسك.
هم (دجن) بالرحيل فقلت له:
انتظر لدي سؤال يدور في ذهني منذ مدة ولا أعرف أحداً يمكنه الإجابة عليه غيرك.
فقال: قل وش عندك..
فقلت: من هو الرجل الذي قابلته في القرية في زيارتي الثانية لـ (عمار) والذي أخذني لبيته وبعدها لحق بي ليوصلني لبيت (عمار)؟
فتغير وجه (دجن) وقال: وش دراني أنا؟!
فقلت: لدي إحساس بأنك تعرفه.
فقال: وليه تسأل طيب؟
فقلت: مجرد سؤال..
فقال: انس الموضوع وحاول تنسى هذا الرجال
فقلت: كيف أنساه؟
فصرخ وقال: انساه وبس يا خي!!
ثم رحل واختفى..
بعد رحيل (دجن) بدقائق بدأت أسمع تلك الوساوس التي قالت لي (جند) إني سأسمعها وفعلاً كانت مزعجة جداً ولم أستطع إخراجها من رأسي.
كانت تلك الأصوات متواترة وكأن عشرة أشخاص بأصوات مختلفة يهمسون في أذني في الوقت نفسه، كنت سأصاب بالجنون فتذكرت ما قالته (جند) عن تدوين ما أسمعه عل الورق كي تتوقف الأصوات فذهب مسرعاً للكتاب أو المدونة الحمراء وفتحتها حتى وصلت لصفحة بيضاء وأمسكت بالقلم وحاولت الكتابة لكن لم يظهر شيء على الورق فجريت بالقلم نفس على يدي وملابسي فكتب بسهولة. عدت وحاولت الكتابة في المدونة فلم يظهر شيء، كنت أحاول أن أكتب والوساوس تنخر في أذني وعقلي حتى بدأ الصداع يفكك رأسي ويفتك به فبدأت بالصراخ لكن لم يسمع أوي ستجب لي أحد وبعد قليل تذكرت أن (عمار) كان يكتب بريشة ومحبرة ولم أره يكتب يوماً بقلم عادي فذهبت للمكان الذي كان يحتفظ فيه بالريشة والمحبرة وأخرجتهما وبدأت بالكتابة وفعلاً ظهرت أمامي الحروف والكلمات وبقيت عاكفاً على الورق الأبيض أكتب وأكتب حتى توقفت الوساوس.
كنا في موسم شتاء والغيم يغطي السماء دائماً ولم أكن أعرف أنها أشرقت إلا من نورها لأن الغيم كان يغطيها معظم ساعات اليوم. المطر وصوت تساقطه كان لحناً يعزف كل يوم على سطحا لبيت وعلى أطراف نوافذه. في الليل لم أكن أستخدم الكهرباء فقد كان (عمار) يعتمد على ضوء القناديل والشموع التي كان يتزود بها في كل مرة يخرج فيها. بعد ما انتهيت من تدوين وساوس الفجر بدأت في تصفح تلك المدونة الضخمة وبدأت أقرأ فيها كي يكون لي معرفة أكثر بمن أتعامل معهم.
قرأت في المدونة الكثير من الأخبار والأحداث التي تخص قبيلة "الكثبان" وتعرفت على بعض أسرارهم وبعض الأحداث المؤثرة في تاريخهم على الرغم من أن ما كان مكتوباً لم يكن مكتوباً بالطريقة التقليدية للكتب لكني في ذلك الوقت ألفت هذا النوع من الكتابة وتعوده عليه وأصبحت أستطيع أن أستخلص منه العلم والمعلومة التي اريد. قرأت في المدونة عن عودة (جسار) لأبيه وكيف سامحه أبوه عندما أحضر (جسار) رأس تلك الإنسية التي عشقها وكتب في المدونة أن (جسار) فقد عقله بعد ما قتلها لكنه كان مضطراً لذلك كي يوقف مطاردة أبيه وعشيرته له ويستعيد احترامهم الذي خسره بسبب عشقه لتلك الفتاة. كذلك قرأت عن التاريخ الدموي بين قبيلة (يعرم) الملقبين بـ "الأباطحة" وقبيلة "الكثبان" وكذلك الصراع المرير والطويل بين "الكثبان" وقبيلة "الصوارم" وهي القبيلة التي كان يرأسها (شند) قبل أن يحضره (عمار) ويطيح برأسه (مازع) في بيته.
تكلمت المدونة كثيراً عن (مازع) أبي (جسار) و(جند) وزعيم عشيرة "الكثبان" فقد كانت أكثر الوساوس تأتي في وصف تحركاته وبطولاته أما الوساوس الباقية فكانت تتوزع على أحوال العشيرة. بحثت في المدونة عن معلومات أو روايات عن (جند) فلم أجد إلا القليل بالمقارنة مع ما يكتب عن (جسار) وصولاته وجولاته مع فتيات الإنس. ذكرت المدونة وتكلمت في بعض صفحاتها عن ثائر قوي يبحث عن الانتقام من العشيرة وكان في المدونة دائماً وصف لتحركاته ومواجهاته مع أفراد القبيلة الذين كانوا يتحدثون عنه بخوف ورهبة لأن كل من واجهه قتل بوحشية. كان هذا الثائر يلقب بـ (ملاس) وقد راح ضحيته الكثير من أفراد قبيلة (الكثبان) لكن لم يتضح في المدونة سبب هجومه المنظم والمتكرر عليهم أو ماذا كان يريد منهم.
انقطع حبل أفكاري وأنا أقرأ المدونة الحمراء عندما دخل علي (دجن) عند الظهر تقريباً وقال:
شخبارك اليوم؟
فقلت له: رأسي يؤلمني وأحس بصداع رهيب.
فقال: عادي.. كل مدون أول مرة يصدع لكن بعدها بتتعود.
فقلت له: ما الذي جاء بك الآن؟
فقال: بصراحة عندي لك خبر ما راح يسعدك
فقلت بتوتر: ماذا.. قل ما عندك!
قال: قبيلة "الأباطحة" بعد ما عرفوا أنك تعينت مدون لقبيلة "الكثبان" وبالتالي حمايتهم لك كانت مؤكدة راحوا لقبيلة "الصوارم" قبيلة (شند) السابقة واللي تولى زعامتها الآن ابنته (إينار) وعقدوا معهم هدنة وتحالف ينتهي بموتك أو موت زعيم "الكثبان" (مازع).
فقلت له: وما المشكلة؟
فقال: شكلك تمزح صح؟ قبيلة "الكثبان" صحيح إنها قوية وممكن تكون أقوى قبيلة موجودة الآن لكنها ما راح تتنفس لما تواجه تحالف مثل تحالف "الأباطحة" و"الصوارم" وما راح تدخل حرب خاسرة عشان سواد عيونك.
فقلت: ماذا يعني ذلك؟
فقال: يعني عظم الله أجرك في نفسك.
فقلت: وما العمل الآن؟! يجب أن تجد لي حلاً فأنت من وضعني في هذا الموقف!!
بدأت عيني ترمش بقوة عندما بدأت بالصراخ على (دجن) فقال لي وهو يبتسم:
الظاهر قرينك مو عاجبه الكلام.
فقلت له: دعك منه الآن.. يجب أن تجد لي حلاً!!
قال: مالك إلا أنك تهرب..
فقلت: أهرب؟!.. أهرب لى أين؟!.. هل تريد أن يكن رأسي مطلوباً لقبيلة "الكثبان" أيضاً؟
فقال: مالك إلا هذا الحل.
ازداد رمش عيني وأنا أتحدث بانفعال وكان (دجن) يعلق وهو يضحك بتعليقات سخيفة كقول:
"قرينك شكله خايف أو معصب".
فقلت له: لا تضيع الوقت.. هل هناك حل آخر غير الهروب؟
فقال: ما أشوف في الوقت الحالي غير الحل.
فقلت: لم آر من حولك إلا المصائب.. اتركني الآن سوف أفكر أنا في حل بنفسي. خرج (دجن) وتوقف رمش عيني وبدأت أفكر في حل حتى غلبني النوم.. استيقظت في المغرب على صوت وساوس الغروب التي أفزعتني من نومي ولم تتوقف حتى دونتها وقرأت في طياتها عن الاتفاق بين "الأباطحة" و"الصوارم" وتنامي قلق قبيلة "الكثبان" من هذا التحالف خاصة مع تزايد هجمات الثائر (ملاس) والذي بدأ يطيح ببعض الأسياد من القبيلة ولم يكن لديهم الوقت والقوة الكافية لمواجهة مثل هذا التحالف. أدركت وقتها أنني يجب أن أرحل. جلست في البيت أفكر حتى المساء وعندما انتصف الليل جاءت (جند) لقضاء الليلة معي وكانت هيئتها هذه المرة متغيرة ولون شعرها مختلفاً كانت (جند) لكنها لم تكن (جند) كانت أكثر فتنة من الليلة السابقة. اقتربت مني ورأت نظرات الانبهار والتعجب في عيني وقالت:
"(عمار) لم يرني بهذه الهيئة من قبل لكني أريدك أنت أن تراني بها".
أمضيت معها بضع ساعات وقبل موعد رحيلها سألتها وقلت:
من هو (ملاس) هذا يا (جند)؟
فأدارت رأسها نحو الباب وقالت بهدوء:
"ولماذا تسأل؟"
فقلت لها: اسمه تكرر كثيراً في المدونة لكني لا أعرف الكثير عنه ولم أجد في الكتب الموجودة هنا شيئاً يتكلم عنه غير المدونة الخاصة بقبيلتكم.
فقالت: ولا نحن نعرف عنه الكثير.. كل ما نعرف عنه أنه قرين مؤمن وهذا النوع أشد أنواع الأقران قوة أقوى بكثير من أي قرين متمرد.
فقلت: حتى أبيك؟
فقالت: حتى أبي..
فقلت: ولماذا يطاردكم هذا القرين المؤمن لأني قرأت في المدونة أنه قتل الكثير منكم وبدأ مؤخراً بقتل بعض الأسياد من قبيلتكم؟
فقالت: من النادر جداً أن يبحث قرين وبالذات مؤمن عن الثأر لصاحبه لكن (ملاس) كان مختلفاً.
فقلت لها: هل (ملاس) هذا قرين (سالم) أخي (عمار)؟
فقالت: نعم ومن حرره كان يريد منه قتل (سالم) لكن حدث العكس تماماً.
فقلت لها: كيف.. لقد اختلطت الأمور علي؟
قالت: عندما ذهب (سالم) للعاصمة بحثاً عن (عمار) لم يجده إلا عندما لمحه في السوق مصادفة وهرب منه (عمار) ذلك اليوم فلما قرر (سالم) البقاء في العاصمة حتى يجد أخاه قرر أن يبيت تلك الليلة في العاصمة، وفعلاً بات في أحد الأماكن المستأجرة لكنه لم يعلم أن خبر وصوله قد وصل للساحر الكبير الذي كان (عمار) يعمل عنده فأرسل الساحر (جسار) له ولم يأمره بقتله لكن قال له:
"حرر قرينه وقرينه سيقتله بالنيابة عنا.. لا نريد دمه على أيدينا"
وفعلاً زار (جسار) وهو متشكل (سالم) في مسكنه ليلاً وعندما فتح (سالم) الباب قرأ (جسار) عليه أحد طلاسم تحرير القرين ورحل.
فقلت: وماذا حدث بعد ذلك؟
قالت: اتضح أن قرين (سالم) قد أسلم منذ مدة متأثراً بـ (سالم) وهو يحب (سالم) جداً ولا نية له في أذيته.
فقلت: وما المشكلة إذاً؟
قال: قرين (سالم) ظهر لـ (سالم) وحاول أن يعانق صاحبه من الفرح فطار عقل (سالم) من الخوف وبدأ بالصراخ طوال الليل.
فقلت: نعم صحيح.. لقد سمعت هذا الكلام من قبل.
أكملت (جند) حديثها وقالت:
هل تعرف أن قرين (سالم) جلس بجواره طيلة العشر السنوات التي كان فيها صاحبه مريضاً إلى ساعة وفاته وبعد وفاة (سالم) أقسم (ملاس) أن يأخذ بثأر صاحبه وأن يضع رأس (جسار) على قبره؟
فقلت: لذلك عاد (جسار) يتوسل لأبيه بأن يصفح عنه لأنه كان يحتاج الحماية.
قالت: بالضبط.. فبمجرد ما سمع (جسار) بقسم قرين (سالم) بأخذ الثأر من الذي حرره وتسبب في جنون ومرض (سالم) أدرك أنه هالك فهو لن يستطيع التفوق على قرين مؤمن مهما فعل وكان يحتاج حماية القبيلة لردع (ملاس).
فقلت: ولذلك كرهت من حرر (جسار)؟
فقالت: نعم فلقد كنا قد ارتحنا من (جسار) ومصائبه عندما كان مقيداً لكن بعد تحرره لم نر غير المشكلات التي تجر القبيلة للهاوية يوماً بعد يوم.
فقلت: ولماذا لا تقتلين (جسار) بنفسك إذاً؟
فقالت: قتل من حرره لن يضرني فأنا أميرة ولي حصانة لكن قتل أخي وهو أمير مثلي سيرمي بي إلى التهلكة وسيجلب العار لأبي.
فقلت: وأين (ملاس) الآن؟
فقالت: لا نعرف لأن أكثر الشياطين الذين نرسلهم للبحث عنه لا يقومون بمهامهم خوفاً منه. لكن هناك وساوس تقول إنه عاد وسكن بيت (سالم) ليبقى مع أطفال وأحفاد سالم.
وفي تلك اللحظة تذكرت ذلك الرجل الذي نصحني في المسجد وأوصلني لبيت (عمار) وقلت في نفسي هل من الممكن أن يكون هو (ملاس)؟
سألت (جند) وقلت لها: لماذا لا تهجمون على بيت (سالم) بقوة كبيرة فمهما كانت قوة (ملاس) فهو لن يتفوق على أعدادكم الضخمة.
فابتسمت (جند) وقالت: ألا تظن أننا فكرنا في ذلك من قبل؟
فقلت: ولماذا لم تفعلوا إذاً؟
(جند): هجمنا بقوة على منزل (سالم) أكثر من مرة ومن جنون (جسار) اقترح على أبي قتل عائلة (سالم) بأكملها كي نجبر (ملاس) على مواجهتنا لكن أبي رفض خاصة وأن حصانة المنزل قوية وكان هناك ملك يحرس المنزل كل ليلة. يبدو أن أحدهم يتحصن كل ليلة بالأذكار والآيات.
أنهت (جند) حوارها معي بقبلة مباغتة وكأنها تريد إغلاق الموضوع وعدم التحدث فيه أكثر. بتنا تلك الليلة في هدوء ولم أفتح معها الموضوع مرة أخرى. خرجت (جند) كعادتها قبل الفجر وبعدها حضر شياطين الوساوس وبدأت أدون وساوسهم حتى الصباح. عدت لأقرأ ما كتبته لأني في حالة الكتابة لا أستطيع استيعاب المكتوب لكوني في حالة أشبه بالهلوسة فلا أدرك ما خطته يميني.
بدأت بالقراءة وبصراحة كنت أبحث عن أي أخبار عن (ملاس) لكن لم أجد شيئاً لأن أغلب الأخبار كانت عن (مازع) وأولاده السبعة وقلقهم المتزايد من التحالف بين "الأباطحة" و"الصوارم" ومطالبات (جسار) المستمرة بتوجيه ضربة مباغته لهم لكن (مازع) كان يرفض دائماً ويطلب من حراسه الاستمرار في تقصي أثر (ملاس). فأغلقت المدونة وأكملت نومي.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا