قلب مجروح
تزوجته بعد قصة حب جميلة... وعشت معه أجمل أيام عمري قبل أن يحرق قلبي بإهماله لي..
عشر سنوات هو عمر زواجنا الميمون... تعودنا أن لا ننام ونحن غاضبان من بعضنا لأي سبب
عشت معه أياماً جميلة ورزقنا الله بثلاثة أطفال هم جنتي في الدنيا... كانت حياتنا جميلة هادئة إلى أن فقد زوجي غيرته علي
نعم... تحول زوجي فجأة إلى رجل آخر... توقف تماماً عن الاهتمام بي... لم يعد يهتم حتى بسؤالي عن وجهتي عندما أخرج... أو عن الصحبة التي أقضي أوقتي معها... توقف حتى عن التعليق على ملابسي وزينتي كما اعتاد أن يفعل سابقاً.
لم ألحظ أنا تغيره بالبداية فقد كنت منشغلة في حياتي اليومية إلى أن تأخرت يوماً في العودة من أحد الأعراس... لم أكن معتادة على التأخر هكذا لكن ذلك العرس كان لأحد أقربائي وقررت البقاء فيه لما بعد العشا...ء يومها لاحظت أن زوجي لم يتصل ليسأل عني... صحيح أنني أخبرته مسبقاً أنني سأعود مع أمي التي ستقلني إلى بيتي بعد الحفل... لكن عد اتصاله للسؤال عني أثارني..
عدت يومها قرابة الفجر... وأنا منهكة ومنزعجة بسبب إهماله لي... استيقظ على الجلبة التي أثرتها خلال تغييري لملابس... وقال ببساطة: عدت؟ قلت بغيظ: نعم... قال: تصبحين على خير! يومها قضيت وقتاً طويلا ًبالحمام وأنا أفك تسريحة شعري المعقدة وأفكر بزوجي الذي لم يعد يهتم لأمري... أقنعت نفسي ليلتها أنني واهمة... لكن الأحداث التي تلاحقت بعد ذلك أكدت لي ظنوني... تعمدت يوماً أن أبالغ في زينتي... صبغت شفتي بلون أحمر صارخ وارتديت ثوباً ضيقاً وخرجت إليه في الصالة وأنا أقول: سأخرج مع صديقتي اليوم إلى احد المجمعات..
قال دون أن ينظر إلي وهو يعبث بهاتفه: حسناً، قلت بغيظ: ما رأيك بثوبي... قال دون أن ينظر نحوي: جميل... كدت أصرخ به: لكنك لم تره أصلاً! ترك هاتفه ونظر غلي برود وقال: جميل! فتحت عيني دهشة... أين ذهب الرجل الذي كان يجعلني أبدل ثيابي الضيقة قبل أخرج معه!
ما هو السبب الذي جعل زوجي يتغير علي! وقفت ليلتها أمام مرآتي وأنا أتأمل وجهي... كنت في منتصف الثلاثينات من عمري... ولا زلت شابة جميلة وبشرتي نضرة جداً... حتى أن جميع من حولي يظنوني لا أزال في العشرينات... جسدي معتدل القوام... وشعري مصبوغ على آخر موضة... أنيقة دائماً... واهتم كثيراً ببيتي وأولادي... أيعقل أن يكون زوجي قد فقد إحساسه بجمالي؟ تذكرت كيف كان في بداية تعارفنا... كان يعشقني ويمطرني بكلمات الحب والغزل... أخبرني مراراً أنني أجمل امرأة رآها في حياته..
سألته ليلتها بدلال: حبيبي... ألا زلت تراني أجمل امرأة رأيتها في حياتك؟
قال بضجر: طبعاً طبعاً..
ما الذي حدث لزوجي؟ ظل هذا السؤال يقض مضجعي... نصحتني صديقتي بالسفر معه برحلة وحدنا دون الأولاد... وعندما طلبت منه ذلك قال: لكن سعادتنا مع الأولاد أكثر... سنظل قلقين عليهم حتى لو كانوا عند أمك... أنا لا أحب أن أترك أولادي وأنت تعرفين طبعي..
قلت له: ألا تحب أن نقضي بعض الوقت وحدنا؟ قال: ها نحن الآن وحدنا... لا داعي لأن نترك أولادنا وراءنا... يجب علينا أن نتحمل المسئولية نحوهم وأن لا نتصرف بأنانية
غريبة!! يظن أن سفرنا وحدنا معاً أنانية!! أعرف رجالاً يتمنون السفر مع زوجاتهم وحدهم دون إزعاج صغارهم! لم لا يحب زوجي مرافقتي! أتراه ملني؟ أيعقل أن يملني؟ ولماذا
وبدأت اقلق... ونتيجة لقلقي أصبحت أعتمد إثارة غيرته... لكن لا حياة لمن تنادي... يبدو أن زوجي لم يعد يكترث لي بتاتاً... إلى أن حدثت تلك الحادثة التي غيرت مجرى حياتي..
كنت أعمل في أحد البنوك... وذات يوم جاءني عميل مهم لأنجز له معاملة خاصة في مكتبي..
كان الرجل في الأربعينيات من عمره... وسيم جداً... وثري جداً جداً... عاملته كما تقتضي اللياقة وبدأت في تنفيذ معاملته... في حين لم يكف هو عن التحديق بي... تعرف الأنثى الرجل الذي يعجب بها بفطرتها وكأن في قلبها راداراً يرصد نظرات الإعجاب حولها... لا أنكر أن نظراته أسعدتني وأعادت إلي ثقتي بنفسي... تلك الثقة التي هزها زوجي بإهماله لي واستهتاره بأنوثتي.
رحل الرجل يومها على أن يعود من أجل معاملة أخرى في الغد... وفي ذلك اليوم وجدت نفسي أكثر اهتماماً بزينتي... ارتديت ثوباً جميلاً من الصوف الرمادي... ولففت وشاحاً ملوناً حق رقبتي... وتزينت بعناية... لم أكن أنوي قطعاً التمادي بعلاقة من أي شكل مع هذا الرجل... كل ما في الأمر أن إعجابه بي أسعدني... وكنت في أمس الحاجة للشعور بإعجاب كهذا في حياتي التي غدت بائسة باردة.
حضر الرجل في موعده بالضبط وعبر لي عن إعجابه صراحة حالماً رآني وأنثى على أناقتي وذوقي الراقي في اختياري لملابسي... خرج يومها وقد شعرت بجرعة من الثقة تجتاحني... بعد عدة أيام اتصلت بي امرأة لا أعرفها، أخبرتني أنها ابنة خالة ذلك الرجل المهم... وأنها اتصلت لتخبرني أنه معجب بي جداً... ويحب أن يتعرف علي أكثر و..
ذهلت!! لم أتوقع أن تتطور الأمور معي على هذا النحو... ولم أكن أخطط لشيء من هذا القبيل..
قلت لتلك المرأة الغريبة - التي لا أعتقد أنها ابنة خالته بالحقيقة- أنني امرأة متزوجة... وأنني امرأة كبيرة... لست مراهقة تنجرف وراء علاقات تغضب الله عز وجل... فأنا لم افعل في حياتي كلها ما يغضب الله أبداً... حتى خلال علاقتي بزوجي قبل الزواج لم أفعل أبدأ ما يدعو للخجل... فتربيتي صالحة... وأعرف تماماً حدودي... كما أنني أم... ولا يمكن أن أفعل ما يخجل منه أبنائي الذين أعشقهم..
انتهت تلك المكالمة وعدت إلى البيت وقد قررت أن أصارح زوجي بما حدث فمن ناحية لا أحب أ أخفي عليه أمراً كهذا ومن ناحية أخرى أريده أن يعرف أنني امرأة مرغوبة وبالتأكيد حادثة كهذه ستثير غيرته علي وسيستعيد اهتمامه بي على أثرها
انتظرت أن ينام أولادي... وذهبت إلى زوجي بمكتبه حيث كان يقرأن كتاباً تاريخياً وقلت له بلهجة خطيرة أن هناك موضوع مهم يجب علي أن أخبره به... جلس أمامي مترقباً... وحكيت له ما حدث بالتفصيل..
قلت له اسم ذلك الرجل المهم والمعروف طبعاً في البلد... وكيف رفضته والكلام الذي قلته لتلك المرأة بحذافيره... انتهيت من كلامي ونظرت إليه في ترقب وأنا أراقب ملامحه الجامدة...
قال زوجي كلماته التي نفذت كالطعنات إلى قلبي لتقتل كل أحاسيسي بتلك اللحظة: جيد أنك تصرفت هكذا..
وعاد إلى مطالعة كتابه وكأن شيئاً لم يكن! قلت له وأنا أرتجف: أليس لديك شيئاً آخر لتقوله لي؟
قال ببرود: لا... لقد تصرفت بطريقة صحيحة... وليس لدي شيء آخر لأقوله
انفجرت في وجهه غاضبة وقد صدمتني ردة فعله الباردة والغير متوقعة: ما الذي حدث لك؟ لم تعملين بكل هذا البرود؟ لماذا تغيرت علي؟ لماذا لم أعد أهمك لهذه الدرجة؟
قال زوجي بهدوء يحسد عليه: ماذا تريدينني أن افعل؟ أنت قمت باللازم... والموضوع عادي جداً ويحدث مثله كل يوم..
تركته باكية وجريت إلى غرفتي... بكيت كما لم أبكي في حياتي... جاء ورائي بعد ساعة كاملة وبدلاً من أن يصالحني أو يحاول مناقشتي على الأقل... خلد إلى النوع بعد أن يصالحني أو يحاول مناقشتي على الأقل... خلد إلى النوم بعد أن أعطاني ظهره
لم أق للنوم طعماً تلك الليلة... وقررت أن أكشف سر تغير زوجي بنفسي... وقررت مراقبته والتجسس عليه... لابد أن وراء الأمر سراً... ولم أكن مخطئة... ففي أول فرصة استطعت العبث فيها بهاتفه انكشف سره البشع أمامي... إن زوجي العزيز على علاقة بفتاة عربية من خارج الكويت... تعرف عليها على ما يبدو من خلال أحد مواقع التواصل الاجتماعي التي دمرت مئات العلاقات الزوجية... والمصيبة أنها في العشرين من عمرها... أي تصغرني بخمسة عشر عاماً وتصغر زوجي بأكثر من ذلك أيضا... والمصيبة الأكبر أن زوجي المحترم يصرف عليها ويدفع تكاليف دراستها بالجامعة في بلدها... قرأت رسائلهما وأنا ذاهلة... يتبادل معها زوجي الصور ويشكو لها من برودة حياته معي!! أنا التي حاولت استمالته بشتى الطرق يشكوني إلى فتاة من الشارع لا يعرف عن حقيقتها شيئاً!!!
نظرت إلى صورتها... أقسم لكم أنني أجمل منها ألف مرة... أقول هذا الكلام بحيادية تامة فلو كانت أجمل مني لوجدت بعض العزاء في ذلك على الأقل... لكنها اقل من عادية
ما الذي جذب زوجي نحوها لدرجة أنه لم يعد يكترث أبدا بأمري وما الذي علي فعله لأواجه هذه المصيبة التي حلت علي دون أن أحسب لها حساباً...؟
لجأت باكية إلى صديقتي التي صدمتها الحقيقة أكثر مني... وبدأنا نفكر بحل... فأنا أولى النساء بزوجي... إنه والد أبنائي... وأنا لازلت أحبه وأريده..
خفت أن أصارحه فيخبرني أنه يحبها ويريد الزواج منها... لم أكن أريده أن يعرف بأنني عرفت بخيانته... شيء ما بداخلي كان يحذرني من مصارحته... فرجل يصرف على فتاة شابة ويهجر زوجته ويهملها لأجلها... لا أظن أنه سيتمسك بي أنا ويتركها من أجلي... فكرت بالاتصال بها شخصياً والتفاهم معها أو حتى رشوتها من أجل أن تنسحب من حياة زوجي... لكن صديقتي حذرتني... فقد تخبر زوجي بالأمر والله أعلم بما ستكون ردة فعله..
مر أبوع كامل - بعد أن عرفت بخيانة زوجي - لم أذق فيه للنوم طعماً... كنت أشعر أنني أعيش في كابوس مزعج ومؤلم... أصبحت أكره زوجي... واحتقره بشده... إنه لا يستحقني... كنت غاضبة عليه من أعماق قلبي... وحانقة على تصرفاته... تباعدت عنه ولم أعد أكترث لأمره بتاتاً وتوقفت تماماً عن الاهتمام به والتقرب إليه... وأصبحت اهتم فقط بنفسي... حتى أولادي أصبحت لا أطيق العناية بهم... الحمد لله أنهم كبار نسبياً وليسوا بحاجتي كما كانوا..
أصبحت أخرج مع صديقاتي ليل نهار... أجوب معهم المقاهي والمطاعم والمجمعات... أصبحت لا أكترث بأمور البيت ولا بما يفعله الخدم... لا أدري شيئاً عن أولادي ودراستهم وكلما سألوني أو طلبوا مني شيئاً كنت أصرخ في وجوههم: اذهبوا إلى والدكم... أصبحت أصرف بجنون واشتري الكثير من الملابس والحلي.. حتى أنني سافرت عدة مرات مع صديقتي المقربة... أصبح وجودي في المنزل مثل عدمه ولم أعد أسال عن زوجي بتاتاً حتى أنني أعود إلى البيت في أحيان كثيرة بعد عودته فأغير ملابسي وأنام دون أنا أبادله كلمة واحدة..
وأخيراً انتبه زوجي العزيز لي...
اخبرني أنني تغيرت وأن الأولاد بحاجة إلي وأنه يريد أن يعرف سبب تغيري... هنا فقط انفجرت في وجهة... قلت له أن لي حياتي الخاصة كما له حياته... وأنني لم أعد اهتم له ولا لأمره.... ودون أن أعي أخبرته بما عرفته عن علاقته بتلك الفتاة فلم ينكر... لم أبكي أبداً أمامه.. فاحتقاري له منع دموعي من النزول لأجل رجل مثله... صدم كثيراً فلم يتوقع أنني اعرف ما يفعله... ورغم أنه تماسك أمامي وحاول أن يكون قوياً كأن ما فعل أمر عادي إلا أنه وعدني أن يقطع علاقته بها وأن يلتفت لي ولبيته... أخبرني أنه أشفق على الفتاة فهي بمثابة صديقة له لا أكثر وأنه ساعدها مادياً من باب عمل الخير وليس لأنه يخطط للارتباط بها مثلا!!! كم يظننا الرجال مغفلات!!
هل سيصدق زوجي في وعده؟ لا أعرف... ولا يهمني.. فقد فقدت ثقتي به وبحياتي معه... وعندما تذهب الثقة... يذهب معها كل شيء جميل في قلوبنا..
.! ... ! !. ! . ..... ..؟!.. .!.. !..
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا