الأم التي قتلت ابنها
لم يكن الأب يعلم ما يخبئ له القدر، كان يعمل طيلة يومه في تنظيف المجاري، ليؤمن قوت عائلته المكونة من زوجة وابنتين وشاب، فقد أخبره الأطباء أنه مصاب بتليف الكبد، وأنه لن يعيش طويلا جراء هذا المرض الخطير، حاول جاهداً أن يؤمن لأسرته مبلغا معقولا من المال، يستندون إليه إذا دهمه الموت على حين غرة، وهذا ما حصل بالفعل، فقد سقط ذات ليلة من ليالي الإسكندرية مغشيا عليه، ثم لم يمهله المرض غير يومين، فارق الحياة تاركا أسرته تصارع الحياة بمفردها دون عائل. كانت الأرملة إحسان درويش تبلغ من العمر 52 عاما، وكان ابنها الأكبر قد ناهز الـ 29 من عمره.
كانت الأم تؤمل أن يكون ابنها سندا لها ولأختيه، فقدمت له جزءاً من تركة أبيه، وأخذت تشتري لابنتيها جهاز عرسهما من أجهزة كهربائية وإلكترونيات وأدوات مطبخ، كعادة أهل مصر في ذلك. لكن الشاب لم يكن على قدر المسؤولية، بذر حصته من التركة في تعاطي المخدرات وشرب المحرمات، ولم يكتف بذلك، بل أخذ يبيع ما تجهزه الأم لأختيه، ويبيعه، ويصرف ثمنه على لياليه الحمراء.
وقعت الأم في حيرة من أمرها، وسكتت على مضض متأملة أن يعود الشاب إلى رشده، لكن ذلك لم يحصل، فأخبرت أخويها بالأمر، فحضرا للمنزل، وأخذا ما بقي من جهاز الفتاتين، واحتفظا به عندهما، حتى لا يبدده الشاب المتهور. استشاط الابن غضبا عندما عرف بالخبر، وصار يهدد ويتوعد إن لم ترجع الأم الأجهزة والكهربائيات، ولما يئس صار يضرب أمه وأختيه، وطردهما من المنزل. اتصلت الأم بأخويها، فور وصولهما المنزل بدأت بينهما وبين الشاب مشادة كلامية وصراخ وعراك، انتهى بإصابات شديدة في رأس الشاب، أدت إلى مقتله.
سأل المحقق الأم بعد أن قبض عليها وعلى أخويها بتهمة قتل ابنها: ألست حزينة على فراق ابنك الوحيد؟ قالت: نعم يا سيادة المحقق، ولكن الابن العاق لا يستحق الرثاء.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا