زر القميص.. وحكاية التعويذة!!

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2023-05-23

 66 

زر القميص.

وحكاية التعويذة!

الزر، ذلك الشيء الصغير الذي يعيش معنا مثبتاً إلى ثوب أو سترة أو قميص، الذي لا نعيره اهتماماً بل نعتبره تافهاً وقد نضرب به المثل لضآلة قيمته، هو في الحقيقة تجسيد لابتكار متقن وتصميم فريد ولمواد ذات قيمة

وأول ما عرف الزر كان في بداية الألفية الثالثة قبل الميلاد. إذ وجدت في إحدى قرى الهند صدفة منحوتة على شكل تعويذة تم فتح ثقبين فيها ويعتقد أنها كانت تستخدم زراً. وعثر ستيورات بيغوت، وهو منقب، على أزرار من الكهرمان الأسود في مواقع شمال إنجلترا واسكتلندا يعود تاريخها إلى بداية الألفية الثانية قبل الميلاد

وربما كان هذا الاكتشاف مؤشراً إلى سبب عدم استخدام البريطانيين في ملابسهم الدبابيس على غرار ما كانت الموضة عليه في منطقة البحر المتوسط إلى ما بعد الميلاد

في أواخر العصور الوسطى شاع الزر كوسيلة للزينة في تصميم الملابس، وكلمة زر باللغة الفرنسية Bouton انبثقت من فعل Bouter، أي فعل الزخرفة على حواشي الكتب أو الأدوات المعدنية. ومع نهاية القرن الثالث عشر الميلادي اعتمدت الملابس في إنجلترا على الأزرار كزينة وكانت إما من الفضة أو المعدن المطلي بالذهب

وتطورت موضة الأزرار في القرن الرابع عشر الميلادي وصار يستخدم في صناعته النحاس والكريستال والزجاج أو المعدن المكسو بالقماش، وكانت تزين أكمام فساتين النساء من الكتف إلى الكوع. وتم العثور على كثير من المقابر الأثرية

وكانت هذه الأزرار تشير إلى مكانة صاحبها. فإذا كان الزر من حجر السفير أو الذهب والفضة والصدف فهذا يدل على مكانة مميزة لمستخدمه في السلم الاجتماعي

ولم تصبح الأزرار شعبية إلا عندما أصبحت رخيصة الثمن. وكانت برمنغهام قد تحولت إلى مركز للصناعة البريطانية للأزرار في القرن الثامن عشر الميلادي، وراح ثمن الزر يتدني كلما زاد العرض، ودخلت الميكنة في هذه الصناعة

في بداية القرن التاسع عشر الميلادي عرفت الأزرار المكسوة آلياً بالأقمشة أو بقطع من (الكانفا) المشغولة، ونافست هذه الأزرار أغلى الأنواع منها، لكن الأزرار المعدنية بقيت لها هالتها على البزات الرجالية وتحديداً بزات النبلاء. أما أزرار فساتين النساء فتفنن صانعوها بتحويلها إلى قطع فنية أشبه بلوحات رائعة ومنحوتات من العاج والصدف والأحجار الكريمة والبورسلين والمينا والموزاييك وصدف اللؤلؤ. إلا أن موادا أخرى دخلت هذه الصناعة مساهمة في خفض ثمنها

فخلال القرن التاسع عشر الميلادي صارت الأزرار تصنع من الخشب وحوافر الماشية وقرون الحيوانات وعظامها، وحتى من بذور نباتية. ودخلت في القرن العشرين مواد البلاستيك والأحجار الزائفة في هذه الصناعة، ولم تعد صياغة الزر فناً يدوياً إنما آلياً. لكن الابتكار في شكل الزر لم يتوقف ومنها أشكال قد لا تخطر على البال. تراجعت الأزرار أمام وسائل جديدة واكبت الحياة العملية للبشر. فحل السحاب على أنواعه محل الزر ثم اللاصق النسيجي

وتكاد موضة الأزرار تختفي عن الأزياء العصرية بعدما ظهرت الأقمشة المطاطية. وصار لهذا الابتكار الذي يعود إلى ما قبل الميلاد بآلاف السنين هواءة يجمعون المميز منه كقطع نادرة

..........!.

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا