آمنة ضحية الغدر والخيانة
البداية
2002م/1423ه
اليوم هو الأربعاء، يوم فرحتها
فاليوم تخرجها من رياض الأطفال، استيقظت مبكرا، لبست لباس التخرج وذهبت مع والدتها للروضة واحتفلت مع صديقاتها والتقطن الصور مع والديهن وعدن للمنزل فرحات آمنة، طفلة في الخامسة من عمرها من غير محددي الجنسية عاشت في منطقة الصليبية، تلك المنطقة الشعبية التي يسكنها الطبقة الفقيرة وغير محددي الجنسية وغيرهم من الجنسيات الأخرى.
عادت آمنة فرحة من حفل التخرج، وأخذت تنظر للباسها بفرحة
وأبلغتها والدتها بأن تستعد في المساء للذهاب معها لمنزل عمهم المجاور لمنزلهم على بعد أربع منازل تقريباً.
وفي المساء استعدت الصغيرة ولبست فستانها الجميل وذهبت مع والدتها مشيا على الأقدام إلى منزل عمها بمناسبة حفل عشاء مقام لديهم
وبعد مضي وقت، وقبل الساعة السابعة بقليل استأذنت الطفلة والدتها بالعودة لمنزلها لأن (الفستان يضايقها) وتريد تبديله، لكن والدتها نهرتها، فلم يسبق أن خرجت آمنة لوحدها أبداً لكن الطفلة ألحت لأن الفستان يؤلمها.
ترددت الأم كثيراً لكن بعد إصرار الطفلة أذنت لها، فالمنزل يقع بنفس الشارع ويبعد خطوات قليلة عنهم، بالإضافة أن سكان الحي يعرفون عائلة الطفلة، فاطمأنت وودعتها على أن تعود خلال دقائق.
وافقت الأم وقلبها يحمل قلقا وخوفا وتردداً
ولم تعلم تلك الأم المسكينة أن تلك آخر مرة سترى طفلتها حين وصلت آمنة لمنزلها قامت شقيقتها الكبرى بترتيب شعرها والباسها فستانها الوردي الذي تحبه ونبهتها بأن تذهب مباشرة لمنزل العم وطمأنتها الصغيرة.
خرجت آمنة فرحة بفستانها الوردي وأغلقت شقيقتها الكبرى الباب خلفها بعد أن شاهدتها تتجه لمنزل العم بأمان.
مرت نصف ساعة والأم قلقة.. فطفلتها لم تعد للآن فاتصلت بمنزلهم ووبخت ابنتها الكبرى على سبب تأخر آمنة، فردت ابنتها برد صاعقك
أمي.. لقد أبدلتها ملابسها منذ نصف ساعة، ألم تصلك بعد؟
ذهلت الأم وصرخت بها أن آمنة لم تصلها لكن الابنة أجابتها، لكنها خرجت يا أمي!
خرجت الأم مهرولة تبحث عن طفلتها في الحي، لكن الحي كان فارغا
فالساعة الآن ال 6 ونصف.. وهو موعد المسلسل البوليسي الشهير آنذاك الذي يعرض على التلفاز والجميع كان يترقبه واستنفر اعمامها وجيرانها والأقارب وأخذوا يبحثون عنها في كل مكان لكن لا وجود للصغيرة أبداً.
عادت الأم مسرعة لمنزلها وسط قلق بناتها اللاتي أبلغنها أن آمنة طلبت أن تبدل ثوبها بآخر منذ نصف ساعة
اتصلت الأم فزعة بزوجها وابنها الكبير الذين جاءوا مسرعين وبحثوا عنها بكل مكان لكن الطفلة اختفت بلا أثر
وشارك الحي والجيران وأخذت الأمهات يقلقن على أطفالهن وأنفسهن.
وتم إبلاغ رجال الأمن التي طوقت المكان فتلك الصغيرة قد اختفت بجوار منزلها وفي يوم تخرجها وفرحتها أعلن رجال الأمن حالة الاستنفار، فاختفاء طفلة من أشد الأمور المخيفة والمؤلمة.
وانطلقت صرخات الأم المكلومة تبحث عن فلذة كبدها وهي ما بين فقدان الوعي تارة والصراخ تارة لكن لا أثر للطفلة أبداً.
حتى جاء الخبر بعد يومين فقط خبرا تناقلته كل الصف الكويتية والخليجية والعربية خبر هز الكويت من شناعته وعظيم جرمه، فكان المصاب جللا والخطب عظيما.
فبعد انتشار خبر اختفاء آمنة ومناشدة الصحف الجميع بالمساعدة وتحديداً يوم الخميس، لاحظ راعي أغنام بقعة تجمعت حولها الكلاب فاقترب منها وذهل، فقد بدت جثة لطفلة صغيرة تنهشها الكلاب فقام بطردهم وبقي بجوارها قلقا ينتظر مرور أحد للمساعدة.
فهو لا يملك هاتفا ولا سيارة، فانتظر قدوم كفيله كما اعتاد يوم الجمعة ليبلغه، وبالفعل فور وصول الكفيل حتى ارتعب من المنظر.
واتصل على الفور بالأمن وهرع رجال المباحث والجنائية للتعرف على الجثة.
وانتشر خبر العثور على جثة طفلة كالنار في الهشيم، وسقط قلبي والديها من الخوف والهلع.
لقد عثروا على جثة طفلة ترتدي لباسا ورديا مثل ذلك الذي ارتدته آمنة فور خروجها وأصبحت شكوكهما كوابيسا.
كان خبر العثور على جثة طفلة خبر مؤلم آلم الجميع من أطباء ورجال مباحث وصحافة.
كان جسدها الصغير الطاهر قد دفنته الرمال ونصفه الآخر قد نهشته الكلاب
وقد كانت ترتدي فستانا ورديا
وبعد معاينة المباحث والطب الشرعي للمكان استرعى انتباههم قطعة حديد مغطاة بالدماء، فتم نقلها للأدلة الجنائية
أما تقرير الطب الشرعي فقد أذهل رجال المباحث!
فالطفلة تعرضت للطعن والنحر والاغتصاب عدة مرات وآثار اطارات سيارة دهست جسدها البريء، ونهش جسدها الطاهر من قبل الكلاب!
بدا أن الجريمة بدافع انتقام وإلا لما تعرضت لكل ذلك التعذيب واسترعى انتباه رجال الأمن بلاغ تغيب الطفلة آمنة التي اختفت من يومين مرتدية فستانا لونه وردي.
وتم استدعاء الأب للتعرف على الجثة وكانت الصدمة أنها طفلته آمنة!
فهاله المنظر وقساوته وانهار، وتعرف على جثة ابنته باكيا غيب الموت آمنة ابنة السنوات الخمس وبضعة أشهر بعد ساعات من تخرجها من رياض الأطفال وغيب معها تلك الابتسامة الجميلة التي تميزت بها وغابت فرحة التخرج وحل محلها الحزن والأسى
وعاشت الكويت والخليج صدمة أبكت الجميع بلا استثناء لقد كانت بالفعل آمنة ابنة الجميع
استنفر رجال المباحث في كل مكان خاصة في ذاك الحي، فالطفلة اختطفت من الحي، وتم التحقيق مع المئات وتم الاشتباه بالعديد لكن أطلق سراحهم لاحقا
وراقبت عيون المباحث حياء المنطقة شبرا شبرا لأياما امتدت ل 18 يوما
وأخذ رجال المباحث بمراقبة الحي لعدة أيام وأسابيع وسط خطة محكمة متقنة
حتى كانت المفاجأة
فقد اشتبهوا بشخص (أبكم وأصم) يرعى (الطيور) يسكن بجوار منزل الضحية وبدأ عليه الاضطراب فتم استدعاء مختص باللغة والإشارة ليحل اللغز الذي انتظروه 18 يوما
وفجر الشاهد مفاجأة لم تكن بالحسبان!
قال الشاهد أنه في الساعة السادسة والنصف كان فوق السطح يرعى الطيور وشاهد الطفلة آمنة تخرج من منزلها وتتجه لسيارة يعرف قائدها جيداً ومن ثم ذهبت معهم بعد حوار قصير بينهم وانطلقوا لجهة غير معلومة كان الشارع في ذلك الوقت هادئا ويكاد يخلو من الناس.
انطلق رجال المباحث لمنزل قائد السيارة المشتبه بها وكانت المفاجأة أنه جار الضحية وهو (مرزوق) سعودي الجنسية وقاموا باستجوابه كذلك اعتقلوا شقيقه (سعيد) وبعد الضغط والاستجواب اعترفوا جميعا بالجريمة التي اقضت مضجع أهل الكويت وأرعبتهم.
لقد قتلوا الطفلة بمشاركة ابنة عمهم لطيفة وصديقهم حمد (كويتي الجنسية) الذي طلبوا منه مشاركتهم ورحب بالأمر
فتم اعتقالهم جميعا ومثلوا جريمتهم وسط حراسة مشددة حيث واجهوا غضب شعبي عارم من العامة الذي توعدوا بمحاسبتهم.
المأساة:
اعترف مرزوق وهو الرأس المدبر أن أربعة أشخاص خططوا للانتقام من شقيق الطفلة بدافع الشرف!
إذ اعترف أنه وبعد أن علم أن شقيق الطفلة آمنة يرتبط بعلاقة مع ابنة عمه لطيفة قرر الانتقام بمساعدة أخيه سعيد وصديقه حمد
فاجتمعوا بطريقة ماكرة على خطف إحدى شقيقاته، فأخذوا يراقبون مسكنهم ينتظرون أنت خرج إحدى شقيقاته، لكن لم يحدث ذلك أبداً حتى كان ذلك اليوم الذي ضجت به الكويت
(نعتذر عن بعض التفاصيل المروعة)
يكمل مرزوق (وهو الرأس المدبر):
قررنا الانتقام بخطف إحدى شقيقاته للاعتداء عليها وراقبنا مسكنهم كثيراً وللأسف لم يخرجن، كانت معنا بالسيارة ابنة عمنا وصديقي حمد وأخي سعيد
وكانت المفاجأة حين خرجت الصغيرة، وكل العيون ترقبها فكانت الهدف!
فأخذت ابنة عمي لطيفة بمحادثتها خاصة أن الصغيرة تعرفها وتطمئن لها وتثق بها وأقنعتها بالركوب معنا وفور أن صعدت ورأتنا تجمدت من الخوف!
كنت أنا من يقود المركبة وبجانبي صديقي حمد وفي المقعد الخلفي أخي سعيد وبجانبه ابنة عمي
فشعرت الطفلة بشيء من القلق والخوف فقررنا أن ننزل ابنة عمي بسرعة للمستوصف القريب وننطلق بعدها للصحراء (بر السالمي)
فتشبثت الطفلة بملابس لطيفة خوفا منا لكن لطيفة نزلت بسرعة، فأخذت الطفلة تصرخ وتصيح فكمم فاهها أخي سعيد وانطلقنا للصحراء مسرعين وأثناء ذلك قام سعيد بهتك عرضها ثم ضربها بأنبوب حديدي على رأسها فسقطت مغمي عليها
حين وصلوا كانت الطفلة قد استيقظت وكانت تبكي وتصرخ وتنادي والدتها مستنجدة وتحاول الهرب فقام مرزوق بجرها ورميها على تلك الرمال وقام باغتصابها ثم طعنها بصدرها عدة طعنات ثم قام سعيد باغتصابها مرة ثانية، وطعنها أيضاً ثم طلب مرزوق من حمد أن ينحرها فأخذ ينحرها قبل أن يعود مرزوق لنحرها من جديد من الوريد للوريد
بعدها قاموا بدهسها عدة مرات لتلقي تلك الطفلة البريئة حتفها بصورة بشعة هزت العالم
قال المتهم مرزوق: كنا في حال غير طبيعية، كنا سكارى، كانت عقولنا ليست معنا عندما أقدمنا على قتلها
فبأي ذنب قتلت؟
قالت ابنة عمهم من استدرجت الطفلة أنها لم تعلم بنيتهم قتلها فقط اختطافها!
أما بقية المتهمون فأخذوا يراوغون مرة بالإنكار ومرة بالضغط عليهم وأن اعترافاتهم كانت زيفا وبهتانا
لكن الشاهد الوحيد كان الأبكم
وبعد اعترافهم وتمثيل الجريمة بداية من الحي الذي اختطفت منه إلى الصحراء مكان الجثة وسط حراسة مشددة كذلك تفاصيل خاصة أدلوا بها لا يعرفها إلا القتلة وشهادة الأبكم تم ايداعهم جميعا السجن لحين النطق بالحكم
وأثناء ذلك تعرض المتهمون للضرب المبرح من السجناء فاضطرت الإدارة لإيداعهم زنازين انفرادية لحين النقط بالحكم فالجريمة البشعة بحق الطفلة مست قلب كل كبير وصغير داخل وخارج البلد
أما أقارب المتهمين فقد انتقلوا لمكان آخر بسبب غضب الجيران والعامة
هزت الجريمة الكويت والخليج والوطن العربي وتناقلتها الصحف لأشهر عدة لبشاعتها لدرجة أنها أخذت تدرس بكلية نايف العسكرية لفترة.
لقد كان المتهم مرزوق يشاركهم بحثهم عن ابنتهم ويواسيهم أحزانهم وهو من اختطفها وقتلها!
فانطبق عليه المثل: يقتل القتيل ويمشي بجنازته!
وبعد عدة مداولات تم الحكم على المتهمين الثلاثة بالإعدام شنقا
أما المتهمة لطيفة فقد حكم عليها بالسجن المؤبد وسط غضب العامة الذين كانوا يأملون بإعدامها لأنها السبب الرئيسي للجريمة ومن استدرجت الطفلة التي وثقت بها يوما.
يوم القصاص
يقول الله تعالى في كتابه الحكيم:
(ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون)
فبعد سنتين قضوها في السجن تم إعداد المتهمين الثلاثة شنقا وشهد إعدامهم جمع غفير من الناس
ولازالت المتهمة لطيفة إلى اليوم تقضي محكوميتها في السجن المركزي
لقد كانت آمنة الفتاة الخاطئة في المكان الخاطئ
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا