وجود
عندما تدخل المادة والمال من الباب بين الأصدقاء تخرج المحبة من النوافذ .. وهذا ما حصل تماماً في السبعينات من القرن الماضي .. فقد كان هناك ثلاثة أصدقاء عراقيين: نايف وحواس وغربي، أعجب نايف بأخت صديقه حواس، وتدعى وجود، قرر أن يتقدم لها، لكنه صدم من صاحبه حواس يطلب منه ثلاثة أضعاف مهر أية فتاة
نايف شاب يتيم توفي والده، ولم يترك له إلا القليل من المال، ولكن لشدة حبه وعشقه لأخت صديقه وجود استطاع أن يجمع المهر الذي طلبه حواس منه كي يتزوج أخته، قدم نايف المهر إلى حواس، وشرط حواس على نايف أن يتم عقد القران الشهر المقبل، وألا يعلم أحداً بمسألة الخطبة، وافق نايف على ما طلبه حواس، وبعد مرور أيام تم إلقاء القبض على حواس بجريمه سرقة، حيث قام التاجر الذي يعمل حواس عنده مزارعاً باتهامه بسرقة المال. حواس شاب عصبي، وطباعه سيئة، وتصرفاته غير أخلاقية، ولديه الكثير من المشاكل والاختلافات مع الناس والمحيطين به
تم زج حواس في السجن، فتضايقت وجود على أخيها الوحيد المرمي في السجن، فذهبت إلى التاجر ورجته بأن يعفو عن أخيها، أعجب التاجر بوجود من أول نظرة ورغب أن يطلبها زوجة له، ذهب إلى حواس في السجن وأخبره أنه سوف يتنازل عنه بشرط أن يزوجه أخته وجود، وضح حواس للتاجر أن وجود مخطوبة إلى صديقه نايف وكان قد دفع له مهرها، لكن التاجر كان مصمماً على رأيه، وأقنع حواساً أن يلغي خطبة نايف، ويز وجه وجود
عندما تم إطلاق سراح حواس ذهب إلى أخته وجود وأخبرها أن التاجر سوف يتزوجها، وأن عليها أن تنسى نايف أبداً، وتستعد للزواج من التاجر، فهو أغنى من نايف اليتيم، وأقدر على إسعادها رغم فارق العمر بينهما
عندما سمع نايف بالخبر غضب كثيراً، واتهم حواساً بالسرقة، وطالبه بالمهر الذي دفعه، لكن حواساً أنكر أن نايف دفع له المهر. اشتد غضب نايف وقرر أن يقتل حواساً؛ لأنه قدم له كل المال الذي يمتلكه، وأصبح الآن لا يملك أي فلس .. تزوجت وجود من التاجر مجبرة على رجل لا يميل قلبها إليه، ومتزوج من قبل، ولديه أبناء. قامت القبيلة بتهدئة نايف ونصحوه أن يذهب إلى الكويت ليعمل هناك وينسى وجود وأخاها، قرر نايف أن يذهب وأستأذن من صاحبه غربي الذي يعمل في توصيل القبيلة من العراق إلى الكويت أن يذهب معه في رحلته، ذهب نايف إلى الكويت وعمل هناك، وتحسنت أموره، وعثر على إحدى الفتيات وتزوجها وأنجب منها طفلة
توفي زوج وجود بعد عشر سنوات من الزواج، وقام أبناء زوجها بطردها من البيت هي وابنها إياد، ذهبت وجود مع ابنها إياد إلى بيت أخيها حواس، وأخبرت أخاها أن أبناء زوجها التاجر لم يتركوا لها أي شيء، لكن وجود كانت تفكر في خطة ثانية، فاستدعت صديقتها المقربة كفاء التي كانت بصدد السفر إلى الكويت كي تتزوج هناك، وأعطتها قطعاً ذهبية كثيرة، وأخبرتها أن تذهب، وتسلم الذهب إلى نايف في الكويت كجزء من مهره الذي دفعه إلى أخيها وأنكره أخوها حواس. وبالفعل ذهبت كفاء مع عائلتها مع السائق غربي إلى الكويت والتقت بنايف، وأعطته قطع الذهب، وأخبرته أنه من وجود نظير بعض مهره الذي سرقه حواس
علم نايف أن وجود أصبحت أرملة، ولديها ابن، فبدأ يفكر في كيفية تقديم الشكر لها والتعبير عن مدى إخلاصه لها، فقرر أن يسجل كل هذا الكلام الذي في قلبه في شريط كاسيت، ويرسله مع صاحبه غربي السائق، أخذ غربي الشريط، وفي أثناء الطريق قام بالاستماع إليه، وانصدم أن هناك علاقة بين نايف ووجود أخت حواس، وأن وجود أعطت نايف الذهب سداً للمهر الذي أعطاه لأخيها حواس، ذهب السائق غربي مسرعا إلى العراق وأعطى حواساً الشريط وأخبره بالعلاقة التي بين أخته وجود وصديقه نايف، كما أخبره بقصة الذهب الذي أرسلته وجود مع صديقتها كفاء إليه، دخل حواس إلى غرفة أخته وجود، وصرخ بها وتشاجرا، فأخرج حواس من جيبه سكينا، وقام بطعن شقيقته وجود عدة طعنات إلى أن توفيت، وبعدما سالت الدماء على يده خرج وبيده السكين يصرخ خارج المنزل، يقول: إن أخته ليست شريفة
تفاجأت القبيلة من سماع خبر وجود، ومن هذه التهمة التي ألصقها بها أخوها ليبرر قتلها، ولم يكتف حواس بما فعله بوجود، بل أراد كذلك أن ينتقم من كفاء أيضاً؛ لأنها هي التي أوصلت الذهب، وتعرف قصة وجود كاملة، فاتهم حواس كفاء في شرفها أيضاً، وعندما سمع زوج كفاء الخبر - وهما في الكويت - طلقها، وأخذ ابنتها منها. انصدمت كفاء بهذه التهمة الباطلة، وظلت تبكي؛ لأنها اتهمت اتهاماً باطلاً في أعز ما تملك المرأة. لم تستطع كفاء الرجوع إلى العراق خوفاً من العار، فذهبت إلى نايف وأخبرته بمقتل وجود على يد حواس بتهمة تمس شرفها. أحس نايف أن القصة كلها تبدأ من شريط الكاسيت، وتأكد أن صاحبه غربي أعطى الشريط لحواس، وأن حواساً استمع إليه، وعرف ما فيه؛ لهذا قام بقتل أخته، وتلفيق التهمة لصديقتها كفاء. غضب نايف وقرر أن يعاقب صديقه غربي على فعلته المشينة التي تسببت بكل هذه المشاكل، فاستدرج غربي إلى منطقة خالية في الجهراء، وقام بإطلاق النار عليه، وقتله
تم إلقاء القبض على نايف والحكم عليه بالسجن المؤبد، وتطلقت زوجته منه ورمت ابنته على أصحابه، فطلب نايف من كفاء أن تأخذ ابنته وتربيها وتتبناها وتحولّ اسمها من والدتها الحقيقية إليها. وبعد فترة من الزمن قررت كفاء أن ترجع إلى العراق، لعل الناس تكون قد نسيت التهمة التي ألصقها بها حواس، لكن عندما وصلت إلى بيتها لم يستقبلها أهلها، وكان إخوانها غاضبين منها؛ لما لحقهم من أذى وسوء سمعة بسببها، فقامت والدتها بطردها وإبعادها عن أنظارهم؛ كي لا يقتلوها بداعي الشرف
بحثت كفاء عن عمل واشتغلت في أكثر من بيت كي تربي ابنة نايف، وأخيراً استقرت في أحد البيوت، كان صاحب المنزل طبيباً كبيراً في العمر، أعجب بكفاء واحتضنها مع ابنتها وتزوجها. أما حواس فقد ربى ابن أخته إياد، وتعرف على أحد الشخصيات في حزب البعث وتزوج ابنته، لكن حواساً كان يكذب عليهم، ويمثل أن إياداً هو ابنه، وفي الحقيقة هو عقيم لا ينجب، تزوجته ابنة القيادي ولم يرزقوا بأبناء، وكان دائماً يردد أمام الناس أن العقم من زوجته، ويجرحها بكلماته؛ ليظل مسيطراً عليها، وكانت ترجوه ألا يطلقها. توفي القيادي وترك من ورائه أملاكاً وأطياناً، فأصبح حواس هو المسيطر على هذه الأملاك، وكبر إياد في حضنه. أما كفاء فأصبحت شخصية نسائية معروفة بعد وفاة زوجها الدكتور، وحصولها على ثروته الكبيرة
وبعد تحرير الكويت قررت كفاء أن تذهب إلى بيت والدها تبحث عن عائلتها، فعلمت أن إخوانها توفوا في الغزو، وأن حواساً يحتضن والدتها الكبيرة في بيته. ذهبت إلى بيت حواس، فصدمه ما حققته كفاء على المستوى الاجتماعي والمالي، وعاتبته على أعماله وأفعاله، فاعتذر منها، وطلب أن تسامحه، لكن كفاء كانت تضمر في نفسها شيئاً آخراً، فهي لم تنس أن حواس دمر حياتها، وقتل صديقتها .. أخذت كفاء والدتها إلى بيتها، ولم تغلق باب التواصل مع حواس؛ لأنها تريد الإيقاع به، وهذا ما حصل بالفعل، فقد ابتلع حواس الطعم، وقرر أن يتزوج كفاء
كانت كفاء تخطط للانتقام بخبث ودهاء، فبدأت بالتواصل معه عبر الهاتف، وفي كل مرة تتطرق لبعض أعماله السابقة وجرائمه الماضية، وبينما يسترسل هو بالحديث طالباً طي صفحة الماضي، وإغلاق الدفاتر القديمة، كانت كفاء تسجل كل اعترافاته: ابتداء من قتل أخته، إلى تلويث سمعتها وسمعة أخته، إلى إقراره بأن إياداً ليس ابنه، بل ابن أخته وجود، إلى كونه عقيماً ... لم تترك حدثاً إلا حثته للاعتراف به، ثم قامت بإرسال التسجيلات إلى زوجة حواس، وقامت زوجته بإخبار عائلتها، وعرف الجميع قصة التسجيلات واندهشوا من كل هذه الحقائق التي استطاع أن يخفيها عنهم فترة من الزمن. انصدم إياد أن حواساً ليس والده، وأنه هو من قام بقتل والدته .. تم إلقاء القبض على حواس واعترف بكل ما نسب إليه من جرائم، وحكم عليه بالإعدام. أما نايف فقد تم إطلاق سراحه بعد أن تنازلت عنه عائلة غربي عندما علموا أن ابنهم هو المتسبب في مقتل وجود، وهو الذي أرسل الشريط إلى نايف، التقت كفاء بابنتها، وسعدت بها أيما سعادة، ثم لم تلبث فترة طويلة حتى اجتمعت بنايف، فتقدم إليها، وطلب يدها، فوافقت وتزوجا، ورزقا بأبناء، وعاشا سعيدين بقية حياتهما............
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا