ربتوا ماي؟؟ ش
يلا نبدأ
لحم الشباب
نانمين قرية صغيرة بالقرب من مدينة جينتشنغ في الصين.. قرية بدائية يعمها الهدوء والسكينة، سكانها البسطاء يعملون لكي يعيشوا، فليس لهم أي طموح يذكر لتحقيقه في اليوم التالي، يأكلون ما تجنيه أيديهم من حقولهم ويبيعون الفائض لكي يوفر باقي مستلزمات معيشتهم من ملبس وغير ذلك من احتياجات.
سكان هذه القرية يعيشون كأنهم خلية نحل، يعملون في النهار ويعودون في المساء لوقت راحتهم، ولهذا السبب تجد أن غالبيتهم لا يعرفون من الذي يقطن بجوارهم؛ لأنهم لا يمتلكون الكثير من الوقت للقاء الجيران أو مجالستهم. وحين يفقد شخص أو يقتل فلا أحد يعطي أهمية كبرى لذلك، خصوصاً إذا كان هذا الشخص ليس من أفراد أسرته، فالفقر والعمل المرهق المستمر جعلهم لا يفكرون كثيراً بما يحدث حولهم.
حتى شرطة المنطقة كانت تغط في سبات عميق، كأنها تطبعت بطباع أهل المنطقة، حيث عدم الاهتمام والاكتراث بأي شيء يكاد يكون سمة عامة. خصوصاً وأن العائلات تقود أحياناً بالتبليغ عن حادث ما، لكنها لا تعود مرة أخرى لمتابعة بلاغها؛ لأنها ليس لديها وقت. ولهذا تجد الشرطة تكدس البلاغات في الأدراج حتى يعلوها الغبار. فهي شرطة كسولة اعتادت الروتين الممل، ولا ننسى أثر الفساد الإداري والمالي أيضاً. فتلك المناطق النائية بعيدة عن أنظار الحكومة المركزية في بكين، وكما يقال: "إذا غاب القط.. العب يا فآر"!.
هذه المنطقة الهادئة ذات الحياة الرتيبة حيث كل إنسان مهتم بنفسه فقط كانت بيئة خصبة لمجرم قصتنا، تشانغ يونغ مينغ الذي ولد عام 1956 ونشأ وترعرع في تلك الأصقاع.
العصبي المجنون:
عرف عن تشانغ في شبابه بأنه شديد الانفعال وعنيف ومندفع. ذات يوم حصلت مشاجرة بينه وبين أبن عمه فلم يكن أمامه غير سكين صدئة كانت بالقرب منه فاستلها وحاول نحر أبن عمه ولكن العناية الإلهية أنقذت أبن العم من بين يديه في آخر لحظة بتدخل والد تشانغ وعمة، وتم طرد تشانغ من المنزل.
صورة
أصبح تشانغ أكثر حرية الآن وطغت عليه ميوله الإجرامية، أصبح كأنه حيوان بشري يدور في الغابة ليقتل ويشرح ضحاياه أمام المارة ولا يجد من يردعه؛ لأنه يعرف جيداً المكان الذي يقطنه، لكن في يوم من الأيام عام 1979 قبض على تشانغ بالجرم المشهود بعد أن تشجع أحدهم وأبلغ عنه، وكانت هناك جثة مراهق ممددة بين يديه ومقطعة من مفاصلها، وكان يهم بنقلها من المكان الذي شرحها فيه، لكن في تلك الأثناء قبضت عليه الشرطة التي كانت لا تريد التحرك ولا تريد مشاكل، ولا تريد فتح أي قضية حتى لا يتم لفت الانتباه للفساد الذي ينخر بالمنطقة ويضعها تحت المجهر.
تم إيداع تشانغ السجن وحكم عليه بالإعدام، لكن بعد فترة ليست بالطويلة، وبعد أن نسي أهل القرية أو بمعنى أدق تناسوا ما حدث، تم تغيير الأدلة في ملف جريمته ليتحول حكم اعدام إلى سجن مدى الحياة. وفي عام 1997 فوجئ سكان القرية بالإفراج عن تشانغ واعطائه قطعه أرض ومبلغاً من المال لكي يكون مواطناً صالحاً ويندمج مع المجتمع.
تشانغ أشترى منزلاً منزوياً في تلك القرية وبدأ بزراعة أرضه، فكان من الحقل إلى المنزل ومن المنزل إلى الحقل. ولا يتحدث نهائياً مع أي شخص، لكن بين الحين والآخر كان يعرض بعض اللحوم المجففة للبيع في مركز للمواد الغذائية متواجد في نفس القرية التي يقطنها، وكان يخبر زبائنه آن تلك اللحوم هي لحوم طائر النعام.
صورة
طبعاً أهل البلدة الفقراء ثم يكونوا قد غادروها يوماً ولا يعلمون أصلاً ما هو النعام، لكنهم كانوا يشترون ذلك اللحم بسبب سعره المناسب، وكانوا فرحين لوجوده في قريتهم وتوفره بشكل دائم تقريباً، وطبعاً يعود الفضل في ذلك إلى تشانغ الذي لم يكن أحد يعلم من أين يأتي بتلك اللحوم سوى الله.
الجامعات الجديدة واختفاء الطلبة:
في تلك الفترة كانت تحدث تغييرات كبيرة في الصين. تلك التغييرات التي حولتها من بلد خامل وكسول إلى مارد صناعي ومالي على مستوى العالم أجمع. ومن بين هذه التغييرات بناء العديد من المدارس والجامعات، وبعض تلك المدارس والجامعات بني بالقرب من القرية الصغيرة التي يسكن فيها تشانغ، فكان الطلاب يأتون من كل حدب وصوب للالتحاق بتلك الجامعات، كما أن سكان القرية أرسلوا أولادهم إلى تلك المدارس الجديدة.
ومع ازدياد المدارس واعداد الطلبة كانت تأتي بين فترة وأخرى بلاغات للشرطة بشأن اختفاء أحد الطلبة، وجميع المختفين كانوا في سن المراهقة والشباب، ما بين 16 - 22.
صورة
لكن الشرطة طبعاً لم تكن تريد أن تعمل، ولا تريد أن تلفت الانتباه للقرية، فكانت تضع الأعذار وتبرر اختفاء الطلبة على أنها حالات فرار من الفقر وضيق العيش، لا بل كانت تهدد أسر الضحايا أحياناً لكي يغلقوا الموضوع، وكان هذا بالفعل يلجم الألسنة.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا