عندما يتغير الشيطان!
وتحضر الحيلة!
بعد أن عدنا من تركيا.. كان يتبقى قرابة الأسبوعين.. كي تقترب فترة الأشهر الستة المتفق عليها من الانتهاء، من أجل أن تنفيذ الاتفاق الذي كان بيني وبين ضياء.. وتم هذا الزواج من أجله..
لكنه صارحني بكل وضوح:
- أعلم أن ساعة تنفيذ الاتفاق قد اقتربت، لكنني لم أتوقع أن أتعلق بك بهذه الطريقة، لذلك سوف أمدد المدة.. ولا أعدك بتاريخ معين!
- لكن هناك اتفاقا بيننا.. أنت تكذب وأمثالك لا يصدقون..
غضب من حديثي وقال متسائلاً:
- ومشاعرك تجاهي! هل كنت تكذبين علي؟
تنبهت إلى شناعة ردة فعلي، وتداركت ذلك بالتصنع الذي اعتدت عليه معه، وكأني الجميلة الحزينة.. ثم قلت:
- لا.. لا يا ضياء.. لم أقصد ذلك.. لكنني خائفة من تهديداتك لي.
- أنا أحبك ما خطبك؟ وليس هناك أي داع للخوف.. لن أضرك وسأمحي المقطع أمام عينيك إن كنت مستقيمة معي، كما تعودت عليك بالفترة الأخيرة.
الحقير.. متى ينتهي هذا الفيلم السخيف والثقيل على قلبي..
لم أعد أطيقه أبداً.. ولكن لا أملك إلا الصبر.. سأسعى للوصول إلى هاتفه لعلي أجد شيئاً مهما أقوم بحذفه من دون أن يشعر..
مر على بالي أخي أحمد.. إخواني.. لم يسأل على أحد منهم!
يبدو أنني تعودت على ذلك.. هم إخوة على الورق فقط..
وبينما كنت سارحة أفكر بمصيبتي..
وضع يده على كتفي وقبل جبهتي، ثم عرض عرضاً:
- ما رأيك أن نخرج قليلاً؟
- نخرج! لم أر الشارع ولا الناس في جدة طويلاً.. إلى أين؟
- سأريك مكاناً جميلاً.. سنقضي به وقتاً جميلاً ومثيراً!
أخافتني طريقته بوصف المكان.. لكنني وافقت لأنني أحتاج لرؤية وجوه أناس جديدة، غير وجه هذا المريض..
تجهزت وخرجنا سوياً بعد الظهر.. بعد أن نفذت كل ملاحظاته بملابسي وعباءتي التي أصر علي كما تعودت منذ زواجنا بأن أرتدي قفازات اليدين تطبيقاً للشرع كما يقول.. استجبت له.. المهم أن نخرج.. لم أتفوه بكلمة واحدة طوال الطريق.. كان يتحدث ويبشرني عن المجندين الذين استطاعوا بإقناعهم وإرسالهم إلى سورية..
وأنا صامتة وكلما نظر إلي.. اطلقت ضحكة كاذبة كي يشعر بأني معه..
وصلنا إلى حي غير مزدحم لم ألاحظ اسمه.. تقع به استراحات متناثرة في جنوب جدة..
حتى وصلنا إلى إحداها وأخبرني بأنه اشتراها مؤخراً.. ويستفيد منها بتأجيرها على العائلات..
أدخل سيارته وأغلق الباب بالجهاز الذي كان يحمله.. ثم نزلنا..
بدأت أتفحص المكان.. ولم أكمل دقائق حتى بدأ المعتوه بالاقتراب مني..
ابتعدت عنه.. واقترب بشكل مجنون.. كان كالشيطان تماماً!..
علمت أنه يريد أن يمارس طريقته المستفزة معي.. قال لي وهو يرتجف:
- روان.. لقد تعلقت بك كثيراً.. أنا أحبك.. أو ربما شغوف بك لدرجة الجنون.. ماذا فعلت بي يا جميلتي..
أخافني كثيراً ولن أتقبل ملامحه فضلاً عن كلماته..
نظر إلي من أسفل إلى أعلى.. ثم طلب مني أن أركض!
وعندما سألته بتعجب:
- لماذا؟
أجابني:
- لا أحب الضحية السهلة.. اركضي كالغزال وسأقبض عليك كالنمر.
تمنيت لو كان هذا الموقف خيالياً.. علمت أنه قد بدأ فعلا بممارسة أمراضه..
ركضت من الخوف وركض خلفي.. ومن غير تفكير وجدت بالقرب مني معول حفر.. أخذته بسرعة وأنا مذعورة، وضربت به رأسه قبل أن يتمكن مني..
ضربة قوية أسقطته أرضاً!
صرخ من الضربة ثم اختفى صوته! ورميت المعول من يدي.. ثم نظرت إليه..
صمت مطبق بالمكان! سألت نفسي.. ماذا فعلت أيتها الحمقاء؟
خفت كثيراً.. أخرجت هاتفه من جيبه وقمت بالاتصال فوراً بالإسعاف..
وفتحت هاتفي لأحدد موقعي وأتعرف على مكان الاستراحة كي أخبر المسعفين..
قمت بذلك بسرعة خيالية.. نظرت إليه.. لا يتنفس أبداً.. ولا يتحرك!
أيقنت أنها كارثة حقيقية لو مات! ستنتهي حياتي حتماً!
وقتها.. شعرت وكأن الشياطين تتلبسني وتقدم لي الحلول على هيئة أطواق نجاة!
شعرت فعلاً أنها فرصة العمر.. خطرت على بالي فكرة جهنمية!
من وحى شيطاني.. أو ربما خلاف ذلك.. لا أعلم.. لكن كل ما كنت متأكدة منه، بأنه ليس وقت الرحمة أبداً.. أريد أن أنجو من هذا المحيط العميق الذي لا مرسى حوله..
قررت أن اتصل بالشرطة فوراً، وأن أخبرهم بأننا بينما كنا أنا وزوجي بالاستراحة.. اقتحم علينا من فوق الجدار لص مقنع! تعارك مع زوجي ثم ضربه بالمعول وأسقطه صريعاً ثم فر هارباً.. وأنني أخبرت الإسعاف ثم قمت بإخبارهم من الارتباك.. تحدثت معهم وأنا أتظاهر بالخوف وبالبكاء طالبة النجدة..
رغم تلعثمي.. إلا أنني كنت مبدعة بالتمثيل..
من حسن الحظ أنني عندما أمسكت المعول، كنت أرتدي القفازات التي أمرني بارتدائها من أجل الحشمة كما يقول.. لذلك لن تترك أي بصمات على أداة الجريمة، فصختها مسرعاً وقذفت بها من الجهة الخلفية للاستراحة.. وبقيت أنتظر الإسعاف والشرطة..
هاتفه المحمول الذي يحتوي على ثمن حريتي أصبح معي.. منبع أسراره ومقاطع فضيحتي كلها الآن بحوزتي..
على الرغم من أنه يحمل رقماً سرياً.. إلا أن هذا لا يهم.. يكفي أنه معي..
لم أصدق ذلك.. كنت أرتعش خوفاً من الموقف الذي حصل فجأة من دون تخطيط..
فقط أريد أن تمر هذه الخدعة على رجال الشرطة.. وأن أنفد بجلدي ..
عشر دقائق تماماً وحضرت الشرطة.. ومن ثم بعدها بدقائق حضرت سيارة الإسعاف لبعد مركزهم عن المنطقة..
تظاهرت بالخوف وبالبكاء.. وانفجرت فوراً بوجه رجال الأمن:
- لقد ضرب زوجي حبيبي ثم هرب من ذلك الاتجاه.. لقد قتله وكاد يقتلني لولا صراخي العالي الذي أخافه.
تحدث الضابط:
- هدئي من روعك أختي.. لا تقلقي أبداً.. سيقوم المسعفون بعملهم وأنت اصعدي السيارة معي كي نقوم باللازم ..
- مستحيييل.. سأصعد مع زوجي بسيارة الإسعاف لن أفارقه حتى المستشفى.
وواصلت البكاء واللطم والتحسر.. وفعلاً تعاطف معي وسمح لي بالركوب معه..
استمررت في التظاهر بالبكاء أمام المسعفين ونظراتي لا تفارق ذلك الحقير..
كانت تلك اللحظات وكأنها سنوات بالنسبة لي.. أريدها أن تمر وأن يدفن وأن ينتهي كل شيء..
قبل أن نصل إلى المستشفى.. صاح أحد المسعفين:
- الرجل يتنفس! قد نستطيع اللحاق عليه.. أسرع أيها السائق قبل أن يفارق الحياة...
وكأنه وجه لي ضربة بلوح خشبي خشن على رأسي! شعرت منها بطنين يخربش طبلة الأذن..
تظاهرت بالفرح مسرعة وأنا بداخلي أدعو أن تخطف روحه!
وصلنا الى المستشفى..
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا