قلب تائب للكاتبةة علياء الكظمي

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2022-12-21

قلب تائب
أتسول حبه كما يفعل شحاذ متهالك على الرصيف... أحبه بشدة، بجنون، بقلبي المراهق الصغير فيتجبر علي بجبروت رجل خبير بالنساء... شاب ظالم لا يخاف الله ولا يعرف أن انتقامه سيكون من جنس عمله... وما فعله بي سيكون أكبر لعناته القادمة... لن أرحمه بغفراني ولن أحلله مهما حصل... فالأذى الذي طالني منه كان أكبر من أن يوصف أو تحكيه الكلمات...
أقرأ عن التسامح... والعفو... والمحسنين فتنتفض روحي ألماً... إنهم لا يعرفون ما فعلته بي، روعني هذا الحب... لا... لم يكن حباً... ربما أحببتك أنا لكن استغللتني أنت... نعم هما كذبت وجملت وادعيت لن تغير ما فعلته... يا لقباحة فعلك يا لظلمك... يا لحقارتك... 
كنت أقرب إلى طفلة عندما عرفتك... زينت لي طريق الهوى... خلتك لن تتخلى عني أبداً ... ولن تتركني... وثقت بك... وهبتك كلي... لم أترك لنفسي شيئاً ولا لمستقبلي طريقاً... كنت أنت فقط من أريد... وأنت فقط من أصدق... اكتشف خياناتك لي فأصبر... أتغاضى وأسامح حتى دون أن تعتذر... داويت جروحي بأن جرحت نفسي بجروح أكثر... تركتني في منتصف الطريق... عندما شبعت مني... وسئمت حبي... ظننت أنك ستنجو لكنني أخبرك أن الله يمهل ولا يهمل... ففي يوم ستقف أنت ومن ساعدك على ظلمي لتشهدوا عقوبة من جنس ما فعلتوه بي... سترون وتشهدون انتقام الله لي... وستعرفون معنى الاستهتار بمشاعر الآخرين وحرمانهم...
عرفتني عليه صديقتي... صديقة دمرتني بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى... وقعت في عشقه منذ المكالمة الأولى... وبدأ يحيك شباك قذارته حولي... لم أقاومه كثيراً فقد كنت فتاة صغيرة تتعطش للحب... خلته فارساً في حين كان قناصاً قاتلاً... استغلني... جعلني أسرق المال لأجله وأكذب على أهلي لأراه... لم يكن يهمني أحد سواه... كان عالمي... عالماً من الظلمات... حيث يختفي النور ولا يكون له وجود... تأخذني لتعرفني على أصدقائك بلا أقل ذرة من غيرة... فكيف يغار من لا رجولة لديه أساساً؟ يتقربون مني بحضورك... تضحك مستهزئاً بي... أسألك إن كنت تراني جميلة... تهمس محطماً كل معنوياتي لتدوس على ثقتي بنفسي بقدميك القذرتين: أنت عادية جداً... حتى الكلمة الجميلة استكثرتها علي وأنا بغبائي المطلق أسمح لك بإهانتي...
تمنيت لو نصحني أحد تمنيت لو أنقذني منك أحد... أنظر على أمي الغارقة بعالمها البعيد عني وأتمنى لو أنني أستطيع الاستنجاد بها... أخاف أن أحكي لها... أخاف أن أصارحها... أدمنت البكاء... أصبحت الدموع سلوتي وصديقتي الوحيدة... خفت على صديقات منك... فكلما لمحت إحداهن معي كنت تريد جرها إلى المستنقع الذي جررتني إليه... تهمس لي بصوت كفحيح الثعابين: ادعيها لتأتي معك بالسهرة القادمة... 
أخاف أن أورط غيري بما تورطت به أنا... لديك عشرات الصور لي... لديك أدلة قد تنهي مستقبلي كله... رغم أنك أنهيته أصلاً... تهمس في أذني عندما أتمنع عنك: أتريدين أن ابعث هذه الصور لوالدك المريض؟ أرتعش لتهديده... أخاف أن يموت ابي إن رآها فقلبه لن يحتمل عاري. 
إلى أين تهرب مثل وأنت حاصرتها كالعنكبوت... وأحطتها بشباك الرذيلة؟ إلى أين أذهب؟ ولمن ألجأ؟ في أحد أيام شهر رمضان المبارك... دخلت المسجد مع عمتي... وقفت بين يدي الله... ولأول مرة منذ عرفتك صليت... نعم... صليت وقد أغرقت السجادة بدموعي... سجدت وأنا أدعو من كل قلبي: يا رب خلصني منه... يا رب أنقذني من براثنه... يا رب لا تنساني ولا تتركني... 
انتبهت عمتي لانهياري... سألتني إن كنت واقعة في مشكلة ما... وأخيراً وجدت صدراً أضع رأسي عليه لأذرف كل دموع ندمي... بكيت أنهارا وأنا معها في سيارتها... وصارحتها بحالي، كانت صدمتها كبيرة... لم تتخيل أن وراء وجهي الطفولي البريء سراً قبيحاً كالذي أخبرتها به. 
وعدتني بالمساعدة ووعدتها بالامتثال لأوامرها... أخذت مني هاتفي... أصبحت سجينة غرفتي لقد خفت من انتقامك مني... وكلما سمعت أبي يناديني يقشعر جسدي الذي سممته بخطاياك... أخاف أن تكون قد فصحتني عند أهلي... عشت أياماً طويلة من الخوف وعمتي لا تخبرني شيئاً عن ما تفعله من وراء ظهري... وتكتفي بأن تقول: اصبري... الفرج قريب...
بعد أسبوع كامل من القلق والهلع... أسبوع قاس لم أذق فيه للنوم طعماً أتت عمتي وبيدها مغلف كبير يضم كل صوري... رمته أمامي وأغلقت الغرفة بالمفتاح... وقالت: سنحرق هذه الصور لكن الطريقة أمامك طويل... عديني أنك لن تعودي لهذا الطريق... وكما تحترق هذه الصور يجب أن تحترق روحك بنار الندم... باب التوبة مفتوح لمن مثلك... لا تعودي أبداً لذلك الذئب وإن تعرض لك بأي شكل فقط أخبريني...
قبلت يدي عمتي التي لم تفارقني من يومها... ارتديت الحجاب... واحترقت بنار الندم مرات ومرات... كم بكيت وكم تألمت... زرت بيت الله... وضعت رأسي لأشم رائحة الكعبة المشرفة ودموعي تهطل كالمطر... دعوت الله أن يثبتني... لا أعرف كيف تصرفت عمتي معك ولا يهمني أن أعرف المهم أنها أنقذتني منك... ليتها عرفت وتدخلت منذ البداية...
اليوم أنا داعية... أدعو إلى الدين... أدعو إلى الهداية... أدعو على الله... وجهي يفيض بالنور وقلبي يمتلأ باليقين... وفي كل ليلة أدعو الحكيم الخبير: يا منتقم ولو بعد حين. 
عندما تخوض فتاة ما علاقة مع شاب... فهي تعرف منذ اللحظة الأولى نهاية هذه العلاقة...
أعتقد أن الفتاة هي التي تخدع نفسها أولاً قبل أن يخدعها حبيبها... تعرف في مكان ما داخلها إن كان هذا الرجل يتلاعب بمشاعرها أم لا... وتعرف إن كان أهلها سيقبلون به زوجاً لها أم لا... وتعرف إن كان هذا الإنسان يستحق قلبها أم لا... لكنها رغم ذلك تستمر في العلاقة الفاشلة... متجاهلة صوت المنطق... لماذا؟ ربما هو الضعف أمام الحب وربما هو نوع من التعود... وربما هو نوع من العناد أو الغرور... لكنني أعتبره نوعاً من الجهل عندما ترفض الفتاة الانسحاب من علاقة تدمرها وتدمر كل قيمة جميلة بداخلها... لكل من تعيش موقفاً مماثلاً فأنا اصرخ بها صرخة من القلب: انفذي بجلدك وانسحبي قبل فوات الأوان اطلبي العون من الله مراراً وتكراراً وسيأتيك الفرج من حيث لا تحتسبين فالله يسمعك ولن ينساك...

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا