رواية إختلال 9 للكاتب سعد البدر

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2022-06-29

2015-6-10
الإشارة حمراء، سيارة فارهة حمراء، تلفت انتباه المحيطين بها.. في داخلها كانت ضحى تضع السماعة على أذنها.
- أهلاً أنا في الطريق، خرجت من اجتماع نادٍ للقراءة حالاً.. سألتقي بك.
بعد ذلك!
في الطريق، تسترجع قصتها مع هاشم، جميع الأحداث التي مرت عليهما منذ البداية حتى النهاية، كانت مبتسمة وسعيدة ..
- سأعيش حرة.. لدي منزل.. وأملاك خاصة.. يا لسعادتي.. أستطيع الآن أن أقول بأن الحياة ابتسمت لي!
تصف مركبتها بالقرب من أحد المستشفيات المتخصصة بالطب النفسي، تترجل وتذهب إلى البوابة ومنها إلى الدكتور المسؤول عن حالة هاشم.. أطلعها على تطورات حالته الصحية:
- يعاني من اكتئاب شديد وصدمة.. لا يتحدث كثيراً ويرفض الخروج من غرفته باستمرار.. حتى طعامه فهو قليل.. حاولنا جميعاً أن نغير سلوكه.. لكنه يرفض.. ودائماً يردد.. "سأقتلك يا الجلندي.. سأقتلك".. نحاول بأن نفهمه بأن هذا الشخص من وحي خياله.. لكنه يرفض ويقول بأنه حقيقة.
تقول ضحى بغضب للدكتور:
- لماذا لا يوجد تطور بحالته.. أنا أدفع لكم الكثير من المال من أجله.. ما الفائدة إذا من وجوده هنا.. هل يجب أن أبحث عن مستشفى أخرى؟!
يهدأ من عصبيتها:
- لا لا.. سنبذل قصارى جهدنا أعدك أننا سنجد حلاً لهذا الأمر.. لكن هل بالإمكان أن تساعديني.. أن تحدثيه ولو قليلاً.. منذ دخولك هنا.. لم تطلبي حتى رؤيته!! ربما رؤيتك ستغير من حالته النفسية للأفضل؟
أدارت وجهها بعيداً عن الدكتور وأجابت:
- لقد أخبرتك سلفاً بأنه يكرهني.. ستزداد الأمور سوءاً.. أعلم ذلك.
واصل الدكتور محاولات إقناعها برؤيته حتى وافقت على مضض، قادها نحو ممر طويل قبل أن يصلا لغرفة كتب عليها اسم هاشم، أخرج المفتاح وفتح الباب ووقعت عينا ضحى على هاشم.. شاهدته أول مرة بعد تلك القضية، هالها منظره إذا كان وجهه شاحباً جداً.. فقد عدداً من الكيلو جرامات، يرتدي قميصاً أبيض وبنطلوناً أخضر، يشاهد تلفاز وضع بزاوية تلك الغرفة التي كانت مجهزة بكل شيء.. ثلاجة.. سرير نظيف.. وطاولة وضع عليها أطباق من الطعام لم تمس.. اقتربت منه وضعت يدها على كتفه ونطقت بتردد:
- هاشم.. كيف حالك؟
لم يجاوب.. ولم ينظر حتى إليها؛ لذا تابعت تستحدثه قائلة: 
- أنا هنا من أجلك.. أريد أن أطمئن عليك.
نظر إليها.. عيناه الحمراوان أثارت الرعب بنفسها، وأخيراً أجابها بلكنة هازئة:
- هل يجب أن أقولك أنا بخير.. والأمور جميلة في هذا المكان الرائع.. وأن الحياة حلوة كما كانت.. هل يجب أن أقول هذا لك؟
تتجاهل ما قاله ثم تقترب منه أكثر وتسأل:
- هل اشتقت إلى؟
يضحك بصوت عال ..
- نحن نشتاق لمن نحب فقط.. لا نشتاق لمن نحب فقط.. لا نشتاق لمن تسببوا بأذيتنا!
تبتعد قليلاً.
- أنأ لم أتسبب بأذيتك.. أنت من جلبت الأذية لنفسك.
ّيواصل الضحك دون توقف ..
تقرر ضحى الرحيل وترك المكان، قبل أن يناديها ويقول:
- هل تعتقدين بأنني لا أعلم سبب قرار أمي أن تزوجني إياك.. أنا أعلم كل شيء.. لكن سيأتي الوقت المناسب للانتقام.. أعدك ..
تضحك ..
- أنت إنسان ذكي.. لكنك في نظر الجميع.. مجرد شخص فاقد للأهلية.. بالمناسبة.. أنا أحب نفسي والمال قبل كل شيء.. لم أشعر بشيء تجاهك قط.. وإذا كنت تعلم سبب زواجي منك.. فعليك أن تعلم جيداً.. أن لبعض الأسرار.. "ثمناً"!
يصفق ويرد:
- سامح الله أمي.. التي انتشلتك من الهاوية.. لتساعديها.. لتتورط بك الآن ..
تضحك ضحى ..
- كان هذا الأمر بالماضي.. وما حدث مع أمك بالماضي.. أنت أيضاً ستصبح من الماضي.
لا يبدي هاشم لما قالته أي اهتمام.. تستدير مستعدة لترك المكان فيسألها:
- قبل أن ترحلي دون عودة.. أريد أن أسألك عن تلك القضية، هل وجد نافع وحزام القتلة؟
تلتفت إليه وتجيب:
- سأجعلك سعيداً قبل أن أرحل وأجيبك.. لم يعثروا عليه.
يرفع يديه للسماء.. يصرخ "الحمد لله.. الحمد لله.. لم يحلوها.. حتى لا يفرح أبو سالم".
تبتسم ضحى.. وتقترب منه.
- ربما يقيدان تلك القضية تحت بند "ضد مجهول".. هل تذكرت جيداً تلك الجملة.. هل تذكرك بـ"والدك" المسكين.. الذي تبكيه كل يوم، وإذا ذكرنا والدك.. يجب أن نذكر والدتك- سبب كل ما يحدث لنا الآن-.. رحمها الله ..، لقد أهديت كل مقتنياتها إلى الجمعيات الخيرية للتصرف بها.. وعندما سألوني هل نذكر اسم المتبرع قلت لهم لا.. اكتبوا فقط "مجهول" هل أكرر عليك كلمة "مجهول" مجدداً، بينما أنا أنهم بميراث تلك الأسرة.. التي دمرت نفسها.. بنفسها!
هنا فقد هاشم كل أعصابه وانقض على عنق ضحى ليخنقها فصرخت، دخل الطبيب ويرفقه أحد الممرضين ليبعدوه عنها، كانت ضحى تتحسس عتقها بفزع وتصرخ:
- مجنون.. مجنون!
يذهب هاشم إلى أحد زوايا الغرفة يتكور بمكانه، ويبدأ بترديد كلمات غير مفهومة!!
في الردهة.. تتظاهر ضحى بالبكاء بينما يواسيها الطبيب، طلبت منه بعد ذلك بأن يهتموا به بشكل أكبر وبأنها مستعدة لدفع المزيد من الأموال.. قبل أن تلمح بهدية خاصة للطبيب بمقابل أن لا يكرر الاتصال عليها مجدداً بحجة أن قلبها ضعيف لا يحتمل رؤيته بتلك الطريقة وبأنها أصبحت تخاف منه أيضاً بعد تصرفه العدواني ضدها.. يوافق الطبيب دون تردد أو تفكير: 
- لن أتصل بك مجدداً. أعدك.
تمسح دموعها المزيفة:
- اتصل إذا كانت هناك مشاكل مالية لديك.. فقط.
تذهب ضحى بينما يتراقص الطبيب في مكانه فرحاً.
تعود إلى سيارتها مجدداً.. تخرج مرآة زجاجية صغيرة من حقيبتها لتطمئن على مكياجها الخارجي.. ثم أخرجت هاتفها وتتصل:
- المعذرة لم أستطع الرد.. كنت مع هاشم.. لا لا تقلق لا جديد.. كان يجب أن أزوره.. سأخبرك بالتفاصيل فور رؤيتك.. سأراك بمكاننا المعتاد.
تنطلق ضحى.. تقوم بتشغيل أغنية صاخبة.. لتنسيها صوت هاشم.. تصل إلى المكان المنشود.. تذهب من فورها إلى أحد الكراسي.. تجلس.. تنادي:
أبو توماس ..
يقترب ذلك الرجل مهرولاً ..
- أهلاً "ست الكل" ابن الحلال يأتي فور أن نذكر اسمه.
تضحك ..
- كيف؟
يشير بيده في الاتجاه الآخر.
- زياد في الداخل.. كان يحكي عنك وعن النجاح الذي تحققينه الآن.. سأناديه.. انتظريني ثواني فقط.
دقائق حتى وصل ذلك الرجل محملاً بابتسامته المعهودة ..
- يومان لم أرك.. لماذا هذي الغيبة؟
تقوم للسلام عليه.
- يا زياد.. تعرف بأنني إنسانة مشغولة جداً الآن.. ووقتي من ذهب.
يجلس بالقرب منها ..
تخيا امرأة الأعمال الشهيرة.. لكن عليها أن تدفع الــ "10000 دولار".
تنظر إليه ..
- ستأخذ نقودك.. لن أترك أحداً يهددني بشيء.
يلتفت يميناً وشمالاً قبل أن يهمس لها:
- ألا تخافين بعد أن أحصل على تلك النقود بأن أكرر تهديدي مستقبلاً؟
تكتب شيكاً وتقربه منه:
- أنت.. لن تستطيع بأن تهددني فأنت شريكي.. يا زياد.. أو.. يقف وينحني لها ويقول:
- "الجلندي".. "الجلندي".. يا مولاتي! 
 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا