رواية الجزار 6 للكاتب حسن الجندي

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2022-03-30

استيقظت (بتول} لتجد نفسها في غرفة ضيقة مظلمة، وشعاع من الضوء يأتي من نافذة صغيرة في ذلك الباب المعدني الذي يغلق الغرفة.
قامت، وحست أن رأسها ليس متزناً، يبدو أن ضغطها مرتفع، لأنها أحست بألم خفيف في رأسها. جرت إلى الباب، وأخذت تصيح أن يخرجها أجد .. ظلت تدق بيديها الرقيقتين بعنف، وتصرخ بلا جدوى.
لحظة .. هناك ألم يأتي من قلبها عندما تصرخ، لذا فقد هدأت، ولكن الألم لم يهدأ، صحيح أنه ليس ألماً بالمعنى المفهوم، ولكنه يأتي للحظة وينتهى. جلست منهكة وهي تتذكر طفلتها الصغيرة، وتحاول أن تداري عوراتها بقميص نومها، التي مازالت به.
* * * 
— "كم بقى في الغرفة حتى الآن؟"
قال (جلال) الكلمات السابقة وهو ينظر في ساعته، ويرتشف رشفة من كوب الشاي الموضوع أمامه.
كانوا يجلسون في غرفة واسعة، داخلها مكتبان، وبعض الأثاث، وجهاز تليفزيون متصل بدش، وبجانب كل مكتب حاسب آلي صغير. في حين أنه في إحدى أركان الغرفة جلس ثلاثة رجال، اثنين منهما يأكلان شيئاً ما من لفافة موضوعة على منضدة صغيرة أمامهم، وآخر يمسك بكوب من الشاي، ويبدو أنه انتهى من طعامه معهم مبكراً. الجميع يجلس على مقاعد تشبه مقاعد (الأنتريه) وأمامهم المنضدة الصغيرة.
— "أعتقد أنه اقترب من الساعة."
قال (علي) العبارة السابقة بفم ملئ بالطعام، فرد عليه زميله (جلال),َ 
— "تعتقد كم ساعة سيأخذ كي يعترف؟"
نظر (علي) إلى السقف مفكراً لثوانٍ، ثم قال وهو يعاود الأكل: 
— "ساعة أو اثنين على الأكثر."
ارتفع صوت (حسن) بسخرية، وهو لم يرفع عينيه عن الطعام قائلاً: 
— "أراهن على أنه سيعترف بكل شيء قبل انتهاء ساعة من الآن."
نظر (علس) و(جلال) له بدهشة بسيطة، وقال (جلال) ساخراً: 
— "وما الذي يجعلك متأكداً هكذا؟"
— "ليس من شأنك"    
قالها (حسن) وهو يبتسم مازحاً، فأخرج (جلال) من جيبه ورقة من فئة العشرين جنيهاً، ووضعها على المنضدة أمامهم، وهو يقول بتحدٍ: 
— "أتراهن على هذا؟"
أخرج (علي) هو أيضاً بأطراف أصابعه ورقة من نفس الفئة، وقال ل (حسن),َ 
— "وأنا أيضاً أراهنك."
ابتسم (حسن) وهو يعتدل على مقعده، ثم يخرج منديلاً ورقياً من جيبه ليمسح به يده، وقال: 
— "وأنا قبلت."
هنا قال (جلال) متسائلاً: 
— "ولكن ما فائدة اعتراف هذا الولد الآن، ونحن يمكننا أن نصبر بضعة أيام كي نقبض على الشخص الحقيقي؟"
نهض (حسن) ذاهباً إلى مكتبه، ليلتقط علبة السجائر، ويشعل سيجارة قائلاً: 
— "أنت لا تعرف سبب إتيان الأوامر العليا بوجود (آدم) الليلة بأي شكل. تلك الأوامر اعتدنا عليها قبل أن تنتقل أنت يا (جلال) للإدارة منذ عام."
عاد (حسن) مرة أخرى للجلوس أمامهم وهو يكمل كلامه، موجهاً حديثه لجلال: 
— "في بعض القضايا الكبرى، عندما يأتي أمر من الجهات العليا بأن المتهم يجب أن يكون الليلة بأي طريقة، فذلك يعنى أن خبر الجريمة قد تسرب للإعلام، وأنه سيُذاع في اليوم التالي مباشراً، وبالطبع لو أذيع الخبر بدون أن تكون المباحث قد توصلت للجاني، فذلك سيضع الداخلية في موقف محرج جداً، لذا فإنه يتم إظهار أحد الأفراد الذين يتعلقون بالقضية، ويصبح هو الفاعل، وينتشر الخبر على الوسائل الإعلامية في حين إنه يتم البحث عن الفاعل الحقيقي، ويتم التعامل معه بطريقة أخرى، ويظل الجاني الذي عرفته وسائل الإعلام هو الفاعل في نظر الناس.
الطريقة الثانية، أننا نختار شاب إما يمتلئ ملفه بالسوابق، أو شاب تتناسب ظروفه مع نفس ظروف نرتكب الجريمة، ويتم إلصاق التهمة به، كي يتم إسكات وسائل الإعلام، وهذا لا يحدث غالباً إلا كل سنتين أو بضعة سنوات" 
هَزَّ (جلال) رأسه بهدوء وهو يقول: 
— "إذن أنت اخترت (آدم) لتشابه اسمه مع الفاعل، وهو سيكون الفاعل في نظر الإعلام والناس، وبالطبع ستتوافق الظروف، ليتم رسم سيناريو يناسب كونه الفاعل، ومن الناحية الأخرى أنت تبحث عن الرجل الآخر، لتغلق ملف القضية، ولكن بطريقة سرية"
— "بالضبط"
عنا نهض (علي) من مقعده وهو يقول بخمول: 
— "أعتقد أن هذا يكفي الآن، ويجب أن نذهب لآدم كي نرى كيف ستكسب الرهان."
* * * 
فتح (حسن) الغرفة، ليجد (آدم) ملقى على الأرض، والجروح تملأ جسده، وأحد الرجال يجلس بجانبه، وهو يضع على بعض الجروح بلاستر طبي بعد أن يطهرها، و(آدم) فاقد الوعي، لا يدري شيئاً، وأحد الرجال يجفف العرق المتساقط منه، ويقوم بتطهير مجموعة جروح أخرى، ويمسح الدماء المتجمدة بمنشفة صغيرة مبللة بالماء.
بمجرد أن دخل (حسن), اقترب منه أحد الرجال، وهمس في أذنه قائلاً: 
— "كما أمرت، قمنا بنشر الجروح داخل جسده، وابتعدنا تماماً عن يديه ووجهه وقدمه، وبعدها قمنا بإلقاء الكولونيا بتتابع مرة كل خمسة دقائق، ثم تم ضربه في بطنه، وبعض الضربات البسيطة لوجهه، وأعطيناه عشر دقائق، ثم نشرنا الجروح على ظهره، وقمنا بإغراقه بالكولونيا، ولكنه لم يتحمل، ويبدو أنه أصيب بصدمة أفقدته الوعي، فتوقفنا منذ ربع ساعة، ونحن الآن نقوم بتنظيف الجروح، كي نكمل بعد أن يفيق".
هَزَّ (حسن) رأسه متفهماً، ثم جلس، وتبعه (علي) و(جلال) على المقاعد —والتي أحضر أحد الرجال مقعداً آخر كي يجلس عليه (جلال) —في حين أمر (حسن) الرجال بأن يجعلوه يفيق.
بالفعل انتهى الرجال سريعاً من مداواة جراحه، وأخذ أحدهم يرش جرعات من الماء على وجه (آدم), الذي بدأ يفيق ويفتح عينيه، فاجتمع الرجال يقفون خلف (حسن), الذي اعتدل في مجلسه قائلاً بسخرية: 
— "أنت مازالت في الأرض يا (آدم), أم تمت بعد. والآن بعد أن أعطيتك مهلة للتفكير بذهن صافٍ، وإرادة حرة .. ما هو قرارك؟"
كان (آدم) يتحسس جروحه، التي ملأتها لاصقات الجروح، وهو ينظر لحسن بغل، ويقول: 
— "أنت تريد أن أعترف بأنني المدير لعملية تفجير؟"
رد (حسن) ببساطة: 
— "نعم .."
فقال (آدم),َ 
— "وبالطبع سأحاكم على تلك القضية، وأدخل السجن."
— "لا تخف .. لن تزيد عقوبتك من عشر سنوات على الأكثر لو تعاونت معنا، في حين أنه يمكن أن تصل إلى الإعدام لو ظللت تنكر هكذا."
رد (آدم) بدهشة قائلاً: 
— "أنكر ماذا؟"
ابتسم (حسن) وهو يقول: 
— "أنك فعلت ذلك فعلاً، أنت لا تفهم، في كل الحالات ستكون أنت المتهم .. هذا شيء مفروغ منه. ولكن يمكنك أن تكون متعاوناً، فتربح حياتك وحياة أحبائك، أو جاحداً، فتخسر كل شيء."
ثم أضاف قائلاً: 
— "وفي كلا الحالتين أنا سأربح."
ظل (آدم) صامتاً لحظات، فنفخ (حسن) في ملل. هنا تحرك أحد الرجال بسرعة ناحية (آدم), وظل يصفعه على وجهه وقفاه، و(آدم) يحاول إبعاد يده، والرجل يصفعه بسرعة، و(آدم) يصرخ. 
ظل الحال هكذا دقيقتين، حتى تراجع الرجل، ووقف مرة أخرى خلف (حسن), و(آدم) مازال يحمي وجهه، خائفاً أن تأتيه صفعات أخرى.
— "صديقي حتى الآن .. أنا لم أبدأ بعد، وصبري بدأ ينفد"
نهض (علي) من مجلسه، واقترب من (آدم), الذي وضع يديه أمام وجهه في خوف، فركله (علي) على وجهه بعنف، مما جعل رأس (آدم) يرتطم بالأرض، وفي تلك اللحظة وضع (علي) حذاءه على وجه (آدم), مجبراً إياه أن يظل وجهه على الأرض، وحذاء (علي) فوقه وهو يقول:
— "أنت الذي اخترت الطريقة القادمة في التعامل يا ابن الكلب."
ثم نظر إلى الرجال وهو يقول لهم: 
— "اجعلوه يحصل على بعض المتعة."
خرج أحد الرجال من الغرفة، وتوده أحدهم إلى (آدم) ليكبله، في حين نادى (حسن) على الثاني، وقال له شيئاً في أذنه، ليخرج الرجل الثاني هو الآخر .. 
— "صديقي العزيز .. أرجو أن لا تأخذ الذي سيحدث الآن بمحمل شخصي بيننا، فهذا عملي كما تعرف، وأنت رأيت أنني عرضت عليك أن تنفذ ما أقوله، ولكنك تحاول التهرب."
أخذ (آدم) يحاول التملص من الرجل الذي يكبله، ولكن الضعف الذي غزا جسده لا يمتلك القوة، لذلك فأخذ يصيح في وهن: 
— "ماذا ستفعل أيها الحقير؟"
دخل في تلك اللحظة الرجل الأول، وهو يحمل عصا مدببة، وأعطاها ل (حسن), والذي ضحك بمجرد أن أمسك بها، في حين مال (جلال) عليه مبتسماً وهو يقول همساً: 
— "الوقت ينفد، ويبدو أنه ستخسر الرهان."
فنظر إليه (حسن) ضاحكاً، وقال:
— "ستعرف حالاً أنني سأكسب الرهان."
سمع الجميع صوت فتاة تصيح من الخارج، وتبكى، وصوت خطوات تقترب من الغرفة، حتى دخل الرجل، وهو يسحب في يده (بتول), التي تحاول أن تتملص منه، وتغطى بكفها جسدها الذي ينكشف أجزاء منه أثناء سيرها، وهو يمسك بيدها اليسرى، ويجرها جراً
— "بتول؟؟؟"
قالها (آدم) والغضب والدهشة يجتمعان على وجهه، ثم أخذ يصيح: 
— "لماذا أحضرتها أيها القذر؟"
زاد تملصهن لدرجة أنه كان سيفلت من الذي يكبله، مما جعل الرجل الآخر يسرع في مساعدة زميله في تكبيله، في حين أن (حسن) لم يتحرك من موضعه، وقال بهدوء:
— "مدام (بتول) أتيت بك الآن لتشاهد عرضاً لذيذاً، سيستمر لدقائق أرجو أن تستمتعي به، كما سنستمتع نحن."
لم ينظر (حسن ل (بتول} التي تقف خلفه، ولكن زميلاه أخذاً يتأملا جسدها بانبهار، ولكنهم أخفوا ذلك، ونظروا باتجاه (آدم} الذي ظل يصرخ، والرجلان يجبرانه على النوم على بطنه، وأحدهما يخلع سرواله في عنف، في حين أعطى (حسن) العصا المدببة لأحد الرجال، والذي أخذها، واقترب من (آدم) . 
 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا