ويبقى الأمل ينبض في القلوب 21 و 22 للكاتبة علياء الكاظمي

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2022-03-22

21)
هبطت الطائرة في مطار الكويت الدولي ونظرت سمر من النافذة، ها قد عادت وانتهى شهر العسل.. كانت حقاً أياماً جميلة لقد كان عادل أكثر من رائع معها.. إنه جنون، ورقيق، وكريم وهو يحبها بجنون.. لقد دللها كما لم يدللها أحد من قبل كانت تصحو من النوم فتراه جالساً يتأمل وجهها وما أن تفتح عينيها حتى ينحني ويقبلها ويقول لها: كلما رأيتك بجواري حمدت الله الذي جعلك من نصيبي.. كانت سعيدة فرحة بكل هذا الحب والاهتمام، وقد بدأت تميل إلى عادل وتستلطفه.. هل تحبه؟ إنها لا تعرف حقاً إن كانت تحبه.. لكنها سعيدة بحبه لها وسعيدة بزواجها منه.
نزل العروسان من الطائرة وبدآ بالمرور بالجوازات ومن ثم استلام الحقائب وأخيراً خرجا ليلتقيا بالمستقبلين من العائلة لهما: كان والدا سمر ودلال ورغد وقد أحضروا معهم باقة كبيرة من الورد، وجاءت نبيلة بصحبة هاني وحده دون هديل التي ادعت المرض لتتهرب من الحضور، وما أن اقتربت سمر حتى اندفعت أختاها نحوها تعانقانها.. وتعلقان: أصبحت أجمل.. ماذا فعل الزواج بك؟ كل هذا بسبب عادل؟ وكانتا تضحكان فرحتان.. فأختهما تبدو سعيدة ينطلق النور من وجهها وسلمت سمر على والديها بحرارة واحتضنت أمها إلى صدرها وكأن سمر هي الأم وليست وفاء، ثم قبلت نبيلة وما أن شاهدت هاني حتى شعرت بالكدر في داخلها وصافحته ببرود وكأنها لا تطيق النظر في وجهه، وتستنكف أن تضع يدها في كفه.. وتأبطت ذراع عادل وانطلقوا إلى منزل عمها حيث ستقيم سمر مع هديل في بيت واحد.. وفي الطريق أخبرت دلال سمر بآخر أخبار شاهين وكيف أنه خطب شيماء ثم فسخ خطبته منها بعد شهر واحد وكيف أن عمتها مها غضبت من أبيها واتخذت موقفاً بمقاطعتهم جميعاً وأنها لم تعد تأتي يوم الخميس لتجمع العائلة وكيف اتهم والدها شاهين أنه السبب بما حدث وأن والدها سعى لاسترضاء أخته الغاضبة بلا جدوى.
وصدمت سمر بهذه الأخبار.. صحيح أن أمها أخبرتها بالهاتف عن خطبة شاهين لكنها لم تعرف بقية التطورات بخصوص فسخ الخطبة..
همست سمر: وأين شاهين الآن؟
دلال: في العمل.. كان يريد القدوم إلى المطار لكنه لم يعد يحتمل البقاء مع أبي في مكان واحد وحتى في البيت أصبح يتحاشى الجلوس معه لأن أبي كلما رآه أسمعه كلاماً كالسم بخصوص ما حدث من وراء فسخ خطبته.
سمر: ألم يقل الأسباب التي دفعته لفسخ الخطبة؟ فردت رغد وهي تضحك: بسبب تفاهة شيماء. 
وضحكت البنات الثلاث.
(22)
خرج شاهين من العمل ورن جرس هاتفه النقال.. إنها بسمة كم افتقد اتصالها.. فقال: ألو... لقد أخبرها شاهين بأمر خطبته وكيف فسخها لأجلها وكيف أنه لم يحتمل امرأة أخرى تحل محلها وكيف أنه راض بها وأنه يراها في عينيه رائعة.. كان ذلك صحيحاً فقد التقى بسمة الأسبوع الماضي.. التقاها في أحد المطاعم وقد شعرت بسمة أنه من حق شاهين أن يراها عن قرب بعد كل ما فعله من أجلها وعندما جلست أمامه لم يشعر شاهين بالنفور منها.. بالعكس شعر بالحنان والعطف عليها وبحب كبير نحوها، لم يشعر أنها غير جميلة بل كان فرحاً بها سعيداً أنه عاد إليها.. إنه يحبها حباً حقيقياً ويشعر بها توأماً لروحه ووصل شاهين إلى منزل عمه عبد العزيز ليرى سمر.. إنه مشتاق إليها لم يستطع الانتظار حتى المساء ليراها فقرر أن يتغدى في منزل عمه وهي فرصة حتى لا يضطر للغداء مع والده وسماع كلامه الذي لا ينتهي في موضوع شيماء.. كان يود خطبة بسمة لكن كان عليهما الانتظار حتى يهدأ والده وينسى موضوع أخته مها وابنتها.
وصل شاهين إلى منزل عمه، كان يبدو سعيداً.. وجنتاه تلمعان بفرحته وعيناه تشعان ببريق حبه وجسده القوي الجميل يبدو رائعاً تحت قميصه الأبيض الذي يليق به.. دخل منزل عمه وما أن رأته سمر حتى اندفعت نحوه وتعلقت بعنقه وأمطرته بقبلاتها.. وضمها شاهين ضاحكاً وقال: ما هذا الاستقبال الحار.. الله يستر ماذا فعلت بها يا عادل؟
ضحك الجميع وقالت سمر بدلال: لم يفعل سوى كل خير.
وقالت لشاهين: أنت الذي فعلت العجب في غيابي.. قلبت حال العائلة.
ضحك شاهين وقال: نصيبي هكذا ما باليد حيلة.
وجلس الجميع على المائدة وأخيراً نزلت هديل.. كانت جالسة في غرفتها طوال الوقت وهي تخشى مواجهة سمر وعندما حان وقت الغداء وجدت نفسها مجبرة على النزول ومواجهة الموقف.. كانت تبدو شاحبة وقد شدت شعرها الأحمر إلى الخلف وارتدت ثوباً منزلياً بسيطاً زاهي الألوان لم يستطع رغم ألوانه إخفاء شحوب وجهها.. واتجهت نحو سمر التي لم تكلف نفسها عناء الوقوف للسلام عليها، فانحنت هديل عليها وقالت وهي تقبلها بشفاه ترتعش على خديها: حمدا لله على السلامة، ألف مبروك.
ردت سمر عليها بجفاف: شكرا وحلست هديل بجوار هاني وكلامها مطرق برأسه وهو يشعر بالفشل.. كانت علاقتهما متدهورة.. كان هاني يشعر أن هديل قد خانت سمر بزواجها منه وهي التي كانت تعرف أنها تحبه، فشعر بعدم الثقة بها وحتى مبرراتها ودوافعها التي أخبرته بها للزواج منه كانت بنظرة واهية وغير منطقية، فشعر بنفسه ينفر منها فقد أحس أنها امرأة قد تبيع أقرب الناس إليها في سبيل تحقيق غاياتها ولجل نفسها. أما هي فعندما أخبرها أنه تخلى عن سمر لأجل أخيه شعرت أن هاني كان يحمل شعوراً نحو سمر وأنه لولا عادل لكان تزوجها هي، وأخذت تقارن بينها وبينه فهو ضحى لأجل أخيه بينما هي خسرت سمر وباعتها وهي من كانت لها أكثر من الأخت لأجل مصلحتها، فاحتقرت نفسها وتملكها الإحساس بالذنب وها هي سمر أمامها تبدو سعيدة متألقة وكأن الله انتقم لها ونصرها عليها وأعطاها على نواياها فنالت الحب ولم تنل هي غير الاحتقار.. احتقار هاني لها واحتقارها هي لنفسها.

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا