قمر الغجرية لأبو طلال الحمراني

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2022-03-15

قمر الغجرية!!
بين الغجر وغيرهم من القبائل العربية اختلاف عادات وتقاليد ترجع إلى مئات السنين رغم الحضور الغجري في الأوساط العربية وتداخُل وجودهم بمناطق البدو في العراق وسوريا وغيرهما من البلاد العربية، وكان الناس هناك ينظرون لهذه المجموعة البشرية المهاجرة نظرة دونية.
وهذه القصة تتناول شيئاً من هذه العلاقة، وقد جرت أحداثها في بادية العراق، حيث كان هناك رجلان أخوان أحدهما يدعى أبو جاسر والآخر يدعى أبو نصار، أبو جاسر لديه جاسر وثلاث بنات، قام أبو جاسر بتزويج بناته إلى أبناء أخيه، وكان يأمل أن يتزوج ابنه جاسر واحدة من بنات أخيه، ولكن جاسراً كان قد أعجب بفتاة من الغجر اسمها قمر، وهي فعلاً قمر بجمالها وفتنتها، تعلق بها الشاب وأحبها حباً شديداً، فذهب إلى والده ليفاتحه في أمر ارتباطه بقمر، ولكن الأب غضب على ابنه غضباً شديداً، لأنها من الغجر، واستعدى عليه عمه أبا نصار، فضرباه ضرباً مبرحاً، وربطاه في جذع نخلة، ومنعاه من الطعام والتواصل مع الناس.
وفي صبيحة اليوم التالي، جاء خبر إلى جاسر باحتراق خيمة حبيبته قمر ووفاتها هي وأهلها إلا أختا لها صغيرة، حزن جاسر عليها حزناً شديداً ووقع في نفسه أن أباه وعمه هما من دبرا هذه المؤامرة، ولكن أباه أقسم له أنه لا علم له بذلك، لم يصدق جاسر كلام أبيه ولا كلام عمه، وانتكست صحته انتكاسة شديدة، إلى أن أشفق عليه أبوه وعمه.
في هذه الأثناء فُتحت بارقة أمل جديدة أمام عائلة (أبو جاسر) حيث رزق بمولود جديد أسماه وليد، شغف الأبوان بالمولود الجديد، وأحيا فيهما الأمل مرة أخرى بعد الانتكاسة التي تعرضا لها بمرض ابنهما جاسر، شب الطفل رويداً رويداً ولكنه لم يكن كباقي الأطفال، فقد لاحظ أبواه عليه الانعزال عن باقي الأطفال، فاضطر الوالدان إلى مراجعة الأطباء، وكانت الصدمة الثانية التي تلقاها الأبوان أن الطفل وليدا يعاني من مرض التوحد.
حزن الوالدان عليه، ولكن لم يكن ثمة بد إلا التعامل مع الوضع الراهن بكل حب ورعاية استقبل الوالدان النبأ، وبدت عليهما أمارات الرضا بالقضاء، والتفويض والإذعان لمشيئة الله، وبذل الوالدان كل ما بوسعهما لإسعاد الابن المريض. اقترح عم وليد على أبيه أن يبحث له عن متخصص بأمراض السحر؛ لأنه توقع أن أحداً ما قد كتب له شيئاً من السحر، وكان الغجر مشهورين بذلك، فزار هناك عجوزاً اشتهرت بفك السحر، ولكنها ما إن علمت بأنه أبو جاسر حتى طردته من بيتها، وأبت أن تساعده، أقسم أبو جاسر للعجوز أن لا علاقة له بحرق الخيمة ووفاة من فيها، لكن دون فائدة، وبينما كان الرجل منهم بالخروج للمح فتاة جميلة أمام خيمة العجوز، لكن كانت تغطي رقبتها ووجهها بعض الحروق، وكان ابنه وليد المريض قد بلغ مبلغ الرجال، وأصبح أبوه وأمه في سن لا تعينهما على تربيته وأخيه والاهتمام بها. ومضت في ذهن الأب فكرة، وهو أن يطلب هذه الفتاة لابنه وليد، لعلها تهتم به، فلم ينتظر كثيراً، ولم يتردد، فسأل عن أهلها، فأُخبر أنها يتيمة الأبوين، وأن العجوز هي التي تربيها، فرجع إلى خيمة العجوز، وطلب البنت لابنه وليد، وافقت البنت والعجوز على طلبه، وكانت مشيئة الله أن تكون هذه الفتاة - واسمها نوارة - أخت قمر الغجرية التي منعوها عن جاسر، لتكون هذه المرة برضاهم وبمباركتهم، تم الزواج ودخلت العروس، ورزقت بابن جميل، ولكن لم يدم هذا السرور طويلاً، فقد توفي وليد فجأة، وخلف وراءه ابنه وزوجته، عطف جاسر على ابن أخيه، وعضد ذلك العطف الشبه الكبير الذي كان بين زوجة أخيه نوارة وأختها المتوفاة قمر، فتزوجها بعد أخيه، وربى ابنه من بعده، وبدأت حاله تتحسن، وصحته تعود إلى طبيعتها، وكذا حكم الله نافذ لا محالة.

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا