الشخصية الداهية
الجحيم هم الناس...
جون بول سارتر
شخصية الداهية:
إنها شخصية غير محبوبة على الإطلاق تعتمد على الدهاء والمكر والحذر الشديد في تعاملاتها وتلجأ لوسائل عديدة ومختلفة كي تصل لأهدافها.
شخصية الداهية:
إنها شخصية موجودة في كل مجتمع، في العمل، في النادي، على النطاق العائلي، بين الجيران.. شخصية موجودة في كل مكان.. تعتمد على المكر والخداع وعدم الوضوح، لا تستطيع أن تعرف ماذا تريد؟ حقاً إنها شخصية معقدة تسعى لتحقيق أهدافها بشتى الطرق والوسائل وتبرر أي وسيلة قد تستخدمها في سبيل تحقيقها لأهدافه مهما كانت وقد تسعى هذه الشخصية لدفع الآخرين للخطأ أو الإيقاع بهم من أجل تحقيق أهدافها، فهي تسعى لتحقيق أهدافها بالدرجة الأولى ولا تضع أي اعتبار لنتائج تحقيق هذه الأهداف.
والشخصية الداهية غير واضحة الأسلوب وليست صادقة تماماً ولا كاذبة فهي دائماً وأبداً تقول نصف الحقيقة وقد تخلط ما بين الحقيقة وغير الحقيقة وقد تستخدم أساليب التملق والرياء وإظهار غير الحقيقة وخاصة فيما يتعلق بإظهار التقوى والورع، والدهاء هو البديل عن الذكاء لدى أغلب أصحاب وصاحبات هذه الشخصية، هي شخصية تبدو للآخرين اجتماعية وهي متطفلة وليست اجتماعية في حقيقتها فهي ترتدي ثياب الاجتماعية كي تحصل على مكانة بين الآخرين، وإظهار الصداقة والود إحدى الوسائل فهي شخصية لا تعادي أحد ولا تظهر العداء أبداً... بل على العكس تظهر لك دائماً الود والصداقة بل قد تعرض عليك أن تساعدك وتقدم لك العون فإن فعلت ذلك فثق أن وراء ذلك هدفاً وغرضاً وهي شخصية تعرف جيداً كيف تكسب الناس ومتى، ويحاول بكل وسيلة أن يخفى ما بداخله ويبذل الجهد الرهيب لكي تراه إنساناً عادياً خدوماً.
وغالباً في أوقات الحسم والمواقف لا يريد صاحب هذه الشخصية المواجهة ولا يحبها ولو كاشفته في أمر ما سيتراجع بسهولة عنه ولكنه سيجد المبررات التي تغطي موقفه.. فلا تنسى أنه يتمتع بالدهاء الشديد ويكمن الخطر كل الخطر في تعاملك معه إذا اعتبرته صديقاً حميماً مخلصاً لك، وإذا عرف جزء ولو بسيط من أسرارك فقد يستعملها دون أن تدري إذا.
هل تستطيع اكتشاف الداهية؟!
أقول لك يا صديقي ليس من السهل أبداً اكتشاف أصحاب الشخصية الداهية منذ الوهلة الأولى فقد تكشفت صاحب هذه الشخصية على مراحل فهذا الداهية مخادع ماكر قدير وقد يستمر خداعه لك طويلاً وقد تتحسس ذلك من خلال أساليبه معك فهو يقول لك كلاماً قد تحس بأن يعرضه صحيحاً والبعض الآخر غير صحيح، وقد يبدى لك رأي أو فكرة وبعد فترة يبدي رأي مناقض أو فكرة أخرى، يكون قريب منك دائماً كلما احتاج إليك، ويبتعد متحججاً بالمشاغل والمتاعب عندما لا يكون محتاجاً لك، ويمكن أن أقول لك أن الفيصل الأول والمؤشر الذي سيدلك على اكتشاف ذلك الداهية هو إحساسك وشعورك فإذا شعرت بشيء غير مريح في التعامل معه فثق أنك على حق وحاول التأكد من صحة مشاعرك وأسبابها.. لأن الشخصية الداهية يكون لها القدرة على إقناعك بوجهة نظرها والتي قد تكون أحيانا غير منطقية ولابد لك يا صديقي أن تعرف وتقر وتسلم بأن معرفة حقيقة الشخصية الداهية تحتاج إلى وقت قبل اكتشافها إلا إذا قمت يا صديقي بدراسة علم الفراسة عندها تستطيع اكتشاف تلك الشخصية بسرعة أكثر والإنسان بطبيعته يفترض النية الحسنة في تعاملاته مع الآخرين وعندما يشعر بأن أمامه شخصية مخادعة أو غير صادقة تماماً فإنه يحتاج إلى أن يلتقط مؤشرات من خلال تعاملاته مع تلك الشخصية وهذه المؤشرات تساعده وتعاونه على اكتشاف الحقيقة كاملة وهذه وبدون شك مهمة صعبة للغاية.
وهناك يا صديقي عدة أساليب تستطيع بها اكتشاف الشخصية الداهية ومن أهمها أن تستمع إلى آراء الآخرين الذين خُدعوا قبلك في تلك الشخصية ومع ذلك يلزم أن تكون حريصاً في الاستماع وأن تكون مستمعاً لا أكتر ولا أقل وأن تكون متفتح الذهن، وأسلوب آخر وهو الاستماع إلى المعلومات التي تعطيها لك تلك الشخصية الداهية ومعرفة ما فيها من صدق وما فيها من تناقض- فهذا التناقض لا يبشر بخير.
كيف تتعامل مع الشخصية الداهية؟
إذا كنت مجبراً على التعامل مع الشخصية الداهية بحكم العمل مثلاً أو القرابة فبلاشك لابد أن تحمي نفسك في تعاملاتك مع تلك الشخصية فلا تتكلم في حق أحد ولا تبدى رأيك في أي شخصية إلا في وجود لآخرين وحاول ألا يكون بينك وبين تلك الشخصية شيء خاص على الإطلاق.. ولتكم لقاءاتك مع تلك الشخصية دائماً في وجود الآخرين ولا تعتمد على هذه الشخصية كمصدر لمعلومة تهمك على الإطلاق ويجب ألا تخدعك المظاهر دائماً وابحث عن الجوهر فالصادق عليه أن يبرهن على صدقه ولا يكون متظاهر بالصدق وهو ما يفعله الداهية دائماً خلال تعاملاته مع الآخرين.. فاحذر المظاهر ولا تجعلها تخدعك.
وأفضل طريقة للتعامل مع الشخصية الداهية الماكرة هي استخدام (الحيادية) والحيادية تعني عدم التحيز لنفسك أو ضد نفسك أو عدم التحيز لفريق على حساب فريق آخر وهو ما يضع هؤلاء في مأزق كبير عند التعامل معك لأنهم لا يستطيعون الإمساك بك على الإطلاق.
ويسمى فريق من علماء الاجتماع السلوك الحيادي (بالسلوك المستقل) واستقلالك يعني أن تظل محايداً في حكمك وعلى الأمور وفي رغبتك لنتيجة معينة.
يمكنك أن توضح قصدك وأهدافك للآخرين من خلال تصوراتك وأفكارك العقلية أو حتى من خلال كلمات مكتوبة ولذلك كن واضحاً ومحدداً لما تريد وهذا الإعلان في حد ذاته يجعلك تغير من أفكارك ومعتقداتك رغماً عنك، لأنك لا تستطيع أن تواجه هؤلاء الماكرين الخادعين بأسلوب صريح وواضح فلا يوجد إنسان عاقل يمكنه أن يعلن صراحة عن رأيه في هؤلاء حتى لو كان هذا الواقع، لذلك لابد أن تكون حيادياً مع نفسك كي تنجح في التعامل مع الماكرين الخادعين ولعل الأسلوب الحيادي يجعلك أكثر تقبلاً بالنسبة لهم على الأقل.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا