رواية الجزار 1 للروائي حسن الجندي

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2022-02-22

مقدمة:
بدأ يفيق، ويحاول أن يتذكر ما حدث قبل لحظات الإغماء: لكن قبل أن يفتح عينيه، اخترقت أنفه رائحة طعام شهي، تشبه رائحة شواء اللحم، ولكنها رائحة أثقل بكثير .. يبدو أن هناك الكثير من التوابل التي أضيفت لهذا الشواء.
حاول أن يفتح عينيه؛ لكنه شعر بثقل جفونه، مع تنميل نام في أطرافه، فلم يشعر بيده ولا قدمه، لكن حاستا السمع والشم كانتا تعملان على أكمل وجه، فأنفه تجد رائحة شواء، وأذنه تسمع صوت احتكاك شوكة بطبق ما، ثم صوت مضغ.
بدأ الثقل في جفونه يضيع تدريجياً، حتى استطاع بمجهود أن يفتح عينيه، ولكنه لم يرَ شيئاً وكأن على عينيه طبقة من الدموع، تحجب الرؤية، وتجعلها صعبة.
مرت صوان، ثم بدأت الرؤية تظهر شيئاً فشيئاً، ولكن مازالت بعض الرؤى غير واضحة. إنه مازال في منزله، وهذه هي مرآة غرفة الطعام التي يعرفها، ولكن هل الرؤية مازلت غير واضحة لعينيه، أم أن المرآة مهشمة؟
سمع صوت المضغ مرة أخرى؛ ولكنه استطاع تحديد الاتجاه الذي يأتي منه صوت المضغ .. إنه على يساره. ولكن المشكلة هو شعوره بخدر في أطرافه، فلا يستطيع النظر ليساره. حاول بشيء من الجهد أن يحرك رقبته لليسار، حتى يرى مصدر صوت المضغ، ولكنه فشل في أول مرة. حاول مرة أخرى، وهذه المرة نجح في تحريك رقبته حركة بسيطة لليسار، ليجد شيئاً غريباً.
مازالت الرؤية مشوشة، ولكنه قادر على التمييز، حيث رأى رجلاً يجلس على أحد أطراف منضدة الطعام، وأمامه طبق صغير، داخله شيء ما يأكله، وهناك طبق آخر كبير أمامه، يحتوى على شيء ما، يبدو أنه قطع لحم مشوي. الرجل يأكل باستمتاع وهو ينظر لطبقه، وفجأة نظر أمامه، لتصطدم عيناه بعين الرجل، الذي خدرت أطرافه .. ثم ابتسم!!!!!
كلاً من الرجلين ينظر للآخر، ولكن الفرق أن الرجل الذي يأكل ينظر له بابتسامة، أما الآخر فيحاول أن يتبين ملامح الرجل الذي يأكل بصعوبة، وكأنه لا يرى ملامحه.
توقف الرجل عن المضغ وهو مازال ينظر له مبتسماً، ثم قال: 
- "قطعة لحم شهية أشبعت جوعي".
لم يفهم الرجل الذي تم تحديره ما المقصود من العبارة، فأكمل الرجل: 
- "أعذرني .. وددت لو تشاركني في تذوق ذلك اللحم اللذيذ، ولكن أعرف أنك ستمانع قليلاً لأسباب شخصية"
قال الرجل العبارة السابقة، ثم أشار بإحدى يديه في اتجاه معين في جسد الرجل الآخر، فما كان من الرجل الآخر إلا أنه حاول بشيء من الجهد أن يحرك رقبته، لينظر للموضع الذي أشار له الرجل الذي يأكل اللحم.
بعد مجهود استطاع تحريك رقبته لأسفل قليلاً ليجد أن هناك لوناً أحمراً يقابل عينيه أثناء نزولها لأسفل، فجأة شاهد الرجل شيء ما عند قدمه، فاتسعت عيناه برعب، ونظر باتجاه الرجل الآخر بسرعة.
لقد رأى نفسه لا يرتدى سروالاً، وقدميه مبتورين من عند الركبة، وفخذيه مقطعين، وأجزاء من لحمهم غير موجودة، وعظام الفخذ يظهر جزء منها له!!!

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا