إرث أبناء الشيخ!!
قصص البادية على بساطتها جميلة ومسلية وذات مغزى، وقد كان الناس يتناقلون أخبار شيوخ البدو وفرسانهم بحفاوة وسعادة. وتُحدثنا الأخبار في العراق في آخر سنين البداوة أنه كان هناك شيخ يدعى نصار أبو راضي، له أفضال كثيرة على الناس، ساعد العديد من السجناء، وفك رقابهم، ويتميز بالسمعة الطيبة. كان لدى الشيخ نصار أربعة أبناء، راضي وماضي وسلوى وسلمى، كبير الأبناء، وقام بتزويج بناته إلى أبناء أخيه المتوفي، رزقت ابنته سلوى بأبناء من زوجها، لكن الأخرى سلمى استمرت عشر سنوات متزوجة من ابن عمها الآخر، ولكنها لم ترزق منه بأبناء. وبعد فترة من الزمن ساءت حالة الشيخ نصار، وتدهورت صحته، وأصبح طريح في الفراش يودع الحياة، نادى بناته سلمى وسلوى، وأخبرهما أنه سوف يعطيهما إرثها قبل وفاته كي لا يختلفا مع أخويهما ماضي وراضي، فرحت سلوى وأخذت نصيبها، أما سلمي فرفضت أخذ المال من والدها، وكانت تبكي عليه، ولا تريد سوى بقائه على قيد الحياة، فقد كانت سلمى بنتاً طيبة القلب، وتحب والدها كثيراً، ولا يهمها الإرث والمال. أخذت سلوى نصيبها ونصيب سلمى، وصرفته مع زوجها ابن عمها، وما هي إلا أيام قليلة حتى توفي الشيخ نصار، فطمع أبناؤه الرجال في الإرث، واستوليا عليه كاملاً، ولم يعطيا أختيهما شيئاً كعادة الكثيرين في ذلك الوقت. ذهبت إليهما سلوى تطالب بحقها - ولم يكونا يعلمان بأخذها نصيبها من التركة قبل وفاة والدهم - فرفض الأخوان إعطاء أختهما أي إرث، فهم أولى به منها.
وعندما علمت سلمى أن سلوى تطالب بحقها من الميراث، ذهبت إلى أخويها وأخبرتهما أن سلوى قد أخذت حقها قبل وفاة والدها، كما أخذت حق سلمى أيضاً، أنكرت سلوى ما قالته أختها، وأخذ زوج سلمى يهددها بالطلاق إذا لم تأخذ ميراثها من إخوانها، وتطور الأمر حتى وصل أروقة المحاكم، فشهدت سلمى أن أختها سلوى استلمت ميراثها من يد والدها قبل وفاته.
حكمت المحكمة لصالح الإخوان، وخسرت سلوى القضية. غضبت سلوى من سلمى وقامت بضربها أمام الناس حتى إنها أجبرت زوج سلمى أن يطلقها فوراً، وبالفعل قام زوج سلمى فطلقها، حزنت سلمى على طلاقها، ورجعت إلى بيت إخوانها تعيش مع زوجاتهم، وزيادة في النكاية قامت سلوى فخطبت فتاة جميلة لطليق أختها، لكي تقهرها، وتزيد في آلامها، لدرجة أنها رقصت في زفافه وهي بكامل زينتها وسعادتها. وعندما سمعت سلمى بزواج طليقها، قررت ترك بيت إخوانها متجهة إلى منطقة العمارة لتعيش مع أخوالها، هربت ليلاً وهي خائفة، ولا تعلم الطريق تماماً، إلى أن شاهدت أحد البيوت، فطرقت عليهم الباب، فخرجت لها امرأة عجوز، استضافت سلمى لديها، وحكت سلمى قصتها للعجوز، فأشفقت عليها وطلبت منها أن تقيم معها ومع زوجها الكبير، فقررت سلمى البقاء في بيت العجوز تساعدها على الأعمال مقابل سكنها معهم. أصبحت سلمى بنت الشيخ المعروف تعمل في صيد الأسماك وبيعها، وتستأجر القوارب، فهذه هي مهنة العجوز وزوجها.
عندما خرجت سلمى من بيت إخوانها لم يكن معها سوى (شبرية) والدها المزخرفة التي تحافظ عليها باعتبارها شيئاً من رائحة والدها. اضطرت سلمى أن ترهن الشبرية لدى صاحب القارب، وبدأ الرجل يحملها متباهياً بها بين الناس في الديوان، لاحظ أحد التجار، ويدعى خالد، الشبرية على خصر تاجر القوارب، فتعجب من ذلك، وسأله مستفسراً عن طريقة وصولها إليه، علم خالد التاجر أن الشبرية ليست التاجر القوارب، وإنما هي لفتاة تدعى سلمى، ذهب التاجر خالد إلى سلمى، فأخبرته سلمى أنها رهنت الشبرية لديه بالفعل، فحكى لها خالد التاجر أن الشبرية هذه هدية من والده قدمها للشيخ نصار عندما أنقذ حياته من الذئب، تفاجأت سلمي، وفرحت بذلك. وبعد تواصل التاجر خالد بسلمى واطلاعه على قصتها، قرر أن يتزوجها، وبدأت حياة سلمى تتحسن في ظل هذا التاجر الأمين الوفي.
بعد ذلك رغبت سلمى بزيارة عائلتها، لكنها فور وصولها تفاجأت أن أختها سلوى قد قتلت، وأن أصابع الاتهام توجهت إلى أخويها ماضي وراضي وطليقها وزوج أختها سلوى، وأنه قد حكم عليهم جميعاً بالسجن 15 عاماً. رجعت سلمى إلى بيت زوجها التاجر حزينة لما آل إليه حال أسرتها، وحاول زوجها أن يعوضها حنان العائلة بحبه واهتمامه بها، وبعد مرور عام واحد فقط رزقت سلمى بابن وسيم من التاجر خالد.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا