تقاطع الخطوط
النجمة الخماسية
وصل الجميع للمقهى في الوقت نفسه تقريباً وترجلوا من سيارتهم ووقفوا أمام المدخل بانتظار تجهيز طاولة ليجلسوا عليها وخلال ذلك قال (عادل): هذه أول مرة أتغيب فيها عن عملي.. معرفتكم معرفة سوء
(عمر): يمكنك تقديم إجازة يا شيخ.. لا تعقد الأمور
(عادل): حتى الإجازات لم أستهلك منها يوماً واحداً في حياتي
(ماجد): استعد لأن تقوم بأشياء كثيرة لم تقم بها من قبل
(عادل): ماذا تقصد؟
(طارق) لـ (نورة): هل أنت بخير؟
(نورة): نعم لم تسأل؟
(طارق) مبتسماً: لا أبداً فقط أحببت الاطمئنان على حالك لا أكثر
جلس الخمسة على طاولة مستديرة بعد ما أشار لهم النادل بذلك ووقف ممسكاً ورقة وقلماً ليدون طلباتهم التي أملوها عليه بالتتابع ليرحل تاركاً المجموعة تتحدث فيما بينها.
(عمر): هيا يا (نورة).. أخبرينا بالقصة كاملة وما الذي يحدث معنا؟
(نورة) بشيء من التردد: سأقول لكم كل ما أعرفه لكن أرجو أن تتسع عقولكم قبل صدوركم لما سوف أقوله
(طارق): لا تقلقي.. نحن مصدقون لك ولسنا هنا للتشكيك فيما تقولين
(عادل): تحدث عن نفسك.. أنا يجب أن أسمع وأمحص قبل أن أصدق
(ماجد): إذاً فلنصمت وننصت لها
بدأت (نورة) بسرد بداية حكايتها مع الخاتم الأخضر وقالت بأنها حصلت عليه من قريبة لها كانت عائدة من مصر مع زوجها بعد قضاء رحلة استجمامية في القاهرة وذكرت أنها تذكر كل شيء بالتفصيل عدا هوية قريبتها فهي لا تذكر شكلها أو اسمها وكأنها حلم حلمت به وهذا الأمر كان يشكل لها حيرة كبيرة خصوصاً عندما حاولت سؤال أمها التي شاركتها الشعور ذاته ولم تتمكن من تذكر من أهداها الخاتم.
(طارق): أمر غريب
(عادل): بل شيء لا يدخل العقل ويثير الشك في صحة الكلام من الأساس
(عمر): دعاها تكمل..
استأنفت الفتاة المتوترة حديثها وقالت بأنها ومن بعد أن لبست الخاتم بدأت تشعر بأمور غريبة تحدث لها وحولها لكنها لم تربط بينها وبين لبسها للخاتم فالكوابيس المزعجة أصبحت أمراً متكرراً بشكل شبه يومي وصاحبها العديد من الخدوش والكدمات على جسدها بعد الاستيقاظ مما دفعها لمراجعة عدد من الأطباء الذين أكدوا سلامتها من أي علة جسدية أو نفسية. توقفت (نورة) عن الكلام عندما حضر النادل حاملاً صينية طلباتهم وقام بتوزيعها عليهم والرحيل..
(طارق): أخبرينا يا (نورة).. هل تعرض لك هذا الشيطان من قبل؟.. أقصد.. هل قام بإيذائك بأي شكل من الأشكال غير إصابتك بالكدمات والخدوش؟
(نورة): يقوم بترويعي كثيراً وفي بعض الأحيان أشعر به يشاركني فراشي لأني أستيقظ وجسدي يؤلمني بالكامل وكأني خضت عراكاً ما.. الرضوض والكدمات وكذلك الخدوش أصبحت أمراً اعتيادياً بالنسبة لي.. لكن.. من وقت لآخر.. يظهر نفسه..
(عمر): ماذا تعنين بذلك؟
(نورة): الكوابيس والإصابات لم تكن حاسمة لي لكني تيقنت بأن هناك أمراً غير طبيعي يحدث معي عنما بدأ ألمح شيئاً يشبه الطفل الصغير يتجول في المنزل ليلاً من وقت لآخر وكلما حاولت الاقتراب منه اختفى دون أثر. شعرت وقتها بأنه يريد مني رؤيته.. يريد أن أتقبله.. لا أعرف.. توقفت عن التفكير به منذ زمن طويل واعتدت وجوده حولي وانتهاكاته لي ولم أعد أرغب بالمقاومة.. أصبت بالتبلد جسدياً ونفسياً ولم أعد أكترث بما يحدث لي لكن بعد ما اكتشفت أنه يؤذي من يقتربون ويتقربون مني أحسست بالغضب الشديد منه لكن غضبي هذا لم يمنعه من الاستمرار
(ماجد): كيف ومتى اكتشفت ذلك؟
(نورة): الحادثة الأولى حدثت مع زميل لي في عملي حاول التقرب مني بالحديث معي حتى بعد عدم تجاوبي معه إلا أنه كان يصر وينتهز كل فرصة لمحاولة استمالتي وكنت أتضايق كثيراً من ذلك لكني لم أقم بشيء لصده أو التعبير بشكل واضح عن أني لم أكن راغبة بذلك التقرب وفي أحد الأيام ضقت به وبإزعاجه وأخبرته بنبرة جادة وحادة بأني أريده أن يكف عن إزعاجي لكنه كان يرد علي وكأنه لم يسمع شيئاً مما قلته بل زادت جرأته وحاول لمسي وعندها لطمته واشتكيته للمدير.
(عادل): وما الغريب في هذه القصة؟
(نورة): بعد انتهاء نوبتي ذلك اليوم كنت لا أزال منزعجة جداً مما حدث ولم أعد مباشرة للمنزل بالرغم من تأخر الوقت وعلمي المسبق بأن والدتي ستقلق علي لكني قررت الاختلاء بنفسي قليلاً لأصفي ذهني فذهبت سيراً على أقدامي لأقرب مجمع تجاري وجلست علي أحد الكراسي أفكر بصمت ولم أقاوم دموعي التي انهمرت على حالي وعندها أحسست به لكن عندما وجهت نظري لفصه الأخضر رأيته يتوهج للحظة ففزعت ونهضت وعدت للمنزل على الفور.
في اليوم التالي لم أتمكن من الذهاب للجامعة لأن نوبتي في الشركة كانت صباحية ولم أحظ بوقتٍ كافٍ للراحة لذا كنت متعبة جداً وغير مركزة في عملي وقررت أن أستأذن من المدير للخروج لكن بعد ما طلبت منه ذلك أخبرني أنه يحتاجني اليوم بالذات لأن زميلي الذي تقدمت بشكوى عليه لم يعد يعمل معنا وهو في حاجة لكل فرد حتى يعوض هذا النقص. ظننت في بادئ الأمر أنه فصله بسبب شكواي لكني اكتشفت لاحقاً أنه قتل بطريقة بشعة في منزله. لم أربط بين الخاتم ومقتل زميلي وقتها لكن ومع تكرار الحوادث المشابهة ووميض الخاتم في كل مرة يقتل فيها شخص على علاقة بي بأي شكل أدركت أنها لم تكن مصادفات. آخر حادثة كانت لبائع اشتريت منه سلعة اكتشفت لاحقاً أنها معطوبة وعندما حاولت أن أعيدها له رفض وتشاجر معي وطردني من محله فعدت للمنزل مقهورة وعندما رأتني أمي بتلك الحالة حكيت لها ما حدث فقررت الذهاب معي في محاولة للتفاهم معه وعندها توهج الخاتم علمت أن البائع سيصاب بمكروه وبالفعل ذهبنا اليوم التالي للحديث معه فوجدنا محله مغلقاً وأخبرنا أصحاب المحلات المجاورة بأنهم وجدوه البارحة وأطرافه مبتورة ورأسه مهشم دون أن يسرق شيء. اتخذت قراراً بعدها أن أواجهه وأحاول التواصل معه لأطلب منه التوقف عما كان يقوم به.
(عمر): يمكنك التواصل معه إذاً؟
(نورة): ليس تماماً.. جربت في إحدى الليالي الجلوس في غرفتي والحديث معه.. تحدثت وكأن هناك من ينصت لي وبعد فترة من الحديث مع نفسي أحسست بالغباء لأني لم أتلق أي إجابة لكن عندما سألت السؤال الصحيح حصلت عليها.
(طارق): ماذا قلت؟
(نورة): أذكر أني كنت واقفة أمام المرآة وقلت: "ماذا تريد مني؟.. لم لا تتركني وشأني؟"
(ماجد): وبماذا أجاب؟
(نورة): تغير انعكاسي في المرآة وتحول لذلك الشيء الذي يشبه الطفل الصغير وبدأ يشير بسبابته ذات المخلب الطويل تجاهي وهو يقول بصوت مبحوح ومخيف: "لن يمسوك".. فزعت وصرخت بقوة وقمت بتهشيم المرآة بقبضتي.. بعد تلك الليلة تغير محتوى كوابيسي وأصبحت مختلفة
(عادل): مختلفة كيف؟
(نورة): لا أعرف.. لكني كنت أحلم بأماكن وعصور مختلفة وكنت أتجسد بشخصيات غريبة.. خادمة في عهد فرعوني تارة وتارة أخرى أرى نفسي في صحراء مع مجموعة من الشياطين تقودهم فتاة بشعر أحمر وأعين بيضاء ورؤيا أخرى رأيت من خلالها فتاة تجري مع أبيها هروباً من مجموعة من الجنود الرومانيين.. أحلام غريبة لم أجد لها أي تفسير لكني حصلت من خلالها على اسمه.. (ديموس) أو شيطان الهرم كما كانت تناديه تلك الفتاة ذات الشعر الأحمر.
(عمر): أعتقد أني أعرف تفسيرها..
(طارق): أخبرنا
(عادل): هل أصبحت تفسر الرؤى الآن يا موظف الأرشيف؟.. ثم إن هناك شيئاً لم أفهمه.. هذا الشيطان يطاردني مع الفتى المدلل لأننا حاولنا الزواج منها لكن لم يطاردكما أنتما وأنتما لم تقابلاها من قبل؟
(عمر): هذا ليس موضوعنا الآن
(ماجد): اخبره يا (عمره) ما المشكلة؟
(عمر): عقله لن يستوعب
(عادل) بغضب: عقلي أكبر منك يا إمعة!
(عمر) لـ (ماجد): هل ترى ما أقصد؟
(نورة) منهية النقاش: لقد حاولا معاكستي في مكان عملي مثلما فعل زميلي الذي لقي حتفه
(عادل) مبتسماً بسخرية وانتقاص: كيف لموظفي المحكمة الشرعية أن يعاكسوا الفتيات؟.. ألا تخجلان من أنفسكما؟
(عمر) لـ (ماجد): أخبرتك بأنه لن يرى الصورة الكبيرة وسيختصر كل شيء في أفقه الضيق
(عادل): أفقي الضيق الذي تتحدث عنه لم يتجاوز الأخلاق الحميدة والأعراف.
(نورة): عن أي أخلاق تتحدث؟.. هل نسيت نظراتك لي عندما كنت في المحكمة مع أمي؟.. على الأقل (طارق) تقدم لي من خلال أهله ولم يستغل حاجتي وحاجة أمي
(عادل) بسخرية موجهاً نظره لـ (طارق): تقصدين هذا الشاب الذي اختليت به في المطعم؟
(عمر): خفف يا شيخ من وتيرة حماسك ألاحتسابي فهذا ليس وقته على الإطلاق فحياتنا على المحك وأنت تضيع وقتنا
(طارق) لـ (نورة): إذا كان الشيطان يطاردني لأني تقدمت لخطبتك؟.. فما علاقة صديقي بالموضوع؟.. لم قتله؟
(نورة): غالباً (ديموس) بدأ بمطاردتك في اليوم نفسه الذي فاتحت خالتي أمي بموضوع زواجك وصديقك كان فقط في المكان الخطأ في الوقت الخاطئ.. أعتقد أن وجوده معك كافٍ لأن يلحقه الضرر.. لا أعرف.. أنا لا أملك جميع الأجوبة
(عادل): لكن فيما يبدو أن السيد (عمر) يعرف بعضها.. ما التفسير الذي قلت إنك تملكه لأحلامها؟.. ومن أين أتيت به؟
(ماجد): من الباحث..
(عادل): باحث؟.. أي باحث؟
(عمر): باحث في علم الماورائيات وقد أخبرنا بعض تاريخ (ديموس) والخاتم الأخضر
(طارق): وماذا قال؟
حكي (عمر) بمعاونة صديقه (ماجد) ما سمعاه من الباحث الذي أرشدهما إليه (خالد) وتحدثا بالتفصيل عن كل شيء بما في ذلك نصيحته لهما بالذهاب للقاهرة ومقابلة الدكتور (محمود) وكذلك عن الجعران الأسود والساحر السندي
(نورة): صحيح.. لقد رأيت الجعران أكثر من مرة في كوابيسي
(طارق): من الواضح أنه المفتاح لإيقاف ذلك الشيطان
(ماجد): الخاتم به سر أيضاً
(عادل) لـ (نورة): لم لم ترمي هذا الخاتم وتتخلصي من أصل المشكلة؟
(نورة): هل تظن أني لم أجرب ذلك؟ حاولت التخلص منه مرات عدة لكنه كان يعود لي دوماً..
(طارق): يعود؟
(نورة): يعيده (ديموس) لي بعد ما يذيقني أقسى أنواع العذاب لأني حاولت التخلص من الخاتم.. أقضى ليلة من الجحيم لأستيقظ وأرى الخاتم بجانبي لأعيده إلى إصبعي.. فأخضع له وأفعل لأن المرة الوحيدة التي تجاهلته فيها ولم أعد لبس الخاتم تعرضت لعقاب كاد يودي بحياتي وهمس في أذني وقال: "أمك ستكون التالية.." لذا قررت ألا أقاومه أو أن أحاول التخلص من الخاتم مرة أخرى
صمت الجميع حزناً على حال (نورة)..
(ماجد): لقد خطر ببالي شيء الآن
(عمر): ماذا؟
(ماجد): هل (ديموس) يسمعنا الآن وموجود معنا؟
(طارق) بتوتر لـ (نورة): هل هذا ممكن؟
(نورة): غالباً نعم.. وهو يعرف كل شيء يدور حوله ويحاك ضده
(عادل) بخيبة: ما جدوى الحديث إذاً؟
(نورة): هناك شيء لم أخبركم به.. لم أظن أن له أهمية لكن سؤال
(ماجد) غير رأيي وأظن أنكم يجب أن تعرفوا عنه
(عمر): ما هو؟
(نورة): (ديموس) ليس قوياً دائماً.. لاحظت أنه يمر بمراحل ضعف لدرجة أني أشعر أحياناً أنه رحل ولم يعد معي لكنه يعود بعدها بقوة ويخيب ظني ومع ذلك تمكنت من تجديد بعض الفترات والحالات التي يضعف فيها
(طارق): أخبرينا ما هي لعلها تفيدنا
(عادل): الأذكار والرقية أحدها بلا شك
(نورة): لا أعرف.. لم أجرب بصراحة
(عادل) بتهكم يخالطه بعض الاستياء: وتستغربين من أن الشياطين تركبك؟
(عمر) لـ (عادل): هل يمكن أن تخرس شياطينك أنت وتدع الفتاة تكمل حديثها؟
(عادل) متمتماً بتذمر لنفسه: "حفنة من الفسقة.."
(ماجد): أكملي يا (نورة).. متى لاحظت ضعف (ديموس)؟
(نورة) مستأنفة حديثها: مواقف عدة.. بعضها مرتبط بتوقيتات زمنية والبعض الآخر بسلوك أمارسه أو لا أمارسه..
(عادل): ما هذه الألغاز؟
(نورة): مثلاً.. لاحظت أني عندما أستيقظ من النوم ولا أتناول أي طعام أجد أن وجوده حولي شبه غير محسوس لكن وبمجرد أن أتناول بعض الطعام أشعر بضيق في صدري يتبعه إحساسي المعتاد بهيمنته على وكذلك عندما أخلد للنوم تكون فيه سيطرته على في أوجها فإنها تتقلص كثيراً عندما أنام على الأرض وقد اكتشفت ذلك عندما استضفت صديقة لي أحد الأيام وأصررت عليها أن تبين في فراشي وأن أفترش الأرض لكن كل هذا لا يعادل ضعفه في بعض المواقيت
(عمر): مواقيت.. مثل ماذا؟.. رمضان؟
(نورة): النهار.. النهار متعب له عموماً ولا يكون في كامل قوته إلا ليلاً وتزداد تلك القوة مع غياب القمر وأعتقد أنه يضعف أيام السبت أيضاً لكني لست متيقنة حتى الآن من هذه الملاحظة
(ماجد): هذه المعلومات قد تكون مفيدة لك لكن هل ستفيدنا نحن لو طبقناها؟
(نورة): لا أعرف.. حقيقة لا أعرف
(عادل): هل هناك مجال أن يمل أو يتوقف عن ملاحقتنا؟
(نورة): (ديموس) لا يتوقف أبداً حتى يحصل على ما يريد وأنتم على قائمته الآن.. طال الزمان أم قصر ستهلكون على يديه ومع أول توهج للخاتم سيموت أحدكم بالتأكيد
(طارق): ما زلت لا أعرف لم لم يقتل أحداً منا حتى الآن.. صاحبي لم يكن له علاقة بك ومع ذلك تخلص منه بسرعة
(عمر): كلام (طارق) صحيح.. هناك سر في إبقائه لنا على قيد الحياة حتى الآن بالرغم من أنه حاول التخلص منا إلا أنه فشل
(ماجد): وكأن قوته تخونه عندما يتعرض لنا
(نورة): لكنه سيعاود المحاولة وهذا أمر أنا متيقنة منه
(عادل): أقترح أن نوقف أحاديث الترهيب هذه ونبدأ في التفكير بحل جذري وحاسم للتخلص من هذا الشيطان
(عمر) مبتسماً بسخرية: الشيخ (عادل) يتجنب الترهيب؟ ما الذي يحدث الدنيا؟
(ماجد) بصرامة: كفى يا (عمر).. الأمر أصبح جاداً الآن ويجب أن نتصرف بسرعة
(طارق) لـ (نورة) بنبرة مطمئنة: سنخلصك منه أعدك
(نورة): المهم أن تخلصوا أنفسكم أما أنا فقد تقلبت مصيري وحتمية وجوده معي وحولي
(عمر): سنتخلص جميعاً منه
(عادل): وكيف ستقوم بذلك يا موظف الأرشيف؟
(عمر): الدكتور (محمود).. هو من سيرشدنا لطريقة التخلص من شيطان الهرم.. يجب أن نسافر فوراً للقاهرة ونقابله
(طارق): ومن منا سيذهب؟
(ماجد): سنذهب جميعاً
(عادل): جميعاً؟.. هل نسيت أنك وصاحبك ممنوعان من السفر؟
والفتاة.. لا يمكنها السفر وحدها دون محرم.. كيف لفتاة غريبة أن تسافر معنا؟
(طارق): لا تقلق لن تسافر معك
(عادل): ولا معك
(طارق): ستسافر مع زوجها
(عادل): زوجها من؟
(طارق) مديراً نظرة لـ (نورة): هل تقبلين الزواج مني؟
(نورة) بصرامة: بالطبع لا!
(طارق): لماذا؟ هل نسيت أن أمي قد خطبتك لي وأننا ننتظر موافقتك ونحن الآن بحاجة لهذا الارتباط أكثر من ذي قبل
(نورة): لن أتزوج بهذه الطريقة!.. ثم إن حياتك ستكون في مهب الريح بلا شك إذا ارتبطت بي أو حتى فكرت بتوطيد علاقتك بي أكثر.. (ديموس) لن يرحمك!
(عادل) بتهكم: لعلها فكرة جيدة إذاً
(عمر): أقترح تأجيل فكرة الزواج هذه في الوقت الحالي.. يمكنها أن تحصل على إذن ولي أمرها لتسافر.. أليس كذلك يا (نورة)؟
(طارق) لـ (نورة): من ولي أمرك الآن؟
(نورة): خالي..
(ماجد): وهل سيسمح لك بالسفر وحدك؟
(نورة): بالطبع لا.. خالي يتفنن في تنغيص حياتي وهذا الأمر لن يختلف
(عادل): ولم تسافر معنا من الأساس؟.. فلتبق هنا.. لسنا بحاجتها بعد ما عرفنا سر الخاتم
(عمر): الباحث أخبرنا بأن نأخذها للدكتور (محمود) عندما نجدها لذا فسفرنا بدونها لا فائدة منه
(طارق) للجميع: هل يمكنني الحديث مع الآنسة (نورة) وحدنا؟
(عادل): كلنا واقعون في المشكلة نفسها ولا أرى فائدة من الأحاديث الجانبية الغزلية الآن
(عمر) وهو ينهض عن كرسيه ويشير لـ (ماجد) بأن يتبعه: حسناً خذا وقتكما
(عادل) بتزمت: أنا لن أنهض!
(ماجد) يشد (عادل) من ثوبه وينهضه عنوة: تعال يا شيخ أريد الحديث معك
(عادل) ينهض رغماً عنه: حديث ماذا؟!
(عمر) وهو يقوده بعيداً عن الطاولة تاركاً (طارق) و(نورة) وحدهما: حديث سيعجبك عما سيفعله بك (ديموس) لو علم أنك لن تساعدنا في رفع حظر السفر عنا
عندما تيقن (طارق) من ابتعادهم أدار نظره لـ (نورة) التي كانت منزله رأسها سارحة في حجرها وقال: اسمعيني يا (نورة).. أنا فعلاً أريد الارتباط بك وليس لإنقاذ نفسي فقط كما تظنين أنا بالفعل معجب بشخصيتك وأريد الزواج منك
(نورة): وماذا عن أهلك؟.. هل سيوافقون على هذا الارتباط السريع؟
(طارق): أهلي سيسرون لقرار زواجي ولن يمانعوا أبداً فهم يلحون على منذ سنوات لأقدم على هذه الخطوة وأنا من كان يمانع
(نورة) بتردد: لا أعرف.. زواجك مني خطر عليك
(طارق) مبتسماً: أنت تستحقين المخاطرة
بادلته (نورة) الابتسام ثم أتبعته بقول: لكن بشرط..
(طارق): موافق عليه قبل أن أسمعه
(نورة): لا أريد إقامة حفل زفاف
(طارق) باستغراب: لن أجبرك على شيء لا تريدينه لكن لماذا؟
(نورة): زواجنا في الوقت الحالي لضرورة ولو كان الخيار بيدي لما أقدمت على ذلك الآن.. أمي لم يمض على وفاتها أيام وإقامة عرس في هذا التوقيت أمر معيب
(طارق): معك حق.. سوف أقنع والدتي بأن نرتبط ونؤجل إقامة حفل الزفاف لوقتٍ لاحق.. وسيكون حجة سفرنا للقاهرة شهر العسل.. ما رأيك؟
(نورة) تهز رأسها بالموافقة بدون حماس أو فرحة: حسناً موافقة.. في تلك الأثناء كان (عمر) و(ماجد) يتناقشان مع (عادل) في محاولة لإقناعه باستخدام علاقاته ومعارفه لرفع حظر السفر عنهما.
(عادل): مستحيل!.. هذا أمر صعب جداً ومنافٍ للشرع كذلك!..
لا أجد سبباً مقنعاً للقيام بهذا العمل
(عمر) لـ (ماجد) وقد فقد أعصابه: تحدث مع صاحبك!!
(ماجد) بهدوء لـ (عادل): كي لا تموت بمخالب ذلك الشيطان بعد ما يمررها على رقبتك يا شيخ
(عادل) واضعاً كفه على نحره وبتوتر شديد: أموت؟
(عمر) بغضب: ماذا تظن إذاً؟!.. ما هو قراراك الآن؟!
(عادل) بعد أن بلع ريقه: موافق.. اغربا عن وجهي الآن وسأرى ما يمكنني القيام به
(عمر): تذكر أن كل ساعة تتأخر فيها ستكون على حساب حياتك
(ماجد) حياتنا جميعاً
خلال أيام تمكن (عادل) من رفع حظر السفر المفروض على (عمر) و(ماجد) بالاستعانة ببعض معارفه في وزارة الداخلية وتزامن ذلك مع عقد (طارق) قرانه على (نورة) وتمكنه من إقناع أمه بأنهم سوف يقيمون حفل الزفاف بعد عودتهما من شهر العسل بالقاهرة وبالرغم من استيائها في البداية إلا أنها وافقت على مضض لرغبتها الملحة في زواج ابنها ورؤية أحفادها كما تقول دوماً. في نهاية يوم عقد القرآن الذي تم في احتفال ضيق بمنزل أهل (طارق) عادت (نورة) مع زوجها الجديد الذي أوصلها لبيتها وقبل أن تترجل من السيارة مد لها تذكرة سفر وقال:
"رحلتنا ستكون غداً للقاهرة.. أعرف أن الوضع غريب وغير طبيعي لكن.."
(نورة) تقاطعه قائلة: لا تقلق.. أنا متفهمة لكل شيء مثلما تفهمت أنت رغبتي بعدم إقامة عرس
(طارق) مبتسماً: سينتهي كل شيء قريباً وسنقيم أكبر عرس شهدته المدينة
(نورة) ببرود: ماذا عن الآخرين؟ هل سيسافرون معنا في الموعد نفسه؟
(طارق): لقد تحدثت مع (عمر) اليوم وقمت بالتنسيق معه لنسافر جميعاً على الرحلة نفسها.. سنلتقي معهم في المطار أول الصباح وسوف أمر بك لنتوجه هناك
(نورة) وهي تهز رأسها سارحة أمامها: حسناً
(طارق) بقلق: ما بك؟
(نورة) مديرة نظرها نحوه: أرجوك.. خذ حذرك الليلة..
(طارق) مبتسماً: لا تقلقي.. لن يحدث شيء
(نورة): فقط كن حذراً.. أرجوك
(طارق): لدي فكرة
(نورة): ما هي؟
(طارق): لم علينا أن ننام من الأساس الليلة؟
(نورة): إلى ماذا تلمح؟
(نورة) تبادله الابتسام قائلة: لا.. نحن بحاجة للراحة
(طارق): حسناً كما تشائين.. تصبحين على خير إذاً
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا