(11)
كان شاهين يعمل في الفرع الرئيسي للبنك وكان هذا الفرع يتكون من قاعة مصرفية لإنجاز معاملات العملاء في الدور الأرضي ثم الأدوار العلوية التي تضم إدارات البنك المختلفة.. وكان شاهين يعمل في قسم الائتمان في الدور الرابع ولم يكن يدخل القاعة المصرفية إلا للضرورة إذا احتاج إنجاز معاملات تخصه وفي كثير من الأحيان كان يقضي نهاره خارج البنك حيث كان عمله يقوم على تقييم المشروعات والشركات التي يقدم لها البنك تسهيلات مصرفية.. وفي أحد الأيام كان شاهين جالساً في مكتبه في الدور الرابع فاتصل به والده على هاتفه النقال وأخبره أن السيد عامر موجود في الدور الأرضي لإنجاز معاملات تخص حساب الشركة وطلب منه النزول لمساعدته.. ونزل شاهين ليراه وألقى عليه السلام وبعد أن ساعده ورافقه إلى الموظف المسؤول وانتهى من إنجاز معاملته رافقه في طريقه إلى الخارج وفجأة التفت شاهين ليرى أمامه مفاجأة لم تخطر له على بال.. رأى بسمة بشحمها ولحمها أمامه على بعد خطوات منه.. تقف بجوار طابور الانتظار.. لم يكن شاهين قد شاهد بسمة على الطبيعة فهي ليست من النوع الجريء الذي يقبل بالمواعدة وبالكاد وافقت على إرسال صورتها له لكنها الآن أمامه يا لها من صدفة لقد عرفها من صورتها التي يحتفظ بها في قلبه واحتار شاهين كيف يتصرف لكنه قرر أنه لن يفوت فرصة لقائها فتقدم نحوها وقلبه يخفق بحبه وشوقه ولهفته، ووقف أمامها مباشرة وقال: يا لها من مفاجأة!
نظرت إليه مبتسمة وقالت: هل أعرفك؟ جفل شاهين قليلاً.. هل من المعقول أنها لم تتعرف عليه؟!
فقال: أنا شاهين يا بسمة!
فابتسمت وقالت: يبدو أن الأمور اختلطت عليك يا أستاذ أنا منى صديقة بسمة، بسمة هناك تنجز معاملة بنكية،
التفت شاهين حيث أشارت فرأى المفاجأة التي لم يحسب لها حساباً فقد رأى بسمة أخرى، فتاة واقفة تحدق به في ذهول وقد عرفته. فتاة خدعته وأرسلت له صورة صديقتها الجميلة.. فتاة لا تمت إلى الجمال بصلة تلك كانت بسمة الحقيقية التي أحبها شاهين من كل قلبه وخطط للزواج بها..
لا يعرف شاهين كيف تمالك نفسه بعد أن شاهد بسمة وكيف استطاع أن يسيطر على نفسه وهي تتقدم منه.
وتقول: شاهين سأشرح لك أنا بسمة أنا..
ولم يسمع الباقي فقد تركها وهرب إلى مكتبه نعم لقد هرول إلى مكتبه ولا يعرف كيف تداركت الأمر أمام صديقتا والتي يبدو أنها لا تعرف بأمر الصورة التي أرسلتها بسمة له على أنها صورتها.. يا إلهي معقول.. لقد كانت بسمة فتاة قبيحة الشكل هذا أقل ما يقال عنها.. كانت بيضاء البشرة بياضها أقرب إلى اللون الأصفر، فمها كبير وكذلك أنفها وعيناها ضيقتان لم يستطيع أن يتذكر لون عينيها لفرط ضيقهما وكانت نحيفة بحيث تبدو وكأنها لم تذق الزاد في حياتها يا إلهي كيف خدعته بهذه الطريقة، كان شاهين مصدوماً وكلما مر وقت على صدمته شعر بمدى هول ما وقع فيه، لقد أحب بسمة حباً حقيقياً وقد خدعته هي بصورتها، أرسلت له صورة صديقتها الجميلة، على أنها صورتها لهذا ادعت أن والدها مسافر عندما أراد التقدم لها، وخرج شاهين من مكتبه وهو يشعر أن رأسه يكاد ينفجر وشعور بالغثيان يغمره، وكاد أن يصرخ بأعلى صوته كمداً وقهراً، ولا يعرف شاهين كيف استأذن من عمله وكيف عاد إلى البيت، لم يعِ ما يفعل إلا وهو جالس أمام شاشة الكمبيوتر يتطلع إلى صورة منى صديقة بسمة التي أرسلتها له بسمة على أنها صورتها وفجأة تظهر في خياله صورة بسمة الحقيقية فيجزع لما رأى لقد كان يشعر بألم الخديعة مراً لاذعاً مؤلماً إنه يكاد يجن.. وقضى أمام هذه الصورة ثلاث ساعات كاملة يفكر ويتذكر ويجتز الألم وهو يعجز عن الحراك وفجأة رن جرس الهاتف، إنها هي بسمة تتصل به.. يا لجرأتها ووقاحتها كي تتصل به بعد أن كشف زيفها فأخذ الهاتف النقال وحطمه على حائط غرفته وسمعت رغد صوت الهاتف وهو يتحطم على الجدار.. فقد كانت غرفتها مجاورة لغرفة شاهين ففزعت وهرعت إلى غرفة أخيها.. طرقت الباب ودخلت فجزعت لمنظره كان يبدو منهاراً وكأنه وجهه بلا دماء قالت: شاهين ماذا حدث؟
شاهين: رغد أرجوكِ اتركيني لوحدي لا أريد أن أرى أحداً..
شاهدت رغد هاتفه محطماً على الأرض فلم تعلق وخرجت صامتة..
وفي الساعة الحادثة عشرة مساء وصلت رسالة إلكترونية إلى إيميل شاهين كان عنوانها (رسالتي الأخيرة) وكنت من بسمة، فتحها شاهين كأنه منوم مغناطيسياً وقرأ:
حبيبي شاهين..
أعرف ما تفكر به الآن وأعرف أنك تراني فتاة مخادعة غشاشة لكنني أكتب لك قصتي التي أتمنى أن تقرأها لا لشيء فأنا أعرف أنك لن تعود إلي لكن لأنني أحتاج إلى أن أشرح لك بحق كل ما بيننا اقرأها أرجوك...
منذ وعيت على هذه الدنيا وأنا أعرف أنني لست جميلة.. كنت أنظر إلى نفسي في المرآة فأرى أنفي الكبير الذي يشبه البالون وعيناي الضيقتان كعيني الفأر وأرى بشرتي الصفراء الشاحبة الخالية من الحيوية وفمي الكبير المتسع الذي يطغي على وجنتي وشعري الكثيف الخشن الشاحب اللون وهزالي ونحافتي التي لم تفلح الأدوية والفيتامينات في القضاء عليها... كنت أرى كل ذلك القبح وأشعر بالألم والحزن على نصيبي وكانت جدتي دائماً تشفق علي من سخرية أبناء الجيران والأطفال في المدرسة وزاد إشفاقها علي عندما كبرت وأصبحت صبية ترى الفتيات جميلات من حولها وهي بينهن كعود القصب.. كانت جدتي تقول لي أنت يا بسمة مثل عود قصب السكر شكلك جاف خشن لا جمال فيه لكن داخلك سكر مليء بالحلاوة بأخلاقك ومعدنك الطيب وثقافتك.. لكن هل يكفي ذلك لأن يهتم بي أحد؟ لا أظن ومنذ عرفت مقدار دمامتي هيأت نفسي لأن أتفوق في دراستي وأن أحاول أن أعوض النقص في شكلي بأن يكون لي مستقبل علمي باهر، لكنني لم أكن متفوقة يوماً ولم تكن قدراتي تسمح بذلك أيضاً وتخرجت من الثانوية ولم أحصل على نسبة تؤهلني لدخول الجامعة فتخرجت من معهد للكمبيوتر وعملت في إحدى الوزارات، لكنني كنت أقرأ كثيراً، قرأت مئات الكتب وحشوت رأسي بمئات المعلومات، وكنت أشعر بالإحباط كثيراً فلم يكن هناك من يشبع عواطفي وكنت أشعر أيضاً بالوحدة والفراغ العاطفي إلى أن بدأت بالتحدث بالإنترنت، يومها وجدت عالماً جديداً وأصدقاء جدداً وجدت الماً لا يرى فيه الناس بعضهم فتخلصت فيه من عقدة شكلي وأخذت أكون صداقات كثيرة، صحيح أنها صداقات لا تتعدى شاشة الكمبيوتر لكنها أسعدتني وأدخلت المرح في حياتي وجعلتني أشعر أنني موجودة، وساعدتني هذه المحادثات على تكوين شخصية مرحة متزنة جميلة خاصة بي، وكنت دائماً أحرص على عدم تخطي حدود الصداقة مع أحد.. فأنا لا أملك ما أعطيه غير الصداقة ولم أود أن أتعرض للرفض من قبل أي شخص قد يراني وتصدمه قباحتي.. إلى أن تعرفت عليك يا شاهين... أحسست بك في قلبي وأصبحت أتلهف لمحادثتك ومع الوقت أصبحت لا أحادث غيرك وأحببتك يا شاهين بكل مشاعري بكل ذرة من إحساسي بكل حرماني وعواطفي الحبيسة، أحببتك كما لم أحب أحداً في حياتي.. واحترمتك فأنت لم تطلب مني ما يغضب الله ولم تطلب مني لقاء أو مواعدة كنت أشعر بك إنساناً نظيفاً طاهراً رائعاً إنساناً راقياً محترماً ومع مرور الأيام أصبحت زادي وهوائي الذي أتنفسه. صدقني يا شاهين لقد أحببتك من كل قلبي وتطورت علاقتنا مع الوقت وعندما ألححت علي أن أبعث لك صورتي خفت على هذا الحب أن يضيع عندما تكتشف شكلي وحقيقتي.. كنت أشعر بالرعب وأنا أتخيلك تهجرني وقد أصبحت كل شيء في حياتي.. وفي أحد الأيام كنت أزور منى... ومنى هي صديقتي الوحيدة وهي ابنة جيراننا حيث كنت ألعب معها منذ صغري وهي تحبني وتشفق علي وكانت دائماً طيبة معي وهي مخطوبة لابن خالتها وعندما كنت أزورها أرتني منى صوراً لها قامت بتصويرها حديثاً وطلبت منها صورتها للاحتفاظ بها كتذكار فأعطتني هي الصورة... وعندما عدت لأحادثك تلك الليلة ألححت علي أن أبعث لك صورتي وقد قررت أن أبعث لك صورتي الحقيقية وليكن ما يكون من عواقب وفتحت محفظتي لأخرج صورتي حتى أضعها على الماسح الضوئي ومن ثم أرسلها إليك لكن وقعت عيناي على صورة منى... منى الجميلة المميزة وقارنت بين صورتها وصورتي فانهمرت دموعي وتحسرت على نصيبي بالحياة ودون أن أفكر أسرعت بإرسال صورتها لك فلم أكن أحتمل أن أخسرك يا شاهين.. وعندما وصلتني صورتك أنت شهقت من فرط الصدمة فأنت جميل رائع كأنك أحد ممثلي السينما ولا شك أنك لن تحادثني إذا رأيت صورتي الحقيقية وعندما كتبت لي تخبرني عن إعجابك بي وبجمالي كنت أشعر بغصة لأنني لست صاحبة الصورة لكنني كنت أقول لنفسي على الأقل سيبقى معي.. ولكنك فاجأتني أنك تريد الزواج مني. هنا فقط انهار عالمي فأنا لست صاحبة الصورة التي أعجبك جمالها واحترت ماذا أفعل فكذبت عليك أن والدي مسافر حتى أعطي لنفسي فترة للتفكير في حل.. شاهين لقد حاولت كثيراً أن أتعرف لك بالحقيقة لكني لم أملك الشجاعة لذلك واليوم عندما ذهبنا أنا ومنى إلى البنك لم أكن أتخيل للحظة أنني قد ألتقي بك صدفة هناك وصدمت عندما وجدت تتحدث إلى منى وعرفتك من صورتك وصوتك وأنا لا ألومك استطعت أن أخبر منى أنك موظف في البنك سبق أن اشتكيت عليك ظلماً وحاولت الاعتذار منك ولم تقبل وهذا سبب إعراضك عني... شاهين أنا أعرف أن هذه نهاية علاقتنا وأنا لا أريد منك شيئاً سوى أن تعذرني وتسامحني لكذبي عليك.. لم أرد يوماً أن أجرحك فأنت أحب إليّ من نفسي لكن هكذا سارت الأمور.. سامحني يا شاهين وأتمنى لك التوفيق وأرجوك اغفرلي.. وتذكرني بالخير فالله تعالى غفور رحيم وإن الله يحب من يتأسى بصفاته.
وشكراً على كل لحظة أمل منحتها لي... بسمة.
انتهت رسالة بسمة وأعاد شاهين قراءتها عشر مرات وقام بخطى متثاقلة ودفن وجهه في مخدته على سريره وتساءل: ماذا يفعل ماذا يستطيع أن يفعل.. لقد أحبها لكنها ليست جميلة صحيح أنها محترمة وطيبة وبها الكثير من الصفات التي تعجبه لكن هل يكفي ذلك؟ كان على الأقل يتمناها متوسطة الجمال أو حتى عادية الشكل لكن بسمة ليست جميلة بالمرة... وعندما طاف طيفها في خياله أغمض عينيه يا إليهي إنه لا يتخيلها زوجة له إنه مصدوم... ثم إنه خدعته وحطمت أحلامه بلا رحمة... كان هناك جزء في داخله يكاد يعذرها على كذبها... ولكنه ما زال غير مقتنع بها... ونهض ووقف أمام مرآته ونظر إلى وجهه إنه وسيم لأبعد الحدود وكان يمني نفسه بزوجة تليق به، زوجة جميلة مثله... ماذا أفعل سأل نفسه... وفجأة خرج شاهين من غرفته وكانت الساعة الثانية فجراً وطرق باب رغد... لا يعرف لماذا اختار رغد لكنه كان يحبها حقاً منذ صغرها.. ويشعر أنها أقرب أخواته إليه،
فتحت رغد الباب وآصار النوم في عينها والقلق يطل منهما... شاهين؟
- رغد أن محتاج لك.
- خير إن شاء الله أرعبتني يا شاهين ماذا حدث؟
دخل شاهين غرفتها وألقى نفسه على سريرها ونظر إلى السقف وبدأ يحكي لها حكايته كأنه يحادث نفسه وجلست هي عند قدميه تستمع له بانتباه وقد طار النوم من عينيها... وكم تألمت وهي تسمع ما حدث لأخيها... لقد كانت رغد دائماً راجحة العقل ومتزنة فرغم أنها تصغر شاهين بسبع سنوات إلا أنها بدت في هذا الوقت كأنها أمه وعندما انتهى شاهين رفع عينيه إليها ليسألها رأسها.. وحقيقة هي أشد حيرة منه... فقالت: اسمع يا شاهين الفتاة فتاة طيبة ورائعة ولكن من حقك يا أخي أن تتزوج فتاة ترتاح عينيك لرؤيتها فتاة تملأ قلبك وإحساسك وتملأ عينيك... من حقك أن تزهو بزوجتك لا أن تنفر من شكلها صحيح أنه لا ذنب لها في شكلها فهذه خلقة الله والله في خلقه شؤون لكن الخيار لك أنت، ماذا عن أبنائك ماذا إن ورثوا شكلها!
شاهين: لكنني أحبها وأحب شخصيتها.
رغد: اعط لنفسك وقتاً لتنساها ومع الوقت ستتعود بعدها عنك أنت الآن في قمة صدمتك ومع الوقت سوف تستطيع أن ترى الأمور من زاوية أخرى، صمت شاهين طويلاً واحترمت رغد صمته ثم قالت: شاهين أنت الوحيد الذي يستطيع أن يتخذ قراراً، إما أن تنساها وتبحث عن فتاة جميلة وخلوقة أو على الأقل ترتاح لمظهرها للزواج أو أن تتمسك بها وتستغني عن جمال المظهر بجمال الروح.. أنت وحدك تقرر..
(12)
كانت دلال تعيش أجمل أيام حياتها... فقد اعترف لها صلاح بحبه ووعدها بالزواج واعترف لها أنه لا يستطيع الاستغناء عنها وقد أعطاها اعترافه هذا الكثير من الحقوق عليه، فقد أصبح يحترمها ويخصص لها وقتاً كل مساء للحديث معها وأحياناً كثيرة كان يسهر معها على الهاتف مختبئاً في مكتبه بالمنزل وقد أقفل الباب عليه ويتعذر أمام زوجته أن عليه إنجاز بحث ما... وقد اتفقت معه على أن يتقدم للزواج بها بعد أن تتخرج وكانت دلال تعرف أن والدها لن يوافق على أن تكون ابنته الزوجة الثانية رجل.. لكنها كانت تأمل وتخطط أن يطلق صلاح زوجته قبل تخرجها.. فإذا تقدم لها صلاح وهو مطلق قد يعارض والدها زواجهما لكنها متأكدة أنه مع الإلحاح سيقبل فصلاح رجل ناضج وذو مركز علمي مرموق وهو وسيم وميسور الحال وكونه مطلقاً لا يعيبه لكن الوضع سيختلف قطعاً إذا تقدم إليها وزوجته لا تزال على ذمته. كانت دلال تكره زوجته من كل قلبها رغم أن دلال هي من تحاول هدم حياة دانة، لكن دلال أعماها الحب وأعطت لنفسها كل المبررات كي تستولي على صلاح..
ولم تصارح صلاح أبداً عن نواياها بخصوص طلاقه من زوجته.. بل قررت أن تخطط لذلك بأن تجذبه لها أكثر وتعلقه بها أكثر وعندما يحين وقت تخرجها سيكون لها معه حديث آخر... وهكذا أصبحت علاقتهما قوية وازدادت قوة وعمقاً مع الأيام.. وقد ردت دلال على زميلها خالد بالرفض بخصوص عرضه للزواج منها دون أن تبدي أسبابها وكادت تشكره فقد كان عرضه سبباً لظهور غيرة صلاح عليها واتخاذه قرار الزواج منها...
دخل صلاح منزله بعد يوم حافل في الجامعة فقد انتهت الدراسة وجاء الصيف ورفض التدريس خلال الفصل الدراسي الصيفي فهو منهك ومتعب ويحتاج إلى الراحة... وتذكر دلال وابتسم صحيح أنه على علاقة معها لكنه لم يخبرها أبداً عن أسئلة الامتحانات التي يضعها ولا حتى بالتلميح ولم يراعها أبداً أثناء تصحيح الامتحانات أو وضع الدرجات فهي لم تكن تحتاج لذلك وهو فخور جداً بتفوقها وإنجازاتها الدراسية وصورتها الجميلة تزين لوحة الشرف لطلاب التخصص المتفوقين...
وبينما هو سارح في دلال شعر بيدي دانه على كتفيه فانتفض والتفت إليها... كانت دانة تنظر إليه بهدوء وقالت: متي وصلت لم أشعر بدخولك البيت؟
صلاح: أين الأولاد؟
دانة: في النادي مع أختك وأولادها.
صلاح: سأنام قليلاً قبل الغداء أيقظيني بعد نصف ساعة.. صعد صلاح لينام وجلست دانة ساهمة... فهي لم تذق طعم النوم منذ فترة طويلة.. منذ اكتشفت أن صلاح يخونها..
لا تعرف دانة متى شعرت بتغير صلاح بالضبط لكنها لاحظت بعض الأمور التي أقلقتها كثيراً وأدخلت الشك في قلبها... مكالماته الهاتفية الهامسة التي يقطعها ما إن يراها أمامه.. تأخره خارج المنزل وعندما تطل خلال النافذة تراه واقفاً بسيارته خارج المنزل؟! ومع الوقت بدأ يدخل المنزل فيغلق الباب على نفسه داخل المكتب بالساعات وعندما تسأله يتعذر لها بالعمل وهي لا ترى أي أثر لهذا العمل كما يقول وبدأت تتأكد عندما لاحظت اهتمامه الزائد ينفسه ووزنه وتعطره الدائم وهو خارج وبدأت تحتار لماذا يخونها صلاح؟ هل قصرت في حقه؟ قطعاً لا فهي دائماً أنيقة مرتبة تحاول دائماً أن ترضيه فهي تعرف أن زوجها يعمل بين فتيات الجامعة الجميلات الصغيرات وكان هذا يجعلها أكثر حرصاً على إرضائه والاهتمام به ولذلك لم ترغب بإنجاب المزيد من الأولاد به حتى لا تنشغل عنه، وهي دائماً تستمع إليه وتحاول مصادقته وطالما اهتمت بثيابها واكسسواراتها وتغيير تسريحة شعرها وصبغه وأخذت دورات في فن وضع المكياج حتى تكون دائماً أمامه في أبهى صورة ومع ذلك فهو يخونها وقلبها يقول لها إنه يخونها مع فتاة من الجامعة.. وكادت تجن ولم تصارحه بشكها به حتى عندما بدأ صلاح يهملها ويقصر بواجباته تجاهها.. وذات يوم كان صلاح سارحاً كعادته مؤخراً فوضعت يديها على عينيه تداعبه فصاح بها أفزعتني يا دلال! يا إلهي لقد هتف باسم فتاته دون أن يشعر ولم ينتبه هو أنه نطق اسم دلال خطأ بدلاً من اسم دانة، وهي لم تنتبه إلى ذلك فضحكت وهي تكتم الطعنة التي أصابتها في صميم قلبها ولم تسأله من هي دلال لكنها تأكدت أنه يخونها واسم الفتاة دلال بقي فقط أن تعرف من هي ولكن كيف تعرفها وكانت حتى هذه اللحظة لا تعرف كيف تكتشف من هي دلال... فجأة عرفت دانة كيف فقد وقعت عيناها على هاتف صلاح المحمول وقد نسيه على الطاولة أمامها وهي المرة الأولى التي ينساه فقد كان يضعه بجواره وهي لم تتعود أن تعبث بهاتفه احتراماً له وثقة به لكنها معذورة هذه المرة... فأخذت الهاتف وأخذت تعبث به وقرأت رسائل دلال لزوجها... رسائل الحب.. لم تكن تتصور أنهما على علاقة جدية كما يبدو من الرسائل فهي تقول له في إحدى رسائلها ليتك معي الآن عندما نتزوج سنذهب معاً إلى هذا المطعم، عندما نتزوج!! كادت دانة أن تفقد وعيها معنى ذلك أنهما تفقا على الزواج.. وسمعت دانة صوت صلاح يصيح من الأعلى دانة لماذا لم توقظيني؟ فالتقطت ورقة وقلماً بسرعة وسجلت رقم هاتف دلال النقال وأعادت الهاتف مكانه على الطاولة أمامها
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا