حب في المقبرة!!
تدور أحداث هذه القصة في بلاد الشام، وعلى حسب طبيعة النفس البشرية التي تحب وتتعلق فيمن حولها، نشأت قصة حب جارف بين شاب وفتاة، وذاع أمرهما بين القبيلة، فما كان من أهليهما إلا أن قاما بتزوجيهما درء للمفاسد التي يمكن أن تنجم من وراء هذا التعلق رغم الخلاف الناشب بين العائلتين، والذي وصل إلى حد منع التزاوج بين الطرفين. تعاهد الشاب والفتاة على التعلق وعدم التفرق مهما كانت الأسباب، إلى درجة الاتفاق على الحياة سوياً أو الموت سوياً!
وجاء يوم الزفاف وتجهّز المعرس على عادة أهل المنطقة وتبعاً لأعرافهم وتقاليدهم، واحتفل الناس بالعروسين في ليلة بهيجة، وما إن دخل عش الزوجية إلا وسقط على الأرض، ولفظ أنفاسه الأخيرة، وفاضت روحه في ليلة عرسه وفرحه، وتحولت الليلة من موكب فرح وسعادة، إلى موكب حزن وشقاء!
تم استدعاء الطبيب للكشف عن ملابسات تلك الوفاة الصادمة للجميع، ولكن جاء تقرير الطبيب بأن الوفاة جاءت طبيعية! وخرج أهل البلدة حميهم وراء موكب العزاء، وخرجت العروس بملابس فرحها، وقد بدت عليها مظاهر الهلع والاضطراب والحزن، فانتقض شعرها، وتغير حالها، واتسخت ملابسها، وتبدل فرحها إلى حزن، ومرحها إلى شقاء .. حاول أهل البلدة أن يثنوها عن اتباع الجنازة، ولكن عدم وعيها حال دون إصغائها لأي نصيحة تُسدى إليها، دفن الناس المعرس، وحاولوا عابثين أن يصحبوها إلى القرية قافلين إلى منازلهم، إلا أنها لم تكن بوعي يسمح لها بسماع أي شخص يناديها أو يحدثها حديث العقلاء، فمزقت ثوبها ولطخت وجهها وجلست بجوار القير تبكي وتبكي إلى أن ذهبت في نوم بعدما تركها أهل القرية عند القبر.
في تلك الأثناء جاءت دورية للشرطة ومعهم شاب حُكم عليه بالإعدام، وكانوا وقتئذ ينفذون أوامر الإعدام بالقرب من المقابر، وما أن اقتربوا من المقابر إلا ولمحوا شبحاً لاح إليهم من بعيد، اقتربوا أكثر وأكثر .. بدأوا في سماع أصوات خفيضة، وأنفاس تتصاعد .. ملأ الرعب صدورهم علاوة على الرعب الذي كان في قلب السجين المحكوم عليه بالإعدام، وما إن أصبحوا على مقربة من القبر الذي تجلس عليه العروس إلا ظنوا أن شبحاً أو جنياً قد ظهر لهم، فولوا مدبرين على أعقابهم، وتركوا السجين المحكوم عليه بالإعدام مصفداً في وثاقه مربوطاً في سلاسله، دخل الرعب قلب السجين، ولكن أين المفر وهو مقيد مربوط؟ بدأت العروس تتحدث إليه، وتحكي له قصتها، فهدأت نفسه، وتبددت مخاوفه، وأنس إليها وتعاطف مع مأساتها، وقامت العروس بفك قيود السجين الذي ما إن انحل وثاقه حتى فر هارباً قبل أن يصل إليه أفراد الشرطة، ولكنه لم يغادر بعيداً حتى تراجع، وعزم على العودة؛ ليساعد هذه الفتاة المسكينة، ولما رأته عائداً فرحت وسعدت وخف ما بها من حزن وألم.
اتفق الاثنان على فكرة جنونية لا يمكن أن تخطر على بال، ألا وهي الزواج! ثم أخرجا جثة معرسها من القبر، وأخذا ملابسه، وحاولا أن تتطابق ملامحه مع ملامح السجين لكي يتمكن من مغادرة المكان قبل حضور الشرطة .. وما هي إلا سويعات معدودة حتى جاءت الشرطة إلى المكان بعدما بزغ الضوء فوجدوا جثة شاب، فظنوا أن ذلك هو السجين الذي كان معهم أمس، قد مات من شدة الرعب، على حين فرّ الشاب والفتاة بعيداً وعاشا سوياً بعدما تزوجا.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا