حب إلى آخر العمر
على عادة معظم البشر يتعلقون بالزمان والمكان وأهله، وخاصة من كانت نفسه تفيض شاعرية ورقة وجمالاً فتجده رقيق الإحساس مرهف المشاعر، عاشقاً مولّهاً كشعراء بني عذرة، يعشقون من نظرة، ويخلصون على مر الأيام.
فالح أحد هؤلاء العشاق الشعراء، كان قد بلغ السادسة والعشرين من عمره، عندما رأى بالصدفة ابنة جيرانهم نورة، وكانت قد بلغت عامها السادس عشر، لم يستطع فالح كتمان ذلك الإعجاب، ولو كان من نظرة واحدة، فتغزل بها في أشعاره، وصار يذكرها في قصائده، وانتشرت كلماته بين الناس، فسمع بذلك أهل نورة، وافتضح أمره، فما كان من أهلها وقبيلتها إلا أن زوجوها إلى أحد أقاربهم، وارتحلت مع زوجها إلى مكان بعيد، ولكن ما كان في القلب يصعب أن يخرج منه، فبرغم البعد المكاني إلا أن الحب والشوق والحنين لم يهدأ في قلب الرجل، وها هي السنون تمضي عجلى، وتعود نورة بعد وفاة زوجها، ولكن لم تعد بمفردها وإنما بصحبة ثلاثة أطفال يحومون حولها كالفراشات، لم يشأ فالح هذه المرة أن تفلت نورة من يده، رغم تقدم العمر بهما إلا أن لهيب الشوق لم تزده الأيام إلا توقداً وسعيراً، فحاول إقناع أهله وعشيرته بالتقدم إلى خطبة نورة، وبعد اعتراضات عدة من أهله وعشيرته أقنعهم على كره منهم، وبعدما ظفر بالموافقة من أهله، جاءت المفاجأة من نورة نفسها، إذ اعترضت هي على الارتباط به مفضلة العيش في كنف أولادها، وتربيتهم والعمل على ما يصلحهم، فأتى منزلها وطرق بابها، وطلب منها الارتباط، ولكن قوبل الطلب بالرفض، لكنه لم يقتنع بردها، وظل لسانه يلهج بذكرها، وقلمه يكتب عنها أجمل الأشعار، وما زالت نورة حبيسة أشعاره لم تنفلت منها رغم أنه صار في الستين من عمره.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا