أسامة والفتاة الجميلة ريف لأبو طلال الحمراني

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2022-01-12

أسامة والفتاة الجميلة ريف!!
كانت الحرب الإيرانية العراقية قد دارت رحاها بين الدولتين في الثمانينات، وقد أودت هذه الحرب الضروس بحياة الكثيرين، وانقطعت الأخبار عن الآخرين حتى عُدوا من المفقودين.
لم يكن التعليم قوياً في ذلك الوقت خاصية بين القبائل العراقية، وكان قلة من الناس مَن يعرف طريقه إلى التعليم، في حين حُرم منه الكثير من الناس الذين كانوا يكتفون بتعليم أبنائهم إلى المرحلة الابتدائية، لينخرطوا بعد ذلك بحرفة من الحرف تعينهم على الحياة، غير أن أسامة ذلك الشاب الطموح لم يكن حظه كحظ أبناء قبيلته، فقد أتمّ تعليمه، وحمل على عاتقه أن ينشر التعليم ما وسعه إلى ذلك سبيلاً.
كانت القبلية آنذاك تسيطر على عقول الناس، وتفرض عليهم نمطاً حاداً من التفكير .. أسامة كان أحد مفرزات هذا التفكير القبلي، ولكنه بدراسته ورحلته إلى بغداد تفتحت مداركه، وبدأ يتخلى شيئاً فشيئاً عن عادات القبيلة، فانطلق بفكره الجديد يحمله إلى الناس من حوله، يمر على البيوت منزلاً منزلاً، ويطلب من الآباء السماح لأبنائهم بمتابعة الدراسة.
وكان من بين هؤلاء الذين التقى بهم كامل، وهو أخ أكبر لآخر يدعى زامل، وكان لها أخت جميلة تُدعى ريف، وبعد محاولات كثيرة أقنع أسامة كاملاً أن يسمح لأخته ريف بالذهاب إلى المدرسة لاستكمال دراستها، وبالفعل عادت الفتاة إلى مقاعد الدراسة، وكان الأستاذ أسامة يهتم بها، ويتابعها بعناية .. تعلق قلب الأستاذ أسامة بطالبته ريف، الفتاة الجميلة الفاتنة، وكان يكبر التلميذة بخمسة عشر عاماً، وازداد هذا التعلق مع مرور الأيام، وبادلته الفتاة الشعور نفسه، ولكن بعد فترة أوقف الأخ الكبير أخته ريف عن الذهاب إلى المدرسة، فافتقدها المعلم المتعلق بها، ولم يطق صبرا أن ينتظر، فذهب بنفسه إلى صديقه وسأله عن سبب غياب أخته عن المدرسة؟ فكان الجواب أن الفتاة يجب أن تساعد أمها في أعمال المنزل، وخاصة أن أخاها على وشك الزواج، فما كان منه إلا أن قدم لهم مالاً، وطلب منهم أن تتفرغ ريف للدراسة، ويستأجر بالمال من يساعد أمه في الأيام المقبلة، وهذا ما حصل بالفعل، لكن هل ستظل مشاعره تجاه ريف حبيسة صدره؟
لقد بدأت زميلاتها يلاحظن ذلك، وأصبح خبر تعلق الأستاذ أسامة بريف ينتشر بين الناس، وما عاد المعلم يطيق كتم مشاعره، فأعلن رغبته في الارتباط بريف وطلب يدها رسمياً من أخيها.
جاء الخبر بمثابة صاعقة، لأنه ثمة تقاليد وأعراف قبلية تمنع من إتمام الزواج بينهما، فالمعلم من قبيلة وريف من قبيلة أخرى، وبين القبيلتين ثارات وخلافات قديمة، كان من نتيجتها وقف التزاوج بين القبيلتين. حاولت الفتاة الضغط من جانبها على أخيها، ولكن لا جدوى من ذلك، فقد أسرع الأخ إلى أحد أقاربهم يستعجله بسرعة التقدم إلى أخته وخطبتها، وهذا ما تم وتزوجت الفتاة من أحد أقاربها رغما عنها، والمعلم هو أيضاً تزوج من فتاة أخرى من قبيلته.
أما كامل شقيق ريف، فبعد قيام الحرب العراقية الإيرانية انخرط جندياً في الجيش العراقي ليقاتل في صفوفه، وجاءت الأنباء عن وفاته، وطلبت أرملته الزواج بأخر، وحملت الفتاة (ريف) على عاتقها تربية أبناء أخيها، وأشفق عليها معلمها القديم الذي قدم لها المساعدة وعرض عليها المساعدة بعدما مات زوجها هي أيضاً، وباع لأجل ذلك أرضه حتى تمكنت ريف من حضانة أبناء أخيها وتربيتهم أحسن تربية، وعاد أسامة يعرض نفسه مرة أخرى على ريف للزواج منها، ولكنها رفضته هي هذه المرة متعللة بموت أخيها، ونذر حياتها لأبنائه.
وفي ليلة من الليالي خرجت ريف تنادي بأهلها وجيرانها، وعندما تجمع الناس فوجئوا برجوع كامل شقيق ريف من الحرب، فلم يكن قد استشهد كما أشيع، ولكنه كان أسيرا، وتم إطلاق سراحه. علم كامل ما كان من وقفة صديقه إلى جانب أخته رغم عزوفها عن الزواج منه، فوافق كامل على زواج أخته من أسامة عن عمر يناهز السابعة والأربعين، بينما كانت أخته قد قاربت العام الحادي والثلاثين.

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا