لن تمسها
"هذا ما حدث معنا.." قالها (عمر) موجهاً كلامه لــ (أبرار) الجالسة في المقعد الخلفي للسيارة وهو يحدق بالطريق أمامه.. ثم أكمل قائلاً: "ونحن الآن نبحث عن منزل (نورة) كي نحذرها لأننا نشك بأنها
هي التي كان يتحدث عنها الباحث وهي التي تلبس الخاتم الأخضر خاصة بعد ما تذكر (ماجد) شكلها من الصورة."
لم ترد الفتاة..
(عمر) وهو ممسك بالمقود وينظر للطريق أمامه: أخبرينا الآن أين منزل (نورة)
لم ترد الفتاة أيضا..
التفت (ماجد) للمقعد الخلفي وهو يقول: لماذا لا ترديــ..؟
صعق (ماجد) عندما لم ير الفتاة في مكانها وصرخ في (عمر) قائلاً: أوقف السيارة!!
أوقف (عمر) السيارة وهو يصرخ: ما بك أيها المجنون؟!
(ماجد) مشيراً للمقعد الخلفي وبنبرة عالية خالطها التوتر والجزع: لقد اختفت!
(عمر) مديراً رأسه وموجهاً نظره للمقعد الخلفي الفارغ: أين ذهبت؟!
(ماجد) يلتفت على (عمر) ببطء وتوتر: ما الذي يحدث؟
(عمر) وهو مرعوب وعينه على المقعد الخلفي الفارغ: لا أعرف..
(ماجد) مشيراً بيده وملوحاً بأصابعه أمامه: تحرك الآن ولنفكر لاحقاً.. هيا تحرك بسرعة!
(عمر): إلى أين؟!
(ماجد): لا يهم.. تحرك فقط..
(عمر) بهدوء محاولاً التركيز والسيطرة على توترهما: ما رأيك أن نعود لمنزلي؟
(ماجد) والقلق لا يزال يساوره: أي مكان المهم أن نبتعد عن هذه المنطقة في الحال.
عاد الاثنان لمنزل (ماجد) وركنا السيارة وبعد نزولهما اقترح (عمر) أن يغسلا السيارة خاصة وأنها لم تغسل منذ يوم الحادث وبعد استلامها من موقف الشرطة حيث كانت محتجزة.
(ماجد): ما هذا الاقتراح الغريب؟
(عمر): أنا ما زالت متوتراً بسبب اختفاء تلك الفتاة وأريد أن أنشغل بشيء ما.
(ماجد): فلننشغل بشيء يفيدنا في الخروج من الورطة التي وقعنا فيها
(عمر): لا.. أريد أن أنشغل بشيء آخر في الوقت الحالي
(ماجد) بتهكم: وغسيل السيارة هو أول شيء خطر ببالك؟
(عمر) وهو يهم بالبدء بغسل السيارة: لا تشاركني غسلها إذا كنت لا تريد
(ماجد) مبتسماً: لا.. سوف أساعدك أيها المتوتر.
بعد مضي خمس دقائق في غسل السيارة بصمت تحدث (عمر) وهو يدعك عجلة السيارة بالماء والصابون قائلاً: (ماجد) وهو يرش الماء على النوافذ: أي فتاة تقصد؟.. (نورة) أم (أبرار)؟
(عمر) خلال مسحه النوافذ بخرقة جافة: (نورة) بالطبع..
(ماجد): لا أعرف.. هل نحاول مع (عادل) مرة أخرى؟
(عمر) مفرغاً محتوى دلو الماء على العجلات: لا فائدة من ذلك يجب أن نجد طريقة أخرى لمعرفة مكان إقامتها والتحدث معها وجهاً لوجه.
(ماجد) وهو يعصر خرقة مبتلة كان يمسح بها: لم لا نسأل (فالح)؟
(عمر): وما الذي يمكن أن يقدمه لنا إذا كان الملف مع (عادل)؟
(ماجد): كل أسرار (عادل) عنده وهو من يسير جميع أموره فلا بد أنه يعرف شيئاً قد يقودنا لمنزل الفتاة.
(عمر) وهو ينظر للسيارة: لقد انتهينا..
(ماجد) يرمي الخرقة التي كان يمسح بها في دلو الماء: خذني لمنزلي الآن لقد كانت ليلة حافلة
(عمر): ألا تريد الحديث أكثر في موضوع (نورة) والخاتم؟
(ماجد): لا لقد تأخر الوقت لنتحدث غداً في المحكمة
(عمر): حسناً
أوصل (عمر) (ماجد) لمنزله وقبل رحيله قال: أراك غداً كي نكمل الحديث في الموضوع
(ماجد) وهو يدخل منزله مبتسماً: حسناً لكن أتمنى ألا أنام طيلة النهار وأتغيب عن العمل من التعب
(عمر) ضاحكاً: سأتصل بك صباحاً لأوقظك يكفي ما غبناه من أيام
تحرك (عمر) بسيارته عائداً لمنزله..
عندما دخل (عمر) منزله توجه لغرفته مباشرة لأن الفجر قد اقترب ولم يبق إلا ساعات قليلة على موعد ذهابه للعمل. استلقى في فراشه وأغمض عينيه وقبل أن يغفو سمع هاتف المنزل يرن فرفع السماعة وتحدث بصوت خدر: "نعم.."
(ماجد) بصوت خفيض: أين أنت؟
(عمر): تتصل علي بالمنزل وتقول أين أنت؟.. هل أنت أحمق؟
(ماجد): أين أنت؟
(عمر): هذا ليس وقت المزاح يا (ماجد) عد للنوم
أغلق (عمر) الخط محدثاً نفسه: "يبدو أنه اتصل خلال نومه ولم يشعر بنفسه.."
وقبل أن يضع رأسه على المخدة رن الهاتف مجدداً فرفع السماعة بعصبية وقال: ما بك؟!.. إذا كنت لا تريد النوم فأنا متعب جداً ولا أملك وقتاً لألاعيبك الآن!
رد على (عمر) صوت مختلف عن صوت (ماجد) وقال بنبرة مبحوحة: "لن تمسها.."
نهض (عمر) مفزوعاً من فراشه وقال بتوترٍ شديد: من أنت؟!
أغلق من كان يتحدث الخط فعاود (عمر) الاتصال على (ماجد) لكنه لم يجد إجابة مما أثار الشك في نفسه ودفعه لتبديل ملابسه والنزول على عجالة والتوجه لمنزل صديقه وعند وصوله لمنزل (ماجد) بدأ يضرب الجرس ويطرق الباب بقوة. كان (ماجد) أعزب ويقيم وحده بعد توظفه كنوع من الاستقلالية عن أهله لذا لم يتردد (عمر) في الاستمرار بطرق الباب والجرس حتى أفاق وفتح له وهو يصرخ: من عند الباب؟
(عمر) بوجه قلق: هل أنت بخير؟!
(ماجد) بوجه ناعس وغاضب: ما الأمر؟!.. لم عدت؟!.. ماذا تريد؟
(عمر) وهو يدخل لمنزل (ماجد) بقلق ويتفحص المكان بنظره: هل معك أحد؟
(ماجد) يسير خلف (عمر) داعكاً عينيه باستغراب: أحد؟.. أحد مثل من؟!
(عمر) ملتفتاً عليه: أين هاتفك؟
(ماجد) باستغراب: هاتفي؟.. هل أيقظني كي تسأل عن هاتفي؟
(عمر) بعصبية: فقط أخبرني أين هاتف المنزل!
(عمر): لم اتصلت بي!
(ماجد): أنا لم أتصل بك
(عمر) بعصبية: هل أنت متيقن؟!
(ماجد): نعم متيقن.. كنت نائماً
(عمر) يجلس على طرف السرير سارحاً بملامح مشبعة بالجزع والتوتر: يجب أن نجد تلك الفتاة بسرعة..
(ماجد): من الذي اتصل بك؟
(عمر) رافعاً نظره لـ (ماجد) وعلى وجهة نظرة رعب وقلق: أعتقد أنه كان (ديموس)..
الرجس
حياد الصالحين
ركب (خالد) مع الضابط المناوب وتوجها للمكان الذي وجدوا فيه جثة شرطي المرور والنجمة الخماسية المرسومة بدمائه على السور وعندما وصلا قال الضابط وهو يشير لسور المزرعة: "هنا وجدنا جثة الشرطي ممزقة بطريقة وحشية.. تحت الرسمة التي تراها".
تقدم (خالد) نحو السور حتى وصل للرسمة وبدأ يتمعن فيها مستعيناً بنور كشاف صغير بيده..
(الضابط) يسير نحو السيارة قائلاً: أنتظر سوف أشعل إنارة السيارة كي ترى بشكل أفضل
ركب الضابط سيارته وأشعل الإنارة العالية..
عاود (خالد) تفحص الرسمة بصمت ..
(الضابط) يترجل من السيارة ويسير نحوه قائلاً: ما رأيك يا شيخ؟
(خالد) وعينه على النجمة الخماسية المرسومة بالدماء على جدار السور: هل تحققتم أن المادة المستخدمة في الرسم هي دم الشرطي؟
(الضابط): لقد أرسلنا عينة منها للمختبر لكنني واثق أنها من دمائه.. أليس ذلك واضحاً؟
(خالد) وهو ينحني ويمعن النظر في الرسمة أكثر: من الواضح أنه دم لكن.. دم من؟
(الضابط) باستغراب: ماذا تقصد؟
(خالد) ملتفتاً نحو الضابط: لقد أخبرتني أنك ستريني شيئاً وجدتموه داخل هذه المزرعة.
(الضابط): آه نعم.. تعال معي.
أطفأ الضابط السيارة والأنوار ثم دخل الاثنان المزرعة..
(الضابط) وهو يسير مع (خالد) بعد تجاوز البوابة لداخل المزرعة: لقد قمنا بتفتيش المكان بعد الاستئذان من صاحبه خاصة بعد ما وجدنا تلك الرسمة الدموية على السور ولم نجد ما يثير الريبة في بادئ الأمر لكن أحد أفراد فرقة البحث اكتشف شيئاً في الطرف الآخر من المزرعة.. خلف تلك الأشجار.. شيئاً غريباً لم يكن صاحب المكان على علم به.
(خالد) باهتمام: ماذا وجدتم؟
(الضابط) مشيراً لمكان في أقصى المزرعة: أذهب وشاهد بنفسك..
سار (خالد) وعلى وجهه نظرة تساؤل لكنها تبددت وتبدلت لصدمة بفم مفتوح عندما وصل للمكان الذي أشار إليه الضابط ورأى حماراً مصلوباً على سور المزرعة من الداخل وجسده ممثل به بشكل بشع وبطريقة مماثلة لما حدث مع الشرطي المقتول
(خالد) والصدمة لا تزال مهيمنة على مهيمنة على وجهه: ما هذا؟!
(الضابط) يقف بجانبه رافعاً نظره للحمار المصلوب: أعتقد أن الفاعل هو نفسه من قتل الشرطي.
(خالد): وكيف وصلت لهذا التكهن؟
(الضابط) مشيراً بسبابته أمامه: انظر لصدره
نظر (خالد) بتمعن لصدر الحمار ليرى أن نجمة خماسية في دائرة قد حفرت على جلده.
(خالد): ما معنى ذلك؟
(الضابط): لقد استدعيناك أنت لتخبرنا
(خالد) محدثاً نفسه: هذا رجس من عمل الشيطان..
(الضابط): عفواً يا شيخ ماذا قلت؟
(خالد): هل أسفرت تحقيقاتكم المبدئية عن شيء آخر؟
(الضابط) خلال سيره عائداً لبوابة المزرعة: الشخصان اللذان أخبرتك عنهما كانا خارجين من المزرعة لحظة وصولنا وهما صاحبا السيارة التي أبلغ عنها رجل المرور قبل اختفائه وهما أبرز المشتبه بهم في الوقت الحاضر.
(خالد) يسير بجانبه قائلاً: حان وقت الجلوس معهما إذاً.
(الضابط) مغلقاً البوابة بعد خروجهما: بالطبع وقتما تشاء.
(خالد) يسير بجانبه قائلاً: حان وقت الجلوس معهما إذاً.
(الضابط) مغلقاً البوابة بعد خروجهما: بالطبع وقتما تشاء.
(خالد(: في أقرب وقتٍ إذا تكرمت.
(الضابط) مشيراً لـ (خالد) بركوب السيارة: تفضل..
عاد (خالد) لقسم المرور مع الضابط الذي مكنه من مقابلة (عمر) و(خالد) والتحقيق معهما وبعد ما انتهى أعطاهما بطاقة الباحث المختص بعلم الماورائيات وعند خروجه من غرفة التحقيق استقبله الضابط وقال: "هل توصلت لشيء بعد الحديث معهما؟"
(خالد): لا... يبدو أنهما لا يعرفان شيئاً ووجودهما في المزرعة كان مجرد مصادفة
(الضابط): ربما..
(خالد): هل ستطلق سراحهما؟
(الضابط): هذا سيكون قرار الشرطة فقضية العبث بحمار صاحب المزرعة هما متهمان بها أيضاً
(خالد): في كل الأحوال أنا موجود لو احتجتم لأي شيء
(الضابط): خلال التحقيق معهما أفادا بأنهما دخلا المزرعة لأنهما اصطدما بشيء غريب ولاحقاه.. هل وصفاه لك؟
(خالد): لم يضيفا شيئاً غير الذي أفادا به
(الضابط): وهل ما وصفاه بدا لك كشيء مألوف؟
(خالد) بتوتر: لا.. لم أسمع بشيء مشابه من قبل
(الضابط): سننتظر تقرير الشرطة إذاً
(خالد): هل ظهرت نتائج تحليل الدماء على السيارة والحائط؟
(الضابط): ليس بعد
(خالد): هل يمكنك إرسال نسخة لي من نتيجة التحليل إذا تكرمت حال صدورها؟
(الضابط): بالطبع يا شيخ
(خالد) وهو يهم بالرحيل: تواصلوا معنا في حال استجدت أمور في القضية
(الضابط) مودعاً (خالد) بمصافحته مبتسماً: سنفعل بالتأكيد
خرج (خالد) من قسم الشرطة عائداً لمقر عمله في "هيئة مكافحة الفساد والرذيلة" وبمجرد وصوله توجه مباشرة لمدير الهيئة واستأذن بالدخول عليه وجلس يتحدث معه.
(الشيخ سعد): ما الذي كان يريده المرور منك؟
(خالد) زافراً: الموضوع سيحول للشرطة غداً.
(الشيخ سعد): الشرطة؟.. ما الذي حدث؟
(خالد): لقد وقع حادث لأحد رجالهم وقتل بطريقة بشعة وشكوا أن الأمر له علاقة بالسحر.
(الشيخ سعد): وهل كان شكهم في محله؟
(خالد) يهز رأسه سارحاً أمامه: الموضوع أكبر من ذلك يا شيخ
(الشيخ سعد): ما الأمر؟.. أخبرني
(خالد): مقتل رجل المرور والطريقة التي مثل بجسده فيها..
(الشيخ سعد): ما بها؟
(خالد): هل تذكر تاجر المواشي الذي أتصل بنا قبل عدة أسابيع؟
(الشيخ سعد): الذي وجد عدداً من خرافه مقطوعة الرأس ورؤوسها مصفوفة بعضها فوق بعض على شكل هرم صغير؟
(خالد): نعم هو بعينه.. هل تذكر ماذا وجدنا على جدار الزريبة؟
(الشيخ سعد) مستذكراً: رسمة مرسومة بدماء الخراف إذا لم تخني الذاكرة
(خالد): نعم.. رسمة لنجمة خماسية..
(الشيخ سعد): وما علاقة ذلك بحادثة مقتل رجل المرور؟
انقطع الحديث عندما فتح الباب وإذا به الشيخ (عادل) وعلامات الغضب تتفجر من عينيه وكأنه يريد قول شيء لكنه تردد عندما رأى (خالد) وقبل أن يتكلم قال له الشيخ (سعد): لو سمحت يا شيخ انتظرني بالخارج قليلاً...
(عادل) بغضب: هل تطردني من مكتبك؟!
(الشيخ سعد) بتعجب: أطردك؟!.. أنا في اجتماع خاص الآن وإذا كنت لا ترغب في الانتظار فيمكنك الرحيل فقد ساعدتنا بما فيه الكفاية!
(عادل) بغضب: سأنتظرك حتى تفرغ!
خرج (عادل) وأغلق الباب خلفه بقوة..
(خالد) باستغراب: ماذا يريد فضيلة القاضي (عادل)؟
(الشيخ سعد): لا شيء يستدعي الاهتمام.. قضية اعتيادية
(خالد): ما سبب تجهمه إذاً؟
(الشيخ سعد) وهو يشوح بيده لتجاهل الأمر: لا عليك منه
(خالد): ألا تخشى من سخطه؟.. رجل بهذه المكانة يمكن أن يلحق الضرر بك.
(الشيخ سعد): هو يعرف من خلفي ولا يجرؤ على التعرض لي.. لنعد لموضوعنا
(خالد) مستأنفاً حديثه: رسمة النجمة الخماسية كانت مرسومة أيضاً على جدار المزرعة حيث قتل شرطي المرور وكذلك حمار علق على سورها من الداخل.
(الشيخ سعد): هل تقصد أن قاتل الخراف هو نفسه من قتل شرطي المرور والحمار؟
(خالد): لا يمكنني الجزم لكن وجود الرسمة ذاتها في المكانين ليس مصادفة.
(الشيخ سعد): هل أسفر التحقيق عن شيء؟
(خالد): قبضوا على شخصين كانا موجودين في المنطقة لكن لا أظن أن لهما علاقة بالجريمة.
(الشيخ سعد) بتوجس: أنت تخفي شيئاً يا (خالد)؟
(خالد) بتوتر: أنا؟.. ماذا تقصد يا شيخ؟
(الشيخ سعد): لدي إحساس بأنك تشك بشخصٍ ما ولا تريد البوح؟
(خالد): هو ليس شخصاً بل شيء
(الشيخ سعد): شيء؟.. وضح أكثر.
لم يكن (خالد) يستطيع مشاركة الشيخ (سعد) ما دار في خلده فقد كان له اهتمامات قرائية متنوعة في موضوع السحر وتاريخه وهذا الأمر لن يراه من حوله وخصوصاً زملاءه على أنها مجرد هواية وشغف خاص بل قد يحاسب بقسوة لمثل تلك الاهتمامات الخارجة عن نطاق ما يمكن اعتباره مقبولاً في مجال عمله بالرغم من أن تخصصه في السحر والشعوذة إلا أن ما يمكن طرحه والإيمان به كانت دائرة ضيقة جداً لا تقبل أي مصادر خارجية عدا المتفق عليها و(خالد) قرأ سابقاً عن (ديموس) وأسطورته وله علاقة متقطعة بذلك الباحث الذي أرشد (عمر) و(ماجد) إليه وقد زاره أكثر من مرة لأخذ مشورته في موضوعات أخرى لكن ولحذره من أن يساق ويتعمق في الأمر بشكل رسمي قرر مراقبة الأمور من بعيد دون الخوض أكثر وأعمق خاصة وأنه يعلم بأن (ديموس) كما تقول أسطورته يؤذي كل من يسعى خلفه.
(خالد) للشيخ (سعد): في الوقت الحالي لست متيقناً من شيء يا شيخ لكن عندما أصل للحقيقة سأشاركها معك بلا شك
طرق الباب ودخل رجل عليه مظاهر الثراء وقال: هل يمكنني مقابلة المسئول هنا؟
(الشيخ سعد) وهو يشير له بالجلوس: تفضل كيف يمكنني أن أخدمك؟
جلس الرجل وعرف بنفسه قائلاً: أنا (أبو طلال) مدير أعمال والد (طارق) المحجوز لديكم.
(الشيخ سعد): آه نعم.. الشاب الذي وجدناه في خلوة مع فتاة.
(أبو طلال): خلوة؟
(الشيخ سعد): نعم كانا وحدهما في أحد المطاعم ولا يوجد أي علاقة شرعية بينهما تبرر هذه الخلوة
(أبو طلال) مبتسماً: وحدهما؟.. ألم يكن هناك رواد آخرون للمطعم؟.. ألم يكن هناك موظفون.. طباخون؟.. نادل على أقل تقدير.
(الشيخ سعد): إلى ماذا تلمح؟
(أبو طلال): أنا لا ألمح.. أنا أتحدث.. أتحدث بمنطق فقط وإذا رغبت في سماعي فسوف أكمل حديثي.
(الشيخ سعد): تفضل أنا منصت لك.
أمضى (أبو طلال) مع رئيس الهيئة و(خالد) قرابة ربع الساعة دخل عليهم خلالها (طارق) و(نورة) بعد ما تم استدعاؤهما من قبل الشيخ (سعد) وخرجا بعدها مع (أبي طلال). ثار (عادل) وهو يراهما يخرجان أمامه من المركز ويركبان سيارة فارهة ويهمون بالرحيل وتوجه غاضباً لمكتب رئيس الهيئة وصرخ بمجرد دخوله لمكتبه قائلاً: ماذا فعلت؟! كيف تسمح لهما بالرحيل؟!
(الشيخ سعد) موجهاً كلامه لـ (خالد): سنكمل حديثنا في هذا الموضوع غداً.. أرحل الآن فلقد تأخر الوقت.
خرج (خالد) وأغلق الباب خلفه وتوجه لسيارته المركونة أمام مركز الهيئة وفتح الباب وأدار المحرك وأمسك المقود وبدأ يفكر محدثاً نفسه:
"هل يعقل أن الشيطان المعلق (ديموس) الذي قرأت عنه في تلك الكتب موجود في مدينتنا؟.. كنت أظن أن تلك الأمور خيالات وأساطير فقط.. لماذا أتى؟.. ولم يلاحق الشابين؟.. إذا كانت الأسطورة حقيقية فلا يمكنني الاقتراب كي لا يرتبط بي ذلك الشيطان ويقتفي أثري معهما"
وقتها اتخذ (خالد) قرار الحياد وعدم التدخل في القضية مرة أخرى بالرغم من علمه الذي قد يساهم إيجاباً في القضية كي لا تتصادم قيمه ومعتقداته وكل ما يؤمن به مع مجهول بدأ يتحول شيئاً فشيئاً لحقيقة مخيفة قد تلتهم روحه قبل جسده..
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا