الظاهرة الأولى

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-11-04

الظاهرة الأولى 

نينا كولاجينا

ولدت في روسيا عام 1927 وكانت في الرابعة عشر من العمر حين اجتاح الألمان النازيين روسيا وحاصروا مدينة سانت بطرسبرغ (ليننغراد), وكالكثير من الأطفال الروس التحقت كولاجينا مع أبيها وأخيها وأختها بالجيش الأحمر، وأرسلت إلى داخل أتون المعركة التي استمرت لتسعمائة يوم، كانت الظروف خلالها مزرية؛ ففي الشتاء كانت درجات الحرارة تصل أحياناً إلى أقل من أربعين درجة تحت الصفر، وكان الغذاء عبارة عن كسرة خبز صغيرة ولمرة واحدة في اليوم، وكانت القنابل والصواريخ تنهمر باستمرار على المدينة التي تعيش ظروفاً مأساوية بدون ماء ولا كهرباء، في هذه الأوضاع الصعبة حاربت نينا ذات الأربعة عشر ربيعاً في الخطوط الأمامية للجبهة وعملت كمخابرة داخل إحدى دبابات الروسية حيث برزت شجاعتها وبسالتها في القتال حتى أنها رقيت إلى درجة رئيس عرفاء، ولكن حياتها في الجيش انتهت عندما جرحت في إحدى المعارك فأدخلت المستشفى حتى تماثلت للشفاء وتم تسريحها من الجيش ثم تزوجت وأنجبت ابناً.

ا(اكتشاف قدرات كولاجينا الخارقة)

ادعت نينا أنها كانت تعلم دائماً بأن لديها قدرات تميزها عن الآخرين وأنها ورثتها عن والدتها، وهناك قصص كثيرة حول قدرتها على معرفة ما تحتويه جيوب الآخرين من دون النظر إلى داخلها، إضافة إلى قدرتها في تشخيص الأمراض مع أنها لا تعلم شيئاً عن علم الطب ولم تدرسه، ومما عزز من إيمانها وثقتها بقدراتها هي الأمور الغريبة التي تحدث حولها عندما تكون غاضبة؛ ففي إحدى تلك الحوادث كانت نينا تشعر بغضب عارم وكانت متوجهة إلى رف أكواب الشاي في المطبخ عندما تحرك أحد الأكواب من تلقاء نفسه وسقط إلى الأرض وتحطم، في نفس الوقت بدأت المصابيح الكهربائية في المنزل تخفت ثم تومض بشدة، وبمرور الوقت تعلمت نينا كيف تطور قدراتها هذه وتتحكم بها.

في عام 1964 أصيبت نينا بانهيار عصبي أدخلت على إثره إلى المستشفى هناك أذهلت نينا الأطباء؛ فقد كانت تقضي جل وقتها في أعمال الحياكة اليدوية، وكانت تمد يدها إلى سلة كرات خيوط الحياكة وتختار اللون الذي تريده من دون أن تنظر إلى داخل السلة. وفي السنة التالية حين تعافت من مرضها وافقت نينا بأن تخضع إلى تجارب واختبارات يجريها العلماء عليها؛ حيث اكتشفت هؤلاء بأن نينا تملك القدرة على تمييز الألوان بمجرد أن تلمسها بأصابع يديها ومن دون أن تنظر إليها، كما أنها تملك القدرة على تسريع علاج الجروح بمجرد أن تضع يدها فوقها.

ربما تكون قدرة نينا على تحريك الأشياء بدون لمسها هي أكثر ما جلب انتباه العلماء وكذلك جلب الشهرة لها، حيث كانت نينا تجلس إلى منضدة وتقوم بتحريك بعض الأشياء مثل: عقارب الساعة، أو علبة، أو أعواد الكبريت، أو مملحة الطعام، والظاهر أن قدرات نينا لم تكن متوفرة دوماً، حيث أن التجارب التي كانت تجريها كانت تسبقها ساعات من التهيؤ والتأمل، فقد أخبرت العلماء بأنها يجب أن تصفي فكرها وتمسح جميع الأفكار التي تفقدها تركيزها.

مع نهاية الستينات بدأت شهرة كولاجينا تصل إلى الغرب، وفي عام 1968 تم التطرق إلى قدراتها في المؤتمر الأول لعلم الباراسيكولجي المنعقد في موسكو، وهو الأمر الذي زاد من فضول علماء الغرب ورغبتهم لمعاينة واختبار قدرات كولاجينا بأنفسهم، وقد واتتهم الفرصة عام 1970 عندما تمكن مجموعة من العلماء الأمريكان من لقائها في موسكو، ووصفوا كيف قامت أثناء أحد اللقاءات بتحريك بعض الأشياء الصغيرة مثل: خاتم زواج، وغطاء إحدى القنينات.

وفي تجربة أخرى وصف أحد الباحثين الأمريكان الأشياء التي بإمكان نينا تحريكها على أنها متباينة بشكل كبير من حيث الحجم والشكل، وأنها تتحرك ببطء وبمسار غير منتظم، كما أقر بأنهم اتخذوا عدة إجراءات قبل التجربة للتأكد بأن كولاجينا لا تغش في أدائها، فكانوا يجعلونها تغير مكانها من الطاولة باستمرار، كما تم تفتيشها جيداً للتأكد بأنها لا تحمل حجر مغناطيس أو خيوط خفية.

وفي تجارب أخرى ولمزيد من الاطمئنان لصحة الاختبار قام العلماء بوضع أشياء لا تتأثر بالمغناطيس مثل علبة أعواد الثقاب، داخل حاجز زجاجي لمنع جميع التأثيرات مثل حركة الهواء أو الخيوط غير المرئية، وقد نجحت كولاجينا في هذه التجربة أيضاً، وفي اختبار آخر قامت بتعلق كرة منضدة في الهواء لعدة ثوان!

أحد العلماء الذين درسوا حالة كولاجينا قال بأنها كانت تمتلك قدرة عجيبة في إظهار حرف.

على ورق التصوير بدون أن تلمسه، وكذلك بإمكانها نقل أجزاء من تصور تركز النظر إليها إلى ورق التصوير، وفي إحدى الاختبارات قامت كولاجينا بفصل صفار البيض عن بياضه في إناء يبعد عنها ستة أمتار.

ولعل أشهر وأقوى قدرات كولاجينا التي أثارت دهشة وفضول العلماء هي قدرتها على التحكم في وظائف بعض الأعضاء داخل أجسام البشر والحيوانات؛ ففي إحدى التجارب المصورة جعلت كولاجينا دقات قلب ضفدع تتسارع بشدة ثم قامت بإبطائها حتى أوقفته تماماً.

وفي تجربة أخرى قامت بالتحكم بدقات قلب أحد العلماء المتطوعين مما حدا بالقائمين على الاختبار بوقف التجربة خوفاً على حياته، وفي السنوات الأخيرة من حياتها أذهلت كولاجينا مشاهدي إحدى القنوات التلفزيونية حينما جعلت بقعة حمراء صغيرة تظهر على يد أحد الصحفيين الأوربيين.

في الحقيقة إحدى الجوانب السيئة للتجارب والاختبارات التي أجريت على كولاجينا هي تأثيرها على صحتها، بل أن الكثيرين في روسيا يعتقدون بأنه السبب الرئيسي لموتها المبكر عام 1990 فقد لاحظ العلماء أن التجارب كانت تجهد كولاجينا بشدة؛ في بعض الأحيان كانت تظهر بقع حمراء على يديها وأحياناً كانت النار تنشب في ملابسها وسط صدمة وذهول العلماء، كان وجهها يشحب ويتشنج بعد كل اختبار وبالكاد تستطيع تحريك جسدها، كما كان نبض قلبها وضغطها يعمل بصورة غير طبيعية أثناء التجارب.

أحد العلماء قال أن كولاجينا كانت تفقد أكثر من كيلوغرامين من وزنها خلال اختبار قد يستمر لنصف ساعة، كما فقدت في سنواتها الأخيرة حاسة التذوق وأصبحت الآلام في يديها ورجليها قوية جداً، إضافة إلى شعورها المستمر بالإعياء والدوخة. وقد أصيبت قبل وفاتها بسكتة قلبية كادت أن تودي بحياتها مما جعل الأطباء يطلبون منها الكف عن القيام بعرض قدراتها الخارقة ...

ينبغي أن نذكر في الختام أن هناك العديد من المشككين في قدرات كولاجينا سواء داخل روسيا أو خارجها، والذين يعتبرون ما كانت تقوم به مجرد خدع وحيل بصرية وكذلك استعمال أحجار مغناطيس صغيرة أو خيوط رفيعة وشفافة ويقدمون دليلاً على ذلك في الفترة الطويلة التي كانت تستغرقها للتهيؤ قبل كل اختبار، وكذلك أن أكثر تجاربها تمت في بيئة مختبرية غير مسيطر عليها، كشقتها وكذلك غرف الفنادق، كما يدعي بعضهم أن ما كانت كولاجينا تقوم به يمكن لأي ساحر مبتدئ القيام به عن طريق الحيل السحرية. وكذلك يقول المشككين في كولاجينا.

بأنها كانت مجرد وسيلة للدعاية الشيوعية من قبل المخابرات السوفيتية أثناء الحرب الباردة.

أما أنصار كولاجينا فيردون على هذه المزاعم بأن كولاجينا كانت تفتش جيداً قبل كل تجربة وكانت تجبر على تغيير مكانها باستمرار داخل محيط التجربة، وكانت توضع عوازل زجاجية وبلاستيكية بينها وبين الأشياء المراد تحريكها، وأن العديد من اختباراتها تمت في بيئة مختبرية مسيطر عليها داخل الجامعات السوفيتية كما أن الكثير ممن فحصوا حالتها لم يكونوا من الروس حتى تعتبر قدراتها وسيلة دعائية للنظام السوفيتي، فالعديد ممن اختبروا قدراتها كانوا من أمريكا والغرب إضافة أنه تم فحصها من قبل علماء لا يرقى الشك إلى نزاهتهم ومن ضمنهم اثنان من الحائزين على جائزة نوبل للعلوم.

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا