المحددات البيولوجية للشخصية
يميل بعض علماء النفس إلى التأكيد على أن "الطبيعة الإنسانية" بيولوجية في أساسها وأن الأساس البيولوجي للسلوك هو القدر المشترك بين الإنسان والحيوانات الأخرى، وحتى علماء النفس الاجتماعي فإن أياً منهم لا يمكنه أن يغفل أهمية الجوانب البيولوجية في دراسة
ومهما يكون من أمر فإن إدخال المجال البيولوجي في دراسة الشخصية من شأنه أن بوسع أفقنا ونظرتنا ويستمد الاتجاه البيولوجي الكثير من أنكاره من علم الحياة وعلم وظائف الأعضاء.
والكائن الحي الإنساني وحدة متكاملة ولكن سواء اتجه نظرنا ناحية الجهاز العظمي أو العضلي أو التنفسي أو العصبي فإن الفروق الفردية الواضحة بين الناس في هذه النواحي المختلفة هي أول ما يجذب الانتباه فهناك اختلافات مورفولوجية هائلة بين العاديين من الناس لأن الأجهزة الجسمية تختلف اختلافاً كبيراً من حيث الشكل والحجم.
وبالنسبة للمحددات البيولوجية في دراسة الشخصية نناقش النقاط الآتية:
1. دراسة الوراثة: فالأفراد مختلفون بعضهم عن بعض تحت تأثير العوامل الوراثية وبصرف النظر عن الظروف والتأثيرات البيئية المحيطة بهم.
2. دراسة التكوين البيو كيميائي والغدي للفرد.
أولاً: الوراثة
يخضع الإنسان - شأنه في ذلك شأن الكائنات الحية جميعاً - لقوانين الوراثة وهذه القوانين معقدة بالغة التعقيد ولا يسعنا إلا أن نقول مع دارون: إن موضوع الوراثة كله موضوع عجيب.
ومما لا شك فيه أن الوراثة والبيئة كوجهي العملة كلاهما أمر مؤثر، أي أن أية سمة هي نتاج التفاعل المتبادل بين العوامل الوراثية والبيئية إلا أن الدور الذي يقوم به كل من هذه العوامل يختلف من سمة إلى أخرى، فنحن نكون أميل إلى البحث عن العوامل الوراثية من أجل تفسير لون العينين أو البشرة لشخص معين، بينما نكون أميل إلي الرجوع إلى العوامل البيئية من أجل فهم أساليب اللغة التي يستخدمها الفرد أو سلوكه الجانح.
ولسنا هنا بصدد دراسة ميكانزمات الوراثة لأن هذا أمر شرحه يطول ولكننا سوف نتحدث عن الوراثة عند التوائم، وكذلك وراثة الذكاء أو السمات السيكولوجية في النقاط الآتية:
التوائم
ومن أهم الدراسات وأمتعها تلك التي تجرى على التوائم المتشابهة أو "الصنوية" والتي هي في الأصل بويضة واحدة وانقسمت إلى قسمين والتوائم العادية غير المتشابهة وهما بويضتان خصبتا في وقت واحد.
وبالنسبة للذكاء فقد دلت الدراسات على أن التشابه في الذكاء للأخوة العاديين في العينات العشوائية، هو بنسبة ارتباط 50. وبالنسبة للتوائم غير المتشابهة 0.70 تقريباً وبالنسبة للتوائم الصنوية تتراوح بين 0.80 إلى 0.90.
أما بالنسبة للانحراف الاجتماعي فإنه من بين الأسر اني درست دراسة وافية في هذا المجال أسرة "مارتن كاليكاك" وقد كان هذا الرجل جندياً في الجيش الأمريكي أثناء حرب التحرير (كاليكاك اسم رمزي أطلقه على هذه الأسرة عالم النفس الأمريكي جودارد).
وقد اتصل هذا الرجل بفتاة ضعيفة العقل أنجب منها طفلاً ضعيف العقل، وبعد الحرب تزوج من فتاة عادية وأنجب منها طفلاً كان عادياً، وقد تتبع الباحثون سلالة كل فرع لعدة أجيال وقد لاحظوا أن الفرع الذي ينتمي إلى الجد الضعيف العقل لم يكن به إلا عدد قليل جداً من العاديين والباقي من ضعاف العقول، وبالمثل فإن الفرع الآخر لم يكن به إلا عدد قليل من الشواذ أما الباقي فكانوا من الناجحين في أعمالهم ومناشطهم على العكس تماماً من أفراد الفرع الآخر
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا