السفاح الانيق للكاتبة سهام العنزي

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-11-03

السفاح الانيق 

وصفه الناس بالوسيم والساحر فاستخدم مظهره لتعزيز مسيرته الإجرامية والحصول على مكانة مشهورة في المجتمع، كما ولقب أيضا بالثعبان بسبب قدرته على تجنب اكتشاف السلطات له.

لقد استغل سمعته السيئة وتقاضي مبالغ كبيرة لإجراء المقابلات وإصدار الأفلام ونجح في ذلك حيث أصدر له أربع سير ذاتية وثلاث أفلام وثائقية وفيلم hndi bànwan Main aur ّچهارلِسة  كما وأنتج له مسلسل درامي يتكون من ثمانية أجزاء على نتفلكس في عام 2021.

والآن دعونا نرجع إلى الوراء للزمن ونعرف ما قصة هذا القاتل منذ البداية...

ولد صبحراج في 6 أبريل عام 1944 في مدينة سايغون لأب هندي وأم فيتنامية، انفصل والديه عن بعضهما وهجر والده الأسرة وتركهم دون معيل. 

بعد انفصالها بفترة قصيرة ارتبطت الأم بعلاقة مع ملازم في الجيش الفرنسي، وتبني هذا الملازم ابنها صبحراج الذي استمر بالتنقل مع أمه وزوجها الجديد ذهابا وإيابا بين جنوب شرق آسيا وفرنسا، ولكن مع الوقت تم إهماله من قبل أمه وأصبح وحيداً.

عندما أصبح مراهقاً ارتكب أول جرائمه وكانت الجرائم صغيرة مثل السطو والسرقة وتم سجنه عليها في عام 1963، وبالرغم من صغر سنه كان ذكيا، واستطاع أن يتلاعب على مسؤولين السجن وأن يكسب صداقتهم، ونتيجة لذلك نحوه مزايا خاصة مثلا: كانوا يسمحون له بالاحتفاظ بالكتب في زنزانته كما عرفوه على بفيليكس دسكوجن الشاب الثري الذي كان يتطوع للعمل في السجن ونجح في التقرب منه وتكوين علاقة صداقة كبيرة.

زوجته شانتال

بعد خروجه من السجن انتقل للعيش مع صديقه الثري ديسكوجني، وقضي وقته في التنقل بين المجتمع الراقي في باريس والعالم الإجرامي.

كان يغار من ثروة صديقه ويرغب بأن يصبح نفسه فبدأ في جمع ثروته من خلال سلسلة من عمليات السطو والنصب، وفي هذا الوقت التقي بفتاة تدعي شانتال وهي شابة باريسية من عائلة محافظة، فتقدم صبحراج للزواج منها ولكن تم القبض عليه في نفس يوم خطوبته، من قبل الشرطة بسبب سرقته لسيارة فحكم عليه بالسجن ثمانية أشهر، وظلت شانتال داعمة له طوال مدة عقوبته، وبعد خروجه من السجن تزوجها.

وغادر فرنسا عام 1970 مع زوجته التي كانت حامل إلى آسيا، وفي آسيا وأثناء طريقه للسفر إلى مومباي تعرف على السياح الذين كانوا معه في الحافلة وسرق أموالهم بدون أن لا يشعروا.

وما إن وصل مومباي حتى أكمل سلسلة سرقاته وسرق سيارة كما وقام بعمليات تهريب، ولكن كل ثروته التي كونها من السرقة كان يصرفها على إدمانه على القمار.

في عام 1973 ألقي القبض عليه بعد محاولة سطو فاشلة على محل مجوهرات، وبعد فترة قصيرة أثناء تواجده في السجن تظاهر بالمرض وتم نقله للمستشفى وقامت زوجته بتزوير ورقة باسم مريض آخر وتغافلت الضابط وهربته من المستشفى ومن ثم هربا الاثنان إلى كابول، ومن هنا شاركته زوجته سلسلة عمليات السرقة، حيث بدأ الزوجان بالتعرف على السياح ومن ثم سرقتهم، وبعد مجموعة من عمليات السطو تم القبض عليهم وسجنهم، استطاع صبحراج الهرب من السجن بنفس الطريقة، تظاهر بالمرض وتم نقله إلى المستشفى وهناك قام بسرقة أبرة مخدرة وتخدير الضابط وهرب إلى إيران، وترك زوجته وراءه ولم يسأل حتى عنها، بعد انتهاء مدة عقوبتها أطلق سراح شانتال وعادت لفرنسا وتعهدت بعدم رؤية صبحراج مرة أخري.

أمضي صبحراج عامين هاربا مستخدما عشر جوازات سفر مسروقة، ومر على دول مختلفة في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط، إلى أن وصل اسطنبول والتقي بأخيه الأصغر غير الشقيق يدعي أندريه الذي أصبح شريكه في جرائمه، حيث شاركه في سلسلة جرائم مختلفة في تركيا واليونان، إلى أن تم إلقاء القبض عليهما في نهاية المطاف في اليونان.

تمكن صبحراج من الهرب من السجن عن طريق رشوة الضباط وترك شقيقه لوحده يواجه التهمة كما فعل مع زوجته، سلمت السلطات اليونانية شقيقه إلى السلطات التركية وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 18 عاماً.

أما صبحراج يصول ويجول عبر البلدان بكل حرية.

وأثناء هروبه بجواز سفر مزور غير صبحراج من طريقة أسلوبه بالسرقة وأصبح يتظاهر بأنه إما بائع مجوهرات أو تاجر مخدرات لإثارة إعجاب السياح وإقامة علاقة صداقة معهم وفي الهند التقي بامرأة تدعي ماري وهي سائحة تعشق المغامرات احتال عليها وسرقها.

وأكثر سرقاته كانت من النساء اللاتي كان يحتال عليهن بإسلوبه ومكره كما واحتال على ضابطين من رجال الشرطة وكسب ولائهم وجعلهما تابعين له حيث قاموا بمساعدته على استعادة جوازات السفر التي سرقها، وأثناء فترة هروبه من دولة لأخري تعرف على شاب هندي يدعي أجاي والذي انضم مع صبحراج وأصبح يده اليمني في جرائمه ارتكب صبحراج وأجاي أول جريمة قتل في عام 1975.

الضحية الأولي كانت امرأة من سياتل تدعي تيريزا، عثر عليها غارقة في بركة المد والجزر في خليج تايلند، وهي ترتدي بيكينيا مزهر.

بعد مرور أشهر أثبتت فحوصات تشريحية جثة تيريزا أن غرقها الذي كان يعتقد بأنه حادث سباحة هو في الحقيقة جريمة قتل.

الضحية الثانية كانت لشاب يهودي تم العثور على جثته محترقة على الطريق المؤدي لمنتجع باتايا في يوم 16 ديسمبر عام 1975، عثروا على جثة الشاب الهولندي هينك وخطيبته كوكي مخنوقان وقد تم حرق جثتيهما، وبعد فترة  قصيرة تم العثور على شابة اخري تدعي كارو ميتة غرقا وهي ترتدي البكيني. 

ولأنه قتل الضحية الأولي تيريزا وهي ترتدي البكيني ثم قتل ضحيته الأخري كارو وهي ترتدي البكيني لقبوه الناس ب (قاتل البكيني).

في يوم 18 ديسمبر هرب صبحراج وصديقه إلى نيبال باستخدام جواز سفر الخطيبان، وبين تاريخ 21، 22 ديسمبر قتلا الشاب الكندي لوران البالغ من العمر 26 عاماً، والأمريكية كوني البالغة من العمر 29 عاما، وسرقا أموالهم وجوازاتهم، بعد ذلك عاد صبحراج ورفيقه إلى تايلند مستخدمين جوازات سفر ضحاياهم ولكن بالصدفة علم بأنه مطلوب من السلطات التايلندية، ولكي يهرب لابد من توفير جواز سفر، هنا تقرب من الباحث الإسرائيلي أفوني حتى وثق به ثم قتله وسرق جواز سفره واستخدمه في الهرب إلى سنغافورة ثم إلى الهند.

وفي مارس 1976، عاد إلى بانكوك على الرغم من علمه بأنه مطلوب من السلطات التايلندية.

في هذه الأثناء كان السفير الهولندي نيبنبرغ لا يزال يحقق في مقتل الشاب الهولندي هيرمان وخطيبته، حيث كان السفير يملك بعض المعلومات عن صبحراج، المضحك هو أن وبالرغم من اهتمام السفير في جمع الأدلة ومعرفته بهوية صبحراج، إلا أن صبحراج نجح بالفرار منه بعد هروبه طلب السفير من السلطات أن يسمحوا له بتفتيش شقة صبحراج، وبعد شهر كامل من فرار صبحراج حصل السفير على إذن الموافقة بتفتيش الشقة، ووجد السفير أدلة بما في ذلك وثائق الضحايا وجوازات سفرهم وكذلك عثر على كميات كبيرة من السموم والأبر.

أما صبحراج نجح بالهرب هو ورفيقه إلى ماليزيا وهناك أكملوا سلسلة جرائمهم وسرقوا الأحجار الكريمة ولكي يستولي عليهن لنفسه قتل رفيقه الهندي، ثم سافر لجنيف وتعرف على شخص آخر يدعي لوكير وعرض عليه أنا يشاركه سلسلة سرقاته ووافق، وهنا قدما الاثنين نفسهما للناس كتجار أحجار كريمة.

بعد سلسلة سرقات ناجحة عاد إلى آسيا وبدأ بتشكيل مجموعة إجرامية جديدة، ولكن هذه المرة رفقائه عبارة عن امرأتين باربرا وماري، وقاما بأول عملية سطو على منزل الشاب الفرنسي جان الذي حقنوه بإبرة وسمموه حتى مات ومن ثم سرقوه.

في يوليو قام صبحراج مع عصابته المكونة من امرأتين بخداع مجموعة سياحية من طلاب الدراسات العليا الفرنسيين، خدرهم عن طريق إعطائهم حبوب مسمومة بعد أأن اخبرهم أنها أدوية مضادة للدوسنتاريا، بعد تناولهم للحبوب بدأ الطلاب يفقدون وعيهم ولكن كان هناك ثلاث طلاب ادركوا ما فعله صبحراج واستطاعوا الهرب من دون أن يشعر، واتصلوا بالشرطة مما أدي إلى إلقاء القبض عليه وعلى رفيقاته اللاتي اعترفن بكل شيء من أول تحقيق، وتم إرسالهم جميعا للسجن.

وبثروته التي جمعها من السرقات والأحجار الكريمة استطاع أن يحول محاكمته كمسلسل ينتظر جلساته الجميع بفارغ الصبر، كان يفصل ويعين أفضل المحاميين متي يشاء، أما رفقائه عانوا وقد حاولت إحداهن الانتحار، بعد جلسات محاكمة تم الحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً.

وفي فترة قضاء محكوميته كان يرشي حراس السجن وعاش حياة الرفاهية داخل السجن مع التلفزيون والسرير المريح والطعام اللذيذ.

كما وكون ثروة كبيرة من اللقاءات التلفزيونية التي أجراها مع مؤلفين وصحفيين، وباع حقوق قصته لصناع الأفلام.

بعد مرور عشر سنوات قضاها بالسجن في الهند، أدرك بأنه حان الوقت لتسليمه لتايلند لتنفيذ حكم الإعدام بحقه ولكي يهرب من الإعدام بقي عليه سنتان ويتم تسليمه لتايلند وإعدامه بتهمة القتل حيث حكمت عليه تايلند بالإعدام، لذلك أقام حفلة كبيرة لحراس السجن وأصدقائه السجناء وقام بتخديرهم بالحبوب المنومة وهرب من السجن.

استنفرت الشرطة وطوقت جميع شوارع الهند ونجح الضابط مادوكار من إلقاء القبض على صبحراج وهو يتناول الطعام في مطعم، وبسبب هروبه تمديد فترة حكمه في الهند عشر سنوات أخري وهذا الحكم لم يزعجه لأنه سيحميه من عقوبة الإعدام التي تنتظره في تايلند في حال انتهاء عقوبته في الهند، وفي 17 فبراير 1997 أطلق سراح صبحراج وهو يبلغ من العمر 52 عاماً، أما الدول الأخري تايلند وغيرها التي كانت تطالب بمحاكمته وإعدامه فقد فقد جميع المذكرات والأدلة التي كانت ضده وتم طي قضيته ولم يسلم لأي دولة كما وأسقطت فرنسا عنه جميع التهم وسمحت له بالدخول لأراضيها إلا دولة واحدة وهي النيبال.

استقر في أفخم ضواحي باريس وتقاضي مبالغ كبيرة مقابل المقابلات، وحصل على 15 مليون دولار مقابل تنازله عن حقوق قصة حياته لشركة الإنتاج.

في عام 2003 سافر إلى النيبال وأجري مقابلة مع أحد الصحفيين وكانت الصدمة بأنه لازالت السلطات النيبالية تبحث عنه من عام 1975 فبعد مقابلته علمت السلطات بتواجده، وتم إلقاء القبض عليه والحكم عليه بالسجن مدي الحياة.

زوجته ابنة المحامي

في عام 2010 تزوج من ابنة محامية التي كانت تبلغ من العمر عشرون عاما وأصغر منه ب 44 عاما، وقالت للصحافة عندما اتهموها بأن زواجها مصلحة من أجل ثروته: إن نظراته وعينيه كانتا ساحرتين وأن سحره الفرنسي جذبها إليه، وفي عام 2017 تبرعت له بالدم لإنقاذه عندما أجري عملية قلب مفتوح، وحتي يومنا هذا لا يزال بالسجن وحالته الصحية سيئة حيث يبلغ من العمر 77 عاماً.

آخر صورة له في المستشفى

النهاية

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا