مستوى الطموح

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-11-02

33. مستوى الطموح 

أطمح أن يصبح ابني عالماً في ميدان الذرة النووية، وهو ناجح في دراسته، وقد نال علامات عالية في الصفوف الثانوية، وسيتقدم إلى امتحانات الشهادة الثانوية هذا العام.

فكيف أتلمس مستوى ما أنشده من ابني في أن يصبح عالماً؟

عبد الهادي. ق

بادئ ذي بدء دع أبنك يقرر الفرع الذي يريد أن يدرسه بعد نيله الشهادة الثانوية. ففي قطرنا مثلاً ينعدم الاختيار نتيجة لارتفاع العلامة التي ينالها الطالب في امتحان الثانوية.

أما دراسة مستوى الطموح فيقوم على البحث في أثر النجاح والفشل وفي علاقة كل منهما بأهداف الشخص، وهذه الطريقة تبشر بنتائج طيبة في دراسة الشخصية دراسة تجريبية ويلتزم مختلف الباحثين فيها أسلوباً يقوم على تكلف الشخص المختبر بمهمة معينة ومطالبته بتقدير ما ينتظر أن يصل إليه من توفيق فيها خلال محاولاته المتتابعة للقيام بها.

وقد ورد مصطلح مستوى الطموح في ما نشرته ديمبو حين بدأت بارتياد هذه الناحية من نواحي علم النفس فحاولت أن تثبت إمكان دراسة بعض المسائل المعقدة، كالنجاح والتعويض والصراع، دراسة تجريبية.

وفي عام 1930 قام هوبي بدراسة علاقة النجاح والفشل بمستوى الطموح الذي عرفه بأنه أهداف الشخص أو غاياته أو ما ينتظر القيام في مهمة معينة.

وكان هوبي يعطي من يختبرهم عدة واجبات بسيطة ويدرس تغير مستوى طموحهم بعد كل محاولة فيها. وقد قرر نتيجة للتجربة التي قام بها أن مستوى الطموح يميل إلى الارتفاع عقب النجاح وأنه يميل إلى الهبوط عقب الفشل، وقال أن الشخص يعتبر ما قام به نجاح أو فشلا لا وفقا لمقدار إجادته في الواقع بل بالاعتماد أيضاً على مدى اقترابه من المستوى الذي كان يطمح إليه. فالشخص يعشر بالفشل إذا كان ما حققه أدنى مما طمح إليه، ويشعر بالنجاح إذا كان عمله قد وصل أو فاق ما كان يطمح إليه. وحاول هوبي أن يدلل أيضاً على أن الشعور بالنجاح أو الفشل يقتصر على منطقة محدودة من الصعوبة، أي أن المرء لا يشعر بهذا أو ذاك إذا كانت المهمة التي بصددها مسرفة في الصعوبة أو مسرفة في السهولة.

وحاول فرانك بعد ذلك أن يعتمد على الدراسة الكمية، ووضع مستوى الطموح في تعريف جديد استوحاه من المنطق العملي فقال إنه مستوى الإجادة المقبل - في واجب مألوف - الذي يأخذ الفرد على عاتقه الوصول إليه بعد معرفته مستوى إجادته من قبل في ذلك الواجب. وقد استخدم فرانك طريقة أكثر دقة وضبطاً يمكن أن تؤدي إلى التقنين والدراسة الكمية، فكان يعطي الشخص واجباً يتضمن تكرار أعمال بسيطة - مثل طبع كلمات، مقننة من حيث الصعوبة، باستخدام آلة للطباعة باليد، وكانت جودة كل محاولة تقدر تبعاً لعدد الثواني التي تستغرقها. وكان يخبر الشخص بعد كل محاولة بعدد الثواني التي استغرقها للانتهاء من طبع الكلمة أو العبارة، ويطلب إليه أن يعين الثواني التي ينتوى الانتهاء بعدها من محاولته ثانية.

وقد ابتعد فرانك في تعريفه لمستوى الطموح عن الآمال والرغبات الخافية التي كان هوبي يلتمس الكشف عنها. وأن فرانك لم يفطن تماماً إلى أن العوامل الواضحة التي كان يدرسها ليست هي بالضرورة نفس العوامل الخافية التي يتضمنها ما يمكن أن نطلق عليه مستوى الأنا. وأن الاختبارات التي استخدمها والنتائج التي وصل إليها يمكن أن يدخل فيها كثير من العوامل التي يمكن ضبطها أو الكشف عنها. هذا إلى أن أغلب التجارب التي قام بها كانت على عدد قليل من الأشخاص وأن النتائج التي وصل إليها لا يمكن إثباتها إثباتاً كافياً بطرق الإحصاء.

من الواضح أن الفكرة الأساسية التي أوحت بهذه الدراسات المختلفة قد أشبعت بالغلطة الشائعة التي تعيب كل مدرسة من مدارس علم النفس الحديث. وهذا الخطأ الذائع هو البدء بحكم سابق أو الاستمساك بفكرة واحدة ومحاولة تفسير كافة وجوه النشاط الإنساني على ضوء الفكرة أو ذلك الحكم. وهنا يبدو كافة من بحثوا في مستوى الطموح يؤمنون إيماناً صريحاً قوياً بأن الباعث الوحيد على النشاط هو إرادة القوة واعتبار الذات.

وقد قام بعض الباحثين بدراسة طبيعة المواقف المختلفة التي تحيط بالشخص أثناء القيام بالتجربة، كما قام آخرون بدراسة الفروق الفردية وعوامك الشخصية التي يحتمل أن يكون لها أثر في مستوى الطموح. غير أن الواقع أن الكثرة من أولئك الباحثين كانوا ينحون إلى قصر دراساتهم على البحث في ارتباط مستوى الطموح بعوامل الشخصية التي تشتق على الأغلب من نظريات المدرسة التحليلية والتي كثر شيوعها.

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا