بلشون وهي تبتسم بسخرية: لا تقس على نفسك كثيراً السايرينات كانوا سيهجمون عليكم في كل الأحوال ونجاتنا كانت محض مصادفة لا أكثر
القبطان: سايرينات؟ ما هي السايرينات؟
انقطع الحوار عندما سمع الجميع صوتاً قادماً من البحر فوجهوا أنظارهم بحذر وتوتر نحو مصدر الصوت وقال القطبان للمرشد: هل تعتقد أن أحداً من الطاقم قد نجا؟
المرشد وهو يراقب البحر بتوتر: لا أعتقد أن أحداً يمكنه النجاة بعد مضي كل هذا الوقت في الماء مع تلك المخلوقات
أحمر وهو يشير بسبابته نحو البحر ويصرخ قائلاً: إنه (قطرس)!!
خرج من الماء رجل ضخم أسمر البشرة مفتول العضلات وعلى جسده جروح وخدوش نازفة وبمجرد أن أخذ بضع خطوات على اليابس جثا على ركبتيه وهو يتنفس بثقل. اقترب المرشد و(ملطي) منه وعندما أصبحا أمامه قال المرشد: هل أنت بخير يا (قطرس)؟
قطرس وهو يقف بصعوبة: نعم أيها المرشد
ملطي: كيف نجوت؟
قطرس: عندما سحبتني إحدى تلك المخلوقات في الماء اجتمع علي عدد كبير منها لكن بعد ما تمكنت من دق عنق التي سحبتني بيدي انفض البقية من حولي وكأنهم أدركوا معنى الخطر ولو أنهم استمروا بمهاجمتي لكنت هالكاً لا محالة.
القبطان: المهم أنك بخير
المرشد: ماذا الآن أيها القبطان؟
القبطان وهو يأخذ نفساً عميقاً وينظر لسفينتهم البعيدة والتي بدأت الشمس تشرق خلفها: لا يمكننا العودة للسفينة لذا لا خيار أمامنا إلا محاولة تدبير أمورنا على هذه الجزيرة في الوقت الراهن
ملطي: وماذا عن الكنز؟
القبطان وهو يأخذ بضع خطوات نحو الفتاة: سنبحث عنه وسنجده
بقي القبطان بحدق بالفتاة بحدة وهي في المقابل كانت تحدق فيه بالحدة نفسها وخلال تحديقهما بعضهما ببعض قال القبطان: قيدوها..
اندفع (أحمر) و(ملطي) وأمسكا بالفتاة التي صرخت في القبطان وقالت: ماذا تفعل؟!
القبطان وهو يدير ظهره للفتاة: أنتِ لستِ جزءاً من طاقمي ولن تكوني كذلك
بلشون هي تحاول التفلت من قبضة (أحمر) و(ملطي),َ لن تجد الكنز بدون!!
القبطان وهو يشير لرجاله بربطها لإحدى الأشجار القريبة: لا أحتاج لامرأة لإيجاد الكنز
ربط البحارة (بلشون) في شجرة عند مدخل الجزيرة وبدأوا بعدها يتشاورون فيما بينهم عن خطوتهم التالية:
القبطان: بقاؤنا على هذه الجزيرة مرهون بالكنز وعندما نجده سنرحل عنها في الحال
أحمر: ماذا ننتظر إذاً لنبدأ بالبحث؟
القبطان: لن نبدأ بالبحث عنه الآن
ملطي: لماذا؟
المرشد: يجب أن نقوم بتأمين أنفسنا أولاً
ملطي: ماذا تقصد؟
قطرس: يجب أن نؤمن مصادر للأكل والشرب والمبيت قبل أن ندخل الجزيرة
القبطان وهو يهز رأسه بالموافقة: نعم.. سوف أوكل لكل شخص منكم مهمة يجب أن ينجزها قبل نهاية النهار.. (ملطي) أنت مسؤول عن البحث عن مصدر للماء صالح للشرب
ملطي: وأين يمكن أن أجد مصدراً للماء العذب على الساحل؟
القبطان: لن تجد.. يجب أن تدخل الجزيرة
ملطي: ألم تقل بأننا لن ندخل الجزيرة الآن؟
القبطان: لا تتعمق بها.. ابحث في الأرجاء القريبة فقط وخذ (أحمر) معك
أحمر: هل يحتاج البحث عن الماء لشخصين؟
القبطان: سوف تبحث عن مصادر للطعام.. فاكهة.. حيوانات صغيرة.. أي شيء صالح للأكل
قطرس: وماذا عني؟
القبطان وهو ينظر لجروح قطرس: هل أنت بحال يسمح لك بالعمل الآن؟
قطرس وهو يضع يده على أحد الجروح على جسده: لا تقلق أيها القبطان فهذه مجرد خدوش
القبطان وهو يهز رأسه مبدياً إعجابه بعزيمة قطرس ويشير للساحل الممتد: سوف تسير بمحاذاة الساحل وتبحث لنا عن مواد تصلح لبناء مأوى
قطرس وهو ينظر تجاه ما كان يشير إليه القبطان: مواد مثل ماذا؟
القبطان: بقايا للشجر.. أغصان.. حتى لو استدعى الأمر أن تقتلعها من جذورها فلا تتردد
قطرس وهو يبدأ بالمسير: أمرك
المرشد وهو يراقب القبطان الذي هم بالجلوس على الرمال محدقاً بالبحر: ماذا عني أيها القبطان؟
القبطان ونظره موجه للسفينة في الأفق: حتى وإن وجدنا الكنز فالعودة للسفينة لن تكون بالأمر السهل مع وجود تلك المخلوقات في الماء
المرشد وهو يجلس بجانب القبطان: لقد أبحرت معك سنين طويلة ولن تكون تلك المخلوقات المزعجة عائقاً أمام قبطان متمرس مثلك
القبطان: لنجد الكنز أولاً بعدها سنفكر في طريقة ما
المشد وهو ينظر خلفة ل (بلشون) المربوطة في الشجرة تحت حر الشمس: ماذا عن تلك الفتاة؟
القبطان بهدوء ونظره للبحر: ماذا عنها؟
المرشد وهو يعيد نظره للبحر: هل سنتركها هكذا؟
القبطان: هي ليست محل اهتمامي الآن
المرشد: ما الذي يشغل تفكيرك إذاً؟
القبطان وهو يخرج الخريطة من جيبه ويفرشها أمامه: الرموز التي بالخريطة
المرشد: ما بها؟
القبطان ونظره منصل على تفاصيل الخريطة: تلك الرموز المنتشرة تشير لأشياء كثيرة على الجزيرة تفصل بيننا وبين الكنز
المرشد وهو يشارك القبطان التحديث برموز الخريطة: لعلها مجرد وصف لبعض المعالم
بسط القبطان الخريطة على الأرض ووضع أصبعه على الرموز التي كانت تشير لأماكن المخلوقات البحرية التي هاجمتهم بتوتر ثم قال بنبرة حادة قليلاً: انظر للرموز التي كانت تشير للغرانيق أو أياً كانت تلك المخلوقات! انظر! ماذا ترى؟
المرشد وهو ينظر للخريطة المبسوطة على الرمال البيضاء: لا أرى سوى خطوط حمراء متقطعة بين الأمواج
القبطان: بالضبط.. لقد كانت الخريطة تحذرنا لكننا لم نرَ ذلك
المرشد: لم نكن نحتاج الخريطة كي تحذرنا من تلك المخلوقات لقد كنا على علم سابق بوجودها وأنت من أخبرنا بذلك
القبطان: علمي بها كان من الروايات التي سمعتها ممن وجدوا الجزيرة قبلنا ونجوا لكننا فيما يبدو أول من استطاع أن يحط قدماً على هذه الجزيرة
المرشد: ماذا تريد أن تقول؟
القبطان وهو ينظر للخريطة: من رسم هذه الخريطة هو من دفن الكنز هنا والرموز التي استخدمها رموز معقدة لا يستطيع فكها أي بحار
المرشد: وكيف استنتجت ذلك؟
القبطان وهو يشير للخطوط الحمراء على الخريطة: هذه الخطوط رسمت لتشير إلى أن المكان خطر واختيار اللون الأحمر دليل على ذلك فاللون الأحمر فأل شؤم مثل النساء للبحارة.. السماء الحمراء ليلاً.. الشعر الأحمر كلها أمور نتشاءم منها كبحارة
المرشد: ربما كانت مجرد مصادفة؟
القبطان: لا.. انظر لهذا الرمز
أشار القبطان لرمز على الخريطة كان يقع عند أحد أطراف الجزيرة وكان الرمز عبارة عن رسمة لشجرة موز فقال المرشد بتوتر وهو ينظر للرمز: الموز من الفواكه التي نتشاءم منها
القبطان وهو يراقب توتر المرشد مبتسماً: ومن يقرأ هذه الخريطة دون علمه السابق بهذا الأمر سيظن أنها تشير لمصدر للطعام وسيتوجه إليها ليلاقي حتفه
المرشد وهو يوجه نظره ل (القبطان),َ ماذا تظن يوجد هناك؟
القبطان وهو يطوي الخريطة ويدخلها في جيبه: لا شيء جيداً بلا شك
المرشد: ما زلت لا أفهم ما المشكلة؟ نحن بحارة ونعرف أغلب الرموز البحرية لذلك لن نجد صعوبة في فك تلك الرموز
القبطان: من رسم هذه الخريطة لم يكن بحاراً عادياً
المرشد: ماذا كان إذاً؟
القبطان: كان قرصاناً
المرشد: قرصان؟
القبطان: نعم والقراصنة لهم رموز خاصة لا يعرفها البحارة أمثالنا ويبدو أن من رسم الخريطة اعتمد على الكثير منها
المرشد: إلام تلمح أيها القبطان؟
القبطان وهو يزفر: إذا كانت تلك الفتاة تقول الصدق وأنها بالفعل كانت ابنة لقرصان فهي الوحيد التي يمكنه مساعدتنا على فك تلك الرموز
المرشد: هل يمكننا الوثوق بها؟
القبطان وهو يلعب بلحيته: لا يبدو أن أمامنا خياراً
مضى الوقت وانتصفت الشمس في السماء ولم يعد أحدٌ من البحارة الذين أرسلهم القبطان للشاطئ سوى (قطرس) الذي أحضر معه بعض الأخشاب والأوراق الكبيرة وبدأ ببناء المأوى. نهض القبطان والمرشد وتوجهها لمدخل الجزيرة ليستظلا ببعض الأشجار عن حر الشمس وجلسا بالقرب من الشجرة التي كانت (بلشون) مربوطة فيها وما أن جلسا حتى حدثتهما وقالت: إلى متى ستتركونني مربوطة هكذا؟
المرشد: لا تتحدثي
بلشون: أليس من الحمق أن تأسروني في مكان لا أستطيع الهروب منه
المرشد بغضب: كفي عن الكلام!
بلشون بغضب مماثل: سوف تلقون حتفكم جميعاً بمجرد أن تغرب الشمس!
المرشد: هل تهدديننا يا ابنة القرصان؟!
بلشون: لست أنا من يهدد حياتكم
المرشد بتعجب: ماذا؟ هل تظنين أن أحداً سيأتي لمساعدتك؟!
بلشون بسخرية: بحار أحمق.. أنا معكم في المأزق نفسه
نهض المرشد من مكانه غاضباً وتوجه نحو (بلشون) المربوطة ورفع يده ليصفعها لكن القبطان نهاه وأمره بالتوقف.
المرشد وهو يتنفس بسرعة غاضباً: هذه الفتاة يجب أن تعاقب!
القبطان وهو يفرك لحيته ويراقب الأمواج على الشاطئ: ماذا تقصدين بأننا سنلاقي حتفنا عند غروب الشمس؟
لم ترد (بلشون) على القبطان واكتفت بالنظر أمامها..
نهض القبطان وتوجه للمرشد الذي كان يقف أمام الشجرة التي ربطت بها (بلشون) وقال: اذهب وساعد (قطرس) في علمه
المرشد: لكن..
القبطان: اذهب ولا تجادلني
المرشد وهو يرمق (بلشون) بنظرة غضب: أمرك أيها القبطان
رحل المرشد وترك القبطان وحده مع الفتاة..
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا