المحرك الكهربائي..
أخطأ العامل فولد الاختراع!!
صورة
يوجد المحرك الكهربائي في كثير من الأدوات والمعدات والآلات الكهربائية بدءا من الألعاب وانتهاء بالقطارات والطائرات، ولذلك كان اختراعه بمثابة حجر الزاوية في تشغيل تلك الأدوات.
وربما تعود فكرة المحرك الكهربائي إلى الفيزيائي الفرنسي لويس ماري أمبير الذي لاحظ ان مرور تيار كهربي في سلك النحاس يؤدي إلى انحراف الإبرة المغناطيسية للبوصلة الموجودة على مقربة منه.
وفي العام 1820 أثبت أمبير ان خطوط المجال المغناطيسي يمكن تشبيهها بتلك التي تحيط بالمغناطيس، ولكي يتأكد العالم من صحة هذه الظاهرة، أجرى تجربة تتمثل في وضع قضيب من النحاس بين قطبي مغناطيس، ولاحظ أن مرور تيار كهربي صادر عن بطارية يؤدي إلى تحرك قضيب النحاس.
ويمكن القول إن مبدأ المحرك الكهربي، قد ظهر على يد أمبير، لكن أحداً لم يلحظ في تلك الفترة الفائدة الموجودة من وراء الاختراع.
وفي العام 1823 كان الفيزيائي البريطاني بيتر بارلو يعمل على اختراع الآلة الأولى القادرة على توليد حركة دورانية انطلاقاً من مرور تيار كهربي، وأطلق على هذا الاختراع "عجلة بارلو" ويستند في الحقيقة على اختراع أمبير.
تقنية المحرك البدائي
وضع بارلو بين طرفي مغناطيس على شكل حدوة فرس، قضيباً من النحاس يرتبط وسطه بمصدر كهربي، بينما يلمس طرفه سطحا مغطى من الزئبق من الجانب الآخر.
وعندما يمر تيار كهربي عبر القضيب النحاسي، تعمل القوة المتولدة على تدويره، ونظراً لضعف قوته بقي الحرك مقصوراً في استخدامه على المختبرات فقط.
ويبدو أن كل شيء انقلب رأسا على عقب، عندما عرض المهندس الفرنسي هيبوليت فونتين أقوى دينامو معروف في ذلك الوقت في معرض الكهرباء الذي أقيم في مدينة فيين الفرنسية عام 1873 وخوفا من توقف الدينامو عن العمل، أحضر فونتين جهازين بحيث يبقى أحدهما في المستودع، ولكن بعد الاختبارات بقي الجهازين في وضع التواصل نظراً لأن أحد العمال نسي أن يفك الترابط بينهما، وعندما قام فونتين بتشغيل المولد الأول باستخدام محرك بخاري. لاحظ أن المولد الاحتياطي بدأ يعمل كذلك، وهكذا اكتشف فونتين مبدأ "المعكوسية" في الدينامو الذي يمكنه أن يتحول إلى محرك كهربي بمجرد أن نمده بتيار كهربي مستمر.
وعلى وجه السرعة، استشف فونتين الفائدة من وراء هذا الكشف، ومدى الإمكانات الصناعية التي يمكن أن تتمخض عنه في المستقبل، يمكن القول إن خطأ العامل أو نسيانه أدى إلى هذا الاختراع.
وقبل ذلك التاريخ بثلاثين عامل اختراع المهندس الروسي موريتز هرمان جاكوبي، محركا كهربائي مماثلا، لكن سرعان ما صرف نظر عنه. لأنه كان يحتاج إلى 128 بطارية على الأقل تعمل ببخار حمض الكبريتيك، كي يعمل بشكل جيد، وكان جاكوبي قد عمل على دفع زورق بحري للإنقاذ بسرعة 7 كيلومترات في الساعة ولمدة 3 ساعات باستخدام هذا المحرك. ومعنى هذا أن المحرك البخاري كان أفضل من الناحية العملية بالإضافة إلى رخص ثمنه.
الملاحظ أن جميع هذه المحركات تستخدم مغناطيسا دائما لتوليد أحد طرفي المجال المغناطيسي المسمى "ستاتور" أي الساكن والذي يعني الجزء الثابت من الآلة الدوارة و "الروتور" المكون من مغناطيس كهربي وهو الجزء المتحرك قفي الآلات المحورية.
وتعمل المحركات الكهربية جميعها باستخدام التيار المستمر، لكن التيار القادم من الشبكات الكهربية يكون متردداً. وثمة مشكلة ظهرت في المحرك الكهربي البدائي، فالمغناطيس الكهربي، لا يكاد يبدأ الدوران حتى يغير دورته في اتجاه آخر، لذلك كان الحل الأمثل لذلك، يتمثل في اختراع "المحرك الكامل" الذي يعمل بالتيار المتردد والمستمر معاً.
ويستند عمل المحرك الجديد على مبدأ بسيط وفعال، حيث يتم استبدال المغناطيس الدائم "للستاتور" بمغناطيس كهربي مرتبط بالمصدر الكهربي وذلك كالروتور تماماً.
صورة
وفي هذه الحالة، نجد ان المجالات المغناطيسية للستاتور والروتور تتغير بالفعل، لكن اتجاهها يبقى ثابتاً نظراً لتناوب التيار الكهربي، ويرجع هذا الاختراع إلى البريطاني تشارلز ريتستون والألماني ورنر سيمنس في العام 1867 وهو الاختراع الذي لا يزال منذ ذلك الوقت يعمل على تشغيل آلات الثقب والشفاطات والأدوات الكهربية المستخدمة في المنازل.
وعلى النقيض من نظيره الحراري (محرك البنزين أو الديزل) نجد أن المحرك الكهربي يعمل بشكل مباشر بمجرد أن نمده بالكهرباء، ويمتلك هذا النوع من المحركات قوته العظمى عند الانطلاق، علاوة على ذلك يعمل هذا المحرك بشكل جيد ضمن حيز عريض من السرعات الدورانية، لذلك لا يحتاج إلى آلة وصل أخرى أو علبة للسرعات كمحرك السيارة مثلا، بل إن مجرد وجود مخفف للسرعة يكفيه كي يحول القوة الميكانيكية إلى العجلات، كما هو الحال في المترو والسيارات الكهربية.
ولا شك إن هذا الحل، يعتبر مثالياً وفعالا، إلى درجة أن غالبية المركبات التي تستخدم محركات الديزل، لا تعتمد على محرك لدفع العجلات، بل ثمة مجموعة مولدة للكهرباء تعمل على تغذية المحركات الكهربائية الموجودة في الناقلات الحديدية في السكك الحديد.
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا