الحسد

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-10-15

32. الحسد 

امرأة عمي في الثانية والستين من العمر، تزور عائلتنا بعض الأحيان بعد أن ترملت منذ سنتين، وهي ما تفتأ تمارس خصلتها البغيضة: الحسد.

تحسدنا من النعمة التي أصبغ الله علينا بها

وهي تدقق في كل مشاكلنا البيتية.

وتنقل إلى أولادها الصورة المقرونة ب(الحسد) عن معيشتنا

تجاه ذلك وضعت والدتي (حدوة حصان) على باب الدار لتتفادى هذا الحسد

وأصبح إذا ما أصاب أحدنا مكروه نعزوه إلى حسد امرأة عمي

فبربكم كيف تحللون نفسية الحسود؟

زينب. غ

يعتبر الحسد شقيق الغيرة بل هو توأمها الذي ولد ساعة مولدها، فأنت قد تغارين على امرأة ولكنك قد تغارين أيضاً من رجل وتحسديه.

فحسد امرأة عمك غيرة، والحسود الغيور إنسان فقد الثقة في نفسه، واستشعر العجز عن تحقيق غاياته ومطامعه. فهو بدل أن يعمل ليصل، يظل متطلعاً إلى الذين وصلوا، منفقاً صفوة عمره وعصارة فكره في الانتقاص من قدرهم، ومحاولة إظهارهم لدى الناس بمظهر المشعوذين الدجالين.

كما يمكن القول أن الحسود الغيور وثيق الصلة بالكسول. ولكن الكسول يقنع بلذة سلبية. أما الحسود فلا تطيب له الحياة إلا إذا شابها اللؤم، وتخللها الدهاء، وتمشت في تضاعيفها لذة إيجابية خبيثة هي النميمة والوشاية والوقيعة والدس. فالحسود الغيور يمكر ليصل، ويغتاب ليصل، ويتزلف ليصل، ولا ينفك يدس للرجل الناجح حتى يشوه سمعته بغية أن يحل محله أو يجعل منه إنساناً فاشلاً مثله. وعندئذ يشعر بالسعادة الكاملة لأنه استطاع أن يحقق المساواة في الفشل بينه وبين ذلك الرجل الفذ الناجح المرموق. فنجاح الناجح يعتبره الحسود الغيور نجاحاً مسلوباً منه. وفشل المجتهد يعتبره الغيور فوزاً له.

أن الغيرة المقرونة بالحسد شر خلال - زوجة عمك - وعنها تصدر رذائلها جميعاً. وبما أنها تمكنت هذه الغيرة الحاسدة من نفسها أصبحت شرسة وصلفة ومتمردة، بل نمامة ومغتابة وواشية، لا تأبه للواجب ولا تحفل بالفضيلة، فتحرقها الدائم، ولوعتها المستمرة، وحسرتها المزمنة، كل هذه العوامل قد تدفعها بالرغم منها إلى سلوك سبل الغواية كي تساوي نفسها بأولئك الناس الذين تغار منهم وتحسدهم.

بيد أن التفكير لا يؤخذ قسراً والسعادة قل أن تمتلك بالمغامرة، والقناعة متى اقترنت بالبساطة ونعمة الفكر السليم كانت أمتع ألف مرة من حظ غامض مبهم تزينه الغيرة الحاسدة وهي تملأ طريقه بالأشواك.

برأيي خير سبيل لمعالجة الغيرة الحاسدة هو تجنب تدليل النشئ، ثم تربيتهم على حب العمل، ورياضتهم على الجهد الشاق، وإشرابهم فضيلة الاعتماد على النفس، بحيث يتكون فيهم منذ الصغر إحساس عميق بالعزة والكرامة والرجولة يحول بينهم وبين التطلع في المستقبل إلى تحقيق أي نجاح لا يكون من نتاج قرائحهم وصنع أيديهم، وثمرة إرادتهم ومجهودهم.

وبما أن امرأة عمك في سنها الحالي ليست على استعداد لتتروض على ما نقوله، فالأفضل التعامل معها من وجهة المهادنة بقدر الإمكان، باعتبار ما سقناه بالإمكان الاستفادة منه في عمر أصغر، وحيث بالإمكان تقديم العلاج النفسي

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا