جسد من الأكاذيب
عام 2009 م
ونشرت الإعلانات الخاصة بفقدان ليزا 31 عاماً وتوزعت فرق البحث والمتطوعون وأصدقاؤها وعائلتها فضلاً عن قوات الشرطة وكلاب الأثر بحثاً عن تلك الأم. فليزا المسالمة والأم لطفلتين آشلين وتايلور لم ولن تترك طفلتيها لوحدهما في المنزل، فلم تكن ليزا تلك الأم العابثة المستهترة صاحبة الحفلات والنوادي ولم تكن صاحبة سلوك مشين، بل شهد لها الكل بحسن السلوك والسمعة والأم الجيدة.
ففي تلك الليلة من 21/ 1/ 2009، اتصل شرطي بوالد ليزا يخبره بالعثور على السيارة ابنته ليزا متوقفة في تلك البقعة من الصحراء الواقعة بين بارستو ولاس فيغاس، حيث الصحاري الكبيرة الشاسعة الممتدة.
كان المفتاح بداخلها والنوافذ مفتوحة، لكن لم يعثر على ليزا أبداً.. فأين اختفت تلك الأم وتركت طفلتيها لوحدهما بالمنزل؟!
لكن بعد البحث تبين أن ليزا عاشت على سلسلة أكاذيب قادت لاختفائها ونهايتها المأساوية.
الأم ليزا وطفلتيها
البداية
ولدت ليزا لعائلة مترابطة محاطة بالحب والأمان. الأب لين متقاعد خدم في فيتنام، أما الأم ديبي مساعدة أطباء في طفولتها لعبت ليزا البيسبول والألعاب الصبيانية حتى كبرت تلك الطفلة وازدادت جمالاً وكانت محط أنظار الجميع، ثم تعرفت على والد طفلتها آشلين صديق المدرسة.
تقول الأم:
وددت خنقها حين علمت بنبأ حملها، لكن حين ولدت طفلتها آشلين رأيت السعادة بعينها وهي تحمل طفلتها. انفصلت عن صديقها بعد فترة، وعملت على تربية طفلتها ومحاولة إسعادها من غير وجود الأب. كانت مراهقة صغيرة لكنها لم تكن عابثة تذهب للحفلات وتترك طفلتها، بل كانت تحب البقاء بجوارها وتصطحبها معها متى ما خرجت. كانت فخورة بطفلتها وتأخذها للملاهي، حتى تعرفت على سائق شاحنة واستمرت العلاقة خمس سنوات وحملت خلالها وأنجبت تايلور حتى أنهما خططا للزواج وتكوين عائلة واشترت فستان الزفاف، لكن لأسباب أخرى انفصلا فأصيبت بالإحباط.
وبقيت ليزا من جديد لوحدها لكن عملت بجهد لتربية طفلتيها ورعايتهما واصطحابهما للشواطئ والملاهي، وأخذت باستكمال دراستها ودخول الكلية للعمل كمعلمة مثلما خططت، لكن مع الوقت والدراسة أخذت تشعر بالوحدة وبحاجة لرجل يساندها ويقف بجانبها ويكون الأب لطفلتيها فتعرفت أثناء الدراسة على جيمي الطالب، كان في 34 من عمره، الذي وصفته بأنه يملك قلباً كبيراً احتواها وطفلتيها، أخبرها أنه مريض بالسرطان فوقفت بجانبه، بالإضافة إلى أنه خدم في العراق وأفغانستان وتم تسريحه لإصابته.
كانت الطفلتان وليزا يحببنه، فخططا للزواج وتكوين أسرة، وكانت ليزا ترى أنه الشخص المناسب لها ولطفلتيها. ثلاث سنوات استمرت علاقتهما حتى تمت خطوبتهما وخططا للزواج عام 2009، لكن حدث أمر مفاجئ أذهل الجميع في تلك السنة حين تم العثور على سيارة ليزا متوقفة بتلك الصحراء ولا وجود لها أبداً. خاصة حين أخبرتهم ابنتها فعلم والداها حينها بحدوث أمر مروع لابنتهما آشلين 12 عاماً أن والدتهما لم تعد منذ الليلة السابقة، فقد اصطحبتهم بالأمس للمدرسة ولم يرياها بعد ذلك فجاء جيمي لاصطحابهما للمنزل، وأخبرهما أن والدتهما لديها حصص دراسية إضافية في الكلية وستتأخر في الليل، واشترى لهما طعاماً وغادر، تقول آشلين؛ حين حل الصباح بدأنا أنا وتايلور نشعر بالخوف، فأمي لا تفعل ذلك أبداً. فأين اختفت أمي؟!
بدأت عمليات البحث عن ليزا واستعانت بطائرات الهيلوكبتر، والأمر المخيف هو كيف وصلت سيارتها لتلك الصحراء. تم استدعاء جيمي لاستجوابه لكه فجر قنبلة أثناء التحقيق، إذ أنكر علاقته بليزا وأنها كزميلة لا أكثر، ولم يخطط للزواج منها ولم يرتبطا!
بل ذهل المحقق حين قال جيمي:
أنا متزوج، فكيف أتزوج بليزا؟!
خبر اختفاء اليزا وصديقها جيمي تصدر وسائل الإعلام، تلقت الشركة اتصالاً من امرأة لم تقابل ليزا بحياتها لكنها تعرف جيمي جيداً.
تقول المرأة: كنت أعرفه منذ فترة طويلة، تحديداً عام 1992، ارتبطنا بعلاقة حب، كنت مراهقة، لكنه كان يكذب كثيراً، أخبرني أنه عازف بفرقة موسيقية، كان كثير الكذب ويعيش على كذباته، لم أعرف من هو ومن أين جاء، لا أعلم عنه شيئاً حقيقياً لأن كل ما كان يقوله كذبات ومزاعم، لا أظن أنه يعرف حتى من هو لأنه عاش على كذبات حتى افترقنا، وذهب لولاية أخرى، كنت سأنصح ليزا بالابتعاد عنه.
جيمي
غادر جيمي لولاية أخرى ودخل العسكرية، وبعد فترة تم تسريحه فعاد للدراسة وتعرف على جويس طالبة العلوم التي أخبرها أنه بطل حرن، لكن هناك سراً لم يخبر جيمي به أحداً، فهو متزوج من زميلة له بالعسكرية كانت كثيرة السفر للعراق نظراً لطبيعة عملها لذلك عاش حياته المخادعة والكاذبة يواعد النساء يخبرهن أنه عازب ومريض بالسرطان وأنه الشخص المناسب لهم ومزيداً من الكذباب!
فتعرف على جويس وليزا وغيرهن.
تقول جويس: أخبرني مرة عن ليزا أنها تطارده لطلب مواعدة!
تقول الأم: لاحظت مرة أمراً مريباً على جيمي فأخبرت ليزا فقالت لا تقلقي يا أمي، فالأمور بخير، وسنحتفل بالزواج قريباً!
كثفت الشرطة تحرياتها وقامت بتفتيش منزل جيمي بطاقة فعثرت علي إيصال حديث من السوبر ماركت يحتوي على قفازات - منجل - حاوية - لاصق - منظف.
هذه الأشياء مع اختفاء ليزا أثارت انتباه المحقق، فبحكم عمله يعلم جيداً أنها تستخدم لإخفاء جثة! بالإضافة إلى زواجه والإيصال جعلت منه المشتبه الأول لكن لا يمكن اعتقاله من غير جثة. أنكر جيمي أي علاقة له باختفاء ليزا وأنه ليلة اختفائها كان برفقة جويس، فقرر الشرطي مواجهة جويس التي أخبرتهم بقصة غريبة:
قالت إنها لم تر جيمي منذ سنة.
لكن بعد مواجهتها باعتراف جيمي أقرت أنها كانت معه، مما أدى للاشتباه بها.
فلم كذبت بالبداية؟! وأخبرتهم بقصة غريبة إذ قالت إن جيمي اتصل بها ليلة اختفاء ليزا وكان مرتعباً وقال لها إن صديقه وقع بمشكلة بأمر سداد السيارة، ويحتاج أن يركنها بالصحراء ليظنوا أنها مسروقة.
تقول جويس: كنت أثق به بشدة فصدقته، فذهبنا لمكان صحراوي وترك السيارة هناك بمفتاحها، لم أكن أعرف أنها تخص ليزا. وعدنا لمنزله وأخبرني بقصة غريبة، إذ قال إن لديه أقرباء من المافيا وأمروه بدفن حاوية مغلقة بلاصق في الصحراء، فاتجهنا للصحراء، وجلست بالسيارة أراقبه يحفر حفرة كبيرة لطمس الحاوية، كنت خائفة. لم أعرف ما أفعل، لم أسأله حتى ما تحويه الحاوية. طبعاً الشرطة لم تصدقها أبداً، ومن غير دليل يقود جيمي لاختفاء ليزا، لا يمكن اعتقاله، لكن طرأ أمر جديد من شقيق ليزا، إذ بعد اختفاء شقيقته جال بالصحراء قريباً من مكان السيارة وعثر على قفازات وكاب للشعر وقام بتصويرها ثم واجه جيمي ورماها له.
وبعد خمس ساعات حضر جيمي للشرطة وأحضر القفازات والكاب لكنها لم تكن هي نفسها التي أحضرها شقيق ليزا إذ يبدو أنه علم بوقوعه ورطة فحاولي طمس الأدلة واشترى قفازاً وكاباً جديدين ولم يعلم أن شقيق ليزا قام بتصويرها مسبقاً.
ذهل المحقق من الصدمة، فهذا دليل دامغ علي تورطه باختفاء ليزا، الإيصال وزواجه وحياته الكاذبة والقفازات كلها تقود لاعتقاله.
بعد ثلاثة أسابيع من اختفاء ليزا تم اعتقاله واتهامه بمقتلها، لكن أين الجثة؟
مئات المتطوعين والأصدقاء والأسرة يبحثون بتلك الصحاري لكن للأسف لم يتمكنوا من العثور عليها وسط تلك البقاع الكبيرة الممتدة.
يقول المحقق: حل واحد أمامنا، وهو عقد صفقة مع المتهم بموافقة الأسرة لإرشادنا للجثة مقابل تخفيف الحكم، أحياناً تضطر لعقد صفقة مع الشيطان!
هذا الكاذب لم يكن مريضاً بالسرطان ولا حتى بطل حرب كما ادعى، بل عاش على مزاعم وكذبات، عقدت الشرطة اتفاقاً مع جيمي ليدلهم على مكان الجثة، فالأسرة تريد دفن ابنتها، وبعد ثمانية أشهر وافق جيمي مقابل تخفيف الحكم، ودلهم على مكان الجثة، كانت لحظات مبكية للجميع ومحبطة فالمكان قريب جداً من مكان بحث الشرطة ولولا مساعدة المجرم لما تمكنوا من إيجادها.
حكم على جيمي بالسجن 15 سنة فقط، هذه هي الصفقة للأسف!
قال جيمي إنه قتلها ليس عمداً إنها حادثاً، إذ إنها اختنقت بحمام السياسة.. طبعاً الشرطة لم تصدقه لأن الأدلة ضده قوية، يعلمون أن مشاجرة عنيفة وقعت بالكراج حيث عثروا على منظفات ويبدو أنه نظفه من الدماء والمنجل والقفازات، كل ذلك دل أنه خطط من البداية.
فلما قتل ليزا؟!
كل القصة تدلي أنه كذب عليها بمسألة الزواج وعلمت بكذباته وأرادت فضحه فقتلها، لكن هل جيمي قتل ليزا لوحده من غير قاعدة أحد؟ اعترف جيمي للشرطة أن جويس كانت تعرف كل شيء إذ أخبرها عن كل شيء، بل ساعدته ته بمكان لدفنها، أما جويس فانهارت واعترفت بعد عشرة أشهر من الكذب أنها ساعدته بدفن الحاوية وأنكرت معرفتها بأن جثة ليزا بداخلها!
كيف أخفت ذلك السر الرهيب عشرة أشهر؟
كيف تركت الطفلتين وأسرتها ينتظران أياماً وأسابيع وأشهراً يبحثان عن ابنتهم وهي تعلم مكانها؟!
تقول جوس باكية:
كنت خائفة منه صدقوني لم أعلم أنها ليزا. أعلم أنني أبدو كوحش لأنني أخفيت ذلك السر الرهيب. طبعاً الشرطة والأسرة لم يصدقوها، فهي كاذبة كصديقها. تم الحكم على جويس ثلاث سنوات وهذا حكم جائر بالطبع.
آخر التطورات:
جيمي بالسجن اتصل على قاتل ليقتل الطفلتين والمحقق وجويس لكن تم كشف خطته وسيحاكم من جديد.
أما الطفلتان فافترقتا وعاشت كل واحدة مع والدها.
النهاية
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا