مقدمة الشخصية وتعريفها

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-08-25

أولاً: الشخصية: مقدمة  

لفظ شخصية من الألفاظ الدارجة على ألسنة الناس فكثيراً ما نقون إن هذا الشخص شخصية جذابة أو شخصيته قوية أو شخصيته ضعيفة أو لا شخصية له أو أنه متلون وله شخصيات متعددة، ولشيوع اللفظ على ألسنة العامة والخاصة وفي الصحف والمجلات أصبح يبدو لنا وكأنه لفظ بسيط سهل الفهم.

ولكن إذا انتقلنا إلى مجال علم النفس فسنجد أن هذا اللفظ من أصعب الألفاظ في تحديده وتعريفه والإحاطة به، بل يمكن القول إن تعريف الشخصية مسألة افتراضية بحتة فليس هناك تعريف مقبول وتعريف خاطئ

ومن الطريف أن نذكر أن "جوردن لبورت" عالم الشخصية الشهير أورد في أحد كتبه أكثر من خمسين تعريفاً للشخصية وهي جميعاً تعريفات جيدة ولا غبار عليها.

ويذهب "البورت" إلى أن لفظ شخصية في اللغة الإنجليزية whw Personality وما يقابله في اللغات الفرنسية والألمانية يتشابه مع نفس اللفظ في اللغة اللاتينية في العصور الوسطى، أما اللغة اللاتينية القديمة فكان istxdm lfé Persoa وهو يعني القناع وقد ارتبط هذا اللفظ بالمسرح اليوناني القديم إذ اعتاد الممثلون في العصور القديمة على ارتداء أقنعة على وجوههم لكي تعطي انطباعاً عن الدور الذي يقومون به من جهة ومن جهة أخرى حتى لا يعرف الممثل الذي يقوم بالدور، ومن هنا أخذ لفظ الشخصية ما يتصل بالقناع الذي يختفي وراءه الشخصي الحقيقي، ومع مرور الزمن أطلق لفظ "برسونا" على الممثل وعلى الأشخاص الآخرين كذلك وربما كان ذلك على أساس القول إن "الدنيا مسرح كبير، وأن الناس جميعاً ليسوا سوى ممثلين على مسرح الحياة".

ثانياً: تعريفات الشخصية

وقد أوضح "جوردن البورت" أن لفظ شخصية ورد في ktabat (îîrwn) cicero مفكر وفيلسوف روماني عاش في الفترة بين 106 إلى 43 ق.م) بأربعة معان هي

1. الفرد كما يظهر للآخرين وليس كما مر عليه في الواقع واللفظ بهذا المعنى يتصل بالقناع.

2. مجموع الصفات الشخصية التي تمثل ما يكون عليه القرد حقيقة واللفظ بهذا المعنى يتصل بالممثل

3. الدور الذي يقوم به الفرد في الحياة سواء كان دوراً مهنياً أو اجتماعياً أو سياسياً

4. الصفات التي تشير إلى المكانة والتقدير والأهمية الذاتية: وهي بهذا المعنى تشير إلى المركز الكبير الذي يحتله الفرد، مثلاً حين نتحدث عن شخص ما ونصفه بأنه شخصية كبيرة.

كما اكتسب لفظ الشخصية في اللغة الدارجة معاني كثيرة مختلفة ومن المعاني الدارجة قدرة الفرد على التأثير في الآخرين وذلك على نحو ما نقول إن فلاناً شخص قوي ومؤثر على من حوله، والشخصية القوية المؤثرة تقابلها الشخصية الضعيفة المتأثرة وهكذا.

ومن التعريفات العلمية للشخصية ما يلي

1. تعريف "مورتن برنس"

الشخصية هي مجموع ما لدى الفرد من استعدادات ودوافع ونزعات وشهوات وغرائز فطرية وييولوجية، كذلك ما لديه من نزعاته واستعدادات مكتسبة

2. تعريف "كمف"

الشخصية هي أسلوب التوافق العادي الذي يتخذه الفرد بين دوافعه الذاتية المركز ومطالب البيئة

3. تعريف "فلويد البورت"

الشخصية هي استجابات الفرد المميزة للمثيرات الاجتماعية وكيفية توافقه مع المظاهر الاجتماعية في البيئة

4. تعريف "واطسون

الشخصية تتضمن الخلق والعرف والتوافقات الشخصية للفرد وقدراته وتاريخ حياته.

ويمكن بناءً على ما سبق أن ننظر إلى الشخصية كمثير، أي من حين قدرة الفرد على إحداث التأثير في الآخرين وينظر كذلك إلى الشخصية كاستجابة أي من حيث السلوك الذي يستجيب به الفرد وما يقوم به من أفعال في المواقف البيئية المختلفة وبيان ذلك كما يلي:

أ. الشخصية كمثير

بمعنى أن الشخصية هي مجموع ما يحدثه الفرد من تأثير في المجتمع أو هي العادات والأفعال التي تحدث أثرها بنجاح في الآخرين وهذا النوع من التعريفات للشخصية وثيق الصلة بالمعنى الأصلي للقناع أو الغطاء الخادع، وكثيراً ما نلجأ في حياتنا اليومية إلى أن نغلف أنفسنا وذواتنا الحقيقية بغلاف خادع ونلبسها ثوباً آخر لتبدو للعالم في مظهر يتفق والجماعة، وهذا ما يمكن أن نسميه "التجمل النفسي".

ولكن إذا نظرنا إلى تعريف الشخصية كمثير فقط فإن ذلك الأمر يواجه مشكلات أهمها:

- أنه يشير إلى أجزاء معينة من نمط حياة الفرد وعلى وجه الخصوص إلى حيويته وقدرته على التعبير والتأثير في الآخرين

- أنه ينظر إلى الجانب الظاهري السطحي في الشخصية ولا ينظر إلى تكوينها الداخلي.

- أن التطبيق الجامد لمفهوم الشخصية كمثير معناه أن الفرد قد يكون له عدد من الشخصيات المتباينة أي شخصية بالنسبة لكل فرد من الأفراد الذين يتصل بهم لأن كل واحد من هؤلاء سوف يتأثر بشخصيته تأثراً مختلفاً.

ب. الشخصية كاستجابة

تلافياً للصعوبات التي تعترض مفهوم الشخصية كمثير ظهر مفهوم الشخصية كاستجابة ومن ذلك تعريف "فلويد البورت" السابق ذكره من أن الشخصية هي استجابات الفرد المميزة للمثيرات الاجتماعية وكيفية توافقه مع المظاهر الاجتماعية في البيئة.

ومفهوم الشخصية كاستجابة أكثر دقة من الشخصية كمثير وذلك من حيث إمكانية دراسة وقيام الاستجابات المختلفة للفرد قياساً علمياً يتسم بالثبات والصدق والموضوعية ومع ذلك فإن مفهوم الشخصية كاستجابة يثير مشكلات منها:

- إن تعريف الشخصية على أنها استجابة معناه إعطاء تعريف عام واسع غير محدد لأن استجابات الفرد كثيرة ومتعددة بل صعبة الحصر فكيف يمكن قياسها على هذا الأساس؟

- إن سلوك الإنسان يتميز بقدر كبير من التكيفية والمرونة والمطاوعة فقد يستجيب الفرد لنفس المثير باستجابات مختلفة طبقاً لطبيعة الموقف أو الظرف الذي حدث فيه المثير

ج. الشخصية كمكون افتراضي داخلي

وهذا النوع من التعريفات ينظر إلى الشخصية باعتبارها تنظيماً داخلياً يمكننا من تفسير مظاهر السلوكيات المختلفة فهي نوع من الوحدة الداخلية التي تحدث التآزر والتكامل بين جميع أفعال الفرد.

ومن قبيل هذه التعريفات تعريف "وارن" بأن الشخصية في التنظيم العقلي الكامل للإنسان في أية مرحلة من مراحل نموه وهي تتضمن كل مظاهر شخصية الإنسان: عقله ومزاجه ومهارته وخلقه وكل اتجاه كونه خلال حياته، وكذلك تعريف "ايزنك" بأن الشخصية هي التنظيم الأكثر أو الأقل ثباتاً واستمراراً لخلق الفرد ومزاجه وعقله وجسمه، والذي يحدد توافقه المميز للبيئة التي يعيش فيها، وهو يعني بالخلق والإرادة والمزاج الجانب الانفعالي ويعني بالعقل الذكاء ويعني بالجسم التكوين البدني والغدي والعصبي للفرد.

ومع ذلك فإن ثمة صعوبات تعترض تعريف الشخصية على أنها مكونة افتراضي من أهمها

- إن من الصعب إن لم يكن من المستحيل دراسة هذه المكون الافتراضي وقياسه بطريقة موضوعية ودقيقة

- إن التعريف على هذا النحو - رغم أنه يرق - لم يوضع في عبارات إجرائية محددة تسمح بملاحظة مظاهر الشخصية والحكم عليها

- إن تعبير مكون افتراضي هو تعبير فلسفي يكتنفه كثير من الغموض

...:   .      .     ". . . :  .. :     

 

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا