العقدة والمشنقة
تراقص الحلقات
جرت (نورة) مسرعة نحو قسم العائلات في أحد المطاعم خوفاً من السيارة التي تتعقبها بالإضافة للشخص الذي كان يلاحقها سيراً على الأقدام والذي توقف عندما رآها تدخل للمطعم.
خلال ملاحقته انتبه الشيخ (عادل) لسيارة (طارق) وهي تتبع (نورة) وتركن في المواقف المخصصة لمرتادي المطعم وينزل منها شاب وحده ويدخل خلف (نورة) مباشرة. داخل المطعم جلست (نورة) إلى إحدى الطاولات المستترة خلف حاجز وحدها وهي تبكي وخلال بكائها دخل (طارق) للمطعم وسأل أحد العاملين عن آخر فتاة دخلت إلى هنا لأنه يبحث عن أخته فأشار للطاولة "5" فسار نحوها وفتح الستارة ودخل عليها وجلس أمامها. دخل الشيخ خلفهما مباشرة وصدم عندما شاهد (طارق) يدخل وراء (نورة) ويجلس معها إلى الطاولة نفسها مغلقاً الستارة خلفه. غضب الشيخ غضباً شديداً ثم توجه لأقرب كبينة هاتفية بالخارج وقام بالاتصال على أحد أصحابه في "هيئة مكافحة الفساد والرذيلة" وأخبره أن هناك خلوة غير شرعية في أحد المطاعم ويريد منهم القدوم ومداهمة الموقع والقبض على المختليين وها متلبسان.
(صاحب الشيخ) عبر الهاتف: جزاك الله خيراً يا شيخ وأعانك على فعل الخير دائماً
(عادل): حاولوا أن لا تتأخروا وأنا بانتظاركم..
في داخل المطعم بدأ (طارق) بالحديث وقال لــ (نورة): لماذا تبكين؟
(نورة) وهي مفزوعة من دخول (طارق): من أنت؟! وماذا تريد؟!
(طارق) بعصبية: أريد أن أعرف أين صاحبي؟!
(نورة) بتجهم: وما أدراني بصاحبك؟! اخرج من هنا والا استدعيت الأمن!
(طارق) بغضب: لقد دخلنا منزلكم ولم يخرج إلا أنا!.. أين هو؟!..
أجيبي وإلا فأنا من سيستدعي الأمن وليس أنت!
(نورة) باستغراب: منزلنا؟.. ولم تدخلون منزلنا؟ وبأي حق؟!
حكى (طارق) لــ (نورة) كل الحكاية منذ لحظة رمش العمود وحتى خروجه بحثاً عن صديقه (غانم) لكنه لم يذكر لها أن أمه أخبرته بأن هو منزلها هو منزل من يريدون تزويجها له واحتفظ بتلك المعلومة لنفسه لأنه رأى أنها لن تضيف شيئاً لمسعاه الرئيس وهو إيجاد صاحبه المفقود وقد تثير حفيظة الفتاة المستاءة من الأساس لوجوده. سكتت (نورة) قليلاً وقبل أن تتكلم قاطعهما أحد موظفي المطعم وهو يتحدث من خلف الستار قائلاً: "هل أنتما جاهزان للطلب؟"
صمتت (نورة) ولم ترد على النادل وأنزلت رأسها وكأنها غصت في الكلام..
(طارق) مرتبكاً: أحضر لنا عصيراً
(نورة) بنبرة غاضبة وهامسة: لا أريد شيئاً!
(طارق) بتوتر: حسناً أحضر لي، أنا فقط
ذهب النادل ليجلب الطلب وعلى وجهه نظرة استغراب خالطتها ابتسامة ساخرة..
سكت (طارق) وسكتت (نورة) لبضع دقائق حتى كسرت (نورة) حاجز الصمت بقول: أعتقد أن صديقك قد مات..
(طارق) وهو يصرخ: ماذا؟! لماذا قتلته؟!
(نورة) رافعة كفها في وجهه بتوتر شديد: اخفض صوتك نحن في مكان عام!.. وأنا لم أمس صاحبك!
(طارق) بعصبية مكبوتة: لماذا تقولين إنه مات إذاً؟!
(نورة) وهي تنزل رأسها وتحرك خاتماً بفص أخضر في أصبعها: قلت "أعتقد".. أعتقد أنه "هو" من قتله..
(طارق) باستغراب: هو؟.. هو من؟
قبل أن ترد (نورة) أنقطع تركيزها عندها سمعت الباب الرئيس لقسم العوائل بالمطعم يفتح بقوة..
دخل شيخ ملتح يلبس عباءة سوداء فوق ثوبه الأبيض القصير وشماغاً بلا عقال وغصن سواك بين شفتيه ومعه شرطيان ورجلان ملتحيان آخران ووراءها الشيخ (عادل) بنظرات تتفقد وتتفحص المكان. توجه الموظف المسؤول عن قسم العائلات مرتبكاً للكتيبة التي دخلت عليهم وقال: "خيراً يا جماعة؟.. ما المشكلة؟"
(الشيخ ذو العباءة السوداء) بتجهم: نحن هنا بسبب مخالفة شرعية!
(المسؤول) باستغراب: وما هي هذه المخالفة يا شيخ؟
(اذو العباءة السوداء) وهو يفرك مقدمة أسنانه بعود السواك ويحدق بالمسؤول بازدراء: خلوة محرمة تحت سقف مطعمكم المحترم!
(المسؤول) بهدوء: وأي من تلك الطاولات الخمس المختفية خلف الستائر تحتضن هذه الخلوة؟
(ذو العباءة السوداء) وهو يزيح المسؤول عن طريقه ويتقدم لوسط المكان: سنعرف الآن..
(الموظف) مستغرباً: ألا تعرف من تبحت عنهم؟
(ذو العباءة السوداء) يخرج السواك من فمه ويشير بسبابته للمسؤول بغضب:
لا تتدخل فيما لا يعنيك وإلا اتهمناك بالتستر عليهما!
(المسؤول) بتهكم: التستر على من بالضبط؟ أنت حتى لا تعرف عمن تبحث..
أمر الشيخ بغضب أحد أفراد الشرطة الذين قدموا معه بإخراج المسؤول للخارج، بعد ما أخرجوه بالقوة أدار قائد المداهمة ذو العباءة السوداء نظره للشيخ (عادل) وقال: أين هما يا شيخ؟
سكت الشيخ (عادل) قليلاً ثم قال: هل تسمح لي يا شيخ؟
(ذو العباءة السوداء): تفضل..
توجه الشيخ (عادل) لوسط المكان وقال بصوت مرتفع متظاهراً بعدم معرفته بمكان جلوسهما حتى تكون فضيحتهما أكبر: يا إخوان!.. اخرجوا جزاكم الله خيراً فالمطعم سيغلق!
التعليقات
للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا