أميتي فيلر

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-08-05

أميتي فيلل: 

 

لعله أشهر منزل في أمريكا على الإطلاق، بل ولعله أشهر منزل في العالم كله، لأنه المنزل الذي شهد أحداثا لا يمكن وصفها إلا بأنها الهول ذاته، لذا دعنا نستعرض تاريخه معا"وبسرعة ... في الرابع عشر من يناير من عام 1925 قرر الزووجان (جون) و (كاترين مويناهان) ابتياع قطعة أرض في مدينة (لونج أيلاند) ليبنيا عليها منزل صغير يعيشان فيه، وبعد عدة شهور كان المنزل الريفي الذي استطاعا بناءه هو مقرهما البسيط والسعيد لعدة سنوات، أخذت فيها عائلتهما في الزيادة، وبدا من الواضح أن منزل العائلة الريفي لن يكفي الجميع، وهكذا لم يجد الزوج (جون مويناهان) سوى أن يستعين بأحد المهندسين المعمارين ليحل له هذه المشكلة، وبعد بحث طويل ومناقشات أطول، اتفق مع المهندس المعماري (جيمس بيردي) على أن يبني له منزلا كبريا على شكل المستعمرات الهولندية وعلى نفس مساحة الأرض، وانتقل هوو عائلته إلى الأرض المجاورة، ليسكنا هناك حتى ينتهي المهندس (جيمس) من هذا التحدي.

 

وبعد عدة سنوات كان منزل (أميتي فيل) يقف شامها على الأرض المخصصة له بعد عمل مضن طويل انتهى بهذه التحفة المعمارية التي قدر لها أن تغدو من أشه رمنازل الرعب فيما بعد .

 

عاشت الأسرة في المنزل حتى مات الأبوان، ليتركا المنزل الضخم إلى الأبنة (الين) التي لم تلبث أن باعته إلى الزوجين (جوزيف) و (ماري ريلي) في السابع عشر من أكتوبر لعام 1960 وعاشت الأسرة الجديدة في المنزل إلى أن انفصلا ليتركا المنزل، ولتشتريه بعد ذلك عائلة ديفو في الثامن عشر من شهر مايو لعام 1965.

 

من هذا التاريخ تبدأ المأساة، لكن دعنا نتعرف أولا على أفراد هذه العائلة.

 

الزوج (رونالد ديفو الأكبر),َ هو ابن كل من (روكو) و (انطونيت ديفو) كان يعمل كمدير تنفيذي لوكالة (بريجانيت - كارل بويك) التي كان يملكها زوج والدته وأبو زوجته (لويز) كان (رونالد الأكبر) زوجا صارما مخيفا، يقول عنه أقاربه أنه يتحول من إنسان عاقل إلى حيوان هائج عند أقل استفزاز.. حيوان وزنه مائتان وثمانون باوندا.

 

الزوجة (لويز ديفو),َ ابنة (مايكل) و (أنجيلا بريجانيت) الأثيرة والزوجة المخلصة التي تحملت زوجها لسنوات طويلة في صمت، إذ كانت تتعرض إلى الضرب المبرح منه بصفة دورية، دون أن تجرؤ حتى على الشكوى، معتقدة أن زوجها دائما على صواب ... يذكر عنها أنها هشمت زجاجة شراب على رأس ابنها (لونالد الأصغر) حين حاول منع والده ذات مرة من ضربها.

 

هشمت زجاجة شراب على رأس ابنها (رونالد الأصغر) حين حاول منع والده ذات مرة من ضربها.

 

الابن (رونالد الأصغر),َ أكبر الأخوة، وكان مراهقا حين انتقل مع أسرته إلى (أميتي فيل) لذا كان يحمل كل عيوب المراهقة المتوقعة في المجتمع الأمريكي .. مخدرات .. تسكع .. عدة سرقات .. لكنه فيما عدا ذلك كان طبيعيا وعاديا تماما .. أي أنه لم يكن مريضا نفسيا، أو شيطان قادم من الجحيم"مما لا يمنحنا مبررا منطقيا لما فعله!! كان يخشى والده بشدة"ونادرا ما كان يحاول منعه من ممارسة هوايته المفضلة في ضربهم.

 

الابنة (دونا),َ كانت في الثامنة عشر من العمر، وكانت تدرس في مدرسة (كاثرين جيبز) وكانت على علاقة بأحد أصدقائها في المدرسة .. صديق كانت تنوي الهرب معه من والدها إلى فلوريدا لولا أن اكتشف والدها هذا المخطط ليحبطه بقسوة، ولولا ما حدث قعد ذلك من أحداث مؤسفة للجميع!.

 

الابنة (أليسون),َ الأخت الصغرى ذات الثلاثة عشر ربيعا، والتي لم تكن تهوى شيئا سوى الجلوس وحل الألغاز، كحل مثالي للابتعاد عن مشاكل الأسرة وعن ضرب والدها المستمر، لكنها كانت على عكس أختها، أكثر رقة وأنوثة، كما كانت الأقرب إلى قلب (رونالد الأصغر).

 

الابن (مارك) ذو الثلاثة عشر عاما والمغرم بالألعاب والبرامج الرياضية، وحينما حدث ما حدث، كان يتعافى من إصابة أقعدته"وأجبرته على استخدام العكاز والكرسي المتحرك. وأخيرا (جون) هو أصغر وأطرف أعضاء هذه العائلة .. دائما يجري هنا وهناك، وربما صحبه كلب العائلة ذو الشعر الطويل (شاجي) في مرحه المستمر هذا، وربما لا خلاصة القول لقد كان (جون) طفلا ... كان!!

 

والآن وقد تعرفنا على المنزل وعلى العائلة، حان الوقت لنعرف ما الذي حدث بالضبط.

 

الساعة الآن الثالثة صباحا من يوم الأربعاء 13 نوفمبر لعام 1974 هذا هو الوقت الذي سمع في الجيران صوت الطلقات النارية يهز سكون الليل بقسوة.

 

بعد قليل كان أحدهم يتصل برقم الطوارئ الشهير (911), ليبلغه بحدوث جريمة في منزل أميتي فيلل متوقعا أن تكون هناك جثة أو جثتين .. لكن الرجل كان مخطئا هذه المرة، فحين وصلت قوات الشرطة والإسعاف، وجدت ست جثث كل أفراد عائلة (ديفو) عدا (رونالد الأصغر) الوحيد الذي كان مختفيا في هذا الوقت .. لماذا؟ لأنه القاتل .. قاتل عائلته كلها!

 

الكارثة حدثت في تلك الليلة وقبل الاتصال بفترة قصيرة ....

 

كيف؟؟ هذا الذي استغرق الجميع وقتا طويلا لمعرفته، ووقتا أطول لتصديقه ..

 

في تلك الليلة خلد جميع أفراد عائلة (ديفو) إلى النوم مبكرا كعادتهم"عدا (رونالد الأصغر) الذي ظل أمام التلفاز ليشاهد فيلم السهرة وما أن انتهى الفيلم حتى تناول بندقيته الأثرية إذ كان يعرف عنه عشقه للأسلحة النارية واتجه إلى غرفة والديه ليقضي عليهما بأربع طلقات صائبة .. ثم وبهدوء وثقة واصل طريقه إلى غرفة الفتاتين (دونا) و (أليسون) اللتين كانتا قد استيقظتا مع صوت الرصاص. ليجدا هذا الكابوس المسمى (رونالد الأصغر) يدخل عليهما، والأدخنة تتصاعد من فوهة بندقيته، ليقضي عيهما دون أن ينطق بحرف واحد، ودون أن يتأثر جمود ملامحه لحظة...

 

بعد ذلك اتجه (رونالد) إلى غرفة الصبيين لينهي مهمته بهدوء تام ....

 

ربما كان من القسوة ذكر تلك الملحوظة، لكن الطبيب الشرعي أعلن فيما بعد أن الأطفال كانوا قد أصيبوا بحالة رعب هائلة أصابتهم بشلل مؤقت، وهذا يفسر وجود جثثهم على أسرتهم، كأنهم لم يحاولا الهرب حين سماع صوت الطلقات.

 

المهم ... بعد أن نفذ (رونالد الأصغر) جريمته هذه، استحم وبدل ملابسه، ثم اتجه إلى مكب نفايات بعيد ألقى فيه سلاحه وملابسه الملوثة بالدماء، ثم قضى ليلته مع أصدقاءه في تعاطي المخدرات، وفي اليوم التالي عاد ليجد قوات الشرطة وفريق المعمل الجنائي في منزله، ليتصنع المفاجأة والحزن على عائلته التي خطفها القدر منه في ليلة!!

 

والواقع أن الشرطة لم تشك فيه في البداية، بل أنها وجهت ظنونها إلى فرق الجريمة المنظمة التي كانوا يعرفون أن (رونالد الأصغر) مستهدف منها لعلاقاته المشبوهة معهم، وقدروا أن الجريمة كلها عملية انتقامية، لكنهم حين بدأوا التحقيق الروتيني مع (رونالد) أخذت قواله تتضارب وردود أفعاله العصبية توجه الشكوك نحوه، فأخذ المحققون يضغطون عليه بقسوة، حتى انهار أخيرا ليهتف: نعم قتلتهم .. لو لم أفعلها لقتلوني هم ..

 

وبعد اعتارفه الرهيب هذا، روى لهم عن تفاصيل الجريمة، وقادهم إلى مكان سلاح الجريمة، ليتم سجنه حتى تمت محاكمته في الرابع عشر من أكتوبر لعام 1975م.

 

في تلك المحاكمة كان أداء (رونالد الأصغر) الذي تراوح من الهدوء الشديد والاستهزاء بجريمته، إلى حالات من الصراخ الهستيري ومحاولة الهجوم على المدعي العام، سببا في أن استعانوا بطبيب نفسي ليقرر ما إذا كان (رونالد) مجنونا ولا يصلح للمحاكمة وبعد فحص مرهق أعلن الطبيب أنه (غير متزن عقليا) لكنه كان يدرك ما يفعله حين قتل أسرته بوحشية، بينما ظل (رونالد) متمسكا بدفاعه الوحيد وهو أنه نفذ جريمته دفاعا عن النفس!!

 

وهكذا وبعد أن استغرقت المحاكمة عدة أشهر تم الحكم على (رونالد الأصغر) بالسجن لمدة خمسة وعشرين عاما .. تبدو هذه النهاية إذن، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد.

 

نظرا للسمعة السيئة التي حظى بها منزل (أميتي فيلل) بعد هذا الحادث، انخفض سعره إلى الحد الذي أغرى الزوجين (جورج) و (كاثلين لوتز) ودفعهما إلى تجاوز القصص التي تحكى عن المنزل ليشترياه بثمن معقول وليقيما فيه .. كان هذا بعد مرور عامين على الحادث الرهيب.

 

وبعد ثمان وعشرين يوما فحسب، كان الزجان يهربان من المنزل في منتصف الليل وهما يصرخان بهستيريا"ومعلنان أن المنزل مسكون وأن أرواح أفراد عائلة ديفو لا تزال تجول المنزل كأنها لا تزال حية وتسكن فيه!!

 

بالطبع أثارت قصتها الجميع بدأت الشائعات تنتشر كالنار في الهشيم، مما أغرى الكاتب (جاي آنس

ون) بالذهاب إلى هذا المنزل الرهيب، ليقضي فيه بعض الليالي بمفرده، خرج في نهايتها وقد كتب كتابه الشهير (رعب أميتي فيل) الكتاب الذي حقق أعلى المبيعات، مما مهد الطريق لهذا الكتاب الذي يتحدث عن جريمة رهيبة ومنزل مسكون واستحواذ شيطاني قد يكون هو دافع (رونالد الأصغر) في ارتكاب جريمته..

 

وفي عام 1979 قام المخرج (ستيوارت روزنبرج) بتحويل القصة إلى فيلم سينمائي ناجح، يحمل ذات الاسم، وكما هو معتاد توالت الأفلام والكتب وكلها تحمل نظريات جديدة ومخيفة لتفسير كيف يقوم شاب مثل (رونالد الأصغر) بارتكاب جريمة بهذه البشاعة .. وازدادت شهرة المنزل في هذا الوقت، ليلتقطوا الصور له، وليحولوه إلى ما نسميه نحن المنزل الأسطورة، أو منزل الرعب، أيهما يروقك .. بقى أن نقول أن (رونالد الأصغر) تم الإفراج عنه في أوائل 2001 وقد نسيه الجميع"وإن كان هو الوحيد الذي يحمل السر المخيف - سر ما حدث هناك في (أميتي فيل)..

 

أصيب والدها بالإحباط بعد ما رآه في الحرب الأهلية، ولم يعد قادرا على تلبيه احتياجات عائلته، فانزوي تاركا مصير عائلته، تحت رحمة القدر، وفي يدي ابنته (ماري`ءء

 

حاولت (ماري) كثيرا إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فبدأت العمل مبكرا .. عملت كمدرسة وفي رسم اللوحات، لكن .. دون جدوى ....

 

وفكرت في الكتابة كمصدر للدخل، فنشرت أولى مجموعاتها القصصية عام 1881 وكانت مجموعة قصصية للأطفال لم تلق النجاح المطلوب، بل إن الأمر ازداد سوء في عام 1883 عندما مات أبوها وأمها وأختها ليتركوها وحيدة تماما.

 

وكانت هذه المأساة هي نقطة التحول ... وجدتها إحدى صديقاتها، فوفرت لها المسكن والملبس والرعاية والوظيفة .. وهكذا بدأت (ماري تنظر للكتابة من منظور جديد فقررت الاتجاه إلى الأدب الجاد ... بدأت في نشر قصصها القصيرة في المجلات النسائية، لتلفت الأنظار بقدرتها الفائقة على رسم المجتمع النسائي من الداخل والتأثيرات العميقة، التي يحدثها فيه الفقر، والزواج والعصر الجديد ..

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا