اكتشاف البن

  • الكاتب : q8_failaka
  • / 2025-07-25

اكتشاف البن.. 

ماذا حدث للغنم!!

تنوعت القصص والأساطير حول الصدفة التي قادت البشرية إلى اكتشاف البن، وإن كانت أكثرها انتشاراً هي التي تحكي أن البن قد تم اكتشافه للمرة الأولى في إثيوبيا، ولم يكن البشر أول من استعمله، بل إن راعي أغنام لاحظ تصرفات غريبة لأغنامه بعد أكلها من الثمار الحمراء وأوراق ذاك النبات الغريب.

وقد أصاب ماشيته بعدها حالة من النشاط حتى الضعاف وكبار السن منها. وعند قيام الراعي بنفسه بمضغ ثمار تلك النبتة، شعر بطاقة ونشاط كبيرين.

وعندما سمع بعض الرهبان في إثيوبيا تلك القصة، وجدوا في القهوة عاملاً مساعداً على السهر للصلاة.

أما القصة الثانية فقد وردت عن أعرابي كان يعيش في اليمن وأنقذته ثمار البن وأصدقاؤه من الموت جوعاً، فأطلق على هذه الثمار اسم "موكا" نسبة إلى أقرب مدينة يمينة من هذا المكان "مدينة المخا". وهو الاسم الذي يطلق على نوع القهوة المعروف ب "موكا".

وأياً كانت حقيقة أصل هذا النبات، فإن اسم القهوة "موكا" يعود بالفعل لتلك المدينة التي اشتهرت بزراعة وتصدير أجود أنواع البن المميز. وإلى الآن تحظى ثمار البن العربي "آرابيا" بشعبية عالية في شتى أنحاء العالم.

وكملا اختلفت الآراء حول المصدر الأول لاكتشاف البن، فقد اختلفت الآراء أيضاً حول أصل كلمة "قهوة"، فأرجعه البعض للمنطقة "كافا" في الحبشة والتي ترجع لها أسطورة الراعي الوارد ذكره، ولكن الأغلبية ترجع الأصل العربي للكلمة. وكانت كلمة "قهوة" تعني خمرا، مما يشير إلى احتمال أن يكون العرب في الجاهلية قد خمروا عصير هذا النبات، ومن هنا جاءت تسمية الغرب لهذا النبات ب "نبيذ المسلمين".

وقد كان ابن سينا أول من اكتشف آثار مادة الكفايين المنشطة لجسم الإنسان عام 1015، مما يعزز الدور العربي في اكتشاف هذا المنتج. وفي وقت الحكم العثماني، دخلت ثقافة القهوة المجتمع التركي فشهدت تركيا مولد أول مقهى في العالم "الكهفاخان" في القرن الخامس عشر.

أما الغرب فلم يصله المشروب الذي يعد اليوم المشروب الأكثر شعبية هناك إلا في القرن السابع عشر. وكان خروجه من البلاد العربية للمرة الأولى خروجاً غير شرعي على يد بعض تجار مدينة البندقية. وكان اليمن يعتبر البن احتكاراً وطنياً ويمنع خروج بذوره وكأنها أسرار حربية، ثم جاء الاحتلال الهولندي له عام 1690 ليسحب البساط من تحت أقدم اليمنيين وبدأ الهولنديون بزراعة البن في مناطق أخرى حتى وصل للبرازيل عام 1727 والتي أصبحت اليوم أهم البلدان المصدرة له.

ويمكن اعتبار القهوة مشروباً عالمياً ليس له منازع، فأني تجولت في أرجاء الدنيا من أقاصي مشرقها إلى أقاصي مغربها تجد القهوة متربعة على عرش المشروبات العالمية، يتناولها المتقدمون في مدينتهم، والمغرقون في تأخرهم كما يتناولها الأغنياء والفقراء في آن واحد، حتى بات لاحتسائها وطرق تقديمها تقاليد عريقة.

ويقول لنا تاريخ القهوة، إن أول "مقهى" في التاريخ، افتتح في مدينة القسطنطينية، في عهد السلطان سليمان الثاني، وفي سنة 1660 انتقلت منها إلى باريس فلندن فسائر أرجاء الدنيا، حيث تعتبر "منتديات" تناول القهوة - المسماه مقاهي - أماكن عامة يرتادها الراغبون في تزجية الفراغ وقتل الوقت، مع احتساء القهوة وممارسة إحدى ألعاب التسلية. أما في أول العهد بافتتاح المقاهي، فكان ارتيادها مقتصراً على الأدباء والفلاسفة والعلماء حتى أطلق عليها لقب "مدرسة العلماء"، وأضفى على القهوة ذاتها شهرة واسعة إذ ألف (باخ) عنها مسرحيته الشهيرة التي كتب عنها الفيلسوفان (دوديه وراسين) وغيرهما.

واقترنت القهوة بحياة العرب وتقاليدهم اقتراناً وثيقاً، فأصبحت لها عندهم مكانة خاصة، وتقاليد معينة، ونظم فيها شعراؤهم قصائد كثيرة. وطارت شهرة "القهوة المرة" التي تفنن العرب في إعدادها، وفي وضع طرق وتقاليد معينة لتقديمها واحتسائها.

ترتفع شجرة البن، وهي دائمة الاخضرار في جميع فصول السنة، وأزهارها بيضاء اللون.. ولا بد لنمو القهوة ونضوجها من مناخ حار ذي أمطار استوائية غزيرة وكما هو الشأن في جميع البلاد التي اشتهرت بزراعتها وإنتاجها.. ومع أن العادة جرت على استعمال بذور القهوة وحدها، إلا أن أهالي الحبشة ابتكروا من ثمرة القهوة الكاملة طعاماً خاصاً يأكلونه بعد أن تسلق ويرش عليها الملح.

ويبدو أن تأثير القهوة يختلف باختلاف التركيب الطبيعي لكل شخص. فبينما نجدها ذات تأثير مؤرق قوي على البعض، اعتقاداً منهم بذلك، نجد آخرين يتناولونها بكميات كبيرة، ثم يسلمون أجفانهم للرقاد الهني بسهولة تامة، مهما كثرت كميتها وثقل تركيبها.

إن المواد المعطرة في القهوة مرتبطة بالزيوت الأساسية، وهذه الزيوت تتبخر وتتناقص تدريجياً من جراء احتكاكه بالأوجين.

ولذا كان لابد من تحاشي ترك القهوة على احتكاك بالهواء. ومن هنا كان من الحكمة شراء كميات قليلة من القهوة وتجديد هذا الشراء كل أسبوع مرة على الأقل في مخازن توفر لها جواً مناسباً. ويجب أن تحفظ الكمية المشتراة في الثلاجة سواء كانت مطحونة أم لا. فالبرودة والظلام يقللان من سرعة تبخر الزيوت من جراء الاحتكاك بالأوجين.

وللأسباب نفسها يجب ينبغي طحن القهوة بصورة تدريجية حسب الحاجة ذلك أن الزيوت المعطرة تكون أقل تبخراً في حال عدم الطحن. وأفضل وسيلة لطحن القهوة عن طريق الآلات التي لا ترتفع فيها الحرارة كالمطاحن الكهربائية، لأن مثل هذه الحرارة تساعد على تبخر الزيوت.

وربما لا يعلم الكثيرون وهم يبدأون يومهم كل يوم باحتساء كوب من القهوة أن هناك تاريخاً حافلاً خلف اكتشاف هذا المشروب الذي أصبح من العناصر الأساسية في جدول كل منا. الباحث في تاريخ القهوة سيجد الكثير من القصص حول أول من احتسى القهوة ولكن الحقيقة هي أن القهوة أكلت أولاً.

صورة

أما ما يتعلق بقراءة النفجان فهي عادة تركية قديمة كان الأتراك يقومون بها في المعابد، فعندما يرغب شخص ما معرفة مستقبله يذهب إلى المعبد وقبل دخوله يشرب فنجاناً من القهوة التركية وبعدما ينتهي يدخل إلى المعبد ليؤدي طقوس عبادته، وبعد انتهائه من العبادة يخرج من المعبد ليلاقي البابا بانتظاره في الخارج ليخبره عن مستقبله وطالعه.

أما أول من أسس مقهى في إسطنبول كانت امرأة شامية تدعى شمس ورجل حلبي يدعى حكم وكان بسبب مهارتهما في صناعة القهوة وبعدها ظهرت قارئة الفنجان بين تلك المقاهي وذاع صيتها.

أما القهوة العربية فهي قصة عشق في حياة البدو بدأت من أول فنجان، تعتبر رمزاً للكرم والضيافة.

ولصب القهوة أو سكبها أصول ثابتة عند الجميع، فعادة صب القهوة ومدها على الضيوف تبدأ من اليمين إلى الشمال دلالة على قيمتها واحترامها لأن اليمين أوجب من الشمال، ولا يجوز تقديمها من الشمال.

وعلى صاحب البيت أن يمسك دلة القهوة باليد اليسرى والفناجين باليد اليمنى كما تقول التقاليد "يقوم المضيف بتذوق القهوة قبل أن يبدأ بتقديمها للضيوف وذلك للتأكيد على جودتها"، ويجب على "الذي يصب القهوة أن يكون واقفاً ويبدأ من اليمين، وتصب القهوة بالعادة ثلاث مرات وتؤخذ بكميات قليلة في قاع الفنجان، وبعد صب الفنجان يجب على الضيف أن يهز الفنجان إشارة إلى اكتفائه منها".

 

التعليقات

للتعليق يجب عليك تسجيل الدخول اولا